موطا مالك ج3. ج4.
الكتاب :
الْمُوَطَّأ رواية يَحيى بن يَحيى اللَّيثيِّ الأَنْدَلُسِيِّ
تأليف : الإمام
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الأَصْبَحِي
1312- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الأََنْفَالِ ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : الْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ ، وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ . قَالَ : ثُمَّ عَادَ الرَّجُلُ لِمَسْأَلَتِهِ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، ذَلِكَ أَيْضًا . ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ : الأََنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا هِيَ ؟ قَالَ الْقَاسِمُ : فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُحْرِجَهُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَتَدْرُونَ مَا مَثَلُ هَذَا ؟ مَثَلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
1313- قَالَ : وَسُئِلَ مالكٌ عَمَّنْ قَتَلَ قَتِيلاً مِنَ الْعَدُوِّ ، أَيَكُونُ
لَهُ سَلَبُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِمَامِ ؟ قَالَ : لاَ يَكُونُ ذَلِكَ لأَحَدٍ
بِغَيْرِ إِذْنِ الإِمَامِ ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الإِمَامِ إِلاَّ عَلَى
وَجْهِ الاِجْتِهَادِ ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ إِلاَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ.
11- بَابُ مَا جَاءَ فِي
إِعْطَاءِ النَّفَلِ مِنَ الْخُمُسِ.
1314- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ
قَالَ : كَانَ النَّاسُ يُعْطَوْنَ ال نَّفَلَ مِنَ الْخُمُسِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
1315- وَسُئِلَ مالكٌ عَنِ
النَّفَلِ ، هَلْ يَكُونُ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ ؟ قَالَ : ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ
الْاجْتِهَادِ مِنَ الإِمَامِ ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ
مَوْقُوفٌ ، إِلاَّ اجْتِهَادُ السُّلْطَانِ ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ فِي مَغَازِيهِ كُلِّهَا ، وَقَدْ بَلَغَنِي
أَنَّهُ نَفَّلَ فِي بَعْضِهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْاجْتِهَادِ
مِنَ الإِمَامِ ، فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَفِيمَا بَعْدَهُ.
12- بَابُ الْقَسْمِ لِلْخَيْلِ فِي الْغَزْو.
1316- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ
كَانَ يَقُولُ : لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمٌ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ ذَلِكَ.
1317- وَسُئِلَ مالكٌ ،
عَنْ رَجُلٍ يَحْضُرُ بِأَفْرَاسٍ كَثِيرَةٍ ، فَهَلْ يُقْسَمُ لَهَا كُلِّهَا ؟
فَقَالَ : لَمْ أَسْمَعْ بِذَلِكَ ، وَلاَ أَرَى أَنْ يُقْسَمَ إِلاَّ لِفَرَسٍ
وَاحِدٍ . الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ.
1318- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
أَرَى الْبَرَاذِينَ وَالْهُجُنَ إِلاَّ مِنَ الْخَيْلِ ، لأَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ ، لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}
[النحل] ، وَقَالَ
عَزَّ وَجَلَّ {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ
الْخَيْلِ ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال] ، فَأَنَا
أَرَى الْبَرَاذِينَ وَالْهُجُنَ مِنَ الْخَيْلِ إِذَا أَجَازَهَا الْوَالِي ,
وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَسُئِلَ عَنِ الْبَرَاذِينَ هَلْ
فِيهَا مِنْ صَدَقَةٍ ؟ فَقَالَ : وَهَلْ فِي الْخَيْلِ مِنْ صَدَقَةٍ ؟.
13- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغُلُولِ.
1319- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ صَدَرَ مِنْ حُنَيْنٍ ، وَهُوَ
يُرِيدُ الْجِعِرَّانَةَ ، سَأَلَهُ النَّاسُ ، حَتَّى دَنَتْ بِهِ نَاقَتُهُ مِنْ
شَجَرَةٍ ، فَتَشَبَّكَتْ بِرِدَائِهِ حَتَّى نَزَعَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي ، أَتَخَافُونَ
أَنْ لاَ أَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ؟ وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ . لَوْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ سَمُرِ تِهَامَةَ نَعَمًا ،
لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ . ثُمَّ لاَ تَجِدُونِي بَخِيلاً ، وَلاَ جَبَانًا ،
وَلاَ كَذَّابًا ، فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِي
النَّاسِ ، فَقَالَ : أَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ ، فَإِنَّ الْغُلُولَ
عَارٌ ، وَنَارٌ ، وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : ثُمَّ
تَنَاوَلَ مِنَ الأََرْضِ وَبَرَةً مِنْ بَعِيرٍ ، أَوْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ :
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ، وَلاَ
مِثْلُ هَذِهِ ، إِلاَّ الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ.
1320- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ قَالَ
: تُوُفِّيَ رَجُلٌ يَوْمَ خَيْبَرَ (1) ، وَإِنَّهُمْ ذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم ، فَزَعَمَ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ : صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ ،
فَزَعَمَ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنَّ
صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَالَ : فَفَتَحْنَا مَتَاعَهُ ،
فَوَجَدْنَا خَرَزَاتٍ مِنْ خَرَزِ يَهُودَ ، مَا تُسَاوِينَ دِرْهَمَيْنِ.
1321- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ
بْنِ أَبِي بُرْدَةَ الْكِنَانِيِّ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم أَتَى النَّاسَ فِي قَبَائِلِهِمْ يَدْعُو لَهُمْ ، وَأَنَّهُ
تَرَكَ قَبِيلَةً مِنَ الْقَبَائِلِ . قَالَ ، وَإِنَّ الْقَبِيلَةَ وَجَدُوا فِي
بَرْدَعَةِ رَجُلٍ مِنْهُمْ عِقْدَ جَزْعٍ غُلُولاً ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ ، كَمَا يُكَبِّرُ عَلَى الْمَيِّتِ.
_____حاشية_____
(1) تَصَحَّف إلى :
"حُنين" ، وهو خطأ قديم ، وأثبتناه عن "التمهيد" 23/285 ، إذ
نقله عن "الموطأ" ، رواية يحيى هذه ، وكذلك ورد على الصواب في روايتي
أبي مصعب ، و"مسند الموطأ" 819 من طريق القَعْنَبِي ، ومصادر تخريج
الحديث.
قال ابن عبد البَر :
وكان عند أكثر شيوخنا في "المُوَطَّأ" عن يحيى ، في هذا الحديث :
"تُوُفِّي رجلٌ يوم حُنَين" وهو وَهْمٌ ، إنما هو : "يوم
خَيبر" وعلى ذلك جماعةُ الرواة ، وهو الصحيح ، والدليل على صحته قولُهُ :
"فوجدنا خرزات من خرزات يهود" ، ولم يكن بحنين يهود ، والله أعلم.
1322- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ وَرِقًا ، إِلاَّ الأََمْوَالَ : الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ . قَالَ : فَأَهْدَى رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلاَمًا أَسْوَدَ ، يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى وَادِي الْقُرَى ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى ، بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ ، فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ النَّاسُ : هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا ، قَالَ : فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ ذَلِكَ ، جَاءَ رَجُلٌ بِ شِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ.
1323- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ
بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : مَا ظَهَرَ
الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلاَّ أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ ، وَلاَ
فَشَا الزِّنَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلاَّ كَثُرَ فِيهِمُ الْمَوْتُ ، وَلاَ نَقَصَ
قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ قُطِعَ عَنْهُمُ الرِّزْقُ ، وَلاَ حَكَمَ
قَوْمٌ بِغَيْرِ الْحَقِّ إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الدَّمُ ، وَلاَ خَتَرَ قَوْمٌ
بِالْعَهْدِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَدُوَّ.
14- بَابُ الشُّهَدَاءِ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
1324- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ .
لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ،
فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ، فَأُقْتَلُ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ ثَلاَثًا
: أَشْهَدُ بِاللَّهِ.
1325- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى
رَجُلَيْنِ : يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ . كِلاَهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ
. يُقَاتِلُ هَذَا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ . ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُقَاتِلُ
فَيُسْتَشْهَدُ.
1326- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ
الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ . لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ ، إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا . اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ.
1327- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ
يَقُولُ : اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ صَلَّى لَكَ سَجْدَةً وَاحِدَةً
. يُحَاجُّنِي بِهَا عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
1328- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ
قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ . إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا
مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ أَيُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ ، فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ
نَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - أَوْ أَمَرَ بِهِ فَنُودِيَ لَهُ -
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : كَيْفَ قُلْتَ ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ
قَوْلَهُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ إِلاَّ الدَّيْنَ
، كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ.
1329- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ هَؤُلاَءِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : أَلَسْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِإِخْوَانِهِمْ ؟ أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا ، وَجَاهَدْنَا كَمَا جَاهَدُوا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : بَلَى وَلَكِنْ لاَ أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي ؟ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ . ثُمَّ بَكَى . ثُمَّ قَالَ : أَئِنَّا لَكَائِنُونَ بَعْدَكَ.
1330- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا وَقَبْرٌ يُحْفَرُ بِالْمَدِينَةِ ،
فَاطَّلَعَ رَجُلٌ فِي الْقَبْرِ ، فَقَالَ : بِئْسَ مَضْجَعُ الْمُؤْمِنِ ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : بِئْسَ مَا قُلْتَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا
يَا رَسُولَ اللَّهِ . إِنَّمَا أَرَدْتُ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ مِثْلَ لِلْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
. مَا عَلَى الأََرْضِ بُقْعَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ قَبْرِي بِهَا
، مِنْهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
15- بَابُ مَا تَكُونُ
فِيهِ الشَّهَادَةُ.
1331- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ
يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ ، وَوَفَاةً
بِبَلَدِ رَسُولِكَ.
1332- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ :
كَرَمُ الْمُؤْمِنِ تَقْوَاهُ ، وَدِينُهُ حَسَبُهُ ، وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ ،
وَالْجُرْأَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ يَضَعُهَا اللَّهُ حَيْثُ شَاءَ ،
فَالْجَبَانُ يَفِرُّ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ، وَالْجَرِيءُ يُقَاتِلُ عَمَّا لاَ
يَئُوبُ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ ، وَالْقَتْلُ حَتْفٌ مِنَ الْحُتُوفِ ، وَالشَّهِيدُ
مَنِ احْتَسَبَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ.
16- بَابُ الْعَمَلِ فِي غَسْلِ الشَّهِيدِ.
1333- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ شَهِيدًا
يَرْحَمُهُ اللَّهُ.
1334- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ :
الشُّهَدَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يُغَسَّلُونَ ، وَلاَ يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ
مِنْهُمْ ، وَإِنَّهُمْ يُدْفَنُونَ فِي الثِّيَابِ الَّتِي قُتِلُوا فِيهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَتِلْكَ السُّنَّةُ فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ ، فَلَمْ يُدْرَكْ حَتَّى
مَاتَ.
قَالَ :
وَأَمَّا مَنْ حُمِلَ
مِنْهُمْ فَعَاشَ مَا شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ
وَيُصَلَّى عَلَيْهِ . كَمَا عُمِلَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
17- بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الشَّيْءِ يُجْعَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
1335- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ
يَحْمِلُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ بَعِيرٍ ، يَحْمِلُ
الرَّجُلَ إِلَى الشَّامِ عَلَى بَعِيرٍ ، وَيَحْمِلُ الرَّجُلَيْنِ إِلَى
الْعِرَاقِ عَلَى بَعِيرٍ ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، فَقَالَ :
احْمِلْنِي وَسُحَيْمًا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : نَشَدْتُكَ
اللَّهَ أَسُحَيْمٌ زِقٌّ ؟ قَالَ لَهُ : نَعَمْ.
18- بَابُ التَّرْغِيبِ
فِي الْجِهَادِ.
1336- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ إِلَى
قُبَاءٍ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ ، فَتُطْعِمُهُ ،
وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ ، وَجَلَسَتْ تَفْلِي
فِي رَأْسِهِ ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا . ثُمَّ
اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ . قَالَتْ فَقُلْتُ : مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ ؟ قَالَ : نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ
يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ . مُلُوكًا عَلَى الأََسِرَّةِ ، -
أَوْ مِثْلَ
الْمُلُوكِ عَلَى الأََسِرَّةِ يَشُكُّ إِسْحَاقُ -
قَالَتْ فَقُلْتُ
لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، فَدَعَا
لَهَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ . ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ . قَالَتْ
فَقُلْتُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ ؟ قَالَ : نَاسٌ مِنْ
أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُلُوكًا عَلَى
الأََسِرَّةِ - أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأََسِرَّةِ - كَمَا قَالَ فِي
الأَُولَى . قَالَتْ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ
يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، فَقَالَ : أَنْتِ مِنَ الأََوَّلِينَ . قَالَ : فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي
زَمَانِ مُعَاوِيَةَ ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ
، فَهَلَكَتْ.
1337- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لَوْلاَ أَنْ
أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي ، لأَحْبَبْتُ أَنْ لاَ أَتَخَلَّفَ عَنْ سَرِيَّةٍ
تَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَكِنِّي لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ
، وَلاَ يَجِدُونَ مَا يَتَحَمَّلُونَ عَلَيْهِ ، فَيَخْرُجُونَ وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ
أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي ، فَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَأُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ.
1338- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ ،
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ
يَأْتِينِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأََنْصَارِيِّ ، فَقَالَ رَجُلٌ :
أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى ،
فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ :
بَعَثَنِي إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِآتِيَهُ بِخَبَرِكَ ،
قَالَ : فَاذْهَبْ إِلَيْهِ فَاقْرَأْهُ مِنِّي السَّلاَمَ ، وَأَخْبِرْهُ
أَنِّي قَدْ طُعِنْتُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَعْنَةً ، وَأَنِّي قَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلِي
، وَأَخْبِرْ قَوْمَكَ أَنَّهُ لاَ عُذْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، إِنْ قُتِلَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ حَيٌّ.
1339- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
رَغَّبَ فِي الْجِهَادِ ، وَذَكَرَ الْجَنَّةَ ، وَرَجُلٌ مِنَ الأََنْصَارِ
يَأْكُلُ تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ ، فَقَالَ : إِنِّي لَحَرِيصٌ عَلَى الدُّنْيَا
إِنْ جَلَسْتُ حَتَّى أَفْرُغَ مِنْهُنَّ ، فَرَمَى مَا فِي يَدِهِ ، فَحَمَلَ بِسَيْفِهِ
، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
1340- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ : الْغَزْوُ غَزْوَانِ : فَغَزْوٌ تُنْفَقُ
فِيهِ الْكَرِيمَةُ ، وَيُيَاسَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ ، وَيُطَاعُ فِيهِ ذُو
الأََمْرِ ، وَيُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ ، فَذَلِكَ الْغَزْوُ خَيْرٌ كُلُّهُ ،
وَغَزْوٌ لاَ تُنْفَقُ فِيهِ الْكَرِيمَةُ وَلاَ يُيَاسَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ ،
وَلاَ يُطَاعُ فِيهِ ذُو الأََمْرِ ، وَلاَ يُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ ،
فَذَلِكَ الْغَزْوُ لاَ يَرْجِعُ صَاحِبُهُ كَفَافًا.
19- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْخَيْلِ وَالْمُسَابَقَةِ بَيْنَهَا ، وَالنَّفَقَةِ فِي الْغَزْوِ.
1341- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
1342- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ
الْحَفْيَاءِ ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ ، وَسَابَقَ بَيْنَ
الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي
زُرَيْقٍ ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا.
1343- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ
سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ : لَيْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ ،
إِذَا دَخَلَ فِيهَا مُحَلِّلٌ ، فَإِنْ سَبَقَ أَخَذَ السَّبَقَ ، وَإِنْ سُبِقَ
لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
1344- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
رُئِيَ وَهُوَ يَمْسَحُ وَجْهَ فَرَسِهِ بِرِدَائِهِ ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ
: إِنِّي عُوتِبْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ.
1345- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ ، أَتَاهَا لَيْلاً ،
وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ ، فَخَرَجَتْ
يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا : مُحَمَّدٌ ،
وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
: اللَّهُ أَكْبَرُ
خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ
الْمُنْذَرِينَ} [الصافات].
1346- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ يُدْعَى مِنْ هَذِهِ الأََبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأََبْوَابِ كُلِّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ.
20- بَابُ إِحْرَازِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَرْضَهُ.
1347- سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ
إِمَامٍ قَبِلَ الْجِزْيَةَ مِنْ قَوْمٍ فَكَانُوا يُعْطُونَهَا ، أَرَأَيْتَ مَنْ
أَسْلَمَ مِنْهُمْ ، أَتَكُونُ لَهُ أَرْضُهُ ، أَوْ تَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ ،
وَيَكُونُ لَهُمْ مَالُهُ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ يَخْتَلِفُ ، أَمَّا أَهْلُ
الصُّلْحِ ، فَإِنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِأَرْضِهِ وَمَالِهِ
، وَأَمَّا أَهْلُ الْعَنْوَةِ الَّذِينَ أُخِذُوا عَنْوَةً ، فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ
فَإِنَّ أَرْضَهُ وَمَالَهُ لِلْمُسْلِمِينَ . لأَنَّ أَهْلَ الْعَنْوَةِ قَدْ
غُلِبُوا عَلَى بِلاَدِهِمْ ، وَصَارَتْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَّا
أَهْلُ الصُّلْحِ فَإِنَّهُمْ قَدْ مَنَعُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ .
حَتَّى صَالَحُوا عَلَيْهَا ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلاَّ مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ.
21- بَابُ الدَّفْنِ فِي قَبْرٍ
وَاحِدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ ، وَإِنْفَاذِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِدَةَ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم.
1348- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ
أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الأََنْصَارِيَّيْنِ
ثُمَّ السَّلَمِيَّيْنِ كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا ، وَكَانَ
قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّيْلَ ، وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَهُمَا
مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ
مَكَانِهِمَا ، فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا ، كَأَنَّهُمَا مَاتَا بِالأََمْسِ ،
وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ جُرِحَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جُرْحِهِ ، فَدُفِنَ
وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَأُمِيطَتْ يَدُهُ عَنْ جُرْحِهِ ، ثُمَّ أُرْسِلَتْ
فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ ، وَكَانَ بَيْنَ أُحُدٍ ، وَبَيْنَ يَوْمَ حُفِرَ
عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً.
1349- قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلاَنِ
وَالثَّلاَثَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ . مِنْ ضَرُورَةٍ ، وَيُجْعَلَ الأََكْبَرُ مِمَّا
يَلِي الْقِبْلَةَ.
1350- حَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ
عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ، فَقَالَ : مَنْ كَانَ
لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأْيٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي
، فَجَاءَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَحَفَنَ لَهُ ثَلاَثَ حَفَنَاتٍ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
8- كِتَابُ النُّذُورِ
وَالأََيْمَانِ.
1- بَابُ مَا يَجِبُ
مِنَ النُّذُورِ فِي الْمَشْيِ.
1351- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ
بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : إِنَّ
أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ وَلَمْ تَقْضِهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : اقْضِهِ عَنْهَا.
1352- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَمَّتِهِ أَنَّهَا
حَدَّثَتْهُ عَنْ ، جَدَّتِهِ أَنَّهَا كَانَتْ جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا مَشْيًا
إِلَى مَسْجِدِ قُبَاءٍ فَمَاتَتْ وَلَمْ تَقْضِهِ ، فَأَفْتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبَّاسٍ ابْنَتَهَا أَنْ تَمْشِيَ عَنْهَا.
1353- قَالَ يَحْيَى : وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : لاَ يَمْشِي أَحَدٌ
عَنْ أَحَدٍ.
1354- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ، قَالَ : قُلْتُ لِرَجُلٍ ،
وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ : مَا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ مَشْيٌ
إِلَى بَيْتِ اللَّهِ ، وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ نَذْرُ مَشْيٍ ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ
: هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا الْجِرْوَ - لِجِرْوِ - قِثَّاءٍ فِي يَدِهِ ،
وَتَقُولُ : عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ ؟ قَالَ فَقُلْتُ : نَعَمْ ،
فَقُلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ . ثُمَّ مَكَثْتُ حَتَّى عَقَلْتُ
، فَقِيلَ لِي : إِنَّ عَلَيْكَ مَشْيًا ، فَجِئْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ لِي : عَلَيْكَ مَشْيٌ فَمَشَيْتُ.
قَالَ مَالِكٌ
وَهَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.
2- بَابٌ فِيمَنْ نَذَرَ مَشْيًا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَعَجَزَ.
1355- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ اللَّيْثِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ
خَرَجْتُ مَعَ جَدَّةٍ لِي عَلَيْهَا مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ . حَتَّى إِذَا
كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ ، فَأَرْسَلَتْ مَوْلًى لَهَا يَسْأَلُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَخَرَجْتُ مَعَهُ ، فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ ثُمَّ
لْتَمْشِ مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ.
1356- قَالَ يَحْيَى :
وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : وَنَرَى عَلَيْهَا مَعَ ذَلِكَ الْهَدْيَ.
1357- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَا يَقُولاَنِ مِثْلَ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
1358- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ عَلَيَّ مَشْيٌ
فَأَصَابَتْنِي خَاصِرَةٌ ، فَرَكِبْتُ حَتَّى أَتَيْتُ مَكَّةَ ، فَسَأَلْتُ
عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرَهُ فَقَالُوا : عَلَيْكَ هَدْيٌ ، فَلَمَّا
قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ سَأَلْتُ عُلَمَاءَهَا فَأَمَرُونِي أَنْ أَمْشِيَ مَرَّةً
أُخْرَى مِنْ حَيْثُ عَجَزْتُ ، فَمَشَيْتُ.
1359- قَالَ يَحْيَى : وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فَالأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ يَقُولُ عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ
أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ رَكِبَ . ثُمَّ عَادَ فَمَشَى مِنْ حَيْثُ عَجَزَ ، فَإِنْ
كَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ فَلْيَمْشِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ
لْيَرْكَبْ ، وَعَلَيْهِ هَدْيُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ ، إِنْ لَمْ
يَجِدْ إِلاَّ هِيَ.
1360- وَسُئِلَ مالكٌ عَنِ الرَّجُلِ
يَقُولُ لِلرَّجُلِ أَنَا أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ ، فَقَالَ مَالِكٌ :
إِنْ نَوَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ، يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمَشَقَّةَ ،
وَتَعَبَ نَفْسِهِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَلْيَمْشِ عَلَى رِجْلَيْهِ ،
وَلْيُهْدِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى شَيْئًا ، فَلْيَحْجُجْ وَلْيَرْكَبْ ،
وَلْيَحْجُجْ بِذَلِكَ الرَّجُلِ مَعَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : أَنَا
أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحُجَّ مَعَهُ فَلَيْسَ
عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ.
1361- قَالَ يَحْيَى :
سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِنُذُورٍ مُسَمَّاةٍ مَشْيًا إِلَى
بَيْتِ اللَّهِ ، أَنْ لاَ يُكَلِّمَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ بِكَذَا وَكَذَا ،
نَذْرًا لِشَيْءٍ لاَ يَقْوَى عَلَيْهِ ، وَلَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ كُلَّ عَامٍ لَعُرِفَ
أَنَّهُ لاَ يَبْلُغُ عُمْرُهُ مَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ
لَهُ : هَلْ يُجْزِيهِ مِنْ ذَلِكَ نَذْرٌ وَاحِدٌ أَوْ نُذُورٌ مُسَمَّاةٌ ؟
فَقَالَ مَالِكٌ : مَا أَعْلَمُهُ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ الْوَفَاءُ بِمَا
جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ ، فَلْيَمْشِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّمَانِ ،
وَلْيَتَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا اسْتَطَاعَ مِنَ الْخَيْرِ.
3- بَابُ الْعَمَلِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ.
1362- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ
يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ ، أَوِ الْمَرْأَةِ ، فَيَحْنَثُ أَوْ
تَحْنَثُ ، أَنَّهُ إِنْ مَشَى الْحَالِفُ مِنْهُمَا فِي عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ
يَمْشِي حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَإِذَا سَعَى فَقَدْ
فَرَغَ ، وَأَنَّهُ إِنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مَشْيًا فِي الْحَجِّ ، فَإِنَّهُ
يَمْشِي حَتَّى يَأْتِيَ مَكَّةَ . ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْمَنَاسِكِ
كُلِّهَا ، وَلاَ يَزَالُ مَاشِيًا حَتَّى يُفِيضَ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَكُونُ مَشْيٌ إِلاَّ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
4- بَابُ مَا لاَ
يَجُوزُ مِنَ النُّذُورِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
1363- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ
أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - وَأَحَدُهُمَا
يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى صَاحِبِهِ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً قَائِمًا فِي
الشَّمْسِ فَقَالَ : مَا بَالُ هَذَا ؟ فَقَالُوا : نَذَرَ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمَ ،
وَلاَ يَسْتَظِلَّ مِنَ الشَّمْسِ ، وَلاَ يَجْلِسَ ، وَيَصُومَ ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ، وَلْيَسْتَظِلَّ ،
وَلْيَجْلِسْ وَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ.
قَالَ مَالِكٌ
: وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ
بِكَفَّارَةٍ ، وَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتِمَّ
مَا كَانَ لِلَّهِ طَاعَةً ، وَيَتْرُكَ مَا كَانَ لِلَّهِ مَعْصِيَةً.
1364- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ
سَمِعَهُ يَقُولُ : أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَتْ
: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ
أَنْحَرَ ابْنِي ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لاَ تَنْحَرِي ابْنَكِ ، وَكَفِّرِي
عَنْ يَمِينِكِ ، فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَيْفَ يَكُونُ فِي
هَذَا كَفَّارَةٌ ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ مِنَ
الْكَفَّارَةِ مَا قَدْ رَأَيْتَ.
1365- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الأََيْلِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الصِّدِّيقِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ قَالَ يَحْيَى : وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ ، أَنْ يَنْذِرَ الرَّجُلُ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الشَّامِ ، أَوْ إِلَى مِصْرَ ، أَوْ إِلَى الرَّبَذَةِ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ لِلَّهِ بِطَاعَةٍ . إِنْ كَلَّمَ فُلاَنًا ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، إِنْ هُوَ كَلَّمَهُ أَوْ حَنِثَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ ، لأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِي هَذِهِ الأََشْيَاءِ طَاعَةٌ ، وَإِنَّمَا يُوَفَّى لِلَّهِ بِمَا لَهُ فِيهِ طَاعَةٌ.
5- بَابُ اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ.
1366- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ : لَغْوُ الْيَمِينِ قَوْلُ الإِنْسَانِ لاَ وَاللَّهِ ، وبَلَى وَاللَّهِ.
1367- قَالَ مَالِكٌ :
أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا ، أَنَّ اللَّغْوَ حَلِفُ الإِنْسَانِ عَلَى
الشَّيْءِ . يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ كَذَلِكَ . ثُمَّ يُوجَدُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ،
فَهُوَ اللَّغْوُ.
1368- قَالَ مَالِكٌ :
وَعَقْدُ الْيَمِينِ ، أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَبِيعَ ثَوْبَهُ
بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، ثُمَّ يَبِيعَهُ بِذَلِكَ ، أَوْ يَحْلِفَ لَيَضْرِبَنَّ
غُلاَمَهُ ، ثُمَّ لاَ يَضْرِبُهُ ، وَنَحْوَ هَذَا ، فَهَذَا الَّذِي يُكَفِّرُ
صَاحِبُهُ عَنْ يَمِينِهِ ، وَلَيْسَ فِي اللَّغْوِ كَفَّارَةٌ.
1369- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الَّذِي يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ آثِمٌ ،
وَيَحْلِفُ عَلَى الْكَذِبِ ، وَهُوَ يَعْلَمُ ، لِيُرْضِيَ بِهِ أَحَدًا ، أَوْ لِيَعْتَذِرَ
بِهِ إِلَى مُعْتَذَرٍ إِلَيْهِ ، أَوْ لِيَقْطَعَ بِهِ مَالاً ، فَهَذَا أَعْظَمُ
مِنْ أَنْ تَكُونَ فِيهِ كَفَّارَةٌ.
6- بَابُ مَا لاَ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنَ الْيَمِينِ.
1370- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : مَنْ قَالَ : وَاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ . ثُمَّ لَمْ يَفْعَلِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ ، لَمْ
يَحْنَثْ.
1371- قَالَ مَالِكٌ :
أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الثُّنْيَا أَنَّهَا لِصَاحِبِهَا . مَا لَمْ يَقْطَعْ
كَلاَمَهُ ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ نَسَقًا ، يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا ،
قَبْلَ أَنْ يَسْكُتَ ، فَإِذَا سَكَتَ وَقَطَعَ كَلاَمَهُ ، فَلاَ ثُنْيَا لَهُ.
1372- قَالَ يَحْيَى :
وقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ : كَفَرَ بِاللَّهِ ، أَوْ أَشْرَكَ
بِاللَّهِ ، ثُمَّ يَحْنَثُ : إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ، وَلَيْسَ
بِكَافِرٍ ، وَلاَ مُشْرِكٍ حَتَّى يَكُونَ قَلْبُهُ مُضْمِرًا عَلَى الشِّرْكِ
وَالْكُفْرِ ، وَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ ، وَلاَ يَعُدْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
، وَبِئْسَ مَا صَنَعَ.
7- بَابُ مَا تَجِبُ
فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنَ الأََيْمَانِ.
1373- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ حَلَفَ
بِيَمِينٍ ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ،
وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ.
1374- قَالَ يَحْيَى : وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : مَنْ قَالَ عَلَيَّ
نَذْرٌ ، وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا . إِنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ.
1375- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا التَّوْكِيدُ فَهُوَ حَلِفُ الإِنْسَانِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ
مِرَارًا ، يُرَدِّدُ فِيهِ الأََيْمَانَ يَمِينًا بَعْدَ يَمِينٍ . كَقَوْلِهِ :
وَاللَّهِ لاَ أَنْقُصُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا ، يَحْلِفُ بِذَلِكَ مِرَارًا .
ثَلاَثًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ فَكَفَّارَةُ
ذَلِكَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ . مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
1376- قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ حَلَفَ رَجُلٌ مَثَلاً فَقَالَ : وَاللَّهِ لاَ آكُلُ هَذَا الطَّعَامَ ،
وَلاَ أَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ ، وَلاَ أَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ ، فَكَانَ هَذَا
فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَإِنَّمَا
ذَلِكَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لاِمْرَأَتِهِ : أَنْتِ الطَّلاَقُ ، إِنْ كَسَوْتُكِ
هَذَا الثَّوْبَ ، وَأَذِنْتُ لَكِ إِلَى الْمَسْجِدِ يَكُونُ ذَلِكَ نَسَقًا
مُتَتَابِعًا ، فِي كَلاَمٍ وَاحِدٍ ، فَإِنْ حَنِثَ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ
ذَلِكَ ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ ، بَعْدَ
ذَلِكَ ، حِنْثٌ . إِنَّمَا الْحِنْثُ فِي ذَلِكَ حِنْثٌ وَاحِدٌ.
1377- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي نَذْرِ الْمَرْأَةِ ،
إِنَّهُ جَائِزٌ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا ، يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ ،
وَيَثْبُتُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي جَسَدِهَا ، وَكَانَ ذَلِكَ لاَ يَضُرُّ بِزَوْجِهَا
، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِزَوْجِهَا ، فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ ، وَكَانَ
ذَلِكَ عَلَيْهَا حَتَّى تَقْضِيَهُ.
8- بَابُ الْعَمَلِ فِي
كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
1378- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَوَكَّدَهَا ، ثُمَّ حَنِثَ ، فَعَلَيْهِ عِتْقُ
رَقَبَةٍ ، أَوْ كِسْوَةُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ، وَمَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَلَمْ
يُؤَكِّدْهَا ، ثُمَّ حَنِثَ فَعَلَيْهِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ . لِكُلِّ
مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
1379- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُ
عَنْ يَمِينِهِ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ
حِنْطَةٍ وَكَانَ يَعْتِقُ الْمِرَارَ إِذَا وَكَّدَ الْيَمِينَ.
1380- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ : أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ إِذَا أَعْطَوْا فِي كَفَّارَةِ
الْيَمِينِ ، أَعْطَوْا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ بِالْمُدِّ الأََصْغَرِ ، وَرَأَوْا
ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُمْ.
1381- قَالَ مَالِكٌ :
أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ بِالْكِسْوَةِ ،
أَنَّهُ إِنْ كَسَا الرِّجَالَ ، كَسَاهُمْ ثَوْبًا ثَوْبًا ، وَإِنْ كَسَا
النِّسَاءَ كَسَاهُنَّ ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ . دِرْعًا وَخِمَارًا ، وَذَلِكَ
أَدْنَى مَا يُجْزِئُ كُلًّا فِي صَلاَتِهِ.
9- بَابُ جَامِعِ
الأََيْمَانِ.
1382- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ ، وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ ، فَمَنْ
كَانَ حَالِفًا ، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ.
1383- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ
: لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ.
1384- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ
بْنِ خَلْدَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ
عَبْدِ الْمُنْذِرِ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَهْجُرُ
دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ ، وَأُجَاوِرُكَ وَأَنْخَلِعُ
مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ ، وَإِلَى رَسُولِهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ.
1385- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْحَجَبِيِّ ، عَنْ أُمِّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : مَالِي فِي رِتَاجِ
الْكَعْبَةِ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : يُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ.
1386- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الَّذِي يَقُولُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ يَحْنَثُ قَالَ : يَجْعَلُ
ثُلُثَ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَذَلِكَ لِلَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ أَبِي لُبَابَةَ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
9- كِتَابُ الضَّحَايَا.
1- بَابُ مَا يُنْهَى
عَنْهُ مِنَ الضَّحَايَا.
1387- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزٍ ،
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ :
مَاذَا يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا ؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ : أَرْبَعًا
وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا ، وَالْعَوْرَاءُ
الْبَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَالْعَجْفَاءُ
الَّتِي لاَ تُنْقِي.
1388- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تُسِنَّ
وَالَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا.
قَالَ مَالِكٌ
وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ.
2- بَابُ مَا
يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحَايَا.
1389- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ضَحَّى مَرَّةً
بِالْمَدِينَةِ - قَالَ نَافِعٌ فَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ كَبْشًا
فَحِيلاً أَقْرَنَ ، ثُمَّ أَذْبَحَهُ يَوْمَ الأََضْحَى فِي مُصَلَّى النَّاسِ
قَالَ نَافِعٌ : فَفَعَلْتُ . ثُمَّ حُمِلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
فَحَلَقَ رَأْسَهُ حِينَ ذُبِحَ الْكَبْشُ ، وَكَانَ مَرِيضًا لَمْ يَشْهَدِ
الْعِيدَ مَعَ النَّاسِ ، قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
يَقُولُ : لَيْسَ حِلاَقُ الرَّأْسِ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ ضَحَّى ، وَقَدْ
فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ.
3- بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ قَبْلَ انْصِرَافِ
الإِمَامِ.
1390- عَنْ يحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ ذَبَحَ
ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ
الأََضْحَى ، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ
يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى ، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ لاَ أَجِدُ إِلاَّ جَذَعًا
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : وَإِنْ لَمْ تَجِدْ إِلاَّ جَذَعًا فَاذْبَحْ.
1391- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، أَنَّ
عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ ذَبَحَ ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ يَوْمَ
الأََضْحَى ، وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَأَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى.
4- بَابُ ادِّخَارِ لُحُومِ الأََضَاحِيِّ.
1392- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ
الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ كُلُوا وَتَصَدَّقُوا
، وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا.
1393- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ أنَّهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ، قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
، فَقَالَتْ : صَدَقَ ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
تَقُولُ : دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الأََضْحَى فِي زَمَانِ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
: ادَّخِرُوا لِثَلاَثٍ
، وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ ، قَالَتْ : فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قِيلَ
لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ
بِضَحَايَاهُمْ وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ ، وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا
الأََسْقِيَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : وَمَا ذَلِكَ أَوْ
كَمَا قَالَ : قَالُوا : نَهَيْتَ عَنْ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي
دَفَّتْ عَلَيْكُمْ ، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا.
يَعْنِي
بِالدَّافَّةِ قَوْمًا مَسَاكِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ.
1394- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ
أَهْلُهُ لَحْمًا ، فَقَالَ : انْظُرُوا أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ لُحُومِ
الأََضْحَى ؟ فَقَالُوا : هُوَ مِنْهَا ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَلَمْ يَكُنْ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا ؟ فَقَالُوا : إِنَّهُ قَدْ
كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَكَ أَمْرٌ ، فَخَرَجَ أَبُو
سَعِيدٍ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ ، فَأُخْبِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ : نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأََضْحَى بَعْدَ ثَلاَثٍ ، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا
وَادَّخِرُوا , وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الاِنْتِبَاذِ فَانْتَبِذُوا ، وَكُلُّ
مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا ، وَلاَ
تَقُولُوا هُجْرًا يَعْنِي لاَ تَقُولُوا سُوءًا.
5- بَابُ الشِّرْكَةِ
فِي الضَّحَايَا وَعَنْ كَمْ تُذْبَحُ الْبَقَرَةُ وَالْبَدَنَةُ.
1395- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ : نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ
الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.
1396- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ صَيَّادٍ ، أَنَّ
عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأََنْصَارِيَّ
أَخْبَرَهُ قَالَ : كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ
عَنْهُ ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً.
1397- قَالَ مَالِكٌ
وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ ، أَنَّ
الرَّجُلَ يَنْحَرُ عَنْهُ ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الْبَدَنَةَ وَيَذْبَحُ
الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ الْوَاحِدَةَ هُوَ يَمْلِكُهَا ، وَيَذْبَحُهَا عَنْهُمْ ،
وَيَشْرَكُهُمْ فِيهَا ، فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ النَّفَرُ الْبَدَنَةَ أَوِ
الْبَقَرَةَ أَوِ الشَّاةَ يَشْتَرِكُونَ فِيهَا فِي النُّسُكِ وَالضَّحَايَا فَيُخْرِجُ
كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ حِصَّةً مِنْ ثَمَنِهَا وَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ
لَحْمِهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ وَإِنَّمَا سَمِعْنَا الْحَدِيثَ أَنَّهُ لاَ
يُشْتَرَكُ فِي النُّسُكِ وَإِنَّمَا يَكُونُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْوَاحِدِ.
1398- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ : مَا
نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلاَّ
بَدَنَةً وَاحِدَةً أَوْ بَقَرَةً وَاحِدَةً.
قَالَ مَالِكٌ : لاَ
أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَ اْبنُ شِهَابٍ.
6- بَابُ الضَّحِيَّةِ
عَمَّا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ وَذِكْرِ أَيَّامِ الأََضْحَى.
1399- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى
، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ :
الأََضْحَى يَوْمَانِ بَعْدَ يَوْمِ الأََضْحَى.
1400- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مالِكٍ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
1401- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
لَمْ يَكُنْ يُضَحِّي عَمَّا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ.
1402- قَالَ مَالِكٌ :
الضَّحِيَّةُ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ ، وَلاَ أُحِبُّ لأَحَدٍ مِمَّنْ
قَوِيَ عَلَى ثَمَنِهَا أَنْ يَتْرُكَهَا.
بسم الله
الرحمن الرحيم
10- كِتَابُ الذَّبَائِحِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي
التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ.
1403- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ
نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يَأْتُونَنَا بِلُحْمَانٍ وَلاَ نَدْرِي هَلْ
سَمَّوُا اللَّهَ عَلَيْهَا أَمْ لاَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهَا ثُمَّ كُلُوهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ.
1404- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ أَمَرَ غُلاَمًا
لَهُ أَنْ يَذْبَحَ ذَبِيحَةً ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهَا ، قَالَ لَهُ :
سَمِّ اللَّهَ ، فَقَالَ لَهُ الْغُلاَمُ : قَدْ سَمَّيْتُ ، فَقَالَ لَهُ : سَمِّ اللَّهَ وَيْحَكَ ، قَالَ لَهُ
: قَدْ سَمَّيْتُ
اللَّهَ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ : وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُهَا أَبَدًا.
2- بَابُ مَا يَجُوزُ
مِنَ الذَّكَاةِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ.
1405- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ
رَجُلاً مِنَ الأََنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ كَانَ يَرْعَى لِقْحَةً لَهُ
بِأُحُدٍ فَأَصَابَهَا الْمَوْتُ ، فَذَكَّاهَا بِشِظَاظٍ فَسُئِلَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ فَكُلُوهَا.
1406- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ
الأََنْصَارِ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ أَوْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّ
جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لَهَا بِسَلْعٍ ، فَأُصِيبَتْ
شَاةٌ مِنْهَا فَأَدْرَكَتْهَا فَذَكَّتْهَا ، بِحَجَرٍ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِهَا فَكُلُوهَا.
1407- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ ؟ فَقَالَ : لاَ
بَأْسَ بِهَا ، وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}
[المائدة].
1408- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ : مَا
فَرَى الأََوْدَاجَ فَكُلُوهُ.
1409- حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَا ذُبِحَ بِهِ إِذَا بَضَعَ فَلاَ
بَأْسَ بِهِ إِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَيْهِ.
3- بَابُ مَا يُكْرَهُ
مِنَ الذَّبِيحَةِ فِي الذَّكَاةِ.
1410- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ شَاةٍ ذُبِحَتْ ،
فَتَحَرَّكَ بَعْضُهَا ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا.
1411- ثُمَّ سَأَلَ عَنْ
ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ : إِنَّ الْمَيْتَةَ لَتَتَحَرَّكُ وَنَهَاهُ
عَنْ ذَلِكَ وَسُئِلَ مالِكٌ عَنْ شَاةٍ تَرَدَّتْ فَتَكَسَّرَتْ ، فَأَدْرَكَهَا
صَاحِبُهَا فَذَبَحَهَا ، فَسَالَ الدَّمُ مِنْهَا وَلَمْ تَتَحَرَّكْ فَقَالَ
مالِكٍ : إِذَا كَانَ ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا يَجْرِي وَهِيَ تَطْرِفُ فَلْيَأْكُلْهَا.
4- بَابُ ذَكَاةِ مَا فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ.
1412- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : إِذَا نُحِرَتِ النَّاقَةُ فَذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِهَا فِي ذَكَاتِهَا
، إِذَا كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ ، نَبَتَ شَعَرُهُ ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ
بَطْنِ أُمِّهِ ذُبِحَ ، حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ مِنْ جَوْفِهِ.
1413- حَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : ذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ
فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ إِذَا كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعَرُهُ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
11- كِتَابُ الصَّيْدِ.
1- بَابُ تَرْكِ أَكْلِ
مَا قَتَلَ الْمِعْرَاضُ وَالْحَجَرُ.
1414- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّهُ قَالَ : رَمَيْتُ طَائِرَيْنِ بِحَجَرٍ ، وَأَنَا بِالْجُرْفِ فَأَصَبْتُهُمَا
، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَمَاتَ ، فَطَرَحَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَأَمَّا
الآخَرُ فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُذَكِّيهِ بِقَدُومٍ فَمَاتَ قَبْلَ
أَنْ يُذَكِّيَهُ فَطَرَحَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَيْضًا.
1415- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَكْرَهُ مَا
قَتَلَ الْمِعْرَاضُ وَالْبُنْدُقَةُ.
1416- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ
تُقْتَلَ الإِنْسِيَّةُ ، بِمَا يُقْتَلُ بِهِ الصَّيْدُ مِنَ الرَّمْيِ وَأَشْبَاهِهِ.
1417- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ أَرَى بَأْسًا بِمَا أَصَابَ الْمِعْرَاضُ إِذَا خَسَقَ وَبَلَغَ
الْمَقَاتِلَ أَنْ يُؤْكَلَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ
أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة] قَالَ فَكُلُّ شَيْءٍ نَالَهُ الإِنْسَانُ بِيَدِهِ
أَوْ رُمْحِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ سِلاَحِهِ فَأَنْفَذَهُ وَبَلَغَ مَقَاتِلَهُ
فَهُوَ صَيْدٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى.
1418- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ
يَقُولُونَ : إِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ الصَّيْدَ فَأَعَانَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ
مِنْ مَاءٍ أَوْ كَلْبٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ ، لَمْ يُؤْكَلْ ذَلِكَ الصَّيْدُ ، إِلاَّ
أَنْ يَكُونَ سَهْمُ الرَّامِي قَدْ قَتَلَهُ ، أَوْ بَلَغَ مَقَاتِلَ الصَّيْدِ
حَتَّى لاَ يَشُكَّ أَحَدٌ فِي أَنَّهُ هُوَ قَتَلَهُ ، وَأَنَّهُ لاَ يَكُونُ
لِلصَّيْدِ حَيَاةٌ بَعْدَهُ.
1419- قَالَ وسَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ : لاَ بَأْسَ بِأَكْلِ الصَّيْدِ وَإِنْ غَابَ عَنْكَ مَصْرَعُهُ
، إِذَا وَجَدْتَ بِهِ أَثَرًا مِنْ كَلْبِكَ ، أَوْ كَانَ بِهِ سَهْمُكَ . مَا
لَمْ يَبِتْ فَإِذَا بَاتَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ.
2- بَابُ مَا جَاءَ فِي
صَيْدِ الْمُعَلَّمَاتِ.
1420- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ فِي الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ : كُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ إِنْ قَتَلَ ،
وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ.
1421- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا يَقُولُ : قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : وَإِنْ أَكَلَ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ.
1422- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَنَّهُ سُئِلَ
عَنِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ إِذَا قَتَلَ الصَّيْدَ ؟ فَقَالَ سَعْدٌ : كُلْ
وَإِنْ لَمْ تَبْقَ إِلاَّ بَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ.
1423- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : فِي الْبَازِي ،
وَالْعُقَابِ ، وَالصَّقْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَفْقَهُ
كَمَا تَفْقَهُ الْكِلاَبُ الْمُعَلَّمَةُ فَلاَ بَأْسَ بِأَكْلِ مَا قَتَلَتْ
مِمَّا صَادَتْ ، إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَى إِرْسَالِهَا.
1424- قَالَ مَالِكٌ :
وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يَتَخَلَّصُ الصَّيْدَ مِنْ مَخَالِبِ
الْبَازِي ، أَوْ مِنَ الْكَلْبِ ثُمَّ يَتَرَبَّصُ بِهِ فَيَمُوتُ أَنَّهُ لاَ
يَحِلُّ أَكْلُهُ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا قُدِرَ عَلَى ذَبْحِهِ وَهُوَ فِي مَخَالِبِ الْبَازِي أَوْ
فِي الْكَلْبِ فَيَتْرُكُهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَبْحِهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ
الْبَازِي أَوِ الْكَلْبُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ.
1425- قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الَّذِي يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَنَالُهُ
وَهُوَ حَيٌّ ، فَيُفَرِّطُ فِي ذَبْحِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ.
1426- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَرْسَلَ
كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ الضَّارِيَ فَصَادَ أَوْ قَتَلَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ
مُعَلَّمًا فَأَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ حَلاَلٌ لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ
يُذَكِّهِ الْمُسْلِمُ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ بِ
شَفْرَةِ الْمَجُوسِيِّ ، أَوْ يَرْمِي بِقَوْسِهِ أَوْ بِنَبْلِهِ فَيَقْتُلُ
بِهَا فَصَيْدُهُ ذَلِكَ ، وَذَبِيحَتُهُ حَلاَلٌ ، لاَ بَأْسَ بِأَكْلِهِ ،
وَإِذَا أَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ الضَّارِيَ عَلَى صَيْدٍ
فَأَخَذَهُ ، فَإِنَّهُ لاَ يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ إِلاَّ أَنْ يُذَكَّى ،
وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ قَوْسِ الْمُسْلِمِ ، وَنَبْلِهِ يَأْخُذُهَا
الْمَجُوسِيُّ فَيَرْمِي بِهَا الصَّيْدَ فَيَقْتُلُهُ ، وَبِمَنْزِلَةِ شَفْرَةِ
الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ بِهَا الْمَجُوسِيُّ فَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ
ذَلِكَ.
3- بَابُ مَا جَاءَ فِي
صَيْدِ الْبَحْرِ.
1427- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى
، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَمَّا لَفَظَ الْبَحْرُ ، فَنَهَاهُ عَنْ
أَكْلِهِ.
قَالَ نَافِعٌ ، ثُمَّ
انْقَلَبَ عَبْدُ اللَّهِ فَدَعَا بِالْمُصْحَفِ ، فَقَرَأَ : {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} , قَالَ نَافِعٌ
: فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُ لاَ
بَأْسَ بِأَكْلِهِ.
1428- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ سَعْدٍ
الْجَارِيِّ ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ الْحِيتَانِ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا أَوْ تَمُوتُ صَرَدًا
؟ فَقَالَ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ ، قَالَ سَعْدٌ ثُمَّ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ : مِثْلَ ذَلِكَ.
1429- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمَا كَانَا : لاَ يَرَيَانِ
بِمَا لَفَظَ الْبَحْرُ بَأْسًا.
1430- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْجَارِ قَدِمُوا فَسَأَلُوا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ
عَمَّا لَفَظَ الْبَحْرُ ؟ فَقَالَ : لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، وَقَالَ : اذْهَبُوا إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، فَاسْأَلُوهُمَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ ائْتُونِي فَأَخْبِرُونِي
، مَاذَا يَقُولاَنِ ؟ فَأَتَوْهُمَا فَسَأَلُوهُمَا ، فَقَالاَ : لاَ بَأْسَ بِهِ
فَأَتَوْا مَرْوَانَ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ مَرْوَانُ : قَدْ قُلْتُ لَكُمْ.
1431- قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِأَكْلِ الْحِيتَانِ يَصِيدُهَا
الْمَجُوسِيُّ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْبَحْرِ :
هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ.
1432- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا أُكِلَ ذَلِكَ مَيْتًا فَلاَ يَضُرُّهُ مَنْ صَادَهُ.
4- بَابُ تَحْرِيمِ
أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ.
1433- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ ، عَنْ
أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ.
1434- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ ،
عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ
السِّبَاعِ حَرَامٌ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهُوَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
5- بَابُ مَا يُكْرَهُ
مِنْ أَكْلِ الدَّوَابِّ.
1435- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ
، أَنَّهَا لاَ تُؤْكَلُ ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ :
{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل]
وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الأََنْعَامِ : {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا ،
وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [غافر] ، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لِيَذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأََنْعَامِ} [الحج]
، {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}.
قَالَ وَسَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ : إِنَّ : الْبَائِسَ هُوَ الْفَقِيرُ ، وَأَنَّ الْمُعْتَرَّ
هُوَ الزَّائِرُ.
قَالَ مَالِكٌ :
فَذَكَرَ اللَّهُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ ،
وَذَكَرَ الأََنْعَامَ لِلرُّكُوبِ وَالأََكْلِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَالْقَانِعُ هُوَ الْفَقِيرُ أَيْضًا.
6- بَابُ مَا جَاءَ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ.
1436- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ
: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ كَانَ أَعْطَاهَا
مَوْلًى لِمَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَفَلاَ
انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا ؟ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا مَيْتَةٌ ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا.
1437- وَحَدَّثَنِي مالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنِ ابْنِ
وَعْلَةَ الْمِصْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهَرَ.
1438- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ أُمِّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ
: أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ.
7- بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يُضْطَرُّ إِلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ.
1439- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إِلَى
الْمَيْتَةِ ، أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهَا ، حَتَّى يَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدُ مِنْهَا
، فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا.
1440- وَسُئِلَ مَالِكٌ
عَنِ الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ أَيَأْكُلُ مِنْهَا ؟ وَهُوَ يَجِدُ
ثَمَرَ الْقَوْمِ ، أَوْ زَرْعًا أَوْ غَنَمًا بِمَكَانِهِ ذَلِكَ , قَالَ مَالِكٌ
: إِنْ ظَنَّ أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الثَّمَرِ أَوِ الزَّرْعِ أَوِ الْغَنَمِ يُصَدِّقُونَهُ
بِضَرُورَتِهِ ، حَتَّى لاَ يُعَدُّ سَارِقًا فَتُقْطَعَ يَدُهُ ، رَأَيْتُ أَنْ
يَأْكُلَ مِنْ أَيِّ ذَلِكَ وَجَدَ مَا يَرُدُّ جُوعَهُ ، وَلاَ يَحْمِلُ مِنْهُ
شَيْئًا ، وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ ، وَإِنْ هُوَ
خَشِيَ أَنْ لاَ يُصَدِّقُوهُ ، وَأَنْ يُعَدَّ سَارِقًا بِمَا أَصَابَ مِنْ
ذَلِكَ ، فَإِنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ خَيْرٌ لَهُ عِنْدِي ، وَلَهُ فِي أَكْلِ
الْمَيْتَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ سَعَةٌ ، مَعَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَعْدُوَ
عَادٍ مِمَّنْ لَمْ يُضْطَرَّ إِلَى الْمَيْتَةِ يُرِيدُ اسْتِجَازَةَ أَخْذِ
أَمْوَالِ النَّاسِ وَزُرُوعِهِمْ وَثِمَارِهِمْ بِذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
12- كِتَابُ الْعَقِيقَةِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْعَقِيقَةِ.
1441- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ ،
عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ
الْعَقِيقَةِ ؟ فَقَالَ : لاَ أُحِبُّ الْعُقُوقَ , وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ
الاِسْمَ ، وَقَالَ : مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ
وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ.
1442- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : وَزَنَتْ
فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ ،
وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً.
1443- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، أَنَّهُ قَالَ :
وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَعَرَ حَسَنٍ
وَحُسَيْنٍ فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَتِهِ فِضَّةً.
2- بَابُ الْعَمَلِ فِي
الْعَقِيقَةِ.
1444- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ
يَسْأَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ عَقِيقَةً ، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا ،
وَكَانَ يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ عَنِ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ.
1445- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي : يَسْتَحِبُّ الْعَقِيقَةَ ولَوْ بِعُصْفُورٍ.
1446- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّهُ : عُقَّ عَنْ
حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
1447- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ
كَانَ : يَ عُقُّ عَنْ بَنِيهِ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ بِشَاةٍ شَاةٍ.
1448- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَقِيقَةِ أَنَّ : مَنْ عَقَّ فَإِنَّمَا يَعُقُّ عَنْ
وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ ، وَلَيْسَتِ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ
، وَلَكِنَّهَا يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا ، وَهِيَ مِنَ الأََمْرِ الَّذِي لَمْ
يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا ، فَمَنْ عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ ، فَإِنَّمَا
هِيَ بِمَنْزِلَةِ النُّسُكِ وَالضَّحَايَا لاَ يَجُوزُ فِيهَا عَوْرَاءُ وَلاَ
عَجْفَاءُ ، وَلاَ مَكْسُورَةٌ وَلاَ مَرِيضَةٌ ، وَلاَ يُبَاعُ مِنْ لَحْمِهَا
شَيْءٌ ، وَلاَ جِلْدُهَا وَيُكْسَرُ عِظَامُهَا ، وَيَأْكُلُ أَهْلُهَا مِنْ
لَحْمِهَا ، وَيَتَصَدَّقُونَ مِنْهَا ، وَلاَ يُمَسُّ الصَّبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا.
المجلد
الثاني
بسم الله الرحمن
الرحيم
13- كِتَابُ الْفَرَائِضِ.
1- بَابُ مِيرَاثِ
الصُّلْبِ.
1449- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ
عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : فِي فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ ، أَنَّ مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ
وَالِدِهِمْ ، أَوْ وَالِدَتِهِمْ ، أَنَّهُ إِذَا تُوُفِّيَ الأََبُ أَوِ
الأَُمُّ ، وَتَرَكَا وَلَدًا رِجَالاً وَنِسَاءً ، فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ
, {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ، فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ،
وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء] فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ، وَكَانَ فِيهِمْ
ذَكَرٌ بُدِئَ بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ ، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ
بَيْنَهُمْ ، عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ ، وَمَنْزِلَةُ وَلَدِ الأََبْنَاءِ
الذُّكُورِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ كَمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ . سَوَاءٌ
ذُكُورُهُمْ كَذُكُورِهِمْ ، وَإِنَاثُهُمْ كَإِنَاثِهِمْ . يَرِثُونَ كَمَا
يَرِثُونَ ، وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ ، فَإِنِ اجْتَمَعَ الْوَلَدُ
لِلصُّلْبِ ، وَوَلَدُ الاِبْنِ ، وَكَانَ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ ،
فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ مَعَهُ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ الاِبْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ ، وَكَانَتَا ابْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
مِنَ الْبَنَاتِ لِلصُّلْبِ ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ مَعَهُنَّ
. إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ بَنَاتِ الاِبْنِ ذَكَرٌ ، هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى
بِمَنْزِلَتِهِنَّ ، أَوْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُنَّ ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ ، عَلَى
مَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الأََبْنَاءِ ،
فَضْلاً إِنْ فَضَلَ ، فَيَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأَُنْثَيَيْنِ
فَإِنْ
لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ
إِلاَّ ابْنَةً وَاحِدَةً ، فَلَهَا النِّصْفُ ، وَلاِبْنَةِ ابْنِهِ وَاحِدَةً
كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَنَاتِ الأََبْنَاءِ ، مِمَّنْ هُوَ مِنَ
الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، السُّدُسُ ، فَإِنْ كَانَ مَعَ بَنَاتِ
الاِبْنِ ذَكَرٌ ، هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ ، فَلاَ فَرِيضَةَ
وَلاَ سُدُسَ لَهُنَّ ، وَلَكِنْ إِنْ فَضَلَ بَعْدَ فَرَائِضِ أَهْلِ
الْفَرَائِضِ فَضْلٌ ، كَانَ ذَلِكَ الْفَضْلُ لِذَلِكَ الذَّكَرِ ، وَلِمَنْ هُوَ
بِمَنْزِلَتِهِ ، وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الأََبْنَاءِ . لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، وَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُمْ شَيْ ، فَإِنْ لَمْ
يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}
[النساء].
قَالَ مَالِكٌ :
الأََطْرَفُ هُوَ الأََبْعَدُ.
2- بَابُ مِيرَاثِ
الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا.
1450- قَالَ مَالِكٌ :
وَمِيرَاثُ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ ، إِذَا لَمْ تَتْرُكْ وَلَدًا وَلاَ
وَلَدَ ابْنٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ , النِّصْفُ ، فَإِنْ تَرَكَتْ وَلَدًا ، أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ، ذَكَرًا
كَانَ أَوْ أُنْثَى ، فَلِزَوْجِهَا الرُّبُعُ ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصِي بِهَا
أَوْ دَيْنٍ .
وَمِيرَاثُ
الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا ، إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ ،
الرُّبُعُ ، فَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا ، أَوْ وَلَدَ ابْنٍ , ذَكَرًا كَانَ أَوْ
أُنْثَى ، فَلاِمْرَأَتِهِ الثُّمُنُ . مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ
، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {وَلَكُمْ
نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ، فَإِنْ
كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ ، فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ
يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ، وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ
يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا
تَرَكْتُمْ ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}.
3- بَابُ مِيرَاثِ
الأََبِ وَالأَُمِّ مِنْ وَلَدِهِمَا.
1451- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ،
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّ مِيرَاثَ
الأََبِ مِنِ ابْنِهِ أَوِ ابْنَتِهِ ، أَنَّهُ إِنْ تَرَكَ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا
، أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ذَكَرًا ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأََبِ السُّدُسُ فَرِيضَةً ،
فَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ ذَكَرًا ،
فَإِنَّهُ يُبَدَّأُ بِمَنْ شَرَّكَ الأََبَ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ ،
فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ السُّدُسُ ، فَمَا
فَوْقَهُ كَانَ لِلأََبِ ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُمُ السُّدُسُ فَمَا
فَوْقَهُ ، فُرِضَ لِلأََبِ السُّدُسُ ، فَرِيضَةً.
وَمِيرَاثُ الأَُمِّ
مِنْ وَلَدِهَا ، إِذَا تُوُفِّيَ ابْنُهَا أَوِ ابْنَتُهَا ، فَتَرَكَ الْمُتَوَفَّى
وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، أَوْ تَرَكَ مِنَ
الإِخْوَةِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ، ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا ، مِنْ أَبٍ
وَأُمٍّ ، أَوْ مِنْ أَبٍ أَوْ مِنْ أُمٍّ ، فَالسُّدُسُ لَهَا.
فَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ
الْمُتَوَفَّى ، وَلَدًا وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ ، وَلاَ اثْنَيْنِ مِنَ الإِخْوَةِ
فَصَاعِدًا ، فَإِنَّ لِلأَُمِّ الثُّلُثَ كَامِلاً إِلاَّ فِي فَرِيضَتَيْنِ فَقَطْ.
وَإِحْدَى
الْفَرِيضَتَيْنِ ، أَنْ يُتَوَفَّى رَجُلٌ وَيَتْرُكَ امْرَأَتَهُ وَأَبَوَيْهِ ،
فَلاِمْرَأَتِهِ الرُّبُعُ ، وَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ ، وَهُوَ
الرُّبُعُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَالأَُخْرَى : أَنْ تُتَوَفَّى
امْرَأَةٌ ، وَتَتْرُكَ زَوْجَهَا وَأَبَوَيْهَا ، فَيَكُونُ لِزَوْجِهَا
النِّصْفُ ، وَلِأُمِّهَا الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ ، وَهُوَ السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ
الْمَالِ.
وَذَلِكَ أَنَّ
اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ ، إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ، فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ، فَإِنْ كَانَ
لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}.
فَمَضَتِ السُّنَّةُ
أَنَّ الإِخْوَةَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا.
4- بَابُ مِيرَاثِ
الإِخْوَةِ لِلأَُمِّ.
1452- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأَُمِّ لاَ
يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ ، وَلاَ مَعَ وَلَدِ الأََبْنَاءِ ذُكْرَانًا كَانُوا
أَوْ إِنَاثًا شَيْئًا ، وَلاَ يَرِثُونَ مَعَ الأََبِ ، وَلاَ مَعَ الْجَدِّ
أَبِي الأََبِ شَيْئًا ، وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يُفْرَضُ
لِلْوَاحِدِ مِنْهُمُ السُّدُسُ ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، فَإِنْ كَانَا
اثْنَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ
ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ، يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ
، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً ،
أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء]
، فَكَانَ الذَّكَرُ وَالأَُنْثَى فِي هَذَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ.
5- بَابُ مِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ.
1453- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأََبِ
وَالأَُمِّ لاَ يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ شَيْئًا ، وَلاَ مَعَ وَلَدِ
الاِبْنِ الذَّكَرِ شَيْئًا ، وَلاَ مَعَ الأََبِ دِنْيَا شَيْئًا ، وَهُمْ
يَرِثُونَ مَعَ الْبَنَاتِ ، وَبَنَاتِ الأََبْنَاءِ ، مَا لَمْ يَتْرُكِ
الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا أَبٍ ، مَا فَضَلَ مِنَ الْمَالِ يَكُونُونَ فِيهِ
عَصَبَةً ، يُبْدَأُ بِمَنْ كَانَ لَهُ أَصْلُ فَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ،
فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ
لِلإِخْوَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى كِتَابِ
اللَّهِ ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأَُنْثَيَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ.
قَالَ : وَإِنْ لَمْ
يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أَبًا وَلاَ جَدًّا أَبَا أَبٍ ، وَلاَ وَلَدًا ، وَلاَ وَلَدَ
ابْنٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأَُخْتِ الْوَاحِدَةِ
لِلأََبِ وَالأَُمِّ النِّصْفُ ، فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ
مِنَ الأََخَوَاتِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ فُرِضَ لَهُمَا الثُّلُثَانِ ، فَإِنْ
كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ ذَكَرٌ فَلاَ فَرِيضَةَ لأَحَدٍ مِنَ الأََخَوَاتِ ،
وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَيُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَهُمْ
بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَمَا فَضَلَ بَعْدَ
ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ
إِلاَّ
فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَاشْتَرَكُوا
فِيهَا مَعَ بَنِي الأَُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ ، وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ هِيَ :
امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا
وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا ، فَكَانَ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ ،
وَلِأُمِّهَا السُّدُسُ ، وَلِإِخْوَتِهَا لِأُمِّهَا الثُّلُثُ ، فَلَمْ يَفْضُلْ
شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَيَشْتَرِكُ بَنُو الأََبِ وَالأَُمِّ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ
مَعَ بَنِي الأَُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ ، فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأَُنْثَى ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِأُمِّهِ ،
وَإِنَّمَا وَرِثُوا بِالأَُمِّ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ
وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء] فَلِذَلِكَ
شُرِّكُوا فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى
لِأُمِّهِ.
6- بَابُ مِيرَاثِ
الإِخْوَةِ لِلأََبِ.
1454- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ مِيرَاثَ الإِخْوَةِ لِلأََبِ
، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي الأََبِ وَالأَُمِّ ،
كَمَنْزِلَةِ الإِخْوَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، سَوَاءٌ . ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ
، وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ . إِلاَّ أَنَّهُمْ لاَ يُشَرَّكُونَ مَعَ بَنِي
الأَُمِّ فِي الْفَرِيضَةِ ، الَّتِي شَرَّكَهُمْ فِيهَا بَنُو الأََبِ وَالأَُمِّ
. لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ وِلاَدَةِ الأَُمِّ الَّتِي جَمَعَتْ أُولَئِكَ.
فَإِنِ اجْتَمَعَ
الإِخْوَةُ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَالإِخْوَةُ لِلأََبِ ، فَكَانَ فِي بَنِي
الأََبِ وَالأَُمِّ ذَكَرٌ ، فلاَ مِيرَاثَ لأَحَدٍ مِنْ بَنِي الأََبِ ، وَإِنْ
لَمْ يَكُنْ بَنُو الأََبِ وَالأَُمِّ إِلاَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً ، أَوْ أَكْثَرَ
مِنْ ذَلِكَ مِنَ الإِنَاثِ ، لاَ ذَكَرَ مَعَهُنَّ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأَُخْتِ
الْوَاحِدَةِ
لِلأََبِ
وَالأَُمِّ ، النِّصْفُ ، وَيُفْرَضُ لِلأََخَوَاتِ لِلأََبِ ، السُّدُسُ
. تَتِمَّةَ
الثُّلُثَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الأََخَوَاتِ لِلأََبِ ذَكَرٌ ، فَلاَ
فَرِيضَةَ لَهُنَّ ، وَيُبْدَأُ بِأَهْلِ الْفَرَائِضِ الْمُسَمَّاةِ ،
فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ ، كَانَ بَيْنَ
الإِخْوَةِ لِلأََبِ . لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ
يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ ، فَإِنْ كَانَ الإِخْوَةُ لِلأََبِ
وَالأَُمِّ ، امْرَأَتَيْنِ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الإِنَاثِ ، فُرِضَ
لَهُنَّ الثُّلُثَانِ ، وَلاَ مِيرَاثَ مَعَهُنَّ لِلأََخَوَاتِ لِلأََبِ . إِلاَّ
أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ ، بُدِئَ
بِمَنْ شَرَّكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ، فَأُعْطُوا فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ
بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ ، كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأََبِ . للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ
شَيْءٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ ، وَلِبَنِي الأَُمِّ ، مَعَ بَنِي الأََبِ
وَالأَُمِّ ، وَمَعَ بَنِي الأََبِ ، لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ ، وَلِلْاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا
الثُّلُثُ : لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَى ، هُمْ فِيهِ ، بِمَنْزِلَةٍ
وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ.
7- بَابُ مِيرَاثِ
الْجَدِّ.
1455- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ
بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجَدِّ
فَكَتَبَ إِلَيْهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنِ
الْجَدِّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ يَقْضِي فِيهِ
إِلاَّ الأَُمَرَاءُ - يَعْنِي الْخُلَفَاءَ - وَقَدْ حَضَرْتُ الْخَلِيفَتَيْنِ قَبْلَكَ يُعْطِيَانِهِ
النِّصْفَ مَعَ الأََخِ الْوَاحِدِ ، وَالثُّلُثَ مَعَ الاِثْنَيْنِ ، فَإِنْ
كَثُرَتِ الإِخْوَةُ لَمْ يُنَقِّصُوهُ مِنَ الثُّلُثِ.
1456- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ
بْنِ ذُؤَيْبٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَرَضَ لِلْجَدِّ الَّذِي يَفْرِضُ
النَّاسُ لَهُ الْيَوْمَ.
1457- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ : فَرَضَ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لِلْجَدِّ مَعَ
الإِخْوَةِ الثُّلُثَ.
1458- قَالَ مَالِكٌ :
وَالأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ
أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا ، أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الأََبِ ، لاَ يَرِثُ مَعَ
الأََبِ دِنْيَا شَيْئًا ، وَهُوَ يُفْرَضُ لَهُ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ ،
وَمَعَ ابْنِ الاِبْنِ الذَّكَرِ ، السُّدُسُ فَرِيضَةً ، وَهُوَ فِيمَا سِوَى
ذَلِكَ ، مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أُمًّا أَوْ أُخْتًا لأَبِيهِ ،
يُبَدَّأُ بِأَحَدٍ إِنْ شَرَّكَهُ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ فَيُعْطَوْنَ
فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ ، فُرِضَ
لِلْجَدِّ السُّدُسُ فَرِيضَةً.
1459- قَالَ مَالِكٌ : وَالْجَدُّ ، وَالإِخْوَةُ لِلأََبِ وَالأَُمِّ إِذَا
شَرَّكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ، يُبَدَّأُ بِمَنْ شَرَّكَهُمْ مِنْ
أَهْلِ الْفَرَائِضِ ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ
لِلْجَدِّ وَالإِخْوَةِ مِنْ شَيْءٍ ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ ، أَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ
لِحَظِّ الْجَدِّ ، أُعْطِيَهُ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ لَهُ وَلِلإِخْوَةِ ،
وَأَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ مِنَ الإِخْوَةِ ، فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ
وَلَهُمْ ، يُقَاسِمُهُمْ بِمِثْلِ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ ، أَوِ السُّدُسُ مِنْ
رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ ، أَيُّ ذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ لِحَظِّ الْجَدِّ ،
أُعْطِيَهُ الْجَدُّ ، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلإِخْوَةِ لِلأََبِ
وَالأَُمِّ ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ . إِلاَّ فِي فَرِيضَةٍ
وَاحِدَةٍ . تَكُونُ قِسْمَتُهُمْ فِيهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، وَتِلْكَ
الْفَرِيضَةُ : امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ ، وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا ، وَأُمَّهَا ،
وَأُخْتَهَا لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا ، وَجَدَّهَا ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ،
وَلِلأَُمِّ الثُّلُثُ ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ، وَلِلأَُخْتِ لِلأَُمِّ
وَالأََبِ النِّصْفُ . ثُمَّ يُجْمَعُ سُدُسُ الْجَدِّ , وَنِصْفُ الأَُخْتِ فَيُقْسَمُ
أَثْلاَثًا . لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، فَيَكُونُ لِلْجَدِّ
ثُلُثَاهُ ، وَلِلأَُخْتِ ثُلُثُهُ.
1460- قَالَ مَالِكٌ :
وَمِيرَاثُ الإِخْوَةِ لِلأََبِ مَعَ الْجَدِّ , إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ
إِخْوَةٌ لأَبٍ وَأُمٍّ ، كَمِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، سَوَاءٌ
ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ ، وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ ، فَإِذَا اجْتَمَعَ
الإِخْوَةُ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَالإِخْوَةُ لِلأََبِ ، فَإِنَّ الإِخْوَةَ
لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، يُعَادُّونَ الْجَدَّ بِإِخْوَتِهِمْ لأَبِيهِمْ ،
فَيَمْنَعُونَهُ بِهِمْ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ بِعَدَدِهِمْ ، وَلاَ يُعَادُّونَهُ
بِالإِخْوَةِ لِلأَُمِّ . لأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْجَدِّ غَيْرُهُمْ ،
لَمْ يَرِثُوا مَعَهُ شَيْئًا ، وَكَانَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْجَدِّ
فَمَا حَصَلَ
لِلإِخْوَةِ مِنْ بَعْدِ حَظِّ الْجَدِّ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلإِخْوَةِ مِنَ
الأََبِ وَالأَُمِّ . دُونَ الإِخْوَةِ لِلأََبِ ، وَلاَ يَكُونُ لِلإِخْوَةِ
لِلأََبِ مَعَهُمْ شَيْءٌ . إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الإِخْوَةُ لِلأََبِ وَالأَُمِّ
امْرَأَةً وَاحِدَةً ، فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً وَاحِدَةً ، فَإِنَّهَا تُعَادُّ
الْجَدَّ بِإِخْوَتِهَا لأَبِيهَا . مَا كَانُوا فَمَا حَصَلَ لَهُمْ وَلَهَا مِنْ
شَيْءٍ كَانَ لَهَا دُونَهُمْ . مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ
فَرِيضَتَهَا ، وَفَرِيضَتُهَا النِّصْفُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ ، فَإِنْ
كَانَ فِيمَا يُحَازُ لَهَا وَلِإِخْوَتِهَا لأَبِيهَا فَضْلٌ عَنْ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ
كُلِّهِ ، فَهُوَ لِإِخْوَتِهَا لأَبِيهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأَُنْثَيَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ.
8- بَابُ مِيرَاثِ
الْجَدَّةِ.
1461- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ
، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي
بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا ، فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ : مَا
لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ ، وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ، فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ ،
فَسَأَلَ النَّاسَ ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا السُّدُسَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَلْ مَعَكَ
غَيْرُكَ ؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الأََنْصَارِيُّ فَقَالَ : مِثْلَ
مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ , ثُمَّ جَاءَتِ
الْجَدَّةُ الأَُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا ؟
فَقَالَ لَهَا : مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ ، وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ
الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلاَّ لِغَيْرِكِ ، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ
شَيْئًا ، وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ السُّدُسُ ، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ
بَيْنَكُمَا ، وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا.
1462- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ : أَتَتِ الْجَدَّتَانِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ السُّدُسَ لِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الأَُمِّ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأََنْصَارِ : أَمَا إِنَّكَ تَتْرُكُ الَّتِي لَوْ مَاتَتْ وَهُوَ حَيٌّ كَانَ إِيَّاهَا يَرِثُ ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا.
1463- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ،
أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، كَانَ
لاَ يَفْرِضُ إِلاَّ لِلْجَدَّتَيْنِ.
1464- قَالَ مَالِكٌ
: الأََمْرُ
الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، وَالَّذِي
أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا ، أَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ
الأَُمِّ لاَ تَرِثُ مَعَ الأَُمِّ دِنْيَا شَيْئًا ، وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ
يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً ، وَأَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الأََبِ لاَ
تَرِثُ مَعَ الأَُمِّ ، وَلاَ مَعَ الأََبِ شَيْئًا ، وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ
يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً ، فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْجَدَّتَانِ أُمُّ
الأََبِ ، وَأُمُّ الأَُمِّ ، وَلَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى دُونَهُمَا أَبٌ وَلاَ
أُمٌّ , قَالَ مَالِكٌ : فَإِنِّي سَمِعْتُ أَنَّ أُمَّ الأَُمِّ ، إِنْ كَانَتْ أَقْعَدَهُمَا
، كَانَ لَهَا السُّدُسُ ، دُونَ أُمِّ الأََبِ ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الأََبِ
أَقْعَدَهُمَا ، أَوْ كَانَتَا فِي الْقُعْدَدِ مِنَ الْمُتَوَفَّى ، بِمَنْزِلَةٍ
سَوَاءٍ فَإِنَّ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا ، نِصْفَانِ.
1465- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ مِيرَاثَ لأَحَدٍ مِنَ الْجَدَّاتِ . إِلاَّ لِلْجَدَّتَيْنِ . لأَنَّهُ
بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَّثَ الْجَدَّةَ . ثُمَّ
سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ ذَلِكَ . حَتَّى أَتَاهُ الثَّبَتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّةَ ، فَأَنْفَذَهُ . لَهَا ثُمَّ أَتَتِ
الْجَدَّةُ الأَُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَقَالَ لَهَا : مَا أَنَا
بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا ، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا ، فَهُوَ بَيْنَكُمَا
وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا.
1466- قَالَ مَالِكٌ : ثُمَّ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا وَرَّثَ غَيْرَ
جَدَّتَيْنِ . مُنْذُ كَانَ الإِسْلاَمُ إِلَى الْيَوْمِ.
9- بَابُ مِيرَاثِ
الْكَلاَلَةِ.
1467- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكَلاَلَةِ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَكْفِيكَ ، مِنْ ذَلِكَ ، الآيَةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْفِ
، آخِرَ سُورَةِ النِّسَاءِ.
1468- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، وَالَّذِي
أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا ، أَنَّ الْكَلاَلَةَ عَلَى
وَجْهَيْنِ : فَأَمَّا الآيَةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ
الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهَا {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ
كَلاَلَةً ، أَوِ امْرَأَةٌ ، وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسُ ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي
الثُّلُثِ} [النساء] فَهَذِهِ الْكَلاَلَةُ الَّتِي لاَ يَرِثُ فِيهَا الإِخْوَةُ
لِلأَُمِّ ، حَتَّى لاَ يَكُونَ وَلَدٌ وَلاَ وَالِدٌ
وَأَمَّا
الآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى فِيهَا {يَسْتَفْتُونَكَ ، قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ
، إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ، وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا
تَرَكَ ، وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ، فَإِنْ كَانَتَا
اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ، وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً
رِجَالاً وَنِسَاءً ، فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء] ,
قَالَ مَالِكٌ : فَهَذِهِ الْكَلاَلَةُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الإِخْوَةُ
عَصَبَةً ، إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَيَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ فِي الْكَلاَلَةِ
، فَالْجَدُّ يَرِثُ مَعَ الإِخْوَةِ ، لأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْهُمْ ،
وَذَلِكَ أَنَّهُ يَرِثُ مَعَ ذُكُورِ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى . السُّدُسَ ،
وَالإِخْوَةُ لاَ يَرِثُونَ مَعَ ذُكُورِ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى شَيْئًا ، وَكَيْفَ
لاَ يَكُونُ كَأَحَدِهِمْ وَهُوَ يَأْخُذُ السُّدُسَ مَعَ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى ؟
فَكَيْفَ لاَ يَأْخُذُ الثُّلُثَ مَعَ الإِخْوَةِ ؟ وَبَنُو الأَُمِّ يَأْخُذُونَ
مَعَهُمُ الثُّلُثَ ، فَالْجَدُّ هُوَ الَّذِي حَجَبَ الإِخْوَةَ لِلأَُمِّ ،
وَمَنَعَهُمْ مَكَانُهُ الْمِيرَاثَ ، فَهُوَ أَوْلَى بِالَّذِي كَانَ لَهُمْ
لأَنَّهُمْ سَقَطُوا مِنْ أَجْلِهِ ، وَلَوْ أَنَّ الْجَدَّ لَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ
الثُّلُثَ ، أَخَذَهُ بَنُو الأَُمِّ فَإِنَّمَا أَخَذَ مَا لَمْ يَكُنْ يَرْجِعُ
إِلَى الإِخْوَةِ لِلأََبِ ، وَكَانَ الإِخْوَةُ لِلأَُمِّ هُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ
الثُّلُثِ مِنَ الإِخْوَةِ لِلأََبِ ، وَكَانَ الْجَدُّ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ
مِنَ الإِخْوَةِ لِلأَُمِّ.
10- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْعَمَّةِ.
1469- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيّ ، أَنَّهُ
أَخْبَرَهُ عَنْ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ كَانَ قَدِيمًا ، يُقَالُ لَهُ : ابْنُ
مِرْسَى أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلَمَّا
صَلَّى الظُّهْرَ ، قَالَ : يَا يَرْفَا هَلُمَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ . لِكِتَابٍ
كَتَبَهُ فِي شَأْنِ الْعَمَّةِ ، فَنَسْأَلَ عَنْهَا وَنَسْتَخْبِرَ عَنْهَا ، فَأَتَاهُ
بِهِ يَرْفَا ، فَدَعَا بِتَوْرٍ أَوْ قَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ ، فَمَحَا ذَلِكَ
الْكِتَابَ فِيهِ . ثُمَّ قَالَ : لَوْ رَضِيَكِ اللَّهُ وَارِثَةً أَقَرَّكِ لَوْ
رَضِيَكِ اللَّهُ أَقَرَّكِ.
1470- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ
حَزْمٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ كَثِيرًا يَقُولُ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
يَقُولُ : عَجَبًا لِلْعَمَّةِ تُورَثُ وَلاَ تَرِثُ.
11- بَابُ مِيرَاثِ
وِلاَيَةِ الْعَصَبَةِ.
1471- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ،
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا ، فِي وِلاَيَةِ
الْعَصَبَةِ ، أَنَّ الأََخَ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنَ
الأََخِ لِلأََبِ ، وَالأََخُ لِلأََبِ ، أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ بَنِي
الأََخِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَبَنُو الأََخِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، أَوْلَى
مِنْ بَنِي الأََخِ لِلأََبِ ، وَبَنُو الأََخِ لِلأََبِ ، أَوْلَى مِنْ بَنِي
ابْنِ الأََخِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَبَنُو ابْنِ الأََخِ لِلأََبِ ، أَوْلَى
مِنَ الْعَمِّ أَخِي الأََبِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَالْعَمُّ أَخُو الأََبِ لِلأََبِ
وَالأَُمِّ ، أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ أَخِي الأََبِ لِلأََبِ ، وَالْعَمُّ أَخُو
الأََبِ لِلأََبِ ، أَوْلَى مِنْ بَنِي الْعَمِّ أَخِي الأََبِ لِلأََبِ
وَالأَُمِّ ، وَابْنُ الْعَمِّ لِلأََبِ ، أَوْلَى مِنْ عَمِّ الأََبِ أَخِي أَبِي
الأََبِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ.
1472- قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ شَيْءٍ سُئِلْتَ عَنْهُ مِنْ مِيرَاثِ
الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُ عَلَى نَحْوِ هَذَا : انْسُبِ الْمُتَوَفَّى وَمَنْ
يُنَازِعُ فِي وِلاَيَتِهِ مِنْ عَصَبَتِهِ ، فَإِنْ وَجَدْتَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَلْقَى
الْمُتَوَفَّى إِلَى أَبٍ لاَ يَلْقَاهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى أَبٍ دُونَهُ ،
فَاجْعَلْ مِيرَاثَهُ لِلَّذِي يَلْقَاهُ إِلَى الأََبِ الأََدْنَى ، دُونَ مَنْ
يَلْقَاهُ إِلَى فَوْقِ ذَلِكَ ، فَإِنْ وَجَدْتَهُمْ كُلَّهُمْ يَلْقَوْنَهُ
إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ يَجْمَعُهُمْ جَمِيعًا ، فَانْظُرْ أَقْعَدَهُمْ فِي النَّسَبِ
، فَإِنْ كَانَ ابْنَ أَبٍ فَقَطْ ، فَاجْعَلِ الْمِيرَاثَ لَهُ دُونَ
الأََطْرَافِ ، وَإِنْ كَانَ ابْنَ أَبٍ وَأُمٍّ ، وَإِنْ وَجَدْتَهُمْ
مُسْتَوِينَ ، يَنْتَسِبُونَ مِنْ عَدَدِ الآبَاءِ إِلَى عَدَدٍ وَاحِدٍ . حَتَّى يَلْقَوْا
نَسَبَ الْمُتَوَفَّى جَمِيعًا ، وَكَانُوا كُلُّهُمْ جَمِيعًا بَنِي أَبٍ ، أَوْ
بَنِي أَبٍ وَأُمٍّ ، فَاجْعَلِ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ سَوَاءً ، وَإِنْ كَانَ
وَالِدُ بَعْضِهِمْ أَخَا وَالِدِ الْمُتَوَفَّى لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَكَانَ
مَنْ سِوَاهُ مِنْهُمْ إِنَّمَا هُوَ أَخُو أَبِي الْمُتَوَفَّى لأَبِيهِ فَقَطْ ،
فَإِنَّ الْمِيرَاثَ لِبَنِي أَخِي الْمُتَوَفَّى لأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، دُونَ
بَنِي الأََخِ لِلأََبِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ
{وَأُولُو الأََرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، إِنَّ
اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
1473- قَالَ مَالِكٌ :
وَالْجَدُّ أَبُو الأََبِ أَوْلَى ، مِنْ بَنِي الأََخِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ،
وَأَوْلَى مِنَ الْعَمِّ أَخِي الأََبِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ بِالْمِيرَاثِ ،
وَابْنُ الأََخِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، أَوْلَى مِنَ الْجَدِّ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي.
12- بَابُ مَنْ لاَ مِيرَاثَ لَهُ.
1474- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ،
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا ، أَنَّ ابْنَ
الأََخِ لِلأَُمِّ ، وَالْجَدَّ أَبَا الأَُمِّ ، وَالْعَمَّ أَخَا الأََبِ
لِلأَُمِّ ، وَالْخَالَ ، وَالْجَدَّةَ أُمَّ أَبِي الأَُمِّ ، وَابْنَةَ الأََخِ
لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَالْعَمَّةَ ، وَالْخَالَةَ ، لاَ يَرِثُونَ
بِأَرْحَامِهِمْ شَيْئًا.
قَالَ وَإِنَّهُ لاَ
تَرِثُ امْرَأَةٌ ، هِيَ أَبْعَدُ نَسَبًا مِنَ الْمُتَوَفَّى ، مِمَّنْ سُمِّيَ
فِي هَذَا الْكِتَابِ ، بِرَحِمِهَا شَيْئًا ، وَإِنَّهُ لاَ يَرِثُ أَحَدٌ مِنَ
النِّسَاءِ شَيْئًا . إِلاَّ حَيْثُ سُمِّينَ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ : مِيرَاثَ الأَُمِّ مِنْ وَلَدِهَا ،
وَمِيرَاثَ الْبَنَاتِ مِنْ أَبِيهِنَّ ، وَمِيرَاثَ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا ،
وَمِيرَاثَ الأََخَوَاتِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَمِيرَاثَ الأََخَوَاتِ لِلأََبِ
، وَمِيرَاثَ الأََخَوَاتِ لِلأَُمِّ ، وَوَرِثَتِ الْجَدَّةُ بِالَّذِي جَاءَ
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا ، وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مَنْ
أَعْتَقَتْ هِيَ نَفْسُهَا . لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي
كِتَابِهِ {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب].
13- بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ.
1475- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ،
عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ.
1476- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : إِنَّمَا وَرِثَ
أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ ، وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ ، قَالَ : فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا
نَصِيبَنَا مِنَ الشِّعْبِ.
1477- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ مُحَمَّدَ
بْنَ الأََشْعَثِ أَخْبَرَهُ : أَنَّ عَمَّةً لَهُ يَهُودِيَّةً أَوْ
نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيَتْ ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأََشْعَثِ ذَكَرَ ذَلِكَ
لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَقَالَ لَهُ : مَنْ يَرِثُهَا ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ : يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا ، ثُمَّ أَتَى عثْمَانَ بْنَ
عَفَّانَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : أَتُرَانِي نَسِيتُ
مَا قَالَ لَكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا.
1478- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ
أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَلَكَ ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ
: فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أَنْ أَجْعَلَ مَالَهُ فِي بَيْتِ
الْمَالِ.
1479- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ الثِّقَةِ عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
يَقُولُ : أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُوَرِّثَ أَحَدًا مِنَ
الأََعَاجِمِ إِلاَّ أَحَدًا وُلِدَ فِي الْعَرَبِ.
1480- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ حَامِلٌ مِنْ أَرْضِ
الْعَدُوِّ ، فَوَضَعَتْهُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ ، فَهُوَ وَلَدُهَا يَرِثُهَا
إِنْ مَاتَتْ ، وَتَرِثُهُ إِنْ مَاتَ مِيرَاثَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ.
1481- قَالَ مَالِكٌ
: الأََمْرُ
الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَالسُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا ،
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا ، أَنَّهُ لاَ يَرِثُ
الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ بِقَرَابَةٍ ، وَلاَ وَلاَءٍ ، وَلاَ رَحِمٍ ، وَلاَ
يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لاَ يَرِثُ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ وَارِثٌ ، فَإِنَّهُ
لاَ يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ.
14- بَابُ مَنْ جُهِلَ
أَمْرُهُ بِالْقَتْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
1482- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ غَيْرِ
وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ : أَنَّهُ لَمْ يَتَوَارَثْ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ
الْجَمَلِ ، وَيَوْمَ صِفِّينَ ، وَيَوْمَ الْحَرَّةِ ، ثُمَّ كَانَ يَوْمَ
قُدَيْدٍ فَلَمْ يُوَرَّثْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَنْ
عُلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ قَبْلَ صَاحِبِهِ.
1483- قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، وَلاَ شَكَّ عِنْدَ أَحَدٍ
مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا ، وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي كُلِّ
مُتَوَارِثَيْنِ هَلَكَا بِغَرَقٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوْتِ
، إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ ، لَمْ يَرِثْ أَحَدٌ مِنْهُمَا
مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا ، وَكَانَ مِيرَاثُهُمَا لِمَنْ بَقِيَ مِنْ وَرَثَتِهِمَا
، يَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَرَثَتُهُ مِنَ الأََحْيَاءِ.
1484- وقَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ أَحَدٌ أَحَدًا
بِالشَّكِّ ، وَلاَ يَرِثُ أَحَدٌ أَحَدًا إِلاَّ بِالْيَقِينِ مِنَ الْعِلْمِ ،
وَالشُّهَدَاءِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يَهْلَكُ هُوَ وَمَوْلاَهُ الَّذِي
أَعْتَقَهُ أَبُوهُ ، فَيَقُولُ بَنُو الرَّجُلِ الْعَرَبِيِّ : قَدْ وَرِثَهُ
أَبُونَا ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يَرِثُوهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ
شَهَادَةٍ . إِنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُ ، وَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ
مِنَ الأََحْيَاءِ.
1485- قَالَ مَالِكٌ :
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الأََخَوَانِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ . يَمُوتَانِ ، وَلأَحَدِهِمَا وَلَدٌ وَالآخَرُ لاَ ، وَلَدَ لَهُ وَلَهُمَا
أَخٌ لأَبِيهِمَا ، فَلاَ يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ ، فَمِيرَاثُ
الَّذِي لاَ وَلَدَ لَهُ ، لأَخِيهِ لأَبِيهِ ، وَلَيْسَ لِبَنِي أَخِيهِ ـ
لأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، شَيْءٌ.
1486- قَالَ مَالِكٌ :
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنْ تَهْلَكَ الْعَمَّةُ وَابْنُ أَخِيهَا ، أَوِ
ابْنَةُ الأََخِ وَعَمُّهَا ، فَلاَ يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ ، فَإِنْ
لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ ، لَمْ يَرِثِ الْعَمُّ مِنِ ابْنَةِ
أَخِيهِ شَيْئًا ، وَلاَ يَرِثُ ابْنُ الأََخِ مِنْ عَمَّتِهِ شَيْئًا.
15-بَابُ مِيرَاثِ وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا.
1487- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَقُولُ
فِي وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا إِنَّهُ إِذَا مَاتَ وَرِثَتْهُ
أُمُّهُ ، حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ
حُقُوقَهُمْ ، وَيَرِثُ الْبَقِيَّةَ ، مَوَالِي أُمِّهِ . إِنْ كَانَتْ مَوْلاَةً
، وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً , وَرِثَتْ حَقَّهَا ، وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ
لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ ، وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ.
1488- قَالَ مَالِكٌ :
وَبَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
بسم الله
الرحمن الرحيم
14- كِتَابُ النِّكَاحِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْخِطْبَةِ.
1489- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنِ الأََعْرَجِ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ
يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ.
1490- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ.
1491- قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا نُرَى ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ ، لاَ يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ، أَنْ يَخْطُبَ
الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ ، فَتَرْكَنَ إِلَيْهِ ، وَيَتَّفِقَانِ عَلَى صَدَاقٍ
وَاحِدٍ مَعْلُومٍ ، وَقَدْ تَرَاضَيَا ، فَهِيَ تَشْتَرِطُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهَا
، فَتِلْكَ الَّتِي نَهَى أَنْ يَخْطُبَهَا الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ،
وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ ، إِذَا خَطَبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُوَافِقْهَا
أَمْرُهُ ، وَلَمْ تَرْكَنْ إِلَيْهِ ، أَنْ لاَ يَخْطُبَهَا أَحَدٌ ، فَهَذَا
بَابُ فَسَادٍ يَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ.
1492- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ
، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
{ولاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ ،
أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ، عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ
سَتَذْكُرُونَهُنَّ ، وَلَكِنْ لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا ، إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا
قَوْلاً مَعْرُوفًا} أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ ، وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ
وَفَاةِ زَوْجِهَا إِنَّكِ عَلَيَّ لَكَرِيمَةٌ وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ ، وَإِنَّ
اللَّهَ لَسَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا وَرِزْقًا ، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ.
2- بَابُ اسْتِئْذَانِ
الْبِكْرِ وَالأََيِّمِ فِي أَنْفُسِهِمَا.
1493- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ : الأََيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا ، وَالْبِكْرُ
تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا.
1494- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لاَ تُنْكَحُ
الْمَرْأَةُ إِلاَّ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا ، أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَوِ
السُّلْطَانِ.
1495- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ كَانَا يُنْكِحَانِ بَنَاتِهِمَا الأََبْكَارَ وَلاَ يَسْتَأْمِرَانِهِنَّ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي نِكَاحِ الأََبْكَارِ.
1496- قَالَ مَالِكٌ :
وَلَيْسَ لِلْبِكْرِ جَوَازٌ فِي مَالِهَا ، حَتَّى تَدْخُلَ بَيْتَهَا ،
وَيُعْرَفَ مِنْ حَالِهَا.
1497- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ
وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانُوا يَقُولُونَ :
فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا إِنَّ ذَلِكَ لاَزِمٌ
لَهَا.
3- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الصَّدَاقِ وَالْحِبَاءِ.
1498- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ
فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ ، فَقَامَتْ
قِيَامًا طَوِيلاً ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا
إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ ؟ فَقَالَ : مَا عِنْدِي
إِلاَّ إِزَارِي هَذَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنْ أَعْطَيْتَهَا
إِيَّاهُ جَلَسْتَ لاَ إِزَارَ لَكَ ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا فَقَالَ : مَا أَجِدُ
شَيْئًا ، قَالَ : الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ، فَالْتَمَسَ فَلَمْ
يَجِدْ شَيْئًا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : هَلْ مَعَكَ
مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا
- لِسُوَرٍ سَمَّاهَا - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا
بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ.
1499- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَيُّمَا
رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا
، فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلاً ، وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ غُرْمًا عَلَى وَلِيِّهَا لِزَوْجِهَا ، إِذَا كَانَ
وَلِيُّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا ، هُوَ أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا ، أَوْ مَنْ يُرَى
أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ وَلِيُّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا
ابْنَ عَمٍّ ، أَوْ مَوْلًى ، أَوْ مِنَ الْعَشِيرَةِ ، مِمَّنْ يُرَى أَنَّهُ لاَ
يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمٌ ، وَتَرُدُّ تِلْكَ
الْمَرْأَةُ مَا أَخَذَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا ، وَيَتْرُكُ لَهَا قَدْرَ مَا
تُسْتَحَلُّ بِهِ.
1500- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ ابْنَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَأُمُّهَا بِنْتُ
زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، كَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
فَمَاتَ ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا ، فَابْتَغَتْ
أُمُّهَا صَدَاقَهَا ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ ،
وَلَوْ كَانَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ نُمْسِكْهُ وَلَمْ نَظْلِمْهَا ، فَأَبَتْ
أُمُّهَا أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ ، فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ
فَقَضَى أَنْ لاَ صَدَاقَ لَهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ.
1501- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي خِلاَفَتِهِ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ : أَنَّ كُلَّ
مَا اشْتَرَطَ الْمُنْكِحُ مَنْ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ حِبَاءٍ ، أَوْ
كَرَامَةٍ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ إِنِ ابْتَغَتْهُ.
1502- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمَرْأَةِ
يُنْكِحُهَا أَبُوهَا وَيَشْتَرِطُ فِي صَدَاقِهَا الْحِبَاءَ يُحْبَى بِهِ ،
إِنَّ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ يَقَعُ بِهِ النِّكَاحُ فَهُوَ لاِبْنَتِهِ إِنِ
ابْتَغَتْهُ ، وَإِنْ فَارَقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ،
فَلِزَوْجِهَا شَطْرُ الْحِبَاءِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ النِّكَاحُ.
1503- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَهُ صَغِيرًا لاَ مَالَ لَهُ إِنَّ ال صَّدَاقَ عَلَى
أَبِيهِ ، إِذَا كَانَ الْغُلاَمُ يَوْمَ تَزَوَّجَ لاَ مَالَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ
لِلْغُلاَمِ مَالٌ فَ الصَّدَاقُ فِي مَالِ الْغُلاَمِ ، إِلاَّ أَنْ يُسَمِّيَ
الأََبُ أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ النِّكَاحُ ثَابِتٌ عَلَى الاِبْنِ إِذَا
كَانَ صَغِيرًا وَكَانَ فِي وِلاَيَةِ أَبِيهِ.
1504- قَالَ مَالِكٌ : فِي
طَلاَقِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، وَهِيَ بِكْرٌ
فَيَعْفُو أَبُوهَا عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِزَوْجِهَا مِنْ
أَبِيهَا فِيمَا وَضَعَ عَنْهُ , قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ
{إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ} فَهُنَّ النِّسَاءُ اللاَّتِي قَدْ دُخِلَ بِهِنَّ {أَوْ يَعْفُوَ
الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} فَهُوَ الأََبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ
وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ وَالَّذِي عَلَيْهِ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1505- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْيَهُودِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ تَحْتَ الْيَهُودِيِّ
أَوِ النَّصْرَانِيِّ فَتُسْلِمُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا إِنَّهُ لاَ صَدَاقَ
لَهَا.
1506- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
أَرَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ ، وَذَلِكَ
أَدْنَى مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ.
4- بَابُ إِرْخَاءِ
السُّتُورِ.
1507- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ : قَضَى فِي الْمَرْأَةِ إِذَا تَزَوَّجَهَا
الرَّجُلُ أَنَّهُ إِذَا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ.
1508- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يَقُولُ : إِذَا دَخَلَ
الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ ، فَأُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ
الصَّدَاقُ.
1509- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ بلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ
الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ : إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا
، صُدِّقَ الرَّجُلُ عَلَيْهَا ، وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ
صُدِّقَتْ عَلَيْهِ.
1510- قَالَ مَالِكٌ :
أَرَى ذَلِكَ فِي الْمَسِيسِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِهَا ، فَقَالَتْ :
قَدْ مَسَّنِي ، وَقَالَ : لَمْ أَمَسَّهَا صُدِّقَ عَلَيْهَا ، فَإِنْ دَخَلَتْ
عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ ، فَقَالَ : لَمْ أَمَسَّهَا ، وَقَالَتْ : قَدْ مَسَّنِي صُدِّقَتْ عَلَيْهِ.
5- بَابُ الْمَقَامِ
عِنْدَ الْبِكْرِ وَالأََيِّمِ.
1511- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ وَأَصْبَحَتْ
عِنْدَهُ ، قَالَ لَهَا : لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ
، وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ ، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ ، وَدُرْتُ فَقَالَتْ
ثَلِّثْ.
1512- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لِلْبِكْرِ سَبْعٌ ، وَلِلثَّيِّبِ ثَلاَثٌ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1513- قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ الَّتِي تَزَوَّجَ ، فَإِنَّهُ يَقْسِمُ
بَيْنَهُمَا ، بَعْدَ أَنْ تَمْضِيَ أَيَّامُ الَّتِي تَزَوَّجَ بِالسَّوَاءِ
وَلاَ يَحْسِبُ عَلَى الَّتِي تَزَوَّجَ مَا أَقَامَ عِنْدَهَا.
6- بَابُ مَا لاَ
يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ.
1514- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، سُئِلَ عَنِ
الْمَرْأَةِ تَشْتَرِطُ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ لاَ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ
بَلَدِهَا ؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : يَخْرُجُ بِهَا إِنْ شَاءَ.
1515- قَالَ مَالِكٌ : فَالأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إِذَا شَرَطَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ ،
وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ أَنْ لاَ أَنْكِحَ عَلَيْكِ ،
وَلاَ أَتَسَرَّرَ ، إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي
ذَلِكَ يَمِينٌ بِطَلاَقٍ ، أَوْ عَتَاقَةٍ فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ.
7- بَابُ نِكَاحِ
الْمُحَلِّلِ وَمَا أَشْبَهَهُ.
1516- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ ، عَنِ الزُّبَيْرِ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّبِيرِ ، أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سِمْوَالٍ
طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم ثَلاَثًا ، فَنَكَحَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ فَاعْتَرَضَ
عَنْهَا ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا ، فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ
يَنْكِحَهَا ، وَهُوَ زَوْجُهَا الأََوَّلُ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا ، فَذَكَرَ
ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَنَهَاهُ عَنْ تَزْوِيجِهَا ،
وَقَالَ : لاَ تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ.
1517- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ ، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ، هَلْ يَصْلُحُ لِزَوْجِهَا الأََوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : لاَ حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا.
1518- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ
مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ ، ثُمَّ
تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَمَاتَ عَنْهَا ، قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ،
هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الأََوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا ؟ فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ : لاَ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الأََوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا.
1519- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الْمُحَلِّلِ إِنَّهُ لاَ يُقِيمُ عَلَى نِكَاحِهِ ذَلِكَ ، حَتَّى يَسْتَقْبِلَ
نِكَاحًا جَدِيدًا ، فَإِنْ أَصَابَهَا فِي ذَلِكَ فَلَهَا مَهْرُهَا.
8- بَابُ مَا لاَ
يُجْمَعُ بَيْنَهُ مِنَ النِّسَاءِ.
1520- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى
، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يُجْمَعُ
بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا ، وَلاَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا.
1521- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : يُنْهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا ، أَوْ عَلَى
خَالَتِهَا ، وَأَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ وَلِيدَةً ، وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ
لِغَيْرِهِ.
9- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ نِكَاحِ الرَّجُلِ أُمَّ امْرَأَتِهِ.
1522- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى
، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ زَيْدُ بْنُ
ثَابِتٍ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا
، هَلْ تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا ؟ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : لاَ الأَُمُّ
مُبْهَمَةٌ ، لَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ.
1523- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اسْتُفْتِيَ
وَهُوَ بِالْكُوفَةِ ، عَنْ نِكَاحِ الأَُمِّ بَعْدَ الاِبْنَةِ إِذَا لَمْ تَكُنِ
الاِبْنَةُ مُسَّتْ فَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَ
الْمَدِينَةَ ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ ، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ كَمَا قَالَ ،
وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ فَرَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِلَى الْكُوفَةِ
فَلَمْ يَصِلْ إِلَى مَنْزِلِهِ ، حَتَّى أَتَى الرَّجُلَ الَّذِي أَفْتَاهُ
بِذَلِكَ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ.
1524- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ
تَكُونُ تَحْتَهُ الْمَرْأَةُ ، ثُمَّ يَنْكِحُ أُمَّهَا فَيُصِيبُهَا ، إِنَّهَا
تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَيُفَارِقُهُمَا جَمِيعًا ، وَيَحْرُمَانِ
عَلَيْهِ أَبَدًا ، إِذَا كَانَ قَدْ أَصَابَ الأَُمَّ ، فَإِنْ لَمْ يُصِبِ
الأَُمَّ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ ، وَفَارَقَ الأَُمَّ.
1525- وقَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ
يَنْكِحُ أُمَّهَا فَيُصِيبُهَا إِنَّهُ : لاَ تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا أَبَدًا ،
وَلاَ تَحِلُّ لأَبِيهِ ، وَلاَ لاِبْنِهِ ، وَلاَ تَحِلُّ لَهُ ابْنَتُهَا ،
وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ.
1526- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الزِّنَا فَإِنَّهُ لاَ يُحَرِّمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، لأَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء] فَإِنَّمَا
حَرَّمَ مَا كَانَ تَزْوِيجًا ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَحْرِيمَ الزِّنَا ، فَكُلُّ
تَزْوِيجٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحَلاَلِ يُصِيبُ صَاحِبُهُ امْرَأَتَهُ ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ
التَّزْوِيجِ الْحَلاَلِ.
فَهَذَا الَّذِي
سَمِعْتُ ، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا.
10- بَابُ نِكَاحِ
الرَّجُلِ أُمَّ امْرَأَةٍ قَدْ أَصَابَهَا عَلَى وَجْهِ مَا يَكْرَهُ.
1527- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ ، فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِيهَا . إِنَّهُ
: يَنْكِحُ ابْنَتَهَا ، وَيَنْكِحُهَا ابْنُهُ ، إِنْ شَاءَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ
أَصَابَهَا حَرَامًا ، وَإِنَّمَا الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ مَا أُصِيبَ
بِالْحَلاَلِ ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ بِالنِّكَاحِ ، قَالَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}.
1528- قالَ مَالِكٌ : فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً نَكَحَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا
، نِكَاحًا حَلاَلاً ، فَأَصَابَهَا ، حَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا
، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ نَكَحَهَا عَلَى وَجْهِ الْحَلاَلِ ، لاَ يُقَامُ
عَلَيْهِ فِيهِ الْحَدُّ ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ
بِأَبِيهِ ، وَكَمَا حَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حِينَ تَزَوَّجَهَا
أَبُوهُ فِي عِدَّتِهَا وَأَصَابَهَا ، فَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الأََبِ
ابْنَتُهَا إِذَا هُوَ أَصَابَ أُمَّهَا.
11- بَابُ جَامِعِ مَا
لاَ يَجُوزُ مِنَ النِّكَاحِ.
1529- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنِ الشِّغَارِ ، وَالشِّغَارُ أَنْ
يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ ، لَيْسَ
بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ.
1530- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الأََنْصَارِيِّ ، عَنْ
خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ (1) الأََنْصَارِيَّةِ : أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ
فَكَرِهَتْ ذَلِكَ ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ
نِكَاحَهُ.
_____حاشية_____
(1) خِذَام ؛ بكسر الخاء
، وفتح الذال المعجمتين. انظر "المؤتلِف والمختلِف" للدارقطني 2/800 و897 ، و"الإكمال" لابن ماكولا 3/130 ،
و"توضيح المشتبه" 3/153 ، وتصحف في المطبوع إلى "خدام"
بالدال المهملة.
1531- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ ،
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إِلاَّ رَجُلٌ
وَامْرَأَةٌ ، فَقَالَ : : هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلاَ أُجِيزُهُ وَلَوْ كُنْتُ
تَقَدَّمْتُ فِيهِ لَرَجَمْتُ.
1532- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ ، أَنَّ طُلَيْحَةَ الأََسَدِيَّةَ ، كَانَتْ تَحْتَ رُشَيْدٍ
الثَّقَفِيِّ فَطَلَّقَهَا ، فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَضَرَبَهَا عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالْمِخْفَقَةِ ضَرَبَاتٍ ، وَفَرَّقَ
بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا ، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا
الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ
بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الأََوَّلِ ، ثُمَّ كَانَ الآخَرُ خَاطِبًا
مِنَ الْخُطَّابِ ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ
اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ الأََوَّلِ ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الآخَرِ
ثُمَّ لاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا.
1533- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ يُتَوَفَّى
عَنْهَا زَوْجُهَا ، فَتَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، إِنَّهَا لاَ
تَنْكِحُ ، إِنِ ارْتَابَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا حَتَّى تَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا مِنْ
تِلْكَ الرِّيبَةِ إِذَا خَافَتِ الْحَمْلَ.
12- بَابُ نِكَاحِ
الأََمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ.
1534- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلاَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ
فَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ عَلَيْهَا أَمَةً فَكَرِهَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا.
1535- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : لاَ تُنْكَحُ الْ أَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ إِلاَّ أَنْ تَشَاءَ
الْحُرَّةُ ، فَإِنْ طَاعَتِ الْحُرَّةُ فَلَهَا الثُّلُثَانِ مِنَ الْقَسْمِ.
1536- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَنْبَغِي لِحُرٍّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً وَهُوَ يَجِدُ طَوْلاً لِحُرَّةٍ
، وَلاَ يَتَزَوَّجَ أَمَةً إِذَا لَمْ يَجِدْ طَوْلاً لِحُرَّةٍ ، إِلاَّ أَنْ
يَخْشَى الْعَنَتَ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ
{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ
الْمُؤْمِنَاتِ ، فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ
الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء] ، وَقَالَ {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}.
قَالَ مَالِكٌ
وَالْعَنَتُ هُوَ الزِّنَا.
13- بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ ، وَقَدْ كَانَتْ
تَحْتَهُ فَفَارَقَهَا.
1537- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ زَيْدِ
بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ الأََمَةَ ثَلاَثًا ،
ثُمَّ يَشْتَرِيهَا ، إِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
1538- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ
يَسَارٍ سُئِلاَ عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ عَبْدًا لَهُ جَارِيَةً فَطَلَّقَهَا
الْعَبْدُ الْبَتَّةَ ثُمَّ وَهَبَهَا سَيِّدُهَا لَهُ ، فَهَلْ تَحِلُّ لَهُ
بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَقَالاَ : لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا
غَيْرَهُ.
1539- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ ، عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ
مَمْلُوكَةٌ فَاشْتَرَاهَا ، وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ، فَقَالَ :
تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَبُتَّ طَلاَقَهَا ، فَإِنْ بَتَّ
طَلاَقَهَا ، فَلاَ تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا
غَيْرَهُ.
1540- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَنْكِحُ الأََمَةَ فَتَلِدُ مِنْهُ ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا إِنَّهَا لاَ تَكُونُ
أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِذَلِكَ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْ مِنْهُ ، وَهِيَ
لِغَيْرِهِ حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ ، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ ابْتِيَاعِهِ
إِيَّاهَا.
1541- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنِ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ ثُمَّ
وَضَعَتْ عِنْدَهُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ بِذَلِكَ الْحَمْلِ فِيمَا نُرَى
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
14- بَابُ مَا جَاءَ فِي
كَرَاهِيَةِ إِصَابَةِ الأَُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالْمَرْأَةِ
وَابْنَتِهَا.
1542- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ تُوطَأُ
إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الأَُخْرَى ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا أُحِبُّ أَنْ
أَخْبُرَهُمَا جَمِيعًا وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.
1543- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، أَنَّ رَجُلاً
سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَنِ الأَُخْتَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ هَلْ
يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ : أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ ،
وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ ، فَأَمَّا أَنَا فَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَصْنَعَ ذَلِكَ.
قَالَ : فَخَرَجَ
مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : لَوْ كَانَ لِي مِنَ الأََمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ
وَجَدْتُ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ لَجَعَلْتُهُ نَكَالاً.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ
: أُرَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.
1544- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ
الْعَوَّامِ مِثْلُ ذَلِكَ.
1545- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الأََمَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَيُصِيبُهَا ، ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ
أُخْتَهَا إِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُحَرِّمَ عَلَيْهِ فَرْجَ أُخْتِهَا
بِنِكَاحٍ ، أَوْ عَتَاقَةٍ ، أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
يُزَوِّجُهَا عَبْدَهُ أَوْ غَيْرَ عَبْدِهِ.
15- بَابُ النَّهْيِ عَنْ
أَنْ يُصِيبَ الرَّجُلُ أَمَةً كَانَتْ لأَبِيهِ.
1546- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ : وَهَبَ
لاِبْنِهِ جَارِيَةً ، فَقَالَ : لاَ تَمَسَّهَا ، فَإِنِّي قَدْ كَشَفْتُهَا.
1547- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْمُجَبَّرِ ، أَنَّهُ قَالَ : وَهَبَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لاِبْنِهِ
جَارِيَةً ، فَقَالَ : لاَ تَقْرَبْهَا فَإِنِّي قَدْ أَرَدْتُهَا فَلَمْ أَنْشَطْ
إِلَيْهَا.
1548- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ أَبَا نَهْشَلِ بْنَ الأََسْوَدِ
قَالَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ : إِنِّي رَأَيْتُ جَارِيَةً لِي مُنْكَشِفًا
عَنْهَا ، وَهِيَ فِي الْقَمَرِ فَجَلَسْتُ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنِ
امْرَأَتِهِ ، فَقَالَتْ : إِنِّي حَائِضٌ فَقُمْتُ ، فَلَمْ أَقْرَبْهَا بَعْدُ ، أَفَأَهَبُهَا
لاِبْنِي يَطَؤُهَا ؟ فَنَهَاهُ الْقَاسِمُ عَنْ ذَلِكَ.
1549- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ
مَرْوَانَ أَنَّهُ : وَهَبَ لِصَاحِبٍ لَهُ جَارِيَةً ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْهَا
فَقَالَ : قَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَهَبَهَا لاِبْنِي فَيَفْعَلُ بِهَا كَذَا وَكَذَا
، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : لَمَرْوَانُ كَانَ أَوْرَعَ مِنْكَ وَهَبَ لاِبْنِهِ جَارِيَةً ،
ثُمَّ قَالَ : لاَ تَقْرَبْهَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ سَاقَهَا مُنْكَشِفَةً.
16- بَابُ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
1550- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَحِلُّ نِكَاحُ أَمَةٍ يَهُودِيَّةٍ وَلاَ نَصْرَانِيَّةٍ ، لأَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ
الْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنِ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ} [المائدة] فَهُنَّ الْحَرَائِرُ مِنَ الْيَهُودِيَّاتِ وَالنَّصْرَانِيَّاتِ
، وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً
أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء] فَهُنَّ الإِمَاءُ الْمُؤْمِنَاتُ.
1551- قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ فِيمَا نُرَى نِكَاحَ الإِمَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ ،
وَلَمْ يُحْلِلْ نِكَاحَ إِمَاءِ أهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِيَّةِ
وَالنَّصْرَانِيَّةِ.
1552- قَالَ مَالِكٌ :
وَالأََمَةُ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ تَحِلُّ لِسَيِّدِهَا بِمِلْكِ
الْيَمِينِ ، وَلاَ يَحِلُّ وَطْءُ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.
17- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الإِحْصَانِ.
1553- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ
قَالَ : {الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء] هنَّ أُولاَتُ الأََزْوَاجِ ، وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ اللَّهَ
حَرَّمَ الزِّنَا.
1554- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، وَبَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولاَنِ : إِذَا نَكَحَ الْحُرُّ الْ أَمَةَ فَمَسَّهَا
فَقَدْ أَحْصَنَتْهُ.
1555- قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ كَانَ يَقُولُ : ذَلِكَ
تُحْصِنُ الأََمَةُ الْحُرَّ إِذَا نَكَحَهَا فَمَسَّهَا فَقَدْ أَحْصَنَتْهُ.
1556- قَالَ مَالِكٌ :
يُحْصِنُ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ إِذَا مَسَّهَا بِنِكَاحٍ ، وَلاَ تُحْصِنُ
الْحُرَّةُ الْعَبْدَ ، إِلاَّ أَنْ يَعْتِقَ وَهُوَ زَوْجُهَا فَيَمَسَّهَا
بَعْدَ عِتْقِهِ ، فَإِنْ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ حَتَّى
يَتَزَوَّجَ بَعْدَ عِتْقِهِ وَيَمَسَّ امْرَأَتَهُ.
1557- قَالَ مَالِكٌ :
وَالأََمَةُ إِذَا كَانَتْ تَحْتَ الْحُرِّ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ تَعْتِقَ
، فَإِنَّهُ لاَ يُحْصِنُهَا نِكَاحُهُ إِيَّاهَا ، وَهِيَ أَمَةٌ حَتَّى تُنْكَحَ
بَعْدَ عِتْقِهَا وَيُصِيبَهَا زَوْجُهَا ، فَذَلِكَ إِحْصَانُهَا.
1558- وَالأََمَةُ إِذَا كَانَتْ
تَحْتَ الْحُرِّ فَتَعْتِقُ ، وَهِيَ تَحْتَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهَا ، فَإِنَّهُ
يُحْصِنُهَا إِذَا عَتَقَتْ ، وَهِيَ عِنْدَهُ إِذَا هُوَ أَصَابَهَا بَعْدَ أَنْ
تَعْتِقَ.
1559- وقَالَ مَالِكٌ :
وَالْحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْيَهُودِيَّةُ ، وَالأََمَةُ الْمُسْلِمَةُ يُحْصِنَّ
الْحُرَّ الْمُسْلِمَ ، إِذَا نَكَحَ إِحْدَاهُنَّ فَأَصَابَهَا.
18- بَابُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ.
1560- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الله وَالْحَسَنِ ابْنَيْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي
طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ
يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ
1561- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ
حَكِيمٍ دَخَلَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ : إِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ
أُمَيَّةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ، فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ ، فَقَالَ : هَذِهِ الْمُتْعَةُ ، وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِيهَا ، لَرَجَمْتُ.
19- بَابُ نِكَاحِ الْعَبِيدِ.
1562- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ :
يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَالْعَبْدُ مُخَالِفٌ لِلْمُحَلِّلِ إِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ ثَبَتَ نِكَاحُهُ
، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، وَالْمُحَلِّلُ
يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ التَّحْلِيلُ.
1563- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْعَبْدِ
إِذَا مَلَكَتْهُ امْرَأَتُهُ ، أَوِ الزَّوْجُ يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ ، إِنَّ
مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ يَكُونُ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلاَقٍ ،
وَإِنْ تَرَاجَعَا بِنِكَاحٍ بَعْدُ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ طَلاَقًا.
1564- قَالَ مَالِكٌ :
وَالْعَبْدُ إِذَا أَعْتَقَتْهُ امْرَأَتُهُ إِذَا مَلَكَتْهُ ، وَهِيَ فِي
عِدَّةٍ مِنْهُ لَمْ يَتَرَاجَعَا إِلاَّ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ.
20- بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ إِذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ قَبْلَهُ.
1565- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نِسَاءً كُنَّ فِي عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْلِمْنَ بِأَرْضِهِنَّ ، وَهُنَّ غَيْرُ
مُهَاجِرَاتٍ ، وَأَزْوَاجُهُنَّ حِينَ أَسْلَمْنَ كُفَّارٌ . مِنْهُنَّ بِنْتُ
الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ،
فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ ، وَهَرَبَ زَوْجُهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ
مِنَ الإِسْلاَمِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ
عَمِّهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ . بِرِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَمَانًا
لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى
الإِسْلاَمِ ، وَأَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ رَضِيَ أَمْرًا قَبِلَهُ ،
وَإِلاَّ سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ , فَلَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم بِرِدَائِهِ ، نَادَاهُ عَلَى رُؤُوسِ النَّاسِ , فَقَالَ :
يَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذَا وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ جَاءَنِي بِرِدَائِكَ ، وَزَعَمَ
أَنَّكَ دَعَوْتَنِي إِلَى الْقُدُومِ عَلَيْكَ ، فَإِنْ رَضِيتُ أَمْرًا
قَبِلْتُهُ , وَإِلاَّ سَيَّرْتَنِي شَهْرَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ فَقَالَ : لاَ وَاللَّهِ . لاَ أَنْزِلُ حَتَّى
تُبَيِّنَ لِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : بَلْ لَكَ تَسِيرُ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ
هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ ، فَأَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَسْتَعِيرُهُ
أَدَاةً وَسِلاَحًا عِنْدَهُ ، فَقَالَ صَفْوَانُ : أَطَوْعًا أَمْ كَرْهًا ؟ فَقَالَ : بَلْ طَوْعًا , فَأَعَارَهُ الأََدَاةَ
وَالسِّلاَحَ الَّذِي عِنْدَهُ . ثُمَّ خَرَجَ صَفْوَانُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم وَهُوَ كَافِرٌ فَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ , وَهُوَ كَافِرٌ
، وَامْرَأَتُهُ مُسْلِمَةٌ ، وَلَمْ يُفَرِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ حَتَّى أَسْلَمَ صَفْوَانُ ، وَاسْتَقَرَّتْ
عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ.
1566- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أنَّهُ قَالَ كَانَ
بَيْنَ إِسْلاَمِ صَفْوَانَ , وَبَيْنَ إِسْلاَمِ امْرَأَتِهِ نَحْوٌ مِنْ شَهْر.
1567- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ
: وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ،
وَزَوْجُهَا كَافِرٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ ، إِلاَّ فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا
بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إِلاَّ أَنْ يَقْدَمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ
أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.
1568- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ
هِشَامٍ ، وَكَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ ، فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ
الْفَتْحِ وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مِنَ الإِسْلاَمِ
حَتَّى قَدِمَ الْيَمَنَ فَارْتَحَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ
بِالْيَمَنِ فَدَعَتْهُ إِلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمَ ، وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم وَثَبَ إِلَيْهِ فَرِحًا ، وَمَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ حَتَّى
بَايَعَهُ فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا ذَلِكَ.
1569- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ قَبْلَ امْرَأَتِهِ ، وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ
بَيْنَهُمَا ، إِذَا عُرِضَ عَلَيْهَا الإِسْلاَمُ فَلَمْ تُسْلِمْ لأَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}
[الممتحنة].
21- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوَلِيمَةِ.
1570- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى
، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا ؟ فَقَالَ : زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ , فَقَالَ
لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.
1571- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ : لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُولِمُ بِالْوَلِيمَةِ مَا فِيهَا
خُبْزٌ وَلاَ لَحْمٌ.
1572- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِذَا دُعِيَ
أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا.
1573- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ ، يُدْعَى لَهَا الأََغْنِيَاءُ
، وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى
اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
1574- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ : إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ ، قَالَ أَنَسٌ فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِ خُبْزًا مِنْ
شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ ، قَالَ أَنَسٌ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الْقَصْعَةِ ، فَلَمْ أَزَلْ
أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
22- بَابُ جَامِعِ النِّكَاحِ.
1575- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ : إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ أَوِ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ
، فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا ، وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ ، وَإِذَا اشْتَرَى
الْبَعِيرَ فَلْيَأْخُذْ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ
الشَّيْطَانِ.
1576- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ ،
أَنَّ رَجُلاً خَطَبَ إِلَى رَجُلٍ أُخْتَهُ ، فَذَكَرَ أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَحْدَثَتْ
، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَضَرَبَهُ أَوْ كَادَ يَضْرِبُهُ
ثُمَّ قَالَ : مَا لَكَ وَلِلْخَبَرِ.
1577- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ
مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَا يَقُولاَنِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ
أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ، فَيُطَلِّقُ إِحْدَاهُنَّ الْبَتَّةَ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ
إِنْ شَاءَ ، وَلاَ يَنْتَظِرُ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.
1578- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ
، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ
مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، أَفْتَيَا الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ
الْمَلِكِ عَامَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ
مُحَمَّدٍ قَالَ : طَلَّقَهَا فِي مَجَالِسَ شَتَّى.
1579- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ
قَالَ : ثَلاَثٌ لَيْسَ فِيهِنَّ لَعِبٌ النِّكَاحُ ، وَالطَّلاَقُ ، وَالْعِتْقُ.
1580- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الأََنْصَارِيِّ ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى كَبِرَتْ ، فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَاةً شَابَّةً ، فَآثَرَ الشَّابَّةَ عَلَيْهَا ، فَنَاشَدَتْهُ الطَّلاَقَ ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً ، ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إِذَا كَادَتْ تَحِلُّ رَاجَعَهَا ، ثُمَّ عَادَ فَآثَرَ الشَّابَّةَ فَنَاشَدَتْهُ الطَّلاَقَ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً ، ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ عَادَ فَآثَرَ الشَّابَّةَ ، فَنَاشَدَتْهُ الطَّلاَقَ ، فَقَالَ : مَا شِئْتِ إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ ، فَإِنْ شِئْتِ اسْتَقْرَرْتِ عَلَى مَا تَرَيْنَ مِنَ الأَُثْرَةِ ، وَإِنْ شِئْتِ فَارَقْتُكِ ؟ قَالَتْ : بَلْ أَسْتَقِرُّ عَلَى الأَُثْرَةِ فَأَمْسَكَهَا عَلَى ذَلِكَ ، وَلَمْ يَرَ رَافِعٌ عَلَيْهِ إِثْمًا حِينَ قَرَّتْ عِنْدَهُ عَلَى الأَُثْرَةِ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
15- كِتَابُ الطَّلاَقِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْبَتَّةِ.
1581- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبَّاسٍ إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةَ تَطْلِيقَةٍ فَمَاذَا تَرَى عَلَيَّ
؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ طَلُقَتْ مِنْكَ لِثَلاَثٍ ، وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ
اتَّخَذْتَ بِهَا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا.
1582- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ فَقَالَ : إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي ثَمَانِيَ تَطْلِيقَاتٍ ،
فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : فَمَاذَا قِيلَ لَكَ ؟ قَالَ : قِيلَ لِي إِنَّهَا قَدْ بَانَتْ
مِنِّي ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : صَدَقُوا ، مَنْ طَلَّقَ كَمَا أَمَرَهُ
اللَّهُ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ ، وَمَنْ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ لَبْسًا جَعَلْنَا
لَبْسَهُ مُلْصَقًا بِهِ ، لاَ تَلْبِسُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَنَتَحَمَّلُهُ
عَنْكُمْ ، هُوَ كَمَا يَقُولُونَ.
1583- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّ
عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : لَهُ الْبَتَّةُ مَا يَقُولُ النَّاسُ
فِيهَا ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْتُ لَهُ كَانَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ
يَجْعَلُهَا وَاحِدَةً ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : لَوْ كَانَ
الطَّلاَقُ أَلْفًا مَا أَبْقَتِ الْبَتَّةُ مِنْهَا شَيْئًا ، مَنْ قَالَ :
الْبَتَّةَ فَقَدْ رَمَى الْغَايَةَ الْقُصْوَى.
1584- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ مَرْوَانَ
بْنَ الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ
أَنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
2- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.
1585- حَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كُتِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنَ
الْعِرَاقِ ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ لاِمْرَأَتِهِ : حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ ، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عَامِلِهِ
أَنْ مُرْهُ يُوَافِينِي بِمَكَّةَ فِي الْمَوْسِمِ ، فَبَيْنَمَا عُمَرُ يَطُوفُ
بِالْبَيْتِ إِذْ لَقِيَهُ الرَّجُلُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ عُمَرُ : مَنْ
أَنْتَ ؟ فَقَالَ : أَنَا الَّذِي أَمَرْتَ أَنْ أُجْلَبَ عَلَيْكَ فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ : أَسْأَلُكَ بِرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ ، مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ :
حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : لَوِ اسْتَحْلَفْتَنِي فِي
غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ ، مَا صَدَقْتُكَ ؟ أَرَدْتُ بِذَلِكَ الْفِرَاقَ ، فَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : هُوَ مَا أَرَدْتَ.
1586- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَقُولُ فِي
الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ، إِنَّهَا ثَلاَثُ
تَطْلِيقَاتٍ.
قَالَ مَالِكٌ
وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
1587- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
كَانَ يَقُولُ : فِي الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ ، إِنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ
كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
1588- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ
رَجُلاً كَانَتْ تَحْتَهُ وَلِيدَةٌ لِقَوْمٍ ، فَقَالَ لأَهْلِهَا : شَأْنَكُمْ
بِهَا ، فَرَأَى النَّاسُ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ.
1589- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ
لاِمْرَأَتِهِ : بَرِئْتِ مِنِّي وَبَرِئْتُ مِنْكِ ، إِنَّهَا ثَلاَثُ
تَطْلِيقَاتٍ بِمَنْزِلَةِ الْبَتَّةِ.
1590- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ : أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ ، أَوْ بَائِنَةٌ ، إِنَّهَا ثَلاَثُ
تَطْلِيقَاتٍ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا ، وَيُدَيَّنُ فِي الَّتِي
لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوَاحِدَةً أَرَادَ أَمْ ثَلاَثًا ، فَإِنْ قَالَ وَاحِدَةً
أُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ ، وَكَانَ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ ، لأَنَّهُ لاَ
يُخْلِي الْمَرْأَةَ الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ، وَلاَ يُبِينُهَا ،
وَلاَ يُبْرِيهَا إِلاَّ ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ ، وَالَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا
تُخْلِيهَا ، وَتُبْرِيهَا ، وَتُبِينُهَا الْوَاحِدَةُ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
3- بَابُ مَا يُبِينُ مِنَ التَّمْلِيكِ.
1591- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي جَعَلْتُ أَمْرَ
امْرَأَتِي فِي يَدِهَا ، فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ، فَمَاذَا تَرَى ؟ فَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : أُرَاهُ كَمَا قَالَتْ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : لاَ تَفْعَلْ يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَنَا أَفْعَلُ أَنْتَ فَعَلْتَهُ.
1592- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : إِذَا
مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا ، فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ بِهِ ، إِلاَّ
أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا ، وَيَقُولُ : لَمْ أُرِدْ إِلاَّ وَاحِدَةً ، فَيَحْلِفُ
عَلَى ذَلِكَ ، وَيَكُونُ أَمْلَكَ بِهَا مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا.
4- بَابُ مَا يَجِبُ
فِيهِ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ التَّمْلِيكِ.
1593- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ
خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا
عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَعَيْنَاهُ
تَدْمَعَانِ ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ : مَلَّكْتُ
امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَفَارَقَتْنِي ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ : مَا حَمَلَكَ عَلَى
ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْقَدَرُ ، فَقَالَ زَيْدٌ : ارْتَجِعْهَا إِنْ شِئْتَ ، فَإِنَّمَا هِيَ
وَاحِدَةٌ وَأَنْتَ أَمْلَكُ بِهَا.
1594- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ
، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ ثَقِيفٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا ،
فَقَالَتْ : أَنْتَ الطَّلاَقُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قَالَتْ : أَنْتَ الطَّلاَقُ ،
فَقَالَ : بِفِيكِ الْحَجَرُ ، ثُمَّ قَالَتْ : أَنْتَ الطَّلاَقُ ، فَقَالَ
: بِفَاكِ الْحَجَرُ ،
فَاخْتَصَمَا إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَاسْتَحْلَفَهُ : مَا مَلَّكَهَا
إِلاَّ وَاحِدَةً وَرَدَّهَا إِلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، فَكَانَ الْقَاسِمُ ، يُعْجِبُهُ هَذَا الْقَضَاءُ
وَيَرَاهُ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ وَأَحَبُّهُ إِلَيَّ.
5- بَابُ مَا لاَ
يُبِينُ مِنَ التَّمْلِيكِ.
1595- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا : خَطَبَتْ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، قَرِيبَةَ بِنْتَ
أَبِي أُمَيَّةَ فَزَوَّجُوهُ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَى عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، وَقَالُوا : مَا زَوَّجْنَا إِلاَّ عَائِشَةَ ، فَأَرْسَلَتْ
عَائِشَةُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ ، فَجَعَلَ أَمْرَ
قَرِيبَةَ بِيَدِهَا فَاخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاَقًا.
1596- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ
، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَتْ
حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ غَائِبٌ بِالشَّامِ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ :
وَمِثْلِي يُصْنَعُ هَذَا بِهِ ، وَمِثْلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ ؟ فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ
الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، فَقَالَ الْمُنْذِرُ : فَإِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : مَا كُنْتُ لأَرُدَّ أَمْرًا
قَضَيْتِهِ ، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ
طَلاَقًا.
1597- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلاَ
عَنِ الرَّجُلِ يُمَلِّكُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا ، فَتَرُدُّ بِذَلِكَ إِلَيْهِ ،
وَلاَ تَقْضِي فِيهِ شَيْئًا ، فَقَالاَ : لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاَقٍ.
1598- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ
قَالَ : إِذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا ، فَلَمْ تُفَارِقْهُ
، وَقَرَّتْ عِنْدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاَقٍ.
1599- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُمَلَّكَةِ إِذَا مَلَّكَهَا زَوْجُهَا أَمْرَهَا ، ثُمَّ افْتَرَقَا
، وَلَمْ تَقْبَلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَلَيْسَ بِيَدِهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ،
وَهُوَ لَهَا مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا.
6- بَابُ الإِيلاَءِ.
1600- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ ،
لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلاَقٌ ، وَإِنْ مَضَتِ الأََرْبَعَةُ الأََشْهُرِ حَتَّى
يُوقَفَ ، فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1601- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :
أَيُّمَا رَجُلٍ آلَى مِنِ امْرَأَتِهِ ، فَإِنَّهُ إِذَا مَضَتِ الأََرْبَعَةُ
الأََشْهُرِ ، وُقِفَ حَتَّى يُطَلِّقَ أَوْ يَفِيءَ ، وَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ
طَلاَقٌ إِذَا مَضَتِ الأََرْبَعَةُ الأََشْهُرِ حَتَّى يُوقَفَ.
1602- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، وَأَبَا بَكْرِ بْنَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَا يَقُولاَنِ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ
إِنَّهَا إِذَا مَضَتِ الأََرْبَعَةُ الأََشْهُرِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ ،
وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ.
1603- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ
الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي فِي الرَّجُلِ إِذَا آلَى مِنِ امْرَأَتِهِ أَنَّهَا
إِذَا مَضَتِ الأََرْبَعَةُ الأََشْهُرِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ ، وَلَهُ عَلَيْهَا
الرَّجْعَةُ مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ رَأْيُ ابْنِ شِهَابٍ.
1604- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ ، فَيُوقَفُ فَيُطَلِّقُ عِنْدَ انْقِضَاءِ
الأََرْبَعَةِ الأََشْهُرِ ، ثُمَّ يُرَاجِعُ امْرَأَتَهُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ
يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا ، وَلاَ
رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ
سِجْنٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُذْرِ ، فَإِنَّ ارْتِجَاعَهُ إِيَّاهَا
ثَابِتٌ عَلَيْهَا ، فَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ
إِنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الأََرْبَعَةُ الأََشْهُرِ وُقِفَ أَيْضًا
، فَإِنْ لَمْ يَفِئْ دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ بِالْ إِيلاَءِ الأََوَّلِ ،
إِذَا مَضَتِ الأََرْبَعَةُ الأََشْهُرِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ
لأَنَّهُ نَكَحَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَلاَ عِدَّةَ لَهُ
عَلَيْهَا وَلاَ رَجْعَةَ.
1605- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ ، فَيُوقَفُ بَعْدَ الأََرْبَعَةِ الأََشْهُرِ
، فَيُطَلِّقُ ثُمَّ يَرْتَجِعُ وَلاَ يَمَسُّهَا فَتَنْقَضِي أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ
قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، إِنَّهُ لاَ يُوقَفُ وَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلاَقٌ
، وَإِنَّهُ إِنْ أَصَابَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا كَانَ أَحَقَّ
بِهَا ، وَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا ، فَلاَ سَبِيلَ لَهُ
إِلَيْهَا ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
1606- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا
فَتَنْقَضِي الأََرْبَعَةُ الأََشْهُرِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الطَّلاَقِ ،
قَالَ : هُمَا تَطْلِيقَتَانِ إِنْ هُوَ وُقِفَ ، وَلَمْ يَفِئْ وَإِنْ مَضَتْ
عِدَّةُ الطَّلاَقِ قَبْلَ الأََرْبَعَةِ الأََشْهُرِ ، فَلَيْسَ الإِيلاَءُ
بِطَلاَقٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ الأََرْبَعَةَ الأََشْهُرِ الَّتِي كَانَتْ تُوقَفُ
بَعْدَهَا مَضَتْ وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ بِامْرَأَةٍ.
1607- قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَطَأَ امْرَأَتَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا ، ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى
يَنْقَضِيَ أَكْثَرُ مِنَ الأََرْبَعَةِ الأََشْهُرِ ، فَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ
إِيلاَءً ، وَإِنَّمَا يُوقَفُ فِي الإِيلاَءِ مَنْ حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ
الأََرْبَعَةِ الأََشْهُرِ ، فَأَمَّا مَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَطَأَ امْرَأَتَهُ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ ، فَلاَ أَرَى عَلَيْهِ إِيلاَءً
لأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ الأََجَلُ الَّذِي يُوقَفُ عِنْدَهُ خَرَجَ مِنْ يَمِينِهِ
وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَقْفٌ.
1608- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
حَلَفَ لاِمْرَأَتِهِ أَنْ لاَ يَطَأَهَا حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا ، فَإِنَّ
ذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِيلاَءً ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ
سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَرَهُ إِيلاَءً.
7- بَابُ إِيلاَءِ الْعَبْدِ.
1609- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ : عَنْ إِيلاَءِ الْعَبْدِ فَقَالَ :
هُوَ نَحْوُ إِيلاَءِ الْحُرِّ ، وَهُوَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَإِيلاَءُ الْعَبْدِ
شَهْرَانِ.
8- بَابُ ظِهَارِ
الْحُرِّ.
1610- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ ، أَنَّهُ
سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَةً إِنْ هُوَ
تَزَوَّجَهَا ، فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : إِنَّ رَجُلاً جَعَلَ
امْرَأَةً عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ ، إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا فَأَمَرَهُ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا أَنْ لاَ يَقْرَبَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ
كَفَّارَةَ الْمُتَظَاهِرِ.
1611- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانَ
بْنَ يَسَارٍ : عَنْ رَجُلٍ تَظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا ،
فَقَالاَ : إِنْ نَكَحَهَا فَلاَ يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ
الْمُتَظَاهِرِ.
1612- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : فِي رَجُلٍ تَظَاهَرَ
مِنْ أَرْبَعَةِ نِسْوَةٍ لَهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ، إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ
إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
1613- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى
ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
قَالَ مَالِكٌ :
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة]
{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا
، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}.
1614- قالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَتَظَاهَرُ مِنِ امْرَأَتِهِ فِي مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ ، قَالَ :
لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَإِنْ تَظَاهَرَ ثُمَّ كَفَّرَ ،
ثُمَّ تَظَاهَرَ بَعْدَ أَنْ يُكَفِّرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا.
1615- قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ ، ثُمَّ مَسَّهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ لَيْسَ
عَلَيْهِ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَيَكُفُّ عَنْهَا ، حَتَّى يُكَفِّرَ ،
وَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
1616- قَالَ مَالِكٌ : وَال
ظِّهَارُ مِنْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالنَّسَبِ سَوَاءٌ.
1617- قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ ظِهَارٌ.
1618- قَالَ مَالِكٌ : فِي
قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ( وَالَّذِينَ يَظَّاهَرُونَ ) مِنْ
نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا قَالَ : سَمِعْتُ أَنَّ تَفْسِيرَ ذَلِكَ أَنْ يَتَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ
، ثُمَّ يُجْمِعَ عَلَى إِمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا ، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَى
ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ، وَإِنْ طَلَّقَهَا ، وَلَمْ
يُجْمِعْ بَعْدَ تَظَاهُرِهِ مِنْهَا عَلَى إِمْسَاكِهَا ، وَإِصَابَتِهَا فَلاَ
كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَمَسَّهَا ، حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ
الْمُتَظَاهِرِ.
1619- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَتَظَاهَرُ مِنْ أَمَتِهِ ، إِنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُصِيبَهَا
فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا.
1620- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَدْخُلُ عَلَى الرَّجُلِ إِيلاَءٌ فِي تَظَاهُرِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ
مُضَارًّا لاَ يُرِيدُ أَنْ يَفِيءَ مِنْ تَظَاهُرِهِ.
1621- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَسْأَلُ عُرْوَةَ
بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ : كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا
عَلَيْكِ مَا عِشْتِ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ
الزُّبَيْرِ : يُجْزِيهِ عَنْ ذَلِكَ عِتْقُ رَقَبَةٍ.
9- بَابُ ظِهَارِ الْعَبِيدِ.
1622- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ الْعَبْدِ ، فَقَالَ :
نَحْوُ ظِهَارِ الْحُرِّ , قَالَ مَالِكٌ : يُرِيدُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الْحُرِّ.
1623- قَالَ مَالِكٌ :
وَظِهَارُ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ ، وَصِيَامُ الْعَبْدِ فِي الظِّهَارِ
شَهْرَانِ.
1624- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الْعَبْدِ يَتَظَاهَرُ مِنِ امْرَأَتِهِ ، إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِيلاَءٌ
، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ يَصُومُ صِيَامَ كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ ،
دَخَلَ عَلَيْهِ طَلاَقُ الإِيلاَءِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صِيَامِهِ.
10- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْخِيَارِ.
1625- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ الْقَاسِمِ
بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ
فِي بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ ، فَكَانَتْ إِحْدَى السُّنَنِ الثَّلاَثِ :
أَنَّهَا أُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ , وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم وَالْبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ
مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَلَمْ أَرَ
بُرْمَةً فِيهَا لَحْمٌ ؟ فَقَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَكِنْ
ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ
، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ
لَنَا هَدِيَّةٌ.
1626- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الأََمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتَعْتِقُ
إِنَّ الأََمَةَ لَهَا الْخِيَارُ مَا لَمْ يَمَسَّهَا.
1627- قَالَ مَالِكٌ
: وَإِنْ مَسَّهَا
زَوْجُهَا فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَهِلَتْ ، أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ ، فَإِنَّهَا
تُتَّهَمُ وَلاَ تُصَدَّقُ بِمَا ادَّعَتْ مِنَ الْجَهَالَةِ ، وَلاَ خِيَارَ
لَهَا بَعْدَ أَنْ يَمَسَّهَا.
1628- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَوْلاَةً
لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَالُ لَهَا زَبْرَاءُ ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ
عَبْدٍ ، وَهِيَ أَمَةٌ يَوْمَئِذٍ ، فَعَتَقَتْ ، قَالَتْ : فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ
حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَتْنِي ، فَقَالَتْ : إِنِّي
مُخْبِرَتُكِ خَبَرًا ، وَلاَ أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا . إِنَّ أَمْرَكِ
بِيَدِكِ ، مَا لَمْ يَمْسَسْكِ زَوْجُكِ ، فَإِنْ مَسَّكِ فَلَيْسَ لَكِ مِنَ
الأََمْرِ شَيْءٌ . قَالَتْ ، فَقُلْتُ : هُوَ الطَّلاَقُ ثُمَّ الطَّلاَقُ ثُمَّ الطَّلاَقُ
فَفَارَقَتْهُ ثَلاَثًا.
1629- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ ضَرَرٌ ، فَإِنَّهَا
تُخَيَّرُ فَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ ، وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْ.
1630- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الأََمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ ، ثُمَّ تَعْتِقُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا
أَوْ يَمَسَّهَا ، إِنَّهَا إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلاَ صَدَاقَ لَهَا ،
وَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1631- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : إِذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ
امْرَأَتَهُ ، فَاخْتَارَتْهُ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاَقٍ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
1632- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الْمُخَيَّرَةِ إِذَا خَيَّرَهَا زَوْجُهَا ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ، فَقَدْ
طَلُقَتْ ثَلاَثًا ، وَإِنْ قَالَ زَوْجُهَا لَمْ أُخَيِّرْكِ إِلاَّ وَاحِدَةً ،
فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
1633- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ خَيَّرَهَا ، فَقَالَتْ : قَدْ قَبِلْتُ وَاحِدَةً
، وَقَالَ : لَمْ أُرِدْ هَذَا وَإِنَّمَا خَيَّرْتُكِ فِي الثَّلاَثِ جَمِيعًا ،
أَنَّهَا إِنْ لَمْ تَقْبَلْ إِلاَّ وَاحِدَةً ، أَقَامَتْ عِنْدَهُ عَلَى
نِكَاحِهَا ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِرَاقًا.
11- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْخُلْعِ.
1634- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ
الأََنْصَارِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ،
وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ
حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ هَذِهِ ؟ فَقَالَتْ : أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ
سَهْلٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : مَا شَأْنُكِ ؟ قَالَتْ : لاَ أَنَا وَلاَ
ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ لِزَوْجِهَا ، فَلَمَّا جَاءَ زَوْجُهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ
قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ
قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ ، فَقَالَتْ حَبِيبَةُ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ خُذْ مِنْهَا ، فَأَخَذَ مِنْهَا ، وَجَلَسَتْ فِي
بَيْتِ أَهْلِهَا.
1635- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ مَوْلاَةٍ لِصَفِيَّةَ
بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا : اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِكُلِّ شَيْءٍ
لَهَا ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
1636- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُفْتَدِيَةِ
الَّتِي تَفْتَدِي مِنْ زَوْجِهَا أَنَّهُ إِذَا عُلِمَ أَنَّ زَوْجَهَا أَضَرَّ
بِهَا ، وَضَيَّقَ عَلَيْهَا ، وَعُلِمَ أَنَّهُ ظَالِمٌ لَهَا مَضَى الطَّلاَقُ ،
وَرَدَّ عَلَيْهَا مَالَهَا.
قَالَ : فَهَذَا
الَّذِي كُنْتُ أَسْمَعُ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا.
1637- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
بَأْسَ بِأَنْ تَفْتَدِيَ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا
أَعْطَاهَا.
12- بَابُ طَلاَقِ
الْمُخْتَلِعَةِ.
1638- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ رُبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوَّذِ بْنِ عَفْرَاءَ
جَاءَتْ هِيَ وَعَمُّهَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَخْبَرَتْهُ
أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ،
فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ ، وَقَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ.
1639- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ
وَابْنَ شِهَابٍ كَانُوا يَقُولُونَ : عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ مِثْلُ عِدَّةِ
الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثَةُ قُرُوءٍ.
1640- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُفْتَدِيَةِ إِنَّهَا : لاَ تَرْجِعُ إِلَى
زَوْجِهَا إِلاَّ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ، فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا ، فَفَارَقَهَا .
قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مِنَ الطَّلاَقِ الآخَرِ
، وَتَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا الأَُولَى.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
1641- قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا افْتَدَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا ،
فَطَلَّقَهَا طَلاَقًا مُتَتَابِعًا نَسَقًا فَذَلِكَ ثَابِتٌ عَلَيْهِ ، فَإِنْ
كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ صُمَاتٌ فَمَا أَتْبَعَهُ بَعْدَ الصُّمَاتِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
13- بَابُ مَا جَاءَ فِي اللِّعَانِ.
1642- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ
أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِيَّ ، جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ
الأََنْصَارِيِّ ، فَقَالَ لَهُ : يَا عَاصِمُ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ
امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ ؟ سَلْ
لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَ
عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ ، فَكَرِهَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ ، وَعَابَهَا ، حَتَّى كَبُرَ عَلَى
عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ
إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ ، فَقَالَ : يَا عَاصِمُ ، مَاذَا قَالَ لَكَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ لَمْ
تَأْتِنِي بِخَيْرٍ ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا ، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ : وَاللَّهِ لاَ
أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا ، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَ النَّاسِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ
فَتَقْتُلُونَهُ ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ ، وَفِي صَاحِبَتِكَ ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا ، قَالَ
سَهْلٌ ، فَتَلاَعَنَا ، وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم ، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلاَعُنِهِمَا ، قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ
عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا ، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا .
قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ مَالِكٌ :
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَكَانَتْ تِلْكَ بَعْدُ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ.
1643- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
أَنَّ رَجُلاً لاَعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم ، وَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ.
1644- قَالَ مَالِكٌ :
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ
يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ ، فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ
شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ، إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ
لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا
الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ
الْكَاذِبِينَ ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.
1645- قالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُتَلاَعِنَيْنِ لاَ
يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا ، وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ ، وَأُلْحِقَ
بِهِ الْوَلَدُ ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ أَبَدًا ، وَعَلَى هَذَا السُّنَّةُ
عِنْدَنَا الَّتِي لاَ شَكَّ فِيهَا وَلاَ اخْتِلاَفَ.
1646- قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا
فَارَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِرَاقًا بَاتًّا ، لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ
رَجْعَةٌ ، ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا لاَعَنَهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلاً ، وَكَانَ
حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ إِذَا ادَّعَتْهُ ، مَا لَمْ يَأْتِ دُونَ
ذَلِكَ مِنَ الزَّمَانِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ ، فَلاَ يُعْرَفُ أَنَّهُ مِنْهُ.
قَالَ : فَهَذَا
الأََمْرُ عِنْدَنَا وَالَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
1647- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلاَثًا ، وَهِيَ
حَامِلٌ يُقِرُّ بِحَمْلِهَا ، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي قَبْلَ أَنْ
يُفَارِقَهَا ، جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُلاَعِنْهَا ، وَإِنْ أَنْكَرَ حَمْلَهَا
بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلاَثًا لاَعَنَهَا.
قَالَ وَهَذَا
الَّذِي سَمِعْتُ.
1648- قَالَ مَالِكٌ :
وَالْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي قَذْفِهِ وَلِعَانِهِ ، يَجْرِي مَجْرَى
الْحُرِّ فِي مُلاَعَنَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَةً
حَدٌّ.
1649- قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمَةُ الْمُسْلِمَةُ ، وَالْحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْيَهُودِيَّةُ
، تُلاَعِنُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ ، إِذَا تَزَوَّجَ إِحْدَاهُنَّ فَأَصَابَهَا ،
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور] فَهُنَّ مِنَ الأََزْوَاجِ ، وَعَلَى هَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1650- قَالَ مَالِكٌ :
وَالْعَبْدُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ ، أَوِ
الأََمَةَ الْمُسْلِمَةَ ، أَوِ الْحُرَّةَ النَّصْرَانِيَّةَ أَوِ
الْيَهُودِيَّةَ لاَعَنَهَا.
1651- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يُلاَعِنُ امْرَأَتَهُ فَيَنْزِعُ ، وَيُكَذِّبُ نَفْسَهُ بَعْدَ
يَمِينٍ أَوْ يَمِينَيْنِ مَا لَمْ يَلْتَعِنْ فِي الْخَامِسَةِ إِنَّهُ إِذَا
نَزَعَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَعِنَ جُلِدَ الْحَدَّ ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا.
1652- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ، فَإِذَا مَضَتِ الثَّلاَثَةُ الأََشْهُرِ
قَالَتِ الْمَرْأَةُ : أَنَا حَامِلٌ ، قَالَ : إِنْ أَنْكَرَ زَوْجُهَا حَمْلَهَا
لاَعَنَهَا.
1653- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الأََمَةِ الْمَمْلُوكَةِ يُلاَعِنُهَا زَوْجُهَا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا ، إِنَّهُ
لاَ يَطَؤُهَا ، وَإِنْ مَلَكَهَا وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ أَنَّ الْمُتَلاَعِنَيْنِ
لاَ يَتَرَاجَعَانِ أَبَدًا.
1654- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا لاَعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ
يَدْخُلَ بِهَا ، فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ نِصْفُ الصَّدَاقِ.
14- بَابُ مِيرَاثِ وَلَدِ
الْمُلاَعَنَةِ.
1655- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَقُولُ
فِي وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ ، وَوَلَدِ الزِّنَا إِنَّهُ إِذَا مَاتَ وَرِثَتْهُ
أُمُّهُ ، حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ
حُقُوقَهُمْ ، وَيَرِثُ الْبَقِيَّةَ مَوَالِي أُمِّهِ ، إِنْ كَانَتْ مَوْلاَةً ،
وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَرِثَتْ حَقَّهَا ، وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ
، وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ.
1656- قَالَ مَالِكٌ :
وَبَلَغَنِي عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ
الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
15- بَابُ طَلاَقِ
الْبِكْرِ.
1657- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
ثَوْبَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ ، أَنَّهُ قَالَ :
طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، ثُمَّ بَدَا
لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا ، فَجَاءَ يَسْتَفْتِي ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ أَسْأَلُ لَهُ ،
فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالاَ :
لاَ نَرَى أَنْ تَنْكِحَهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ ، قَالَ :
فَإِنَّمَا طَلاَقِي إِيَّاهَا وَاحِدَةٌ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّكَ
أَرْسَلْتَ مِنْ يَدِكَ مَا كَانَ لَكَ مِنْ فَضْلٍ.
1658- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأََشَجِّ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي
عَيَّاشٍ الأََنْصَارِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ
رَجُلٌ يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ
ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ؟ قَالَ عَطَاءٌ فَقُلْتُ : إِنَّمَا طَلاَقُ الْبِكْرِ وَاحِدَةٌ ، فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : إِنَّمَا أَنْتَ قَاصٌّ الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا ، وَالثَّلاَثَةُ
تُحَرِّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
1659- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الأََشَجِّ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ
الأََنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ فَجَاءَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ فَقَالَ : إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ
طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، فَمَاذَا تَرَيَانِ ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّ هَذَا الأََمْرَ مَا لَنَا فِيهِ قَوْلٌ
، فَاذْهَبْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنِّي
تَرَكْتُهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ ، فَسَلْهُمَا ثُمَّ ائْتِنَا فَأَخْبِرْنَا ،
فَذَهَبَ فَسَأَلَهُمَا ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لأَبِي هُرَيْرَةَ : أَفْتِهِ
يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَدْ جَاءَتْكَ مُعْضِلَةٌ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ :
الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا ، وَالثَّلاَثَةُ تُحَرِّمُهَا ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا
غَيْرَهُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1660- وَالثَّيِّبُ إِذَا مَلَكَهَا الرَّجُلُ فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ،
أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْبِكْرِ . الْوَاحِدَةُ تَبِينُهَا ، وَالثَّلاَثُ تَحْرِمُهَا
حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
16- بَابُ طَلاَقِ
الْمَرِيضِ.
1661- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَوْفٍ ، قَالَ وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.
1662- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، أَنَّ
عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَرَّثَ نِسَاءَ ابْنِ مُكْمِلٍ مِنْهُ ، وَكَانَ
طَلَّقَهُنَّ وَهُوَ مَرِيضٌ.
1663- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، يَقُولُ : بَلَغَنِي أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عَوْفٍ سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ، فَقَالَ : إِذَا حِضْتِ ثُمَّ
طَهُرْتِ فَآذِنِينِي ، فَلَمْ تَحِضْ حَتَّى مَرِضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
عَوْفٍ ، فَلَمَّا طَهُرَتْ آذَنَتْهُ فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ أَوْ تَطْلِيقَةً
لَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا مِنَ الطَّلاَقِ غَيْرُهَا ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بْنُ
عَفَّانَ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.
1664- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ
، قَالَ : كَانَتْ عِنْدَ جَدِّي حَبَّانَ امْرَأَتَانِ هَاشِمِيَّةٌ ، وَأَنْصَارِيَّةٌ
، فَطَلَّقَ الأََنْصَارِيَّةَ ، وَهِيَ تُرْضِعُ فَمَرَّتْ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ
هَلَكَ عَنْهَا ، وَلَمْ تَحِضْ ، فَقَالَتْ : أَنَا أَرِثُهُ لَمْ أَحِضْ ، فَاخْتَصَمَتَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
: فَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ ، فَلاَمَتِ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ فَقَالَ :
هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّكِ هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ
أَبِي طَالِبٍ.
1665- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ ، يَقُولُ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ
ثَلاَثًا وَهُوَ مَرِيضٌ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ.
1666- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ
الصَّدَاقِ ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ ، وَلاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا ، وَإِنْ دَخَلَ
بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ ، وَالْمِيرَاثُ الْبِكْرُ
وَالثَّيِّبُ فِي هَذَا عِنْدَنَا سَوَاءٌ.
17- بَابُ مَا جَاءَ فِي مُتْعَةِ الطَّلاَقِ.
1667- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ
امْرَأَةً لَهُ فَمَتَّعَ بِوَلِيدَةٍ.
1668- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :
لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إِلاَّ الَّتِي تُطَلَّقُ ، وَقَدْ فُرِضَ لَهَا
صَدَاقٌ ، وَلَمْ تُمْسَ فَحَسْبُهَا نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا.
1669- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ : لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ.
1670- قَالَ مَالِكٌ :
وَبَلَغَنِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
1671- قَالَ مَالِكٌ :
لَيْسَ لِلْمُتْعَةِ عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ فِي قَلِيلِهَا وَلاَ كَثِيرِهَا.
18- بَابُ مَا جَاءَ فِي طَلاَقِ الْعَبْدِ.
1672- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ
نُفَيْعًا مُكَاتَبًا كَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم أَوْ عَبْدًا لَهَا كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَطَلَّقَهَا
اثْنَتَيْنِ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا ، فَأَمَرَهُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَيَسْأَلَهُ عَنْ
ذَلِكَ ، فَلَقِيَهُ عِنْدَ الدَّرَجِ آخِذًا بِيَدِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَسَأَلَهُمَا
فَابْتَدَرَاهُ جَمِيعًا فَقَالاَ : حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَرُمَتْ عَلَيْكَ.
1673- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ نُفَيْعًا
مُكَاتَبًا كَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ امْرَأَةً
حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ ، فَاسْتَفْتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ :
حَرُمَتْ عَلَيْكَ.
1674- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا كَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ
زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتَفْتَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ :
إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَةً حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ
: حَرُمَتْ عَلَيْكَ.
1675- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
كَانَ يَقُولُ : إِذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَدْ
حَرُمَتْ عَلَيْهِ ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ : حُرَّةً كَانَتْ أَوْ
أَمَةً ، وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلاَثُ حِيَضٍ ، وَعِدَّةُ الأََمَةِ حَيْضَتَانِ.
1676- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ
: مَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ
أَنْ يَنْكِحَ ، فَالطَّلاَقُ بِيَدِ الْعَبْدِ ، لَيْسَ بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ
طَلاَقِهِ شَيْءٌ ، فَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ أَمَةَ غُلاَمِهِ ، أَوْ
أَمَةَ وَلِيدَتِهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ.
19- بَابُ نَفَقَةِ
الأََمَةِ إِذَا طُلِّقَتْ وَهِيَ حَامِلٌ.
1677- قَالَ مَالِكٌ :
لَيْسَ عَلَى حُرٍّ وَلاَ عَبْدٍ طَلَّقَا مَمْلُوكَةً ، وَلاَ عَلَى عَبْدٍ
طَلَّقَ حُرَّةً طَلاَقًا بَائِنًا ، نَفَقَةٌ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً إِذَا لَمْ
يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ.
1678- قَالَ مَالِكٌ :
وَلَيْسَ عَلَى حُرٍّ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لاِبْنِهِ ، وَهُوَ عَبْدُ قَوْمٍ
آخَرِينَ ، وَلاَ عَلَى عَبْدٍ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَا يَمْلِكُ
سَيِّدُهُ إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.
20- بَابُ عِدَّةِ الَّتِي تَفْقِدُ زَوْجَهَا.
1679- حَدَّثَنِي يحيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : أَيُّمَا امْرَأَةٍ فَقَدَتْ زَوْجَهَا فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ هُوَ ؟ فَإِنَّهَا
تَنْتَظِرُ أَرْبَعَ سِنِينَ ، ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
ثُمَّ تَحِلُّ.
1680- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ، فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا أَوْ
لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، فَلاَ سَبِيلَ لِزَوْجِهَا الأََوَّلِ إِلَيْهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا ، وَإِنْ أَدْرَكَهَا زَوْجُهَا ، قَبْلَ أَنْ
تَتَزَوَّجَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا.
1681- قَالَ مَالِكٌ :
وَأَدْرَكْتُ النَّاسَ يُنْكِرُونَ الَّذِي قَالَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : يُخَيَّرُ زَوْجُهَا الأََوَّلُ إِذَا جَاءَ فِي
صَدَاقِهَا أَوْ فِي امْرَأَتِهِ.
1682- قَالَ مَالِكٌ :
وَبَلَغَنِي ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : فِي الْمَرْأَةِ
يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا ، ثُمَّ يُرَاجِعُهَا ، فَلاَ
يَبْلُغُهَا رَجْعَتُهُ ، وَقَدْ بَلَغَهَا طَلاَقُهُ إِيَّاهَا ، فَتَزَوَّجَتْ
أَنَّهُ إِنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الآخَرُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، فَلاَ
سَبِيلَ لِزَوْجِهَا الأََوَّلِ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا إِلَيْهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذَا وَفِي الْمَفْقُودِ.
21- بَابُ مَا جَاءَ فِي الأََقْرَاءِ وَعِدَّةِ الطَّلاَقِ وَطَلاَقِ
الْحَائِضِ.
1683- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ ، وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ
، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ، ثُمَّ
يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ، ثُمَّ تَحِيضَ ، ثُمَّ تَطْهُرَ ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ
أَمْسَكَ بَعْدُ ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ ، قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ
الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ.
1684- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ
أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ
الثَّالِثَةِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ
فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَتْ
: صَدَقَ عُرْوَةُ
وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ نَاسٌ ، فَقَالُوا : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} فَقَالَتْ عَائِشَةُ : صَدَقْتُمْ ، تَدْرُونَ مَا الأََقْرَاءُ ؟
إِنَّمَا الأََقْرَاءُ الأََطْهَارُ.
1685- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ
أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ : مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ
فُقَهَائِنَا إِلاَّ وَهُوَ يَقُولُ هَذَا يُرِيدُ قَوْلَ عَائِشَةَ.
1686- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
أَنَّ الأََحْوَصَ هَلَكَ بِالشَّامِ ، حِينَ دَخَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي الدَّمِ
مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ
بْنُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ
فَكَتَبَ إِلَيْهِ زَيْدٌ إِنَّهَا : إِذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، فَقَدْ بَرِئَتْ
مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلاَ تَرِثُهُ وَلاَ يَرِثُهَا.
1687- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، وَابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ :
إِذَا دَخَلَتِ الْمُطَلَّقَةُ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ،
فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا ، وَلاَ مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَلاَ رَجْعَةَ لَهُ
عَلَيْهَا.
1688- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ، فَدَخَلَتْ
فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ، وَبَرِئَ
مِنْهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهُوَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1689- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ ،
أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، كَانَا
يَقُولاَنِ : إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ
الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَحَلَّتْ.
1690- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَابْنِ شِهَابٍ ،
وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : عِدَّةَ
الْمُخْتَلِعَةِ ثَلاَثَةُ قُرُوءٍ.
1691- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ :
عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ الأََقْرَاءُ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ.
1692- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأََنْصَارِ أَنَّ
امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ الطَّلاَقَ ، فَقَالَ لَهَا : إِذَا حِضْتِ فَآذِنِينِي ،
فَلَمَّا حَاضَتْ آذَنَتْهُ ، فَقَالَ : إِذَا طَهُرْتِ فَآذِنِينِي ، فَلَمَّا طَهُرَتْ آذَنَتْهُ
فَطَلَّقَهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
22- بَابُ مَا جَاءَ فِي
عِدَّةِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا إِذَا طُلِّقَتْ فِيهِ.
1693- حَدَّثَنِي يَحْيَى
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ
سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ
الْبَتَّةَ ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ ، فَأَرْسَلَتْ
عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ
أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فقَالَتِ : اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى
بَيْتِهَا ، فَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ ، إِنَّ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي ، وَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ ، أَوَمَا
بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : لاَ يَضُرُّكَ أَنْ
لاَ تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ ، فَقَالَ مَرْوَانُ : إِنْ كَانَ بِكِ الشَّرُّ
فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ.
1694- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ بِنْتَ سَعِيدِ
بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ فَانْتَقَلَتْ ،
فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
1695- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ
فِي مَسْكَنِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَكَانَ طَرِيقَهُ
إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَكَانَ يَسْلُكُ الطَّرِيقَ الأَُخْرَى مِنْ أَدْبَارِ
الْبُيُوتِ ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهَا حَتَّى رَاجَعَهَا.
1696- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ
عَنِ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا ، وَهِيَ فِي بَيْتٍ بِكِرَاءٍ عَلَى
مَنِ الْكِرَاءُ ؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : عَلَى زَوْجِهَا ، قَالَ :
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ زَوْجِهَا ؟ قَالَ : فَعَلَيْهَا ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ
يَكُنْ عِنْدَهَا ؟ قَالَ : فَعَلَى الأََمِيرِ.
23- بَابُ مَا جَاءَ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ.
1697- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ ، مَوْلَى الأََسْوَدِ بْنِ
سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ
، وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ
فَسَخِطَتْهُ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ ، فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ
نَفَقَةٌ ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ، ثُمَّ قَالَ :
تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي ، اعْتَدِّي عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ
أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ ، فَإِذَا
حَلَلْتِ فَآذِنِينِي ، قَالَتْ : فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ
مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمِ بْنَ هِشَامٍ خَطَبَانِي ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ
عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ ، لاَ مَالَ لَهُ ، انْكِحِي
أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ، قَالَتْ : فَكَرِهْتُهُ ، ثُمَّ قَالَ
: انْكِحِي أُسَامَةَ
بْنَ زَيْدٍ فَنَكَحْتُهُ ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا ، وَاغْتَبَطْتُ
بِهِ.
1698- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ : الْمَبْتُوتَةُ لاَ تَخْرُجُ
مِنْ بَيْتِهَا ، حَتَّى تَحِلَّ ، وَلَيْسَتْ لَهَا نَفَقَةٌ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ
حَامِلاً ، فَيُنْفَقُ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.
24- بَابُ مَا جَاءَ فِي عِدَّةِ الأََمَةِ مِنْ طَلاَقِ زَوْجِهَا.
1699- قَالَ مالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي طَلاَقِ الْعَبْدِ الأََمَةَ ، إِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ
أَمَةٌ ، ثُمَّ عَتَقَتْ بَعْدُ ، فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الأََمَةِ ، لاَ يُغَيِّرُ
عِدَّتَهَا عِتْقُهَا ، كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ ، أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ
عَلَيْهَا رَجْعَةٌ . لاَ تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا.
1700- قَالَ مَالِكٌ :
وَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَدُّ يَقَعُ عَلَى الْعَبْدِ ، ثُمَّ يَعْتِقُ بَعْدَ أَنْ
يَقَعَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، فَإِنَّمَا حَدُّهُ حَدُّ عَبْدٍ.
1701- قَالَ مَالِكٍ
: وَالْحُرُّ يُطَلِّقُ
الأََمَةَ ثَلاَثًا ، وَتَعْتَدُّ بِحَيْضَتَيْنِ ، وَالْعَبْدُ يُطَلِّقُ
الْحُرَّةَ تَطْلِيقَتَيْنِ ، وَتَعْتَدُّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ.
1702- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ تَكُونُ تَحْتَهُ الأََمَةُ ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا فَيَعْتِقُهَا ،
إِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الأََمَةِ حَيْضَتَيْنِ ، مَا لَمْ يُصِبْهَا ، فَإِنْ
أَصَابَهَا بَعْدَ مِلْكِهِ إِيَّاهَا قَبْلَ عِتَاقِهَا ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا إِلاَّ
الاِسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ.
25- بَابُ جَامِعِ عِدَّةِ الطَّلاَقِ.
1703- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ :
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَيُّمَا امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ،
ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا ، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ
بَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ ، وَإِلاَّ اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ
ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَلَّتْ.
1704- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ : الطَّلاَقُ لِلرِّجَالِ ، وَالْعِدَّةُ لِلنِّسَاءِ.
1705- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ :
عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ.
1706- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي تَرْفَعُهَا حَيْضَتُهَا حِينَ
يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا ، أَنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ لَمْ
تَحِضْ فِيهِنَّ اعْتَدَّتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ
الأََشْهُرَ الثَّلاَثَةَ ، اسْتَقْبَلَتِ الْحَيْضَ ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهَا
تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ ، اعْتَدَّتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ
حَاضَتِ الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الأََشْهُرَ الثَّلاَثَةَ ،
اسْتَقْبَلَتِ الْحَيْضَ ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ
تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ حَاضَتِ الثَّالِثَةَ كَانَتْ
قَدِ اسْتَكْمَلَتْ عِدَّةَ الْحَيْضِ ، فَإِنْ لَمْ تَحِضِ اسْتَقْبَلَتْ ثَلاَثَةَ
أَشْهُرٍ ، ثُمَّ حَلَّتْ ، وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الرَّجْعَةُ
قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَتَّ طَلاَقَهَا.
1707- قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ ، وَلَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ ، فَاعْتَدَّتْ بَعْضَ عِدَّتِهَا ثُمَّ
ارْتَجَعَهَا ، ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ، أَنَّهَا لاَ تَبْنِي
عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا ، وَأَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ مِنْ يَوْمَ
طَلَّقَهَا عِدَّةً مُسْتَقْبَلَةً ، وَقَدْ ظَلَمَ زَوْجُهَا نَفْسَهُ ،
وَأَخْطَأَ إِنْ كَانَ ارْتَجَعَهَا وَلاَ حَاجَةَ لَهُ بِهَا.
1708- قَالَ مَالِكٌ
: وَالأََمْرُ
عِنْدَنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ ، وَزَوْجُهَا كَافِرٌ ، ثُمَّ
أَسْلَمَ ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا ، فَإِنِ انْقَضَتْ
عِدَّتُهَا فَلاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ
عِدَّتِهَا ، لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ طَلاَقًا وَإِنَّمَا فَسَخَهَا مِنْهُ
الإِسْلاَمُ بِغَيْرِ طَلاَقٍ.
26- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْحَكَمَيْنِ.
1709- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : فِي
الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ
بَيْنِهِمَا ، فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ ، وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ،
إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا ، يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء] : إِنَّ إِلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَالْاجْتِمَاعَ.
1710- قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ ، أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ قَوْلُهُمَا بَيْنَ الرَّجُلِ
وَامْرَأَتِهِ فِي الْفُرْقَةِ وَالْاجْتِمَاعِ.
27- بَابُ مَا جَاءَ فِي
يَمِينِ الرَّجُلِ بِطَلاَقِ مَا لَمْ يَنْكِحْ.
1711- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، وَعَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ
اللَّهِ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، وَابْنَ شِهَابٍ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ
يَسَارٍ : كَانُوا يَقُولُونَ : إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِطَلاَقِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ أَنْ
يَنْكِحَهَا ، ثُمَّ أَثِمَ إِنَّ ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ إِذَا نَكَحَهَا.
1712- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ :
فِيمَنْ قَالَ : كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ، إِنَّهُ إِذَا لَمْ
يُسَمِّ قَبِيلَةً أَوِ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
1713- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ أَنْتِ الطَّلاَقُ ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ
أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ، وَمَالُهُ صَدَقَةٌ ، إِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا
وَكَذَا ، فَحَنِثَ قَالَ : أَمَّا نِسَاؤُهُ فَطَلاَقٌ كَمَا قَالَ ، وَأَمَّا
قَوْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ
يُسَمِّ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا ، أَوْ قَبِيلَةً ، أَوْ أَرْضًا أَوْ نَحْوَ هَذَا
، فَلَيْسَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ ، وَلْيَتَزَوَّجْ مَا شَاءَ وَأَمَّا مَالُهُ
فَلْيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِهِ.
28- بَابُ أَجَلِ الَّذِي لاَ يَمَسُّ امْرَأَتَهُ.
1714- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ : مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا ،
فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ سَنَةً ، فَإِنْ مَسَّهَا وَإِلاَّ فُرِّقَ
بَيْنَهُمَا.
1715- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ مَتَى يُضْرَبُ لَهُ الأََجَلُ ؟ أَمِنْ
يَوْمِ يَبْنِي بِهَا ؟ أَمْ مِنْ يَوْمِ تُرَافِعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ ؟
فَقَالَ : بَلْ مِنْ يَوْمِ تُرَافِعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ.
1716- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الَّذِي قَدْ مَسَّ امْرَأَتَهُ ، ثُمَّ اعْتَرَضَ عَنْهَا ، فَإِنِّي
لَمْ أَسْمَعْ أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا.
29- بَابُ جَامِعِ
الطَّلاَقِ.
1717- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى
، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ : بَلَغَنِي ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ
عَشْرُ نِسْوَةٍ ، حِينَ أَسْلَمَ الثَّقَفِيُّ : أَمْسِكْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا
وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ.
1718- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ :
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَحُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ
وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ
يَقُولُ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ : أَيُّمَا امْرَأَةٍ
طَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى
تَحِلَّ ، وَتَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، فَيَمُوتَ عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا
ثُمَّ يَنْكِحُهَا زَوْجُهَا الأََوَّلُ ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ
مِنْ طَلاَقِهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا.
1719- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الأََحْنَفِ ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ وَلَدٍ
لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : فَدَعَانِي عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَجِئْتُهُ
فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَإِذَا سِيَاطٌ مَوْضُوعَةٌ ، وَإِذَا قَيْدَانِ مِنْ
حَدِيدٍ ، وَعَبْدَانِ لَهُ قَدْ أَجْلَسَهُمَا ، فَقَالَ : طَلِّقْهَا وَإِلاَّ
وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ فَعَلْتُ بِكَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : فَقُلْتُ : هِيَ
الطَّلاَقُ أَلْفًا.
قَالَ :
فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، فَأَدْرَكْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بِطَرِيقِ
مَكَّةَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِي ، فَتَغَيَّظَ عَبْدُ
اللَّهِ ، وَقَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاَقٍ ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْكَ
، فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ ، قَالَ : فَلَمْ تُقْرِرْنِي نَفْسِي ، حَتَّى
أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ أَمِيرٌ
عَلَيْهَا ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِي ، وَبِالَّذِي قَالَ لِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ :
لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْكَ فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ ، وَكَتَبَ إِلَى جَابِرِ بْنِ
الأََسْوَدِ الزُّهْرِيِّ ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ يَأْمُرُهُ أَنْ
يُعَاقِبَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنِي
وَبَيْنَ أَهْلِي ، قَالَ : فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ ، فَجَهَّزَتْ صَفِيَّةُ امْرَأَةُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ امْرَأَتِي حَتَّى أَدْخَلَتْهَا عَلَيَّ بِعِلْمِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُمَرَ ثُمَّ دَعَوْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَوْمَ عُرْسِي
لِوَلِيمَتِي فَجَاءَنِي.
1720- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ عُمَرَ : قَرَأَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ
فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق] لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ.
قَالَ مَالِكٌ :
يَعْنِي بِذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَ فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً.
1721- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ
أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا
قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ طَلَّقَهَا
أَلْفَ مَرَّةٍ فَعَمَدَ رَجُلٌ إِلَى امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا حَتَّى إِذَا
شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا ، ثُمَّ قَالَ لاَ
وَاللَّهِ لاَ آوِيكِ إِلَيَّ ، وَلاَ تَحِلِّينَ أَبَدًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ، فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ
بِإِحْسَانٍ} فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلاَقَ جَدِيدًا مِنْ يَوْمِئِذٍ ، مَنْ
كَانَ طَلَّقَ مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ.
1722- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ ، أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ
ثُمَّ يُرَاجِعُهَا ، وَلاَ حَاجَةَ لَهُ بِهَا ، وَلاَ يُرِيدُ إِمْسَاكَهَا
كَيْمَا يُطَوِّلُ بِذَلِكَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ لِيُضَارَّهَا ، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ
يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} يَعِظُهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ.
1723- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ
سُئِلاَ عَنْ طَلاَقِ السَّكْرَانِ ؟ فَقَالاَ : إِذَا طَلَّقَ السَّكْرَانُ جَازَ طَلاَقُهُ ، وَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ
بِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1724- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
كَانَ يَقُولُ : إِذَا لَمْ يَجِدِ الرَّجُلُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ
فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
30- بَابُ عِدَّةِ
الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلاً.
1725- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ
الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
: آخِرَ الأََجَلَيْنِ
، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : إِذَا وَلَدَتْ فَقَدْ حَلَّتْ , فَدَخَلَ أَبُو
سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : وَلَدَتْ
سُبَيْعَةُ الأََسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ ،
فَخَطَبَهَا رَجُلاَنِ : أَحَدُهُمَا شَابٌّ ، وَالآخَرُ كَهْلٌ ، فَحَطَّتْ إِلَى
الشَّابِّ ، فَقَالَ الشَّيْخُ : لَمْ تَحِلِّي بَعْدُ ، وَكَانَ أَهْلُهَا
غَيَبًا ، وَرَجَا إِذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا فَجَاءَتْ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : قَدْ حَلَلْتِ ، فَانْكِحِي مَنْ
شِئْتِ.
1726- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : إِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَدْ حَلَّتْ ,
فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأََنْصَارِ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ قَالَ : لَوْ وَضَعَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ لَمْ يُدْفَنْ
بَعْدُ ، لَحَلَّتْ.
1727- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مَخْرَمَةَ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ الأََسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ
بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ.
1728- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تُنْفَسُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ ،
فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ : إِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا ، فَقَدْ حَلَّتْ ،
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : آخِرَ الأََجَلَيْنِ ، فَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ
: فَقَالَ : أَنَا مَعَ
ابْنِ أَخِي يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ , فَبَعَثُوا كُرَيْبًا مَوْلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ ، فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا قَالَتْ :
ولدت سُبَيْعَةُ الأََسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ ،
فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : قَدْ حَلَلْتِ
فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ.
قَالَ مالِكٍ :
وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ عِنْدَنَا.
31- بَابُ مَقَامِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتِهَا حَتَّى
تَحِلَّ.
1729- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، عَنْ
عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ
مَالِكِ بنِ سِنَانٍ وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَخْبَرَتْهَا :
أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ أَنْ
تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ ، فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي
طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ
فَقَتَلُوهُ ، قَالَتْ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ
أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي فِي بَنِي خُدْرَةَ ، فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي
فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ ، وَلاَ نَفَقَةٍ ، قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : نَعَمْ ، قَالَتْ : فَانْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ نَادَانِي رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَمَرَ بِي فَنُودِيتُ لَهُ فَقَالَ
: كَيْفَ قُلْتِ ؟
فَرَدَّدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ لَهُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي ،
فَقَالَ : امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ، قَالَتْ :
فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ ، فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ ،
فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ.
1730- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ : كَانَ يَرُدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ مِنَ
الْبَيْدَاءِ ، يَمْنَعُهُنَّ الْحَجَّ.
1731- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ
خَبَّابٍ تُوُفِّيَ ، وَإِنَّ امْرَأَتَهُ جَاءَتْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ ، فَذَكَرَتْ لَهُ وَفَاةَ زَوْجِهَا ، وَذَكَرَتْ لَهُ حَرْثًا لَهُمْ بِقَنَاةَ
، وَسَأَلَتْهُ : هَلْ يَصْلُحُ لَهَا أَنْ تَبِيتَ فِيهِ ؟ فَنَهَاهَا عَنْ
ذَلِكَ ، فَكَانَتْ تَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ سَحَرًا فَتُصْبِحُ فِي حَرْثِهِمْ
، فَتَظَلُّ فِيهِ يَوْمَهَا ، ثُمَّ تَدْخُلُ الْمَدِينَةَ إِذَا أَمْسَتْ
فَتَبِيتُ فِي بَيْتِهَا.
1732- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : فِي الْمَرْأَةِ
الْبَدَوِيَّةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ، إِنَّهَا تَنْتَوِي حَيْثُ
انْتَوَى أَهْلُهَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1733- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لاَ تَبِيتُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ، وَلاَ
الْمَبْتُوتَةُ إِلاَّ فِي بَيْتِهَا.
32- بَابُ عِدَّةِ أُمِّ
الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا.
1734- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ
بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ : إِنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَرَّقَ بَيْنَ
رِجَالٍ وَبَيْنَ نِسَائِهِمْ ، وَكُنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلاَدِ رِجَالٍ هَلَكُوا ،
فَتَزَوَّجُوهُنَّ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ ،
حَتَّى يَعْتَدِدْنَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ : سُبْحَانَ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ
مِنْكُمْ ، وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} مَا هُنَّ مِنَ الأََزْوَاجِ.
1735- ، وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ
عَنْهَا سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ.
1736- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهُوَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَعِدَّتُهَا ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ.
33- بَابُ عِدَّةِ الأََمَةِ إِذَا تُوُفِّيَ سَيِّدُهَا أَوْ زَوْجُهَا.
1737- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ
بْنَ يَسَارٍ كَانَا يَقُولاَنِ : عِدَّةُ الأََمَةِ إِذَا هَلَكَ عَنْهَا
زَوْجُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ.
1738- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَ ذَلِكَ.
1739- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الْعَبْدِ يُطَلِّقُ الأََمَةَ طَلاَقًا لَمْ يَبُتَّهَا فِيهِ ، لَهُ عَلَيْهَا
فِيهِ الرَّجْعَةُ ثُمَّ يَمُوتُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلاَقِهِ ، إِنَّهَا
تَعْتَدُّ عِدَّةَ الأََمَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ
لَيَالٍ ، وَإِنَّهَا إِنْ عَتَقَتْ وَلَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ ، ثُمَّ لَمْ
تَخْتَرْ فِرَاقَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ حَتَّى يَمُوتَ ، وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ
طَلاَقِهِ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْحُرَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، وَذَلِكَ أَنَّهَا إِنَّمَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ
الْوَفَاةِ بَعْدَمَا عَتَقَتْ فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وهَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.
34- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ.
1740- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، أَنَّهُ قَالَ : دَخَلْتُ
الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ ،
فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ ؟ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : خَرَجْنَا
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ
فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ ،
وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ ، وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ ، فَأَرَدْنَا
أَنْ نَعْزِلَ ، فَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ
أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : مَا
عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا ، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ إِلاَّ وَهِيَ كَائِنَةٌ.
1741- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَامِرِ
بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ : كَانَ يَعْزِلُ.
1742- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ
بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ
الأََنْصَارِيِّ ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لأَبِي أَيُّوبَ الأََنْصَارِيِّ أَنَّهُ :
كَانَ يَعْزِلُ.
1743- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ : كَانَ لاَ
يَعْزِلُ ، وَكَانَ يَكْرَهُ الْعَزْلَ.
1744- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ غَزِيَّةَ ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
فَجَاءَهُ ابْنُ قَهْدٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ، فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ
إِنَّ عِنْدِي جَوَارِيَ لِي ، لَيْسَ نِسَائِي اللاَّتِي أُكِنُّ بِأَعْجَبَ
إِلَيَّ مِنْهُنَّ ، وَلَيْسَ كُلُّهُنَّ يُعْجِبُنِي ، أَنْ تَحْمِلَ مِنِّي
أَفَأَعْزِلُ ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : أَفْتِهِ يَا حَجَّاجُ ، قَالَ
فَقُلْتُ : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ، إِنَّمَا نَجْلِسُ عِنْدَكَ لِنَتَعَلَّمَ
مِنْكَ ، قَالَ : أَفْتِهِ ، قَالَ فَقُلْتُ : هُوَ حَرْثُكَ إِنْ شِئْتَ سَقَيْتَهُ
، وَإِنْ شِئْتَ أَعْطَشْتَهُ ، قَالَ : وَكُنْتُ أَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْ زَيْدٍ ،
فَقَالَ زَيْدٌ : صَدَقَ.
1745- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ،
عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ ذَفِيفٌ ، أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْعَزْلِ
فَدَعَا جَارِيَةً لَهُ ، فَقَالَ : أَخْبِرِيهِمْ فَكَأَنَّهَا اسْتَحْيَتْ ،
فَقَالَ : هُوَ ذَلِكَ أَمَّا أَنَا فَأَفْعَلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَعْزِلُ.
1746- قَالَ مَالِكٌ لاَ يَعْزِلُ
الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ إِلاَّ بِإِذْنِهَا وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ
أَمَتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَمَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةُ قَوْمٍ فَلاَ
يَعْزِلُ إِلاَّ بِإِذْنِهِمْ.
35- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الإِحْدَادِ.
1747- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي
سَلَمَةَ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الأََحَادِيثَ الثَّلاَثَةَ : قَالَتْ
زَيْنَبُ : دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ
بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ بِهِ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَحَتْ
بِعَارِضَيْهَا ، ثُمَّ قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ ،
غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : لاَ يَحِلُّ
لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيْتٍ
فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
1748- قَالَتْ زَيْنَبُ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا ، فَدَعَتْ بِطِيبٍ
فَمَسَّتْ مِنْهُ ، ثُمَّ قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ حَاجَةٌ ،
غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : لاَ يَحِلُّ
لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيْتٍ فَوْقَ
ثَلاَثِ لَيَالٍ ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
1749- قَالَتْ زَيْنَبُ :
وَسَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ :
جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا ، وَقَدِ اشْتَكَتْ
عَيْنَيْهَا أَفَتَكْحُلُهُمَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
لاَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ : لاَ ثُمَّ قَالَ : إِنَّمَا
هِيَ {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ.
قَالَ حُمَيْدُ بْنُ
نَافِعٍ : فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ : وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ
الْحَوْلِ ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ : كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا ، دَخَلَتْ
حِفْشًا ، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا ، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا ، وَلاَ شَيْئًا حَتَّى
تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ
فَتَفْتَضُّ بِهِ ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلاَّ مَاتَ ، ثُمَّ تَخْرُجُ
فَتُعْطَى بَعْرَةً ، فَتَرْمِي بِهَا ، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ
طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ.
قَالَ مالِكٍ :
وَالْحِفْشُ : الْبَيْتُ الرَّدِيءُ ، وَتَفْتَضُّ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا
كَالنُّشْرَةِ.
1750- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيْتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ.
1751- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ
زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ لاِمْرَأَةٍ حَادٍّ عَلَى زَوْجِهَا
، اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ مِنْهَا : اكْتَحِلِي بِكُحْلِ
الْجِلاَءِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ.
1752- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَسُلَيْمَانَ
بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولاَنِ فِي الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا
زَوْجُهَا : إِنَّهَا إِذَا خَشِيَتْ عَلَى بَصَرِهَا مِنْ رَمَدٍ ، أَوْ شَكْوٍ
أَصَابَهَا ، إِنَّهَا تَكْتَحِلُ ، وَتَتَدَاوَى بِدَوَاءٍ أَوْ كُحْلٍ وَإِنْ
كَانَ فِيهِ طِيبٌ.
1753- قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا كَانَتِ الضَّرُورَةُ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ
يُسْرٌ.
1754- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ اشْتَكَتْ
عَيْنَيْهَا ، وَهِيَ حَادٌّ عَلَى زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : فَلَمْ
تَكْتَحِلْ حَتَّى كَادَتْ عَيْنَاهَا تَرْمَصَانِ.
1755- قَالَ مَالِكٌ :
تَدَّهِنُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ، بِالزَّيْتِ وَالشَّيْرَقِ ، وَمَا
أَشْبَهَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ.
1756- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الْحَادُّ عَلَى زَوْجِهَا شَيْئًا مِنَ الْحَلْيِ :
خَاتَمًا وَلاَ خَلْخَالاً وَلاَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْحَلْيِ ، وَلاَ تَلْبَسُ
شَيْئًا مِنَ الْعَصْبِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَصْبًا غَلِيظًا ، وَلاَ تَلْبَسُ ثَوْبًا
مَصْبُوغًا بِشَيْءٍ مِنَ الصِّبْغِ إِلاَّ بِالسَّوَادِ ، وَلاَ تَمْتَشِطُ
إِلاَّ بِالسِّدْرِ ، وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لاَ يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا.
1757- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ
سَلَمَةَ ، وَهِيَ حَادٌّ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ ، وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى
عَيْنَيْهَا صَبِرًا ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ ؟ فَقَالَتْ :
إِنَّمَا هُوَ صَبِرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : اجْعَلِيهِ فِي اللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ
بِالنَّهَارِ.
1758- قَالَ مَالِكٌ : الإِحْدَادُ عَلَى الصَّبِيَّةِ الَّتِي لَمْ
تَبْلُغِ الْمَحِيضَ ، كَهَيْئَتِهِ عَلَى الَّتِي قَدْ بَلَغَتِ الْمَحِيضَ ،
تَجْتَنِبُ مَا تَجْتَنِبُ الْمَرْأَةُ الْبَالِغَةُ إِذَا هَلَكَ عَنْهَا
زَوْجُهَا.
1759- قَالَ مَالِكٌ : تُحِدُّ
الأََمَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ مِثْلَ
عِدَّتِهَا.
1760- قَالَ مَالِكٌ :
لَيْسَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ إِحْدَادٌ ، إِذَا هَلَكَ عَنْهَا سَيِّدُهَا ،
وَلاَ عَلَى أَمَةٍ يَمُوتُ عَنْهَا سَيِّدُهَا إِحْدَادٌ ، وَإِنَّمَا
الإِحْدَادُ عَلَى ذَوَاتِ الأََزْوَاجِ.
1761- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم كَانَتْ تَقُولُ : تَجْمَعُ الْحَادُّ رَأْسَهَا بِالسِّدْرِ وَالزَّيْتِ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
16- كِتَابُ الرَّضَاعِ.
1- بَابُ رَضَاعَةِ
الصَّغِيرِ.
1762- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا ، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ
رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْتُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أُرَاهُ فُلاَنًا - لِعَمٍّ لِحَفْصَةَ مِنَ
الرَّضَاعَةِ - فَقَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كَانَ فُلاَنٌ حَيًّا
- لِعَمِّهَا مِنَ
الرَّضَاعَةِ - دَخَلَ عَلَيَّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
نَعَمْ ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلاَدَةُ.
1763- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : جَاءَ عَمِّي
مِنَ الرَّضَاعَةِ ، يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ ،
حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ ، فَجَاءَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنَّهُ
عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ ، قَالَتْ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّمَا
أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ ، فَقَالَ : إِنَّهُ
عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ .
قَالَتْ عَائِشَةُ :
وَذَلِكَ بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ
: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ.
1764- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ
أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَفْلَحَ ، أَخَا أَبِي
الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا ، وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ ،
بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَ الْحِجَابُ ، قَالَتْ : فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ
، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي
صَنَعْتُ ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ.
1765- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَا كَانَ فِي
الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَصَّةً وَاحِدَةً فَهُوَ يُحَرِّمُ.
1766- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ ، أَنَّ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَأَرْضَعَتْ
إِحْدَاهُمَا غُلاَمًا ، وَأَرْضَعَتِ الأَُخْرَى جَارِيَةً ، فَقِيلَ لَهُ هَلْ
يَتَزَوَّجُ الْغُلاَمُ الْجَارِيَةَ فَقَالَ : لاَ اللِّقَاحُ وَاحِدٌ.
1767- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : لاَ
رَضَاعَةَ إِلاَّ لِمَنْ أُرْضِعَ فِي الصِّغَرِ ، وَلاَ رَضَاعَةَ لِكَبِيرٍ.
1768- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ
عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَتْ بِهِ ، وَهُوَ يَرْضَعُ إِلَى
أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، فَقَالَتْ :
أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيَّ ، قَالَ سَالِمٌ
فَأَرْضَعَتْنِي أُمُّ كُلْثُومٍ ثَلاَثَ رَضَعَاتٍ ، ثُمَّ مَرِضَتْ ، فَلَمْ
تُرْضِعْنِي غَيْرَ ثَلاَثِ رَضَعَاتٍ ، فَلَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ
مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمْ تُتِمَّ لِي عَشْرَ رَضَعَاتٍ.
1769- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ
أَبِي عُبَيْدٍ ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَرْسَلَتْ
بِعَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ ، إِلَى أُخْتِهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ تُرْضِعُهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا ، وَهُوَ
صَغِيرٌ يَرْضَعُ ، فَفَعَلَتْ فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا.
1770- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ
أَخْبَرَهُ ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ
يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَتْهُ أَخَوَاتُهَا ، وَبَنَاتُ أَخِيهَا ، وَلاَ
يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَهُ نِسَاءُ إِخْوَتِهَا.
1771- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
عَنِ الرَّضَاعَةِ ، فَقَالَ سَعِيدٌ : كُلُّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ ،
وَإِنْ كَانَتْ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَهُوَ يُحَرِّمُ ، وَمَا كَانَ بَعْدَ
الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عُقْبَةَ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ
بْنِ عُقْبَةَ : ثُمَّ سَأَلْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : مِثْلَ مَا قَالَ
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.
1772- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ
قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ : لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ مَا
كَانَ فِي الْمَهْدِ ، وَإِلاَّ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ.
1773- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا ،
وَكَثِيرُهَا تُحَرِّمُ ، وَالرَّضَاعَةُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ.
1774- قَالَ يَحْيَى :
وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا ، إِذَا كَانَ
فِي الْحَوْلَيْنِ تُحَرِّمُ ، فَأَمَّا مَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ ، فَإِنَّ
قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لاَ يُحَرِّمُ شَيْئًا وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ
الطَّعَامِ.
2- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الرَّضَاعَةِ بَعْدَ الْكِبَرِ.
1775- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ ؟
فَقَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ
عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ، وَكَانَ تَبَنَّى سَالِمًا ، الَّذِي
يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ، كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ، وَأَنْكَحَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا
، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ
الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنَ
الْمُهَاجِرَاتِ الأَُوَلِ ، وَهِيَ مِنْ أَفْضَلِ أَيَامَى قُرَيْشٍ
فَلَمَّا
أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَا أَنْزَلَ
فَقَالَ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ، فَإِنْ لَمْ
تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ ، فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ، وَمَوَالِيكُمْ}
[الأحزاب] رُدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى أَبِيهِ ، فَإِنْ لَمْ
يُعْلَمْ أَبُوهُ رُدَّ إِلَى مَوْلاَهُ ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ
وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ ، وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ :
كُنَّا نَرَى
سَالِمًا وَلَدًا وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ ، وَأَنَا فُضُلٌ وَلَيْسَ لَنَا
إِلاَّ بَيْتٌ وَاحِدٌ ، فَمَاذَا تَرَى فِي شَأْنِهِ ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ ، فَيَحْرُمُ
بِلَبَنِهَا ، وَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا مِنَ الرَّضَاعَةِ ، فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ
عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا
مِنَ الرِّجَالِ ، فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي
بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَبَنَاتِ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ
عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ ، وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ ،
وَقُلْنَ : لاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ إِلاَّ رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم فِي رَضَاعَةِ سَالِمٍ وَحْدَهُ ، لاَ وَاللَّهِ لاَ يَدْخُلُ
عَلَيْنَا بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ.
فَعَلَى هَذَا كَانَ
أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ.
1776- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ،
أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَأَنَا مَعَهُ عِنْدَ
دَارِ الْقَضَاءِ يَسْأَلُهُ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عُمَرَ ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : إِنِّي
كَانَتْ لِي وَلِيدَةٌ ، وَكُنْتُ أَطَؤُهَا فَعَمَدَتِ امْرَأَتِي إِلَيْهَا
فَأَرْضَعَتْهَا ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : دُونَكَ ، فَقَدْ وَاللَّهِ أَرْضَعْتُهَا ، فَقَالَ عُمَرُ : أَوْجِعْهَا
، وَأْتِ جَارِيَتَكَ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ رَضَاعَةُ الصَّغِيرِ.
1777- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ أَبَا مُوسَى
الأََشْعَرِيَّ فَقَالَ : إِنِّي مَصِصْتُ عَنِ امْرَأَتِي مِنْ ثَدْيِهَا لَبَنًا
فَذَهَبَ فِي بَطْنِي ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : لاَ أُرَاهَا إِلاَّ قَدْ حَرُمَتْ
عَلَيْكَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : انْظُرْ مَاذَا تُفْتِي بِهِ
الرَّجُلَ ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى : فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ ؟ فَقَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ.
فَقَالَ أَبُو مُوسَى
: لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ ، مَا كَانَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ.
3- بَابُ جَامِعِ مَا جَاءَ فِي الرَّضَاعَةِ.
1778- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى
، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ ، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : يَحْرُمُ مِنَ
الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ.
1779- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ نَوْفَلٍ ، أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ
أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الأََسَدِيَّةِ ، أَنَّهَا
أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :
لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ
وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلاَ يَضُرُّ أَوْلاَدَهُمْ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَالْغِيلَةُ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ.
1780- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ
بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ
عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ
مَعْلُومَاتٍ ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِيمَا
يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ.
قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
17- كِتَابُ الْبُيُوعِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي
بَيْعِ الْعُرْبَانِ.
1781- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ
بَيْعِ الْعُرْبَانِ.
1782- قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ فِيمَا نُرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ
الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ أَوْ يَ تَكَارَى الدَّابَّةَ ، ثُمَّ يَقُولُ
لِلَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ أَوْ تَكَارَى مِنْهُ أُعْطِيكَ دِينَارًا ، أَوْ
دِرْهَمًا ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ ، عَلَى أَنِّي إِنْ أَخَذْتُ
السِّلْعَةَ أَوْ رَكِبْتُ مَا تَكَارَيْتُ مِنْكَ ، فَالَّذِي أَعْطَيْتُكَ هُوَ
مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ أَوْ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ ، وَإِنْ تَرَكْتُ
ابْتِيَاعَ السِّلْعَةِ أَوْ كِرَاءَ الدَّابَّةِ ، فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ
بَاطِلٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ.
1783- قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ
يَبْتَاعَ الْعَبْدَ التَّاجِرَ الْفَصِيحَ ، بِالأََعْبُدِ مِنَ الْحَبَشَةِ أَوْ
مِنْ جِنْسٍ مِنَ الأََجْنَاسِ ، لَيْسُوا مِثْلَهُ فِي الْفَصَاحَةِ ، وَلاَ فِي
التِّجَارَةِ ، وَالنَّفَاذِ وَالْمَعْرِفَةِ لاَ بَأْسَ بِهَذَا أَنْ تَشْتَرِيَ
مِنْهُ الْعَبْدَ بِالْعَبْدَيْنِ ، أَوْ بِالأََعْبُدِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ،
إِذَا اخْتَلَفَ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ ، فَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضًا
حَتَّى يَتَقَارَبَ ، فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ،
وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُمْ.
1784- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْ ذَلِكَ ، قَبْلَ أَنْ
تَسْتَوْفِيَهُ إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ ، مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي
اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ.
1785- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، إِذَا بِيعَتْ لأَنَّ
ذَلِكَ غَرَرٌ لاَ يُدْرَى أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى ؟ أَحَسَنٌ أَمْ قَبِيحٌ ؟
أَوْ نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ ؟ أَوْ حَيٌّ أَوْ مَيْتٌ ؟ وَذَلِكَ يَضَعُ مِنْ
ثَمَنِهَا.
1786- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ
، ثُمَّ يَنْدَمُ الْبَائِعُ فَيَسْأَلُ الْمُبْتَاعَ أَنْ يُقِيلَهُ بِعَشَرَةِ
دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ ، وَيَمْحُو عَنْهُ
الْمِائَةَ دِينَارٍ الَّتِي لَهُ.
قَالَ
مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، وَإِنْ نَدِمَ الْمُبْتَاعُ ، فَسَأَلَ
الْبَائِعَ أَنْ يُقِيلَهُ فِي الْجَارِيَةِ أَوِ الْعَبْدِ وَيَزِيدَهُ عَشَرَةَ
دَنَانِيرَ نَقْدًا ، أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ الأََجَلِ الَّذِي اشْتَرَى
إِلَيْهِ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنْبَغِي ،
وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لأَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ مِائَةَ
دِينَارٍ لَهُ إِلَى سَنَةٍ ، قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ بِجَارِيَةٍ ، وَبِعَشَرَةِ
دَنَانِيرَ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ السَّنَةٍ ، فَدَخَلَ فِي
ذَلِكَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَى أَجَلٍ.
1787- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ
يَبِيعُ مِنَ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ
يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ ، إِلَى
أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الأََجَلِ الَّذِي بَاعَهَا إِلَيْهِ ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ
يَصْلُحُ ، وَتَفْسِيرُ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ ، أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ
الْجَارِيَةَ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْهُ
يَبِيعُهَا بِثَلاَثِينَ دِينَارًا إِلَى شَهْرٍ ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا بِسِتِّينَ
دِينَارًا إِلَى سَنَةٍ ، أَوْ إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ ، فَصَارَ إِنْ رَجَعَتْ
إِلَيْهِ سِلْعَتُهُ بِعَيْنِهَا ، وَأَعْطَاهُ صَاحِبُهُ ثَلاَثِينَ دِينَارًا إِلَى
شَهْرٍ بِسِتِّينَ دِينَارًا إِلَى سَنَةٍ أَوْ إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ فَهَذَا لاَ
يَنْبَغِي.
2- بَابُ مَا جَاءَ فِي
مَالِ الْمَمْلُوكِ.
1788- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ بَاعَ عَبْدًا ، وَلَهُ مَالٌ ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ ،
إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ.
1789- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الْمُبْتَاعَ إِنِ اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ نَقْدًا كَانَ أَوْ دَيْنًا ، أَوْ عَرْضًا يُعْلَمُ أَوْ لاَ يُعْلَمُ ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ ، كَانَ ثَمَنُهُ نَقْدًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ زَكَاةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْعَبْدِ جَارِيَةٌ اسْتَحَلَّ فَرْجَهَا ، بِمِلْكِهِ إِيَّاهَا ، وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ كَاتَبَ تَبِعَهُ مَالُهُ ، وَإِنْ أَفْلَسَ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ ، وَلَمْ يُتَّبَعْ سَيِّدُهُ بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ.
3- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعُهْدَةِ.
1790- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ وَهِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ
: كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الأََيَّامِ
الثَّلاَثَةِ ، مِنْ حِينِ يُشْتَرَى الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ ، وَعُهْدَةَ
السَّنَةِ.
1791- قَالَ مَالِكٌ : مَا
أَصَابَ الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ فِي الأََيَّامِ الثَّلاَثَةِ ، مِنْ حِينِ
يُشْتَرَيَانِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الأََيَّامُ الثَّلاَثَةُ ، فَهُوَ مِنَ
الْبَائِعِ ، وَإِنَّ عُهْدَةَ السَّنَةِ مِنَ الْجُنُونِ ، وَالْجُذَامِ
وَالْبَرَصِ ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ فَقَدْ بَرِئَ الْبَائِعُ مِنَ الْعُهْدَةِ
كُلِّهَا.
1792- قَالَ مَالِكٌ
: وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا
أَوْ وَلِيدَةً مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ ، أَوْ غَيْرِهِمْ بِالْبَرَاءَةِ ،
فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ، وَلاَ عُهْدَةَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ
عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ ، لَمْ
تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُودًا ، وَلاَ عُهْدَةَ
عِنْدَنَا إِلاَّ فِي الرَّقِيقِ.
4- بَابُ الْعَيْبِ فِي
الرَّقِيقِ.
1793- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ،
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بَاعَ غُلاَمًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ
، وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ : بِالْغُلاَمِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي ، فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ
بْنِ عَفَّانَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : بَاعَنِي عَبْدًا ، وَبِهِ دَاءٌ لَمْ
يُسَمِّهِ ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ ، فَقَضَى
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ، عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ لَقَدْ
بَاعَهُ الْعَبْدَ ، وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ ، فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ
يَحْلِفَ ، وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ ، فَصَحَّ عِنْدَهُ ، فَبَاعَهُ عَبْدُ اللَّهِ
بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ.
1794- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ
كُلَّ مَنِ ابْتَاعَ وَلِيدَةً فَحَمَلَتْ ، أَوْ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ، وَكُلَّ
أَمْرٍ دَخَلَهُ الْفَوْتُ حَتَّى لاَ يُسْتَطَاعَ رَدُّهُ ، فَقَامَتِ
الْبَيِّنَةُ ، إِنَّهُ قَدْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الَّذِي بَاعَهُ ، أَوْ
عُلِمَ ذَلِكَ بِاعْتِرَافٍ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ
أَوِ الْوَلِيدَةَ يُقَوَّمُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ
اشْتَرَاهُ ، فَيُرَدُّ مِنَ الثَّمَنِ قَدْرُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا
وَقِيمَتِهِ وَبِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ.
1795- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ ،
ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ يَرُدُّهُ مِنْهُ ، وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عِنْدَ
الْمُشْتَرِي عَيْبٌ آخَرُ : إِنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهِ مُفْسِدًا
، مِثْلُ الْقَطْعِ أَوِ الْعَوَرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُيُوبِ
الْمُفْسِدَةِ ، فَإِنَّ الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ .
إِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ ، بِقَدْرِ الْعَيْبِ
الَّذِي كَانَ بِالْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ ، وُضِعَ عَنْهُ ، وَإِنْ أَحَبَّ
أَنْ يَغْرَمَ قَدْرَ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ مِنَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ ، ثُمَّ
يَرُدُّ الْعَبْدَ ، فَذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الَّذِي
اشْتَرَاهُ ، أُقِيمَ الْعَبْدُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ
اشْتَرَاهُ ، فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهُ ؟ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ
اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ عَيْبٍ ، مِائَةَ دِينَارٍ ، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ
وَبِهِ الْعَيْبُ ، ثَمَانُونَ دِينَارًا وُضِعَ عَنِ الْمُشْتَرِي مَا بَيْنَ
الْقِيمَتَيْنِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اشْتُرِيَ الْعَبْدُ.
1796- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ
مَنْ رَدَّ وَلِيدَةً مِنْ عَيْبٍ وَجَدَهُ بِهَا ، وَكَانَ قَدْ أَصَابَهَا :
أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا ، وَإِنْ
كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي إِصَابَتِهِ إِيَّاهَا شَيْءٌ ، لأَنَّهُ
كَانَ ضَامِنًا لَهَا.
1797- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ
وَلِيدَةً أَوْ حَيَوَانًا بِالْبَرَاءَةِ ، مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ أَوْ
غَيْرِهِمْ ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فِيمَا بَاعَ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ
عَلِمَ فِي ذَلِكَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ .
لَمْ تَنْفَعْهُ تَبْرِئَتُهُ ، وَكَانَ مَا بَاعَ مَرْدُودًا عَلَيْهِ.
1798- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الْجَارِيَةِ تُبَاعُ بِالْجَارِيتَيْنِ ، ثُمَّ يُوجَدُ بِإِحْدَى
الْجَارِيَتَيْنِ عَيْبٌ تُرَدُّ مِنْهُ . قَالَ : تُقَامُ الْجَارِيَةُ الَّتِي
كَانَتْ قِيمَةَ الْجَارِيَتَيْنِ فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهَا ؟ ثُمَّ تُقَامُ الْجَارِيتَانِ
بِغَيْرِ الْعَيْبِ الَّذِي وُجِدَ بِإِحْدَاهُمَا ، تُقَامَانِ صَحِيحَتَيْنِ
سَالِمَتَيْنِ . ثُمَّ يُقْسَمُ ثَمَنُ الْجَارِيَةِ الَّتِي بِيعَتْ
بِالْجَارِيتَيْنِ عَلَيْهِمَا ، بِقَدْرِ ثَمَنِهِمَا . حَتَّى يَقَعَ عَلَى
كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حِصَّتُهَا مِنْ ذَلِكَ . عَلَى الْمُرْتَفِعَةِ
بِقَدْرِ ارْتِفَاعِهَا ، وَعَلَى الأَُخْرَى بِقَدْرِهَا . ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى
الَّتِي بِهَا الْعَيْبُ فَيُرَدُّ بِقَدْرِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ تِلْكَ
الْحِصَّةِ . إِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً ، وَإِنَّمَا تَكُونُ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ
عَلَيْهِ يَوْمَ قَبْضِهِمَا.
1799- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ فَيُؤَاجِرُهُ بِالإِجَارَةِ الْعَظِيمَةِ
، أَوِ الْغَلَّةِ الْقَلِيلَةِ . ثُمَّ يَجِدُ بِهِ عَيْبًا يُرَدُّ مِنْهُ :
إِنَّهُ يَرُدُّهُ بِذَلِكَ الْعَيْبِ ، وَتَكُونُ لَهُ إِجَارَتُهُ وَغَلَّتُهُ ،
وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ بِبَلَدِنَا ، وَذَلِكَ
لَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ عَبْدًا ، فَبَنَى لَهُ دَارًا قِيمَةُ بِنَائِهَا
ثَمَنُ الْعَبْدِ أَضْعَافًا . ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا يُرَدُّ مِنْهُ ، رَدَّهُ ، وَلاَ يُحْسَبُ
لِلْعَبْدِ عَلَيْهِ إِجَارَةٌ فِيمَا عَمِلَ لَهُ ، فَكَذَلِكَ تَكُونُ لَهُ
إِجَارَتُهُ ، إِذَا آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ . لأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ ، وَهَذَا
الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1800- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا ، فِيمَنِ ابْتَاعَ رَقِيقًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ،
فَوَجَدَ فِي ذَلِكَ الرَّقِيقِ عَبْدًا مَسْرُوقًا ، أَوْ وَجَدَ بِعَبْدٍ
مِنْهُمْ عَيْبًا . إِنَّهُ يُنْظَرُ فِيمَا وُجِدَ مَسْرُوقًا ، أَوْ وَجَدَ بِهِ
عَيْبًا فَإِنْ كَانَ هُوَ وَجْهَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ ، أَوْ أَكْثَرَهُ ثَمَنًا ،
أَوْ مِنْ أَجْلِهِ اشْتَرَى وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الْفَضْلُ فِيمَا يَرَى
النَّاسُ . كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُودًا كُلُّهُ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي
وُجِدَ مَسْرُوقًا ، أَوْ وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ فِي
الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنْهُ . لَيْسَ هُوَ وَجْهَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ ، وَلاَ مِنْ
أَجْلِهِ اشْتُرِيَ ، وَلاَ فِيهِ الْفَضْلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ . رُدَّ ذَلِكَ
الَّذِي وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ ، أَوْ وُجِدَ مَسْرُوقًا بِعَيْنِهِ ، بِقَدْرِ
قِيمَتِهِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ أُولَئِكَ الرَّقِيقَ.
5- بَابُ مَا يُفْعَلُ فِي الْوَلِيدَةِ إِذَا بِيعَتْ وَالشَّرْطُ فِيهَا.
1801- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَودٍ
ابْتَاعَ جَارِيَةً مِنِ امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ ، وَاشْتَرَطَتْ
عَلَيْهِ أَنَّكَ إِنْ بِعْتَهَا فَهِيَ لِي بِالثَّمَنِ الَّذِي تَبِيعُهَا بِهِ
، فَسَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ،
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لاَ تَقْرَبْهَا وَفِيهَا شَرْطٌ لأَحَدٍ.
1802- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :
لاَ يَطَأُ الرَّجُلُ وَلِيدَةً ، إِلاَّ وَلِيدَةً إِنْ شَاءَ بَاعَهَا ، وَإِنْ
شَاءَ وَهَبَهَا ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا ، وَإِنْ شَاءَ صَنَعَ بِهَا مَا
شَاءَ.
1803- قَالَ مَالِكٌ :
فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى شَرْطِ أَنْ لاَ يَبِيعَهَا وَلاَ يَهَبَهَا
أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي
لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطَأَهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ
يَبِيعَهَا ، وَلاَ أَنْ يَهَبَهَا ، فَإِذَا كَانَ لاَ يَمْلِكُ ذَلِكَ مِنْهَا ،
فَلَمْ يَمْلِكْهَا مِلْكًا تَامًّا لأَنَّهُ قَدِ اسْتُثْنِيَ عَلَيْهِ فِيهَا
مَا مَلَكَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ ، فَإِذَا دَخَلَ هَذَا الشَّرْطُ ، لَمْ يَصْلُحْ ،
وَكَانَ بَيْعًا مَكْرُوهًا.
6- بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ وَلِيدَةً وَلَهَا زَوْجٌ.
1804- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ أَهْدَى
لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ جَارِيَةً ، وَلَهَا زَوْجٌ . ابْتَاعَهَا
بِالْبَصْرَةِ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : لاَ أَقْرَبُهَا حَتَّى يُفَارِقَهَا
زَوْجُهَا ، فَأَرْضَى ابْنُ عَامِرٍ زَوْجَهَا فَفَارَقَهَا.
1805- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ : ابْتَاعَ وَلِيدَةً فَوَجَدَهَا ذَاتَ
زَوْجٍ فَرَدَّهَا.
7- بَابُ مَا جَاءَ فِي
ثَمَرِ الْمَالِ يُبَاعُ أَصْلُهُ.
1806- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ ،
فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ.
8- بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا.
1807- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا ، نَهَى
الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ.
1808- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ ،
فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا تُزْهِيَ ؟ فَقَالَ : حِينَ تَحْمَرُّ ،
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ
الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ ؟.
1809- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعِ
الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ.
1810- قَالَ مَالِكٌ :
وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
1811- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَبِيعُ ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ
الثُّرَيَّا.
1812- قَالَ مَالِكٌ
: وَالأََمْرُ
عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ ، وَالْقِثَّاءِ ، وَالْخِرْبِزِ ، وَالْجَزَرِ
، إِنَّ بَيْعَهُ إِذَا بَدَا صَلاَحُهُ حَلاَلٌ جَائِزٌ ، ثُمَّ يَكُونُ
لِلْمُشْتَرِي مَا يَنْبُتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَمَرُهُ ، وَيَهْلِكَ وَلَيْسَ فِي
ذَلِكَ وَقْتٌ يُؤَقَّتُ ، وَذَلِكَ أَنَّ وَقْتَهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ ،
وَرُبَّمَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ ، فَقَطَعَتْ ثَمَرَتَهُ ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ
ذَلِكَ الْوَقْتُ ، فَإِذَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ بِجَائِحَةٍ تَبْلُغُ الثُّلُثَ
فَصَاعِدًا كَانَ ذَلِكَ مَوْضُوعًا عَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ.
9- بَابُ مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ.
1813- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ
، أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا.
1814- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ
أَبِي أَحْمَدَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا ، فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ
أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ يَشُكُّ دَاوُدُ قَالَ : خَمْسَةِ , أَوْ دُونَ
خَمْسَةِ.
1815- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا تُبَاعُ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ
، يُتَحَرَّى ذَلِكَ ، وَيُخْرَصُ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ ، وَإِنَّمَا أُرْخِصَ
فِيهِ لأَنَّهُ أُنْزِلَ بِمَنْزِلَةِ التَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ ، وَالشِّرْكِ
، وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ مَا أَشْرَكَ أَحَدٌ
أَحَدًا فِي طَعَامِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ ، وَلاَ أَقَالَهُ مِنْهُ ، وَلاَ
وَلاَّهُ أَحَدًا حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ.
10- بَابُ الْجَائِحَةِ
فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ.
1816- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ : ابْتَاعَ
رَجُلٌ ثَمَرَ حَائِطٍ ، فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَعَالَجَهُ ، وَقَامَ فِيهِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ النُّقْصَانُ ، فَسَأَلَ رَبَّ
الْحَائِطِ أَنْ يَضَعَ لَهُ ، أَوْ أَنْ يُقِيلَهُ ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَفْعَلَ
، فَذَهَبَتْ أُمُّ الْمُشْتَرِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ
ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : تَأَلَّى أَنْ لاَ يَفْعَلَ خَيْرًا ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَبُّ
الْحَائِطِ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
هُوَ لَهُ.
1817- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِوَضْعِ الْ جَائِحَةِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1818- قَالَ مَالِكٌ :
وَالْجَائِحَةُ الَّتِي تُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي : الثُّلُثُ فَصَاعِدًا ، وَلاَ يَكُونُ مَا دُونَ ذَلِكَ جَائِحَةً.
11- بَابُ مَا يَجُوزُ
فِي اسْتِثْنَاءِ الثَّمَرِ.
1819- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ
مُحَمَّدٍ كَانَ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ.
1820- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، أَنَّ جَدَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو
بْنِ حَزْمٍ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطٍ لَهُ ، يُقَالُ لَهُ : الأََفْرَقُ ، بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِثَمَانِمِائَةِ
دِرْهَمٍ تَمْرًا.
1821- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ ، أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ كَانَتْ تَبِيعُ ثِمَارَهَا وَتَسْتَثْنِي مِنْهَا.
1822- قَالَ مَالِكٌ
: الأََمْرُ
الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا بَاعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ
، أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ مَا بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ
ثُلُثِ الثَّمَرِ ، لاَ يُجَاوِزُ ذَلِكَ ، وَمَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَلاَ
بَأْسَ بِذَلِكَ.
1823- قَالَ مَالِكٌ
: فَأَمَّا الرَّجُلُ
يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ ، وَيَسْتَثْنِي مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ ثَمَرَ نَخْلَةٍ
أَوْ نَخَلاَتٍ يَخْتَارُهَا ، وَيُسَمِّي عَدَدَهَا ، فَلاَ أَرَى بِذَلِكَ
بَأْسًا ، لأَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ إِنَّمَا اسْتَثْنَى شَيْئًا مِنْ ثَمَرِ
حَائِطِ نَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ احْتَبَسَهُ مِنْ حَائِطِهِ ،
وَأَمْسَكَهُ لَمْ يَبِعْهُ ، وَبَاعَ مِنْ حَائِطِهِ مَا سِوَى ذَلِكَ.
12- بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ.
1824- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : التَّمْرُ بِالتَّمْرِ
مِثْلاً بِمِثْلٍ ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ عَامِلَكَ عَلَى خَيْبَرَ يَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ادْعُوهُ لِي ، فَدُعِيَ لَهُ ، فَقَالَ
لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَتَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ ،
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ يَبِيعُونَنِي الْجَنِيبَ بِالْجَمْعِ صَاعًا
بِصَاعٍ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : بِعِ الْجَمْعَ
بِالدَّرَاهِمِ ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا.
1825- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلاً
عَلَى خَيْبَرَ ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا ؟ فَقَالَ : لاَ وَاللَّهِ يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ
وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
لاَ تَفْعَلْ بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا.
1826- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ ، أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ ؟ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ ؟ قَالَ الْبَيْضَاءُ ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ سَعْدٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ عَنِ اشْتِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.
13- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ.
1827- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ ، وَالْمُزَابَنَةُ :
بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً ، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً.
1828- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ
أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ ، وَالْمُحَاقَلَةِ
، وَالْمُزَابَنَةُ : اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ ،
وَالْمُحَاقَلَةُ : كِرَاءُ الأََرْضِ بِالْحِنْطَةِ.
1829- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ ،
وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ ، وَالْمُحَاقَلَةُ اشْتِرَاءُ
الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ ، وَاسْتِكْرَاءُ الأََرْضِ بِالْحِنْطَةِ.
1830- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ، فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنِ اسْتِكْرَاءِ
الأََرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
1831- قَالَ مَالِكٌ :
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُزَابَنَةِ ، وَتَفْسِيرُ
الْمُزَابَنَةِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْجِزَافِ الَّذِي لاَ يُعْلَمُ كَيْلُهُ
، وَلاَ وَزْنُهُ ، وَلاَ عَدَدُهُ ، ابْتِيعَ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِنَ الْكَيْلِ
أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ :
يَكُونُ لَهُ الطَّعَامُ الْمُصَبَّرُ الَّذِي لاَ يُعْلَمُ كَيْلُهُ مِنَ
الْحِنْطَةِ أَوِ التَّمْرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأََطْعِمَةِ ، أَوْ يَكُونُ
لِلرَّجُلِ السِّلْعَةُ مِنَ الْحِنْطَةِ أَوِ النَّوَى أَوِ الْقَضْبِ أَوِ الْعُصْفُرِ
، أَوِ الْكُرْسُفِ ، أَوِ الْكَتَّانِ أَوِ الْقَزِّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
مِنَ السِّلَعِ ، لاَ يُعْلَمُ كَيْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَلاَ وَزْنُهُ وَلاَ
عَدَدُهُ ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ لِرَبِّ تِلْكَ السِّلْعَةِ : كِلْ سِلْعَتَكَ
هَذِهِ ، أَوْ مُرْ مَنْ يَكِيلُهَا ، أَوْ زِنْ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوزَنُ ، أَوْ
عُدَّ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ يُعَدُّ ، فَمَا نَقَصَ عَنْ كَيْلِ كَذَا وَكَذَا
صَاعًا لِتَسْمِيَةٍ يُسَمِّيهَا أَوْ وَزْنِ كَذَا وَكَذَا رِطْلاً ، أَوْ عَدَدِ
كَذَا وَكَذَا ، فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ ، فَعَلَيَّ غُرْمُهُ لَكَ حَتَّى
أُوفِيَكَ تِلْكَ التَّسْمِيَةَ ، فَمَا زَادَ عَلَى تِلْكَ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ
لِي ، أَضْمَنُ مَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي مَا زَادَ
فَلَيْسَ ذَلِكَ بَيْعًا ، وَلَكِنَّهُ الْمُخَاطَرَةُ وَالْغَرَرُ وَالْقِمَارُ ،
يَدْخُلُ هَذَا لأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ شَيْئًا بِشَيْءٍ أَخْرَجَهُ ،
وَلَكِنَّهُ ضَمِنَ لَهُ مَا سُمِّيَ مِنْ ذَلِكَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ
الْعَدَدِ ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنْ نَقَصَتْ
تِلْكَ السِّلْعَةُ عَنْ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ ، أَخَذَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ مَا نَقَصَ
بِغَيْرِ ثَمَنٍ ، وَلاَ هِبَةٍ طَيِّبَةٍ بِهَا نَفْسُهُ ، فَهَذَا يُشْبِهُ
الْقِمَارَ وَمَا كَانَ مِثْلُ هَذَا مِنَ الأََشْيَاءِ فَذَلِكَ يَدْخُلُهُ.
1832- قَالَ مَالِكٌ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : لَهُ الثَّوْبُ أَضْمَنُ لَكَ مِنْ ثَوْبِكَ هَذَا كَذَا وَكَذَا ظِهَارَةَ قَلَنْسُوَةٍ . قَدْرُ كُلِّ ظِهَارَةٍ كَذَا وَكَذَا . لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ ، فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ حَتَّى أُوفِيَكَ ، وَمَا زَادَ فَلِي ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : أَضْمَنُ لَكَ مِنْ ثِيَابِكَ هَذِي كَذَا وَكَذَا قَمِيصًا . ذَرْعُ كُلِّ قَمِيصٍ كَذَا وَكَذَا ، فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِي ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : لَهُ الْجُلُودُ مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ أَوِ الإِبِلِ : أُقَطِّعُ جُلُودَكَ هَذِهِ نِعَالاً عَلَى إِمَامٍ يُرِيهِ إِيَّاهُ ، فَمَا نَقَصَ مِنْ مِائَةِ زَوْجٍ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ ، وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي بِمَا ضَمِنْتُ لَكَ ، وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ ، أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ عِنْدَهُ حَبُّ الْبَانِ : اعْصُرْ حَبَّكَ هَذَا ، فَمَا نَقَصَ مِنْ كَذَا وَكَذَا رِطْلاً ، فَعَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَكَهُ ، وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي ، فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الأََشْيَاءِ أَوْ ضَارَعَهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ الَّتِي لاَ تَصْلُحُ وَلاَ تَجُوزُ ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : لَهُ الْخَبَطُ أَوِ النَّوَى أَوِ الْكُرْسُفُ أَوِ الْكَتَّانُ أَوِ الْقَضْبُ أَوِ الْعُصْفُرُ أَبْتَاعُ مِنْكَ هَذَا الْخَبَطَ بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ خَبَطٍ يُخْبَطُ مِثْلَ خَبَطِهِ ، أَوْ هَذَا النَّوَى بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ نَوًى مِثْلِهِ ، وَفِي الْعُصْفُرِ وَالْكُرْسُفِ ، وَالْكَتَّانِ وَالْقَضْبِ مِثْلَ ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ.
14- بَابُ جَامِعِ بَيْعِ الثَّمَرِ.
1833- قَالَ مَالِكٌ : مَنِ
اشْتَرَى ثَمَرًا مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى ، أَوْ لَبَنًا
مِنْ غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، إِذَا كَانَ يُؤْخَذُ عَاجِلاً
يَشْرَعُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الثَّمَنَ ، وَإِنَّمَا
مَثَلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ زَيْتٍ يَبْتَاعُ مِنْهَا رَجُلٌ بِدِينَارٍ
أَوْ دِينَارَيْنِ ، وَيُعْطِيهِ ذَهَبَهُ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ لَهُ
مِنْهَا ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ ، فَإِنِ انْشَقَّتِ الرَّاوِيَةُ فَذَهَبَ
زَيْتُهَا ، فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إِلاَّ ذَهَبُهُ ، وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا
بَيْعٌ.
1834- قَالَ مَالِكٌ :
وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَاضِرًا يُشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ مِثْلُ اللَّبَنِ
إِذَا حُلِبَ ، وَالرُّطَبِ يُسْتَجْنَى ، فَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ يَوْمًا بِيَوْمٍ
، فَلاَ بَأْسَ بِهِ ، فَإِنْ فَنِيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مَا
اشْتَرَى رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ لَهُ ،
أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً ، بِمَا بَقِيَ لَهُ يَتَرَاضَيَانِ
عَلَيْهَا ، وَلاَ يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا ، فَإِنْ فَارَقَهُ ، فَإِنَّ
ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ ، وَقَدْ نُهِيَ عَنِ
الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ ، فَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ فَإِنَّهُ
مَكْرُوهٌ وَلاَ يَحِلُّ فِيهِ تَأْخِيرٌ وَلاَ نَظِرَةٌ ، وَلاَ يَصْلُحُ إِلاَّ بِصِفَةٍ
مَعْلُومَةٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ
، وَلاَ يُسَمَّى ذَلِكَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ ، وَلاَ فِي غَنَمٍ
بِأَعْيَانِهَا.
1835- وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الرَّجُلِ الْحَائِطَ
فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ النَّخْلِ مِنَ الْعَجْوَةِ وَالْكَبِيسِ وَالْعَذْقِ ،
وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ ، فَيَسْتَثْنِي مِنْهَا ثَمَرَ
النَّخْلَةِ أَوِ النَّخَلاَتِ يَخْتَارُهَا مِنْ نَخْلِهِ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ :
ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ لأَنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ تَرَكَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ مِنَ
الْعَجْوَةِ ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَأَخَذَ مَكَانَهَا
ثَمَرَ نَخْلَةٍ مِنَ الْكَبِيسِ ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا عَشَرَةُ أَصْوُعٍ ،
فَإِنْ أَخَذَ الْعَجْوَةَ الَّتِي فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا ، وَتَرَكَ
الَّتِي فِيهَا عَشْرَةُ أَصْوُعٍ مِنَ الْكَبِيسِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى
الْعَجْوَةَ بِالْكَبِيسِ مُتَفَاضِلاً ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ
لِلرَّجُلِ بَيْنَ يَدَيْهِ صُبَرٌ مِنَ التَّمْرِ قَدْ صَبَّرَ الْعَجْوَةَ ،
فَجَعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا ، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْكَبِيسِ عَشَرَةَ
آصُعٍ ، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْعَذْقِ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا ، فَأَعْطَى صَاحِبَ
التَّمْرِ دِينَارًا عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ فَيَأْخُذُ أَيَّ تِلْكَ الصُّبَرِ
شَاءَ.
قَالَ مَالِكٌ :
فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ.
1836- وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ
فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ ، مَاذَا لَهُ إِذَا ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ ؟
قَالَ مَالِكٌ : يُحَاسِبُ صَاحِبَ الْحَائِطِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ لَهُ
مِنْ دِينَارِهِ ، إِنْ كَانَ أَخَذَ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ رُطَبًا أَخَذَ ثُلُثَ
الدِّينَارِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِ
دِينَارِهِ رُطَبًا ، أَخَذَ الرُّبُعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ ، أَوْ يَتَرَاضَيَانِ
بَيْنَهُمَا ، فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ عِنْدَ صَاحِبِ
الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْرًا أَوْ سِلْعَةً
سِوَى التَّمْرِ أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ لَهُ ، فَإِنْ أَخَذَ تَمْرًا أَوْ
سِلْعَةً أُخْرَى فَلاَ يُفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ مِنْهُ.
1837- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ رَاحِلَةً
بِعَيْنِهَا أَوْ يُؤَاجِرَ غُلاَمَهُ الْخَيَّاطَ أَوِ النَّجَّارَ أَوِ
الْعَمَّالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأََعْمَالِ ، أَوْ يُكْرِيَ مَسْكَنَهُ ،
وَيَسْتَلِفَ إِجَارَةَ ذَلِكَ الْغُلاَمِ ، أَوْ كِرَاءَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ ،
أَوْ تِلْكَ الرَّاحِلَةِ ، ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ أَوْ
غَيْرِ ذَلِكَ ، فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةِ ، أَوِ الْعَبْدِ أَوِ الْمَسْكَنِ
إِلَى الَّذِي سَلَّفَهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِرَاءِ الرَّاحِلَةِ ، أَوْ إِجَارَةِ
الْعَبْدِ ، أَوْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ ، يُحَاسِبُ صَاحِبَهُ بِمَا اسْتَوْفَى
مِنْ ذَلِكَ ، إِنْ كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ رَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِيَ
الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ
فَبِحِسَابِ ذَلِكَ يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ.
1838- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَصْلُحُ التَّسْلِيفُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا ،
يُسَلَّفُ فِيهِ بِعَيْنِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَلِّفُ مَا سَلَّفَ
فِيهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ أَوِ
الرَّاحِلَةَ أَوِ الْمَسْكَنَ أَوْ يَبْدَأُ فِيمَا اشْتَرَى مِنَ الرُّطَبِ ،
فَيَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ ، لاَ يَصْلُحُ أَنْ
يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَلاَ أَجَلٌ.
1839- قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ ، أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ :
أُسَلِّفُكَ فِي رَاحِلَتِكَ فُلاَنَةَ أَرْكَبُهَا فِي الْحَجِّ ، وَبَيْنَهُ
وَبَيْنَ الْحَجِّ أَجَلٌ مِنَ الزَّمَانِ ، أَوْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ
أَوِ الْمَسْكَنِ ، فَإِنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ كَانَ إِنَّمَا يُسَلِّفُهُ
ذَهَبًا ، عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ تِلْكَ الرَّاحِلَةَ صَحِيحَةً لِذَلِكَ
الأََجَلِ الَّذِي سَمَّى لَهُ ، فَهِيَ لَهُ بِذَلِكَ الْكِرَاءِ ، وَإِنْ حَدَثَ
بِهَا حَدَثٌ مِنْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ رَدَّ عَلَيْهِ ذَهَبَهُ ، وَكَانَتْ
عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ عِنْدَهُ.
1840- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الْقَبْضُ مَنْ قَبَضَ مَا اسْتَأْجَرَ أَوِ
اسْتَكْرَى فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْغَرَرِ وَالسَّلَفِ الَّذِي يُكْرَهُ ، وَأَخَذَ
أَمْرًا مَعْلُومًا ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ
أَوِ الْوَلِيدَةَ فَيَقْبِضَهُمَا ، وَيَنْقُدَ أَثْمَانَهُمَا ، فَإِنْ حَدَثَ
بِهِمَا حَدَثٌ مِنْ عُهْدَةِ السَّنَةِ ، أَخَذَ ذَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي
ابْتَاعَ مِنْهُ ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ وَبِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ فِي
بَيْعِ الرَّقِيقِ.
1841- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ ، أَوْ
تَكَارَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ . يَقْبِضُ الْعَبْدَ أَوِ الرَّاحِلَةَ
إِلَى ذَلِكَ الأََجَلِ ، فَقَدْ عَمِلَ بِمَا لاَ يَصْلُحُ . لاَ هُوَ قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى أَوِ اسْتَأْجَرَ ، وَلاَ هُوَ
سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ ضَامِنًا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ.
15- بَابُ بَيْعِ
الْفَاكِهَةِ.
1842- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ مَنِ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنَ
الْفَاكِهَةِ مِنْ رَطْبِهَا أَوْ يَابِسِهَا ، فَإِنَّهُ لاَ يَبِيعُهُ حَتَّى
يَسْتَوْفِيَهُ ، وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، إِلاَّ يَدًا
بِيَدٍ ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا يَيْبَسُ ، فَيَصِيرُ فَاكِهَةً يَابِسَةً
تُدَّخَرُ ، وَتُؤْكَلُ ، فَلاَ يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إِلاَّ يَدًا بِيَدٍ ،
وَمِثْلاً بِمِثْلٍ إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ
صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ مِنْهُ اثْنَانِ
بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ يَصْلُحُ إِلَى أَجَلٍ ، وَمَا كَانَ مِنْهَا
مِمَّا لاَ يَيْبَسُ وَلاَ يُدَّخَرُ ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ رَطْبًا كَهَيْئَةِ الْبِطِّيخِ
وَالْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ ، وَالْجَزَرِ وَالأَُتْرُجِّ ، وَالْمَوْزِ
وَالرُّمَّانِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ ، وَإِنْ يَبِسَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً بَعْدَ
ذَلِكَ ، وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يُدَّخَرُ ، وَيَكُونُ فَاكِهَةً ، قَالَ :
فَأَرَاهُ حَقِيقًا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ
يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الأََجَلِ فَإِنَّهُ لاَ
بَأْسَ بِهِ.
16- بَابُ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ تِبْرًا وَعَيْنًا.
1843- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : أَمَرَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّعْدَيْنِ أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنَ
الْمَغَانِمِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ، فَبَاعَا كُلَّ ثَلاَثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ
عَيْنًا أَوْ كُلَّ أَرْبَعَةٍ بِثَلاَثَةٍ عَيْنًا ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّا.
1844- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي تَمِيمٍ ، عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ
يَسَارٍ ، عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
: الدِّينَارُ
بِالدِّينَارِ ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا.
1845- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً
بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ
إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ
تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئًا غَائِبًا بِنَاجِزٍ.
1846- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ،
عَنْ مُجَاهِدٍ ، أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَجَاءَهُ
صَائِغٌ ، فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، إِنِّي أَصُوغُ الذَّهَبَ
ثُمَّ أَبِيعُ الشَّيْءَ مِنْ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ ، فَأَسْتَفْضِلُ
مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ عَمَلِ يَدِي ، فَنَهَاهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ فَجَعَلَ
الصَّائِغُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ يَنْهَاهُ حَتَّى
انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ إِلَى دَابَّةٍ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَهَا ،
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ ،
وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا ، هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا
إِلَيْنَا وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ.
1847- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ جَدِّهِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ ، أَنَّ
عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
لاَ تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ ، وَلاَ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ.
1848- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بَاعَ سِقَايَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : مَا أَرَى بِمِثْلِ هَذَا بَأْسًا ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ مُعَاوِيَةَ ؟ أَنَا أُخْبِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَيُخْبِرُنِي عَنْ رَأْيِهِ ، لاَ أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا ثُمَّ قَدِمَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى مُعَاوِيَةَ : أَنْ لاَ تَبِيعَ ذَلِكَ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ.
1849- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ
بِالذَّهَبِ . إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ
، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ . إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَلاَ
تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالذَّهَبِ أَحَدُهُمَا
غَائِبٌ ، وَالآخَرُ نَاجِزٌ ، وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ ،
فَلاَ تُنْظِرْهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ ، وَالرَّمَاءُ هُوَ
الرِّبَا.
1850- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ . إِلاَّ
مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا
الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ . إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا
عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا شَيْئًا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ ، وَإِنِ
اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ ، فَلاَ تُنْظِرْهُ إِنِّي أَخَافُ
عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ ، وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا.
1851- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ
، وَالصَّاعُ بِالصَّاعِ ، وَلاَ يُبَاعُ كَالِئٌ بِنَاجِزٍ.
1852- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ
بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ : لاَ رِبًا إِلاَّ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِي فِضَّةٍ ، أَوْ
مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بِمَا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ.
1853- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
يَقُولُ : قَطْعُ الذَّهَبِ وَ الْوَرِقِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأََرْضِ.
1854- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ ، وَالْفِضَّةَ
بِالذَّهَبِ ، جِزَافًا إِذَا كَانَ تِبْرًا أَوْ حَلْيًا قَدْ صِيغَ ، فَأَمَّا الدَّرَاهِمُ
الْمَعْدُودَةُ ، وَالدَّنَانِيرُ الْمَعْدُودَةُ ، فَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ
يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ جِزَافًا ، حَتَّى يُعْلَمَ وَيُعَدَّ ، فَإِنِ
اشْتُرِيَ ذَلِكَ جِزَافًا ، فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ حِينَ يُتْرَكُ
عَدُّهُ ، وَيُشْتَرَى جِزَافًا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ ،
فَأَمَّا مَا كَانَ يُوزَنُ مِنَ التِّبْرِ وَالْحَلْيِ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ
ذَلِكَ جِزَافًا ، وَإِنَّمَا ابْتِيَاعُ ذَلِكَ جِزَافًا كَهَيْئَةِ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ
وَنَحْوِهِمَا مِنَ الأََطْعِمَةِ الَّتِي تُبَاعُ جِزَافًا ، وَمِثْلُهَا يُكَالُ
فَلَيْسَ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ جِزَافًا بَأْسٌ.
1855- قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى مُصْحَفًا أَوْ سَيْفًا أَوْ خَاتَمًا
، وَفِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنَّ
مَا اشْتُرِيَ مِنْ ذَلِكَ وَفِيهِ الذَّهَبُ بِدَنَانِيرَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ
إِلَى قِيمَتِهِ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الثُّلُثَيْنِ ، وَقِيمَةُ مَا
فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ الثُّلُثَ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ ، إِذَا كَانَ
ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ يَكُونُ فِيهِ تَأْخِيرٌ ، وَمَا اشْتُرِيَ مِنْ
ذَلِكَ بِالْوَرِقِ مِمَّا فِيهِ الْوَرِقُ ، نُظِرَ إِلَى قِيمَتِهِ ، فَإِنْ
كَانَ قِيمَةُ ذَلِكَ الثُّلُثَيْنِ ، وَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الْوَرِقِ
الثُّلُثَ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ
، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ عِنْدَنَا.
17- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الصَّرْفِ.
1856- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ
النَّصْرِيِّ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ ، قَالَ فَدَعَانِي
طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي وَأَخَذَ الذَّهَبَ
يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ : حَتَّى يَأْتِيَنِي خَازِنِي مِنَ
الْغَابَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ لاَ تُفَارِقْهُ
حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
: الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا ، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ
رِبًا ، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا ، إِلاَّ هَاءَ
وَهَاءَ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا ، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ.
1857- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا اصْطَرَفَ الرَّجُلُ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ ، ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا دِرْهَمًا زَائِفًا ، فَأَرَادَ رَدَّهُ انْتَقَضَ صَرْفُ الدِّينَارِ ، وَرَدَّ إِلَيْهِ وَرِقَهُ ، وَأَخَذَ إِلَيْهِ دِينَارَهُ ، وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا ، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ ، فَلاَ تُنْظِرْهُ وَهُوَ إِذَا رَدَّ عَلَيْهِ دِرْهَمًا مِنْ صَرْفٍ بَعْدَ أَنْ يُفَارِقَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ أَوِ الشَّيْءِ الْمُتَأَخِّرِ ، فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ ، وَانْتَقَضَ الصَّرْفُ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ لاَ يُبَاعَ الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ ، وَالطَّعَامُ كُلُّهُ عَاجِلاً بِآجِلٍ ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ ، وَلاَ نَظِرَةٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ مُخْتَلِفَةً أَصْنَافُهُ.
18- بَابُ الْمُرَاطَلَةِ.
1858- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، أَنَّهُ رَأَى
سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ : يُرَاطِلُ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ ، فَيُفْرِغُ
ذَهَبَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ ، وَيُفْرِغُ صَاحِبُهُ الَّذِي يُرَاطِلُهُ
ذَهَبَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ الأَُخْرَى ، فَإِذَا اعْتَدَلَ لِسَانُ
الْمِيزَانِ أَخَذَ وَأَعْطَى.
1859- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ ، وَ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ
مُرَاطَلَةً أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا
، بعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدًا بِيَدٍ ، إِذَا كَانَ وَزْنُ الذَّهَبَيْنِ سَوَاءً عَيْنًا
بِعَيْنٍ ، وَإِنْ تَفَاضَلَ الْعَدَدُ ، وَالدَّرَاهِمُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ
بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ.
1860- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
رَاطَلَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ ، أَوْ وَرِقًا بِوَرِقٍ ، فَكَانَ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ
فَضْلُ مِثْقَالٍ ، فَأَعْطَى صَاحِبَهُ قِيمَتَهُ مِنَ الْوَرِقِ أَوْ مِنْ
غَيْرِهَا ، فَلاَ يَأْخُذُهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَبِيحٌ ، وَذَرِيعَةٌ إِلَى
الرِّبَا ، لأَنَّهُ إِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْقَالَ بِقِيمَتِهِ ،
حَتَّى كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى حِدَتِهِ ، جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْقَالَ
بِقِيمَتِهِ مِرَارًا ، لأَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ الْبَيْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
صَاحِبِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ الْمِثْقَالَ مُفْرَدًا ، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ
لَمْ يَأْخُذْهُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ ، لأَنْ يُجَوِّزَ لَهُ
الْبَيْعَ ، فَذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ الْحَرَامِ ، وَالأََمْرُ
الْمَنْهِيُّ عَنْهُ.
1861- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يُرَاطِلُ الرَّجُلَ ، وَيُعْطِيهِ الذَّهَبَ
الْعُتُقَ الْجِيَادَ ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا تِبْرًا ذَهَبًا غَيْرَ جَيِّدَةٍ ،
وَيَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَهَبًا كُوفِيَّةً مُقَطَّعَةً ، وَتِلْكَ
الْكُوفِيَّةُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ ، فَيَتَبَايَعَانِ ذَلِكَ مِثْلاً
بِمِثْلٍ ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ ، أَنَّ صَاحِبَ الذَّهَبِ الْجِيَادِ أَخَذَ
فَضْلَ عُيُونِ ذَهَبِهِ فِي التِّبْرِ الَّذِي طَرَحَ مَعَ ذَهَبِهِ ، وَلَوْلاَ
فَضْلُ ذَهَبِهِ عَلَى ذَهَبِ صَاحِبِهِ لَمْ يُرَاطِلْهُ صَاحِبُهُ بِتِبْرِهِ ،
ذَلِكَ إِلَى ذَهَبِهِ الْكُوفِيَّةِ ، فَامْتَنَعَ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ
كَمَثَلِ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ ثَلاَثَةَ أَصْوُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَجْوَةٍ
، بِ صَاعَيْنِ وَمُدٍّ مِنْ تَمْرٍ كَبِيسٍ ، فَقِيلَ لَهُ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ
، فَجَعَلَ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ ، وَ صَاعًا مِنْ حَشَفٍ ، يُرِيدُ أَنْ
يُجِيزَ بِذَلِكَ بَيْعَهُ ، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ . لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
صَاحِبُ الْعَجْوَةِ لِيُعْطِيَهُ صَاعًا مِنَ الْعَجْوَةِ بِصَاعٍ مِنْ حَشَفٍ ، وَلَكِنَّهُ
إِنَّمَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِفَضْلِ الْكَبِيسِ ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ
لِلرَّجُلِ بِعْنِي ثَلاَثَةَ أَصْوُعٍ مِنَ الْبَيْضَاءِ بِصَاعَيْنِ وَنِصْفٍ
مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ ، فَيَقُولُ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، فَيَجْعَلُ صَاعَيْنِ
مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ ، وَصَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ
الْبَيْعَ فِيمَا بَيْنَهُمَا ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
لِيُعْطِيَهُ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ ، لَوْ كَانَ
ذَلِكَ الصَّاعُ مُفْرَدًا ، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ لِفَضْلِ الشَّامِيَّةِ
عَلَى الْبَيْضَاءِ ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ ، وَهُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْنَا مِنَ
التِّبْرِ.
1862- قَالَ مَالِكٌ : فَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَالطَّعَامِ كُلِّهِ الَّذِي لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مَعَ الصِّنْفِ الْجَيِّدِ مِنَ الْمَرْغُوبِ فِيهِ الشَّيْءُ الرَّدِيءُ الْمَسْخُوطُ ، لِيُجَازَ الْبَيْعُ ، وَلِيُسْتَحَلَّ بِذَلِكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ ، مِنَ الأََمْرِ الَّذِي لاَ يَصْلُحُ إِذَا جُعِلَ ذَلِكَ مَعَ الصِّنْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ صَاحِبُ ذَلِكَ أَنْ يُدْرِكَ بِذَلِكَ فَضْلَ جَوْدَةِ مَا يَبِيعُ ، فَيُعْطِي الشَّيْءَ الَّذِي لَوْ أَعْطَاهُ وَحْدَهُ ، لَمْ يَقْبَلْهُ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَهْمُمْ بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ مِنْ أَجْلِ الَّذِي يَأْخُذُ مَعَهُ لِفَضْلِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ ، فَلاَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَالطَّعَامِ أَنْ يَدْخُلَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ ، فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الطَّعَامِ الرَّدِيءِ أَنْ يَبِيعَهُ بِغَيْرِهِ ، فَلْيَبِعْهُ عَلَى حِدَتِهِ ، وَلاَ يَجْعَلُ مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ.
19- بَابُ الْعِينَةِ وَمَا يُشْبِهُهَا.
1863- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا ، فَلاَ يَبِعْهُ
حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ.
1864- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا ، فَلاَ
يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ.
1865- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا
فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، نَبْتَاعُ الطَّعَامَ ،
فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي
ابْتَعْنَاهُ فِيهِ ، إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ.
1866- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ
حِزَامٍ ابْتَاعَ طَعَامًا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّاسِ ،
فَبَاعَ حَكِيمٌ الطَّعَامَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : لاَ تَبِعْ طَعَامًا ابْتَعْتَهُ
حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ.
1867- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ صُكُوكًا خَرَجَتْ لِلنَّاسِ فِي زَمَانِ مَرْوَانَ
بْنِ الْحَكَمِ مِنْ طَعَامِ الْجَارِ ، فَتَبَايَعَ النَّاسُ تِلْكَ الصُّكُوكَ
بَيْنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا ، فَدَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَرَجُلٌ
مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَرْوَانَ بْنِ
الْحَكَمِ ، فَقَالَ : أَتُحِلُّ بَيْعَ الرِّبَا يَا مَرْوَانُ ؟ فَقَالَ :
أَعُوذُ بِاللَّهِ ، وَمَا ذَاكَ ؟ فقَالَ : هَذِهِ الصُّكُوكُ تَبَايَعَهَا
النَّاسُ ، ثُمَّ بَاعُوهَا ، قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا ، فَبَعَثَ مَرْوَانُ الْحَرَسَ
يَتْبَعُونَهَا ، يَنْزِعُونَهَا مِنْ أَيْدِي النَّاسِ ، وَيَرُدُّونَهَا إِلَى أَهْلِهَا.
1868- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً أَرَادَ
أَنْ يَبْتَاعَ طَعَامًا مِنْ رَجُلٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَذَهَبَ بِهِ الرَّجُلُ
الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَهُ الطَّعَامَ إِلَى السُّوقِ ، فَجَعَلَ يُرِيهِ
الصُّبَرَ وَيَقُولُ لَهُ : مِنْ أَيِّهَا تُحِبُّ أَنْ أَبْتَاعَ لَكَ ؟ فَقَالَ
الْمُبْتَاعُ : أَتَبِيعُنِي مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ؟ فَأَتَيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لِلْمُبْتَاعِ
: لاَ تَبْتَعْ مِنْهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ ، وَقَالَ لِلْبَائِعِ لاَ تَبِعْ مَا
لَيْسَ عِنْدَكَ.
1869- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَمِيلَ بْنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : إِنِّي رَجُلٌ
أَبْتَاعُ مِنَ الأََرْزَاقِ الَّتِي تُعْطَى النَّاسُ بِالْجَارِ مَا شَاءَ
اللَّهُ ، ثُمَّ أُرِيدُ أَنْ أَبِيعَ الطَّعَامَ الْمَضْمُونَ عَلَيَّ إِلَى
أَجَلٍ ، فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ : أَتُرِيدُ أَنْ تُوَفِّيَهُمْ مِنْ تِلْكَ
الأََرْزَاقِ الَّتِي ابْتَعْتَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ.
1870- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ،
أَنَّهُ مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا بُرًّا أَوْ شَعِيرًا ، أَوْ سُلْتًا أَوْ ذُرَةً
، أَوْ دُخْنًا أَوْ شَيْئًا مِنَ الْحُبُوبِ الْقِطْنِيَّةِ ، أَوْ شَيْئًا
مِمَّا يُشْبِهُ الْقِطْنِيَّةَ ، مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ شَيْئًا
مِنَ الأَُدُمِ كُلِّهَا : الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ ، وَالْخَلِّ
وَالْجُبْنِ وَالشِّيرَقِ ، وَاللَّبَنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَُدْمِ ،
فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ لاَ يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، حَتَّى يَقْبِضَهُ
وَيَسْتَوْفِيَهُ.
20- بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ.
1871- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ، يَنْهَيَانِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً
بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ تَمْرًا قَبْلَ أَنْ
يَقْبِضَ الذَّهَبَ.
1872- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنِ الرَّجُلِ : يَبِيعُ الطَّعَامَ مِنَ الرَّجُلِ بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يَشْتَرِي
بِالذَّهَبِ تَمْرًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى
عَنْهُ.
1873- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
1874- قَالَ مَالِكٍ :
وَإِنَّمَا نَهَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو
بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنْ لاَ
يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ ، ثُمَّ يَشْتَرِي الرَّجُلُ بِالذَّهَبِ
تَمْرًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ ، مِنْ بَيْعِهِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ
الْحِنْطَةَ ، فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ الَّتِي بَاعَ بِهَا الْحِنْطَةَ
إِلَى أَجَلٍ تَمْرًا ، مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ
قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ ، وَيُحِيلَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ التَّمْرَ
عَلَى غَرِيمِهِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ بِالذَّهَبِ الَّتِي لَهُ
عَلَيْهِ فِي ثَمَرِ التَّمْرِ فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَمْ يَرَوْا
بِهِ بَأْسًا.
21- بَابُ السُّلْفَةِ فِي الطَّعَامِ.
1875- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : لاَ
بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ
بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَرْعٍ لَمْ
يَبْدُ صَلاَحُهُ ، أَوْ تَمْرٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ.
1876- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ سَلَّفَ فِي طَعَامٍ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ
مُسَمًّى ، فَحَلَّ الأََجَلُ فَلَمْ يَجِدِ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ الْبَائِعِ
وَفَاءً مِمَّا ابْتَاعَ مِنْهُ ، فَأَقَالَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ
يَأْخُذَ مِنْهُ إِلاَّ وَرِقَهُ أَوْ ذَهَبَهُ أَوِ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَ
إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ ، وَإِنَّهُ لاَ يَشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ شَيْئًا
حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ غَيْرَ الثَّمَنِ
الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ ، أَوْ صَرَفَهُ فِي سِلْعَةٍ غَيْرِ الطَّعَامِ الَّذِي
ابْتَاعَ مِنْهُ ، فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى , قَالَ
مَالِكٌ : وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ
الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ نَدِمَ الْمُشْتَرِي ، فَقَالَ لِلْبَائِعِ : أَقِلْنِي وَأُنْظِرُكَ
بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَأَهْلُ
الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَلَّ الطَّعَامُ لِلْمُشْتَرِي
عَلَى الْبَائِعِ ، أَخَّرَ عَنْهُ حَقَّهُ عَلَى أَنْ يُقِيلَهُ فَكَانَ ذَلِكَ
بَيْعَ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
قَالَ
مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ حَلَّ الأََجَلُ ،
وَكَرِهَ الطَّعَامَ أَخَذَ بِهِ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِ
الإِقَالَةِ ، وَإِنَّمَا الإِقَالَةُ مَا لَمْ يَزْدَدْ فِيهِ الْبَائِعُ ، وَلاَ
الْمُشْتَرِي ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ بِنَسِيئَةٍ إِلَى أَجَلٍ ،
أَوْ بِشَيْءٍ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، أَوْ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ
بِهِ أَحَدُهُمَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالإِقَالَةِ ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ
الإِقَالَةُ إِذَا فَعَلاَ ذَلِكَ بَيْعًا ، وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِي الإِقَالَةِ
وَالشِّرْكِ ، وَالتَّوْلِيَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ
أَوْ نُقْصَانٌ ، أَوْ نَظِرَةٌ ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ
أَوْ نَظِرَةٌ صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا
يُحَرِّمُ الْبَيْعَ.
1877- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مَحْمُولَةً بَعْدَ
مَحِلِّ الأََجَلِ , قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ مَنْ سَلَّفَ فِي صِنْفٍ مِنَ
الأََصْنَافِ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ خَيْرًا مِمَّا سَلَّفَ فِيهِ أَوْ
أَدْنَى بَعْدَ مَحِلِّ الأََجَلِ ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي
حِنْطَةٍ مَحْمُولَةٍ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ شَعِيرًا أَوْ شَامِيَّةً ،
وَإِنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ عَجْوَةٍ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ صَيْحَانِيًّا
أَوْ جَمْعًا ، وَإِنْ سَلَّفَ فِي زَبِيبٍ أَحْمَرَ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ
أَسْوَدَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ مَحِلِّ الأََجَلِ ، إِذَا كَانَتْ
مَكِيلَةُ ذَلِكَ سَوَاءً بِمِثْلِ كَيْلِ مَا سَلَّفَ فِيهِ.
22- بَابُ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا.
1878- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ : فَنِيَ
عَلَفُ حِمَارِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ لِغُلاَمِهِ : خُذْ مِنْ
حِنْطَةِ أَهْلِكَ ، فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا ، وَلاَ تَأْخُذْ إِلاَّ مِثْلَهُ.
1879- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأََسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فَنِيَ عَلَفُ
دَابَّتِهِ ، فَقَالَ لِغُلاَمِهِ : خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِكَ طَعَامًا ،
فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا وَلاَ تَأْخُذْ إِلاَّ مِثْلَهُ.
1880- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مُعَيْقِيبٍ
الدَّوْسِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ .
قَالَ مَالِكٍ :
وَهُوَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
1881- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنْ لاَ تُبَاعَ الْحِنْطَةُ
بِالْحِنْطَةِ ، وَلاَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَلاَ الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ ،
وَلاَ التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ ، وَلاَ الْحِنْطَةُ بِالزَّبِيبِ ، وَلاَ شَيْءٌ
مِنَ الطَّعَامِ كُلِّهِ إِلاَّ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ
الأََجَلُ لَمْ يَصْلُحْ ، وَكَانَ حَرَامًا ، وَلاَ شَيْءَ مِنَ الأَُدْمِ
كُلِّهَا إِلاَّ يَدًا بِيَدٍ.
ج4.
الكتاب :
الْمُوَطَّأ رواية يَحيى بن يَحيى اللَّيثيِّ الأَنْدَلُسِيِّ
تأليف : الإمام
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الأَصْبَحِي
1882- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالأَُدْمِ ،
إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ : اثْنَانِ بِوَاحِدٍ ، فَلاَ يُبَاعُ مُدُّ
حِنْطَةٍ بِمُدَّيْ حِنْطَةٍ ، وَلاَ مُدُّ تَمْرٍ بِمُدَّيْ تَمْرٍ ، وَلاَ مُدُّ
زَبِيبٍ بِمُدَّيْ زَبِيبٍ ، وَلاَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ
وَالأَُدْمِ كُلِّهَا ، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ كَانَ يَدًا
بِيَدٍ ، إِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ ، وَالذَّهَبِ
بِالذَّهَبِ لاَ يَحِلُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْفَضْلُ ، وَلاَ يَحِلُّ إِلاَّ
مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ.
1883- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا اخْتَلَفَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ ،
فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا
بِيَدٍ ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ
، وَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ زَبِيبٍ ، وَصَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ
بِصَاعَيْنِ مِنْ سَمْنٍ ، فَإِذَا كَانَ الصِّنْفَانِ مِنْ هَذَا مُخْتَلِفَيْنِ
، فَلاَ بَأْسَ بِاثْنَيْنِ مِنْهُ بِوَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَدًا
بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الأََجَلُ فَلاَ يَحِلُّ.
1884- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ تَحِلُّ صُبْرَةُ الْحِنْطَةِ ، بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ ، وَلاَ بَأْسَ
بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ ، بِصُبْرَةِ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ
لاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ جِزَافًا.
1885- قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الطَّعَامِ وَالأَُدْمِ فَبَانَ
اخْتِلاَفُهُ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جِزَافًا يَدًا
بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَهُ الأََجَلُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا اشْتِرَاءُ
ذَلِكَ جِزَافًا كَاشْتِرَاءِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ جِزَافًا ,
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَنَّكَ تَشْتَرِي الْحِنْطَةَ بِالْوَرِقِ جِزَافًا ،
وَالتَّمْرَ بِالذَّهَبِ جِزَافًا فَهَذَا حَلاَلٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
1886- قَالَ مَالِكٌ
: وَمَنْ صَبَّرَ
صُبْرَةَ طَعَامٍ ، وَقَدْ عَلِمَ كَيْلَهَا ، ثُمَّ بَاعَهَا جِزَافًا وَكَتَمَ
عَلَى الْمُشْتَرِيَ كَيْلَهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، فَإِنْ أَحَبَّ
الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ عَلَى الْبَائِعِ رَدَّهُ بِمَا
كَتَمَهُ كَيْلَهُ وَغَرَّهُ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عَلِمَ الْبَائِعُ كَيْلَهُ ،
وَعَدَدَهُ مِنَ الطَّعَامِ ، وَغَيْرِهِ ، ثُمَّ بَاعَهُ جِزَافًا ، وَلَمْ
يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ
عَلَى الْبَائِعِ رَدَّهُ ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْ
ذَلِكَ.
1887- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ خَيْرَ فِي الْخُبْزِ قُرْصٍ بِقُرْصَيْنِ ، وَلاَ عَظِيمٍ بِصَغِيرٍ ،
إِذَا كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ أَكْبَرَ مِنْ بَعْضٍ ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ
يُتَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلاً بِمِثْلٍ فَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ.
1888- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَصْلُحُ مُدُّ زُبْدٍ وَمُدُّ لَبَنٍ ، بِمُدَّيْ زُبْدٍ ، وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي
وَصَفْنَا مِنَ التَّمْرِ الَّذِي يُبَاعُ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ وَصَاعًا مِنْ
حَشَفٍ بِثَلاَثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ عَجْوَةٍ ، حِينَ قَالَ لِصَاحِبِهِ : إِنَّ
صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ بِثَلاَثَةِ أَصْوُعٍ مِنَ الْعَجْوَةِ ، لاَ يَصْلُحُ
فَفَعَلَ ذَلِكَ لِيُجِيزَ بَيْعَهُ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ صَاحِبُ اللَّبَنِ
اللَّبَنَ مَعَ زُبْدِهِ لِيَأْخُذَ فَضْلَ زُبْدِهِ عَلَى زُبْدِ صَاحِبِهِ حِينَ
أَدْخَلَ مَعَهُ اللَّبَنَ.
1889- قَالَ مَالِكٌ : وَالدَّقِيقُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ لاَ
بَأْسَ بِهِ ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَخْلَصَ الدَّقِيقَ فَبَاعَهُ بِالْحِنْطَةِ
مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَلَوْ جَعَلَ نِصْفَ الْمُدِّ مِنْ دَقِيقٍ ، وَنِصْفَهُ مِنْ
حِنْطَةٍ فَبَاعَ ذَلِكَ بِمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ ، كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي
وَصَفْنَا لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ فَضْلَ
حِنْطَتِهِ الْجَيِّدَةِ حَتَّى جَعَلَ مَعَهَا الدَّقِيقَ فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ.
23- بَابُ جَامِعِ بَيْعِ
الطَّعَامِ.
1890- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، أَنَّهُ
سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ أَبْتَاعُ الطَّعَامَ يَكُونُ مِنَ الصُّكُوكِ
بِالْجَارِ ، فَرُبَّمَا ابْتَعْتُ مِنْهُ بِدِينَارٍ وَنِصْفِ دِرْهَمٍ فَأُعْطَى
بِالنِّصْفِ طَعَامًا ، فَقَالَ سَعِيدٌ : لاَ وَلَكِنْ أَعْطِ أَنْتَ دِرْهَمًا ،
وَخُذْ بَقِيَّتَهُ طَعَامًا.
1891- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يَقُولُ
: لاَ تَبِيعُوا
الْحَبَّ فِي سُنْبُلِهِ حَتَّى يَبْيَضَّ.
1892- قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى
أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَلَمَّا حَلَّ الأََجَلُ ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِصَاحِبِهِ
: لَيْسَ عِنْدِي طَعَامٌ ، فَبِعْنِي الطَّعَامَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ إِلَى
أَجَلٍ ، فَيَقُولُ صَاحِبُ الطَّعَامِ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ لأَنَّهُ قَدْ نَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى
، فَيَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : فَبِعْنِي طَعَامًا إِلَى
أَجَلٍ حَتَّى أَقْضِيَكَهُ ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ
طَعَامًا ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ فَيَصِيرُ الذَّهَبُ الَّذِي أَعْطَاهُ ثَمَنَ الطَّعَامِ
الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ ، وَيَصِيرُ الطَّعَامُ الَّذِي أَعْطَاهُ مُحَلِّلاً
فِيمَا بَيْنَهُمَا ، وَيَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَعَلاَهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ
أَنْ يُسْتَوْفَى.
1893- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ مِنْهُ ، وَلِغَرِيمِهِ عَلَى رَجُلٍ
طَعَامٌ مِثْلُ ذَلِكَ الطَّعَامِ ، فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ
لِغَرِيمِهِ : أُحِيلُكَ عَلَى غَرِيمٍ لِي ، عَلَيْهِ مِثْلُ الطَّعَامِ الَّذِي
لَكَ عَلَيَّ بِطَعَامِكَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ , قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ
الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ إِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ ، فَأَرَادَ أَنْ
يُحِيلَ غَرِيمَهُ بِطَعَامٍ ابْتَاعَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَذَلِكَ
بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ سَلَفًا حَالًّا
، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُحِيلَ بِهِ غَرِيمَهُ ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ ،
وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى لِنَهْيِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ
اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ
فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ مَالِكٌ
: وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ أَنْزَلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ،
وَلَمْ يُنْزِلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ ، وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُسَلِّفُ
الدَّرَاهِمَ النُّقَّصَ ، فَيُقْضَى دَرَاهِمَ وَازِنَةً فِيهَا فَضْلٌ ،
فَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ ، وَيَجُوزُ وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُ دَرَاهِمَ نُقَّصًا
بِوَازِنَةٍ ، لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ ، وَلَوِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَفَهُ
وَازِنَةً ، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ نُقَّصًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ.
1894- قَالَ مَالِكٌ
: وَمِمَّا يُشْبِهُ
ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ
الْمُزَابَنَةِ ، وَأَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ ،
وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ ذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْمُزَابَنَةِ بَيْعٌ عَلَى وَجْهِ
الْ مُكَايَسَةِ ، وَالتِّجَارَةِ ، وَأَنَّ بَيْعَ الْعَرَايَا عَلَى وَجْهِ
الْمَعْرُوفِ لاَ مُكَايَسَةَ فِيهِ.
1895- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ طَعَامًا بِرُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ
كِسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ . عَلَى أَنْ يُعْطَى بِذَلِكَ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ ،
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ طَعَامًا بِكِسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ
، ثُمَّ يُعْطَى دِرْهَمًا وَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً
مِنَ السِّلَعِ ، أَنَّهُ أَعْطَى الْكِسْرَ الَّذِي عَلَيْهِ ، فِضَّةً ،
وَأَخَذَ بِبَقِيَّةِ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ.
1896- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ عِنْدَ الرَّجُلِ
دِرْهَمًا ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ بِكِسْرٍ
مَعْلُومٍ سِلْعَةً مَعْلُومَةً ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سِعْرٌ
مَعْلُومٌ ، وَقَالَ الرَّجُلُ : آخُذُ مِنْكَ بِسِعْرِ كُلِّ يَوْمٍ ، فَهَذَا
لاَ يَحِلُّ لأَنَّهُ غَرَرٌ يَقِلُّ مَرَّةً ، وَيَكْثُرُ مَرَّةً ، وَلَمْ
يَفْتَرِقَا عَلَى بَيْعٍ مَعْلُومٍ.
1897- قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ بَاعَ طَعَامًا جِزَافًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا ، ثُمَّ بَدَا
لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ
يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا ، إِلاَّ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ
مِنْهُ ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ،
صَارَ ذَلِكَ إِلَى الْمُزَابَنَةِ ، وَإِلَى مَا يُكْرَهُ ، فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ
أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ
مِنْهُ ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ إِلاَّ الثُّلُثَ ، فَمَا
دُونَهُ ، وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
24- بَابُ الْحُكْرَةِ
وَالتَّرَبُّصِ.
1898- حَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ حُكْرَةَ
فِي سُوقِنَا ، لاَ يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ إِلَى
رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا ، فَيَحْتَكِرُونَهُ عَلَيْنَا ،
وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ عَلَى عَمُودِ كَبِدِهِ فِي الشِّتَاءِ
وَالصَّيْفِ ، فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ ،
وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ.
1899- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ
أَبِي بَلْتَعَةَ وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ بِالسُّوقِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ : إِمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ ، وَإِمَّا أَنْ تُرْفَعَ
مِنْ سُوقِنَا.
1900- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْ
حُكْرَةِ وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ
عَفَّانَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْحُكْرَةِ.
25- بَابُ مَا يَجُوزُ
مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَالسَّلَفِ فِيهِ.
1901- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَاعَ جَمَلاً
لَهُ يُدْعَى عُصَيْفِيرًا بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إِلَى أَجَلٍ.
1902- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اشْتَرَى رَاحِلَةً
بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ.
1903- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ :
بَيْعِ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
1904- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالْجَمَلِ
بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ ، وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ بَأْسَ
بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ ، الْجَمَلُ بِالْجَمَلِ
يَدًا بِيَدٍ ، وَالدَّرَاهِمُ إِلَى أَجَلٍ . قَالَ : وَلاَ خَيْرَ فِي الْجَمَلِ
بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ ، وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ . الدَّرَاهِمُ نَقْدًا ،
وَالْجَمَلُ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنْ أَخَّرْتَ الْجَمَلَ وَالدَّرَاهِمَ ، لاَ
خَيْرَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا.
1905- قَالَ مَالِكٌ
: وَلاَ بَأْسَ أَنْ
يَبْتَاعَ الْبَعِيرَ النَّجِيبَ بِالْبَعِيرَيْنِ ، أَوْ بِالأََبْعِرَةِ مِنَ
الْحَمُولَةِ مِنْ مَاشِيَةِ الإِبِلِ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَعَمٍ وَاحِدَةٍ ،
فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، إِذَا
اخْتَلَفَتْ فَبَانَ اخْتِلاَفُهَا ، وَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُهَا بَعْضًا ،
وَاخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا ، أَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ ، فَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا
اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.
1906- قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنْ يُؤْخَذَ
الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ فِي نَجَابَةٍ وَلاَ
رِحْلَةٍ فَإِذَا كَانَ هَذَا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ ، فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهُ
اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ
مِنْهَا ، قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ إِذَا
انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ.
1907- قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ سَلَّفَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَوَصَفَهُ ،
وَحَلاَّهُ ، وَنَقَدَ ثَمَنَهُ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَهُوَ لاَزِمٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ
عَلَى مَا وَصَفَا وَحَلَّيَا ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ
الْجَائِزِ بَيْنَهُمْ ، وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ
بِبَلَدِنَا.
26- بَابُ مَا لاَ
يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ.
1908- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ ، وَكَانَ
بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ
الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ، ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي
بَطْنِهَا.
1909- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
أَنَّهُ قَالَ : لاَ رِبًا فِي الْحَيَوَانِ ، وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنَ
الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلاَثَةٍ : عَنِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلاَقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ
، وَالْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إِنَاثِ الإِبِلِ ، وَالْمَلاَقِيحُ
بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ.
1910- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ إِذَا
كَانَ غَائِبًا عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ
ثَمَنَهُ لاَ قَرِيبًا وَلاَ بَعِيدًا.
1911- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ ، لأَنَّ الْبَائِعَ يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ ، وَلاَ
يُدْرَى هَلْ تُوجَدُ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَلَى مَا رَآهَا الْمُبْتَاعُ أَمْ لاَ
؟ فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ ، إِذَا كَانَ مَضْمُونًا مَوْصُوفًا.
27- بَابُ بَيْعِ
الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
1912- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
1913- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، أَنَّهُ
سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ : مِنْ مَيْسِرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ
بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ.
1914- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ : نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
قَالَ أَبُو
الزِّنَادِ : فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَرَأَيْتَ رَجُلاً اشْتَرَى
شَارِفًا بِعَشَرَةِ شِيَاهٍ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا
لِيَنْحَرَهَا ، فَلاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو
الزِّنَادِ : وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ النَّاسِ يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ
الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ
: وَكَانَ ذَلِكَ يُكْتَبُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ
عُثْمَانَ وَهِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.
28- بَابُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ.
1915- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي لَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ
وَالْغَنَمِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ ، أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَى
بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَزْنًا بِوَزْنٍ ، يَدًا بِيَدٍ ،
وَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ ، إِذَا تَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلاً
بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ.
1916- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ بِلَحْمِ الْحِيتَانِ ، بِلَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ،
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ كُلِّهَا ، اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ وَأَكْثَرَ
مِنْ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأََجَلُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ.
1917- قَالَ مَالِكٌ
: وَأَرَى لُحُومَ
الطَّيْرِ كُلَّهَا مُخَالِفَةً لِلُحُومِ الأََنْعَامِ ، وَالْحِيتَانِ ، فَلاَ
أَرَى بَأْسًا بِأَنْ يُشْتَرَى بَعْضُ ذَلِكَ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلاً يَدًا بِيَدٍ
، وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَجَلٍ.
29- بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ.
1918- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأََنْصَارِيِّ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.
يَعْنِي بِمَهْرِ
الْبَغِيِّ : مَا تُعْطَاهُ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا ، وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ
رَشْوَتُهُ ، وَمَا يُعْطَى عَلَى أَنْ يَتَكَهَّنَ.
1919- قَالَ مَالِكٌ :
أَكْرَهُ ثَمَنَ الْكَلْبِ الضَّارِي وَغَيْرِ الضَّارِي ، لِنَهْيِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ.
30- بَابُ السَّلَفِ
وَبَيْعِ الْعُرُوضِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ.
1920- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ.
1921- قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ
لِلرَّجُلِ آخُذُ سِلْعَتَكَ بِكَذَا وَكَذَا ، عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي كَذَا
وَكَذَا ، فَإِنْ عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ غَيْرُ
جَائِزٍ ، فَإِنْ تَرَكَ الَّذِي اشْتَرَطَ السَّلَفَ ، مَا اشْتَرَطَ مِنْهُ
كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ جَائِزًا.
1922- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى الثَّوْبُ مِنَ الْكَتَّانِ أَوِ الشَّطَوِيِّ أَوِ
الْقَصَبِيِّ بِالأََثْوَابِ مِنَ الإِتْرِيبِيِّ ، أَوِ الْقَسِّيِّ أَوِ
الزِّيقَةِ ، أَوِ الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَوِ الْمَرْوِيِّ بِالْمَلاَحِفِ الْيَمَانِيَّةِ
، وَالشَّقَائِقِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ بِالْاثْنَيْنِ أَوِ
الثَّلاَثَةِ يَدًا بِيَدٍ ، أَوْ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ
وَاحِدٍ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ نَسِيئَةٌ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ , قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَصْلُحُ حَتَّى يَخْتَلِفَ فَيَبِينَ اخْتِلاَفُهُ ، فَإِذَا أَشْبَهَ
بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضًا ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ ، فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ
اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ
الْهَرَوِيِّ ، بِالثَّوْبِ مِنَ الْمَرْوِيِّ أَوِ الْقُوهِيِّ إِلَى أَجَلٍ ،
أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْفُرْقُبِيِّ بِالثَّوْبِ مِنَ الشَّطَوِيِّ فَإِذَا
كَانَتْ هَذِهِ الأََجْنَاسُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهَا
اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.
1923- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا
قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ ، مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ
إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ.
31- بَابُ السُّلْفَةِ
فِي الْعُرُوضِ.
1924- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ
رَجُلٍ سَلَّفَ فِي سَبَائِبَ فَأَرَادَ بَيْعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا ؟
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : تِلْكَ الْوَرِقُ بِالْوَرِقِ وَكَرِهَ ذَلِكَ.
1925- قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ فِيمَا نُرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ
صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ ، بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي
ابْتَاعَهَا بِهِ ، وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَاهَا
مِنْهُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.
1926- قَالَ مَالِكٌ
: الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ
عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، فِيمَنْ سَلَّفَ فِي رَقِيقٍ ، أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ عُرُوضٍ
، فَإِذَا كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَوْصُوفًا ، فَسَلَّفَ فِيهِ إِلَى
أَجَلٍ ، فَحَلَّ الأََجَلُ ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لاَ يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ
ذَلِكَ مِنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ ، بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي
سَلَّفَهُ فِيهِ ، قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مَا سَلَّفَهُ فِيهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ
إِذَا فَعَلَهُ فَهُوَ الرِّبَا ، صَارَ الْمُشْتَرِي إِنْ أَعْطَى الَّذِي بَاعَهُ
دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ ، فَانْتَفَعَ بِهَا ، فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِ
السِّلْعَةُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي بَاعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِأَكْثَرَ
مِمَّا سَلَّفَهُ فِيهَا ، فَصَارَ أَنْ رَدَّ إِلَيْهِ مَا سَلَّفَهُ وَزَادَهُ
مِنْ عِنْدِهِ.
1927- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ سَلَّفَ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فِي حَيَوَانٍ
أَوْ عُرُوضٍ ، إِذَا كَانَ مَوْصُوفًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، ثُمَّ حَلَّ
الأََجَلُ ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ السِّلْعَةَ
مِنَ الْبَائِعِ ، قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الأََجَلُ أَوْ بَعْدَ مَا يَحِلُّ بِعَرْضٍ
مِنَ الْعُرُوضِ يُعَجِّلُهُ ، وَلاَ يُؤَخِّرُهُ ، بَالِغًا مَا بَلَغَ ذَلِكَ
الْعَرْضُ ، إِلاَّ الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى
يَقْبِضَهُ ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْ غَيْرِ
صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ ، أَوْ عَرْضٍ مِنَ
الْعُرُوضِ ، يَقْبِضُ ذَلِكَ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ ، لأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ ذَلِكَ
قَبُحَ ، وَدَخَلَهُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَالْكَالِئُ
بِالْكَالِئِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ عَلَى
رَجُلٍ آخَرَ.
1928- قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ سَلَّفَ فِي سِلْعَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَتِلْكَ السِّلْعَةُ مِمَّا لاَ
يُؤْكَلُ ، وَلاَ يُشْرَبُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ ،
بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا الَّذِي
اشْتَرَاهَا مِنْهُ ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنِ الَّذِي
ابْتَاعَهَا مِنْهُ ، إِلاَّ بِعَرْضٍ يَقْبِضُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ , قَالَ
مَالِكٌ : وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ لَمْ تَحِلَّ فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ
يَبِيعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهَا ، بَيِّنٍ خِلاَفُهُ
يَقْبِضُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ.
1929- قَالَ مَالِكٌ : فِيمَنْ سَلَّفَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فِي
أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَلَمَّا حَلَّ الأََجَلُ ،
تَقَاضَى صَاحِبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا عِنْدَهُ ، وَوَجَدَ عِنْدَهُ ثِيَابًا
دُونَهَا مِنْ صِنْفِهَا ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الأََثْوَابُ :
أُعْطِيكَ بِهَا ثَمَانِيَةَ أَثْوَابٍ مِنْ ثِيَابِي هَذِهِ ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ
بِذَلِكَ ، إِذَا أَخَذَ تِلْكَ الأََثْوَابَ الَّتِي يُعْطِيهِ قَبْلَ أَنْ
يَفْتَرِقَا ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأََجَلُ ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ ، وَإِنْ
كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ مَحِلِّ الأََجَلِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ أَيْضًا ، إِلاَّ
أَنْ يَبِيعَهُ ثِيَابًا لَيْسَتْ مِنْ صِنْفِ الثِّيَابِ الَّتِي سَلَّفَهُ فِيهَا.
32- بَابُ بَيْعِ
النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا يُوزَنُ.
1930- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا كَانَ مِمَّا يُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ : مِنَ النُّحَاسِ وَالشَّبَهِ وَالرَّصَاصِ وَالآنُكِ ،
وَالْحَدِيدِ ، وَالْقَضْبِ وَالتِّينِ ، وَالْكُرْسُفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ،
مِمَّا يُوزَنُ ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ
بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ رِطْلُ حَدِيدٍ بِرِطْلَيْ
حَدِيدٍ وَرِطْلُ صُفْرٍ بِرِطْلَيْ صُفْرٍ.
1931- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ خَيْرَ فِيهِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ،
فَإِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ مِنْ ذَلِكَ ، فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا ، فَلاَ
بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِنْ كَانَ
الصِّنْفُ مِنْهُ يُشْبِهُ الصِّنْفَ الآخَرَ ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الاِسْمِ
مِثْلُ الرَّصَاصِ وَالآنُكِ وَالشَّبَهِ وَالصُّفْرِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ
يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.
1932- قَالَ مَالِكٌ : وَمَا اشْتَرَيْتَ مِنْ هَذِهِ الأََصْنَافِ كُلِّهَا
، فَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ
الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ ، إِذَا قَبَضْتَ ثَمَنَهُ ، إِذَا كُنْتَ اشْتَرَيْتَهُ
كَيْلاً أَوْ وَزْنًا ، فَإِنِ اشْتَرَيْتَهُ جِزَافًا فَبِعْهُ مِنْ غَيْرِ
الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ ، بِنَقْدٍ أَوْ إِلَى أَجَلٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ
ضَمَانَهُ مِنْكَ إِذَا اشْتَرَيْتَهُ جِزَافًا ، وَلاَ يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْكَ
إِذَا اشْتَرَيْتَهُ وَزْنًا حَتَّى تَزِنَهُ وَتَسْتَوْفِيَهُ ، وَهَذَا أَحَبُّ
مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذِهِ الأََشْيَاءِ كُلِّهَا ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ
يَزَلْ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا.
1933- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ وَلاَ
يُشْرَبُ مِثْلُ : الْعُصْفُرِ وَالنَّوَى ، وَالْخَبَطِ وَالْكَتَمِ وَمَا يُشْبِهُ
ذَلِكَ ، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ
يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ
إِلَى أَجَلٍ ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا ، فَلاَ
بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَمَا
اشْتُرِيَ مِنْ هَذِهِ الأََصْنَافِ كُلِّهَا ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ
قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى إِذَا قَبَضَ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي
اشْتَرَاهُ مِنْهُ.
1934- قَالَ مَالِكٌ :
وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ مِنَ الأََصْنَافِ كُلِّهَا ، وَإِنْ
كَانَتِ الْحَصْبَاءَ وَالْقَصَّةَ ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلَيْهِ
إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ رِبًا ، وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ وَزِيَادَةُ شَيْءٍ
مِنَ الأََشْيَاءِ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ رِبًا.
33- بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
1935- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
1936- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَجُلٍ : ابْتَعْ لِي هَذَا
الْبَعِيرَ بِنَقْدٍ ، حَتَّى أَبْتَاعَهُ مِنْكَ إِلَى أَجَلٍ ، فَسُئِلَ عَنْ
ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَرِهَهُ وَنَهَى عَنْهُ.
1937- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ :
اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا ، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا
إِلَى أَجَلٍ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ.
1938- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ ابْتَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا ، أَوْ
بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ ، قَدْ وَجَبَتْ لِلْمُشْتَرِي بِأَحَدِ
الثَّمَنَيْنِ ، إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي ذَلِكَ لأَنَّهُ إِنْ أَخَّرَ الْعَشَرَةَ
كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنْ نَقَدَ الْعَشَرَةَ كَانَ إِنَّمَا
اشْتَرَى بِهَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي إِلَى أَجَلٍ.
1939- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِدِينَارٍ
نَقْدًا ، أَوْ بِشَاةٍ مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِأَحَدِ
الثَّمَنَيْنِ ، إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ، لاَ يَنْبَغِي لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ، وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ
فِي بَيْعَةٍ.
1940- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ : أَشْتَرِي مِنْكَ هَذِهِ الْعَجْوَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ
صَاعًا أَوِ الصَّيْحَانِيَّ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ ، أَوِ الْحِنْطَةَ الْمَحْمُولَةَ
خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا ، أَوِ الشَّامِيَّةَ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ بِدِينَارٍ ، قَدْ
وَجَبَتْ لِي إِحْدَاهُمَا ، إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لاَ يَحِلُّ ، وَذَلِكَ
أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ لَهُ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ صَيْحَانِيًّا فَهُوَ يَدَعُهَا ،
وَيَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنَ الْعَجْوَةِ ، أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ
خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنَ الْحِنْطَةِ الْمَحْمُولَةِ ، فَيَدَعُهَا وَيَأْخُذُ
عَشَرَةَ أَصْوُعٍ مِنَ الشَّامِيَّةِ ، فَهَذَا أَيْضًا مَكْرُوهٌ لاَ يَحِلُّ ،
وَهُوَ أَيْضًا يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ، وَهُوَ
أَيْضًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُبَاعَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الطَّعَامِ
اثْنَانِ بِوَاحِدٍ.
34- بَابُ بَيْعِ الْغَرَرِ.
1941- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
1942- قَالَ مَالِكٌ :
وَمِنَ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ قَدْ ضَلَّتْ
دَابَّتُهُ ، أَوْ أَبَقَ غُلاَمُهُ ، وَثَمَنُ الشَّيْءِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُونَ
دِينَارًا ، فَيَقُولُ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُ مِنْكَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا ،
فَإِنْ وَجَدَهُ الْمُبْتَاعُ ذَهَبَ مِنَ الْبَائِعِ ثَلاَثُونَ دِينَارًا ، وَإِنْ
لَمْ يَجِدْهُ ذَهَبَ الْبَائِعُ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَفِي ذَلِكَ عَيْبٌ آخَرُ إِنَّ تِلْكَ الضَّالَّةَ ، إِنْ وُجِدَتْ ، لَمْ
يُدْرَ أَزَادَتْ أَمْ نَقَصَتْ ، أَمْ مَا حَدَثَ بِهَا مِنَ الْعُيُوبِ فَهَذَا
أَعْظَمُ الْمُخَاطَرَةِ.
1943- قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ
اشْتِرَاءَ مَا فِي بُطُونِ الإِنَاثِ مِنَ النِّسَاءِ وَالدَّوَابِّ ، لأَنَّهُ
لاَ يُدْرَى أَيَخْرُجُ أَمْ لاَ يَخْرُجُ ؟ فَإِنْ خَرَجَ لَمْ يُدْرَ أَيَكُونُ
حَسَنًا أَمْ قَبِيحًا ؟ أَمْ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا ؟ أَمْ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى
؟ وَذَلِكَ كُلُّهُ يَتَفَاضَلُ ، إِنْ كَانَ عَلَى كَذَا فَقِيمَتُهُ كَذَا ،
وَإِنْ كَانَ عَلَى كَذَا فَقِيمَتُهُ كَذَا.
1944- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَنْبَغِي بَيْعُ الإِنَاثِ ، وَاسْتِثْنَاءُ مَا فِي بُطُونِهَا ، وَذَلِكَ
أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : ثَمَنُ شَاتِي الْغَزِيرَةِ ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ
فَهِيَ لَكَ بِدِينَارَيْنِ ، وَلِي مَا فِي بَطْنِهَا ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ
لأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ.
1945- قَالَ مَالِكٌ
: وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ
الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ ، وَلاَ الْجُلْجُلاَنِ بِدُهْنِ الْجُلْجُلاَنِ ، وَلاَ
الزُّبْدِ بِالسَّمْنِ ، لأَنَّ الْمُزَابَنَةَ تَدْخُلُهُ ، وَلأَنَّ الَّذِي
يَشْتَرِي الْحَبَّ وَمَا أَشْبَهَهُ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ ،
لاَ يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ ؟ فَهَذَا
غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ.
قَالَ
مَالِكٌ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا اشْتِرَاءُ حَبِّ الْبَانِ بِالسَّلِيخَةِ
فَذَلِكَ غَرَرٌ ، لأَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ حَبِّ الْبَانِ هُوَ السَّلِيخَةُ
، وَلاَ بَأْسَ بِحَبِّ الْبَانِ بِالْبَانِ الْمُطَيَّبِ لأَنَّ الْبَانَ
الْمُطَيَّبَ قَدْ طُيِّبَ وَنُشَّ وَتَحَوَّلَ عَنْ حَالِ السَّلِيخَةِ
1946- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ
بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ لاَ نُقْصَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ ،
إِنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ غَيْرُ جَائِزٍ وَهُوَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ ، وَتَفْسِيرُ
ذَلِكَ : أَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِرِبْحٍ ، إِنْ كَانَ فِي تِلْكَ
السِّلْعَةِ ، وَإِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِنُقْصَانٍ فَلاَ شَيْءَ لَهُ
، وَذَهَبَ عَنَاؤُهُ بَاطِلاً ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ وَلِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا
أُجْرَةٌ بِمِقْدَارِ مَا عَالَجَ مِنْ ذَلِكَ ، وَمَا كَانَ فِي تِلْكَ
السِّلْعَةِ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ رِبْحٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا
يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ وَبِيعَتْ ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ فُسِخَ
الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.
1947- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً يَبُتُّ بَيْعَهَا ، ثُمَّ
يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي ، فَيَقُولُ لِلْبَائِعِ : ضَعْ عَنِّي فَيَأْبَى
الْبَائِعُ ، وَيَقُولُ : بِعْ فَلاَ نُقْصَانَ عَلَيْكَ ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ
بِهِ ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَضَعَهُ لَهُ
، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ عَقَدَا بَيْعَهُمَا ، وَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ الأََمْرُ
عِنْدَنَا.
35- بَابُ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
1948- حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، وَعَنْ أَبِي
الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَالْمُلاَمَسَةُ : أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ ، وَلاَ يَنْشُرُهُ ، وَلاَ
يَتَبَيَّنُ مَا فِيهِ ، أَوْ يَبْتَاعَهُ لَيْلاً ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا فِيهِ ، وَالْمُنَابَذَةُ
أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ ، وَيَنْبِذَ الآخَرُ إِلَيْهِ
ثَوْبَهُ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا ، وَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
هَذَا بِهَذَا ، فَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْمُلاَمَسَةِ
وَالْمُنَابَذَةِ.
1949- قَالَ مَالِكٌ
: فِي السَّاجِ
الْمُدْرَجِ فِي جِرَابِهِ ، أَوِ الثَّوْبِ الْقُبْطِيِّ الْمُدْرَجِ فِي طَيِّهِ
، إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا ، حَتَّى يُنْشَرَا ، وَيُنْظَرَ إِلَى مَا فِي
أَجْوَافِهِمَا ، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَهُمَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ ، وَهُوَ مِنَ
الْمُلاَمَسَةِ.
1950- قَالَ مَالِكٌ :
وَبَيْعُ الأََعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ ، مُخَالِفٌ لِبَيْعِ السَّاجِ فِي
جِرَابِهِ ، وَالثَّوْبِ فِي طَيِّهِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَرَقَ بَيْنَ
ذَلِكَ الأََمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ ،
وَمَا مَضَى مِنْ عَمَلِ الْمَاضِينَ فِيهِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بُيُوعِ
النَّاسِ الْجَائِزَةِ ، وَالتِّجَارَةِ بَيْنَهُمِ الَّتِي لاَ يَرَوْنَ بِهَا بَأْسًا
، لأَنَّ بَيْعَ الأََعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ عَلَى غَيْرِ نَشْرٍ ، لاَ
يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ ، وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْمُلاَمَسَةَ.
36- بَابُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ حَدَّثَنِي يَحْيَى.
1951- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْبَزِّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ
بِبَلَدٍ ، ثُمَّ يَقْدَمُ بِهِ بَلَدًا آخَرَ ، فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً إِنَّهُ
لاَ يَحْسِبُ فِيهِ أَجْرَ السَّمَاسِرَةِ ، وَلاَ أَجْرَ الطَّيِّ ، وَلاَ
الشَّدِّ ، وَلاَ النَّفَقَةَ ، وَلاَ كِرَاءَ بَيْتٍ ، فَأَمَّا كِرَاءُ الْبَزِّ
فِي حُمْلاَنِهِ ، فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ ، وَلاَ يُحْسَبُ
فِيهِ رِبْحٌ ، إِلاَّ أَنْ يُعْلِمَ الْبَائِعُ مَنْ يُسَاوِمُهُ بِذَلِكَ
كُلِّهِ ، فَإِنْ رَبَّحُوهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَلاَ
بَأْسَ بِهِ.
1952- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الْقِصَارَةُ ، وَالْخِيَاطَةُ ، وَالصِّبَاغُ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ،
فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَزِّ يُحْسَبُ فِيهِ الرِّبْحُ كَمَا يُحْسَبُ فِي
الْبَزِّ ، فَإِنْ بَاعَ الْبَزَّ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِمَّا سَمَّيْتُ
إِنَّهُ لاَ يُحْسَبُ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ ، فَإِنْ فَاتَ الْبَزُّ ، فَإِنَّ
الْكِرَاءَ يُحْسَبُ ، وَلاَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ رِبْحٌ ، فَإِنْ لَمْ يَفُتِ
الْبَزُّ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بَيْنَهُمَا ، إِلاَّ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى
شَيْءٍ مِمَّا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا.
1953- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِالذَّهَبِ أَوْ
بِالْوَرِقِ ، وَالصَّرْفُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ ،
فَيَقْدَمُ بِهِ بَلَدًا فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً ، أَوْ يَبِيعُهُ حَيْثُ
اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً عَلَى صَرْفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي بَاعَهُ فِيهِ ،
فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ ابْتَاعَهُ بِدَرَاهِمَ ، وَبَاعَهُ بِدَنَانِيرَ ، أَوِ
ابْتَاعَهُ بِدَنَانِيرَ ، وَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ ، وَكَانَ الْمَتَاعُ لَمْ
يَفُتْ ، فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ ، وَإِنْ شَاءَ
تَرَكَهُ ، فَإِنْ فَاتَ الْمَتَاعُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي
ابْتَاعَهُ بِهِ الْبَائِعُ ، وَيُحْسَبُ لِلْبَائِعِ الرِّبْحُ عَلَى مَا
اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى مَا رَبَّحَهُ الْمُبْتَاعُ.
1954- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ ، لِلْعَشَرَةِ
أَحَدَ عَشَرَ ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِتِسْعِينَ
دِينَارًا ، وَقَدْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ خُيِّرَ الْبَائِعُ ، فَإِنْ أَحَبَّ
فَلَهُ قِيمَةُ سِلْعَتِهِ يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ
الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِهِ الْبَيْعُ أَوَّلَ
يَوْمٍ ، فَلاَ يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِينَارٍ
وَعَشْرَةُ دَنَانِيرَ ، وَإِنْ أَحَبَّ ضُرِبَ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى التِّسْعِينَ
، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ مِنَ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنَ
الْقِيمَةِ فَيُخَيَّرُ فِي الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ وَفِي رَأْسِ مَالِهِ
وَرِبْحِهِ وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِينَارًا.
1955- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً مُرَابَحَةً ، فَقَالَ
: قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ . ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا
قَامَتْ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا . خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ ، فَإِنْ شَاءَ
أَعْطَى الْبَائِعَ قِيمَةَ السِّلْعَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الثَّمَنَ
الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ عَلَى حِسَابِ مَا رَبَّحَهُ . بَالِغًا مَا بَلَغَ .
إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ
السِّلْعَةَ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنَقِّصَ رَبَّ السِّلْعَةِ مِنَ الثَّمَنِ
الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ رَضِيَ بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا
جَاءَ رَبُّ السِّلْعَةِ يَطْلُبُ الْفَضْلَ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا
حُجَّةٌ عَلَى الْبَائِعِ . بِأَنْ يَضَعَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ عَلَى
الْبَرْنَامَجِ.
37- بَابُ الْبَيْعِ
عَلَى الْبَرْنَامَجِ.
1956- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْقَوْمِ يَشْتَرُونَ السِّلْعَةَ الْبَزَّ ، أَوِ
الرَّقِيقَ ، فَيَسْمَعُ بِهِ الرَّجُلُ فَيَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْهُمُ الْبَزُّ
الَّذِي اشْتَرَيْتَ مِنْ فُلاَنٍ ، قَدْ بَلَغَتْنِي صِفَتُهُ وَأَمْرُهُ ،
فَهَلْ لَكَ أَنْ أُرْبِحَكَ فِي نَصِيبِكَ كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : نَعَمْ
فَيُرْبِحُهُ ، وَيَكُونُ شَرِيكًا لِلْقَوْمِ مَكَانَهُ ، فَإِذَا نَظَرَ
إِلَيْهِ رَآهُ قَبِيحًا وَاسْتَغْلاَهُ , قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ ،
وَلاَ خِيَارَ لَهُ فِيهِ ، إِذَا كَانَ ابْتَاعَهُ عَلَى بَرْنَامَجٍ وَصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ.
1957- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ لَهُ أَصْنَافٌ مِنَ الْبَزِّ
، وَيَحْضُرُهُ السُّوَّامُ ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمْ بَرْنَامَجَهُ ، وَيَقُولُ :
فِي كُلِّ عِدْلٍ كَذَا وَكَذَا مِلْحَفَةً بَصْرِيَّةً ، وَكَذَا وَكَذَا
رَيْطَةً سَابِرِيَّةً ذَرْعُهَا كَذَا وَكَذَا ، وَيُسَمِّي لَهُمْ أَصْنَافًا
مِنَ الْبَزِّ بِأَجْنَاسِهِ ، وَيَقُولُ : اشْتَرُوا مِنِّي عَلَى هَذِهِ
الصِّفَةِ ، فَيَشْتَرُونَ الأََعْدَالَ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُمْ ثُمَّ
يَفْتَحُونَهَا فَيَسْتَغْلُونَهَا وَيَنْدَمُونَ , قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ
لاَزِمٌ لَهُمْ إِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْبَرْنَامَجِ الَّذِي بَاعَهُمْ
عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا يُجِيزُونَهُ
بَيْنَهُمْ ، إِذَا كَانَ الْمَتَاعُ مُوَافِقًا لِلْبَرْنَامَجِ وَلَمْ يَكُنْ
مُخَالِفًا لَهُ.
38- بَابُ بَيْعِ
الْخِيَارِ.
1958- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى
صَاحِبِهِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ.
1959- قَالَ مَالِكٌ :
وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ ، وَلاَ أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ.
1960- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَيُّمَا بَيِّعَيْنِ تَبَايَعَا ، فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ.
1961- قَالَ مَالِكٌ : فِيمَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً ، فَقَالَ الْبَائِعُ
: عِنْدَ مُوَاجَبَةِ الْبَيْعِ : أَبِيعُكَ عَلَى أَنْ أَسْتَشِيرَ فُلاَنًا ، فَإِنْ رَضِيَ فَقَدْ
جَازَ الْبَيْعُ ، وَإِنْ كَرِهَ فَلاَ بَيْعَ بَيْنَنَا ، فَيَتَبَايَعَانِ عَلَى
ذَلِكَ . ثُمَّ يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَسْتَشِيرَ الْبَائِعُ فُلاَنًا
: إِنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ لاَزِمٌ لَهُمَا ، عَلَى مَا وَصَفَا ، وَلاَ خِيَارَ
لِلْمُبْتَاعِ ، وَهُوَ لاَزِمٌ لَهُ . إِنْ أَحَبَّ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ
الْبَائِعُ أَنْ يُجِيزَهُ.
1962- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ ،
فَيَخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ ، فَيَقُولُ الْبَائِعُ بِعْتُكَهَا بِعَشَرَةِ
دَنَانِيرَ ، وَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ ابْتَعْتُهَا مِنْكَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ .
إِنَّهُ يُقَالُ لِلْبَائِعِ : إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِهَا لِلْمُشْتَرِي بِمَا قَالَ
، وَإِنْ شِئْتَ فَاحْلِفْ بِاللَّهِ مَا بِعْتَ سِلْعَتَكَ إِلاَّ بِمَا قُلْتَ ،
فَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي : إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ السِّلْعَةَ بِمَا
قَالَ الْبَائِعُ ، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ بِاللَّهِ مَا اشْتَرَيْتَهَا إِلاَّ بِمَا
قُلْتَ ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ.
39- بَابُ مَا جَاءَ فِي الرِّبَا فِي الدَّيْنِ.
1963- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدٍ
أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى السَّفَّاحِ أَنَّهُ قَالَ : بِعْتُ بَزًّا لِي مِنْ أَهْلِ
دَارِ نَخْلَةَ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى الْكُوفَةِ
فَعَرَضُوا عَلَيَّ أَنْ أَضَعَ عَنْهُمْ بَعْضَ الثَّمَنِ ، وَيَنْقُدُونِي
فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ : لاَ آمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَ
هَذَا وَلاَ تُوكِلَهُ.
1964- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ خَلْدَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ
سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ
عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّجُلِ إِلَى أَجَلٍ ، فَيَضَعُ
عَنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ ، وَيُعَجِّلُهُ الآخَرُ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عُمَرَ وَنَهَى عَنْهُ.
1965- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الرِّبَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ
، أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِذَا حَلَّ
الأََجَلُ ، قَالَ : أَتَقْضِي أَمْ تُرْبِي ؟ فَإِنْ قَضَى أَخَذَ ، وَإِلاَّ زَادَهُ
فِي حَقِّهِ ، وَأَخَّرَ عَنْهُ فِي الأََجَلِ.
1966- قَالَ مَالِكٌ :
وَالأََمْرُ الْمَكْرُوهُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا ، أَنْ يَكُونَ
لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ إِلَى أَجَلٍ ، فَيَضَعُ عَنْهُ الطَّالِبُ
، وَيُعَجِّلُهُ الْمَطْلُوبُ ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُؤَخِّرُ
دَيْنَهُ بَعْدَ مَحِلِّهِ عَنْ غَرِيمِهِ ، وَيَزِيدُهُ الْغَرِيمُ فِي حَقِّهِ ،
قَالَ : فَهَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ لاَ شَكَّ فِيهِ.
1967- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ مِائَةُ
دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِذَا حَلَّتْ ، قَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ
: بِعْنِي سِلْعَةً يَكُونُ ثَمَنُهَا مِائَةَ دِينَارٍ نَقْدًا ، بِمِائَةٍ
وَخَمْسِينَ إِلَى أَجَلٍ ، هَذَا بَيْعٌ لاَ يَصْلُحُ ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ
الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ
بِعَيْنِهِ ، وَيُؤَخِّرُ عَنْهُ الْمِائَةَ الأَُولَى إِلَى الأََجَلِ الَّذِي
ذَكَرَ لَهُ آخِرَ مَرَّةٍ ، وَيَزْدَادُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِينَارًا فِي
تَأْخِيرِهِ عَنْهُ ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ ، وَلاَ يَصْلُحُ ، وَهُوَ أَيْضًا
يُشْبِهُ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي بَيْعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ،
إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا حَلَّتْ دُيُونُهُمْ ، قَالُوا لِلَّذِي عَلَيْهِ
الدَّيْنُ : إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ ، وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ ، فَإِنْ قَضَى
أَخَذُوا ، وَإِلاَّ زَادُوهُمْ فِي حُقُوقِهِمْ وَزَادُوهُمْ فِي الأََجَلِ.
40- بَابُ جَامِعِ
الدَّيْنِ وَالْحِوَلِ.
1968- حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ،
وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ.
1969- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ
رَجُلاً يَسْأَلُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ أَبِيعُ
بِالدَّيْنِ ، فَقَالَ سَعِيدٌ : لاَ تَبِعْ إِلاَّ مَا آوَيْتَ إِلَى رَحْلِكَ.
1970- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الَّذِي يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ تِلْكَ
السِّلْعَةَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِمَّا لِسُوقٍ يَرْجُو نَفَاقَهَا فِيهِ
وَإِمَّا لِحَاجَةٍ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الَّذِي اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ثُمَّ
يُخْلِفُهُ الْبَائِعُ عَنْ ذَلِكَ الأََجَلِ فَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَدَّ تِلْكَ
السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّ
الْبَيْعَ لاَزِمٌ لَهُ وَإِنَّ الْبَائِعَ لَوْ جَاءَ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ
قَبْلَ مَحِلِّ الأََجَلِ لَمْ يُكْرَهِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِهَا.
1971- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الَّذِي يَشْتَرِي الطَّعَامَ فَيَكْتَالُهُ ، ثُمَّ يَأْتِيهِ مَنْ يَشْتَرِيهِ
مِنْهُ ، فَيُخْبِرُ الَّذِي يَأْتِيهِ أَنَّهُ قَدِ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ
وَاسْتَوْفَاهُ ، فَيُرِيدُ الْمُبْتَاعُ أَنْ يُصَدِّقَهُ ، وَيَأْخُذَهُ
بِكَيْلِهِ ، إِنَّ مَا بِيعَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ بِنَقْدٍ فَلاَ بَأْسَ بِهِ
، وَمَا بِيعَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ حَتَّى
يَكْتَالَهُ الْمُشْتَرِي الآخَرُ لِنَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا كُرِهَ الَّذِي إِلَى
أَجَلٍ لأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا ، وَتَخَوُّفٌ أَنْ يُدَارَ ذَلِكَ عَلَى
هَذَا الْوَجْهِ بِغَيْرِ كَيْلٍ ، وَلاَ وَزْنٍ ، فَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ
فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
1972- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَى دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ
، وَلاَ حَاضِرٍ إِلاَّ بِإِقْرَارٍ مِنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، وَلاَ
عَلَى مَيِّتٍ ، وَإِنْ عَلِمَ الَّذِي تَرَكَ الْمَيِّتُ ، وَذَلِكَ أَنَّ
اشْتِرَاءَ ذَلِكَ غَرَرٌ ، لاَ يُدْرَى أَيَتِمُّ أَمْ لاَ يَتِمُّ ؟.
قَالَ : وَتَفْسِيرُ
مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ ، أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ ، أَوْ
مَيِّتٍ أَنَّهُ لاَ يُدْرَى مَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ
يُعْلَمْ بِهِ ، فَإِنْ لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ ذَهَبَ الثَّمَنُ الَّذِي أَعْطَى
الْمُبْتَاعُ بَاطِلاً.
قَالَ مَالِكٌ :
وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا عَيْبٌ آخَرُ ، أَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ
لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ ذَهَبَ ثَمَنُهُ بَاطِلاً فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ.
1973- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ أَنْ لاَ يَبِيعَ الرَّجُلُ إِلاَّ مَا عِنْدَهُ ،
وَأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلُهُ ، أَنَّ صَاحِبَ
الْعِينَةِ ، إِنَّمَا يَحْمِلُ ذَهَبَهُ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا ،
فَيَقُولُ هَذِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، فَمَا تُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ لَكَ بِهَا
؟ فَكَأَنَّهُ يَبِيعُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْدًا ، بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا
إِلَى أَجَلٍ ، فَلِهَذَا كُرِهَ هَذَا ، وَإِنَّمَا تِلْكَ الدُّخْلَةُ
وَالدُّلْسَةُ.
41- بَابُ مَا جَاءَ فِي الشِّرْكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ.
1974- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَبِيعُ الْبَزَّ الْمُصَنَّفَ ، وَيَسْتَثْنِي ثِيَابًا بِرُقُومِهَا ،
إِنَّهُ إِنِ اشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ الرَّقْمَ ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ
، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُ حِينَ اسْتَثْنَى ، فَإِنِّي
أَرَاهُ شَرِيكًا فِي عَدَدِ الْبَزِّ الَّذِي اشْتُرِيَ مِنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ
يَكُونُ رَقْمُهُمَا سَوَاءً وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ.
1975- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ
وَالإِقَالَةِ مِنْهُ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ ، قَبَضَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ
يَقْبِضْ ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ ، وَلاَ
وَضِيعَةٌ ، وَلاَ تَأْخِيرٌ لِلثَّمَنِ ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ رِبْحٌ أَوْ
وَضِيعَةٌ أَوْ تَأْخِيرٌ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا
يُحِلُّ الْبَيْعَ ، وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ ، وَلَيْسَ بِشِرْكٍ وَلاَ
تَوْلِيَةٍ وَلاَ إِقَالَةٍ.
1976- قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بَزًّا أَوْ رَقِيقًا ،
فَبَتَّ بِهِ ، ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُشَرِّكَهُ فَفَعَلَ ، وَنَقَدَا
الثَّمَنَ صَاحِبَ السِّلْعَةِ جَمِيعًا ، ثُمَّ أَدْرَكَ السِّلْعَةَ شَيْءٌ
يَنْتَزِعُهَا مِنْ أَيْدِيهِمَا ، فَإِنَّ الْمُشَرَّكَ يَأْخُذُ مِنِ الَّذِي أَشْرَكَهُ
الثَّمَنَ ، وَيَطْلُبُ الَّذِي أَشْرَكَ بَيِّعَهُ الَّذِي بَاعَهُ السِّلْعَةَ
بِالثَّمَنِ كُلِّهِ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشَرِّكُ عَلَى الَّذِي
أَشْرَكَ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ ، وَعِنْدَ مُبَايَعَةِ الْبَائِعِ الأََوَّلِ ،
وَقَبْلَ أَنْ يَتَفَاوَتَ ذَلِكَ أَنَّ عُهْدَتَكَ عَلَى الَّذِي ابْتَعْتُ
مِنْهُ ، وَإِنْ تَفَاوَتَ ذَلِكَ ، وَفَاتَ الْبَائِعَ الأََوَّلَ فَشَرْطُ
الآخَرِ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ.
1977- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ،
وَانْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ . حِينَ
قَالَ : انْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ سَلَفٌ يُسْلِفُهُ
إِيَّاهُ ، عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا لَهُ ، وَلَوْ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ
هَلَكَتْ ، أَوْ فَاتَتْ ، أَخَذَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي نَقَدَ الثَّمَنَ .
مِنْ شَرِيكِهِ مَا نَقَدَ عَنْهُ فَهَذَا مِنَ السَّلَفِ الَّذِي يَجُرُّ
مَنْفَعَةً.
1978- قَالَ مَالِكٌ :
وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ سِلْعَةً ، فَوَجَبَتْ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجُلٌ
: أَشْرِكْنِي بِنِصْفِ هَذِهِ السِّلْعَةِ ، وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ جَمِيعًا ،
كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا بَيْعٌ
جَدِيدٌ . بَاعَهُ نِصْفَ السِّلْعَةِ ، عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ
الآخَرَ.
42- بَابُ مَا جَاءَ فِي إِفْلاَسِ الْغَرِيمِ.
1979- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا ، فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْهُ ، وَلَمْ
يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا ، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ
بِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ
الْغُرَمَاءِ.
1980- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ ، فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ ، فَهُوَ أَحَقُّ
بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
1981- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ ، فَإِنَّ الْبَائِعَ
إِذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي
قَدْ بَاعَ بَعْضَهُ ، وَفَرَّقَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ
الْغُرَمَاءِ ، لاَ يَمْنَعُهُ مَا فَرَّقَ الْمُبْتَاعُ مِنْهُ ، أَنْ يَأْخُذَ
مَا وَجَدَ بِعَيْنِهِ ، فَإِنِ اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِ الْمُبْتَاعِ شَيْئًا
فَأَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْبِضَ مَا وَجَدَ مِنْ مَتَاعِهِ ، وَيَكُونَ
فِيمَا لَمْ يَجِدْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فَذَلِكَ لَهُ.
1982- قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ غَزْلاً أَوْ مَتَاعًا أَوْ بُقْعَةً
مِنَ الأََرْضِ ثُمَّ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَى عَمَلاً بَنَى الْبُقْعَةَ
دَارًا ، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ ثَوْبًا ، ثُمَّ أَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَ ذَلِكَ
، فَقَالَ : رَبُّ الْبُقْعَةِ أَنَا آخُذُ الْبُقْعَةَ وَمَا فِيهَا مِنَ
الْبُنْيَانِ ، إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ، وَلَكِنْ تُقَوَّمُ الْبُقْعَةُ وَمَا
فِيهَا ، مِمَّا أَصْلَحَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُ الْبُقْعَةِ ؟
وَكَمْ ثَمَنُ الْبُنْيَانِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ ؟ ثُمَّ يَكُونَانِ
شَرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ ، بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ
بِقَدْرِ حِصَّةِ الْبُنْيَانِ.
قَالَ
مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَلْفَ
دِرْهَمٍ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَتَكُونُ قِيمَةُ الْبُقْعَةِ خَمْسَمِائَةِ
دِرْهَمٍ ، وَقِيمَةُ الْبُنْيَانِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ
الثُّلُثُ ، وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ الثُّلُثَانِ.
1983- قَالَ مَالِكٌ :
وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ وَغَيْرُهُ مِمَّا أَشْبَهَهُ ، إِذَا دَخَلَهُ هَذَا ،
وَلَحِقَ الْمُشْتَرِيَ دَيْنٌ لاَ وَفَاءَ لَهُ عِنْدَهُ ، وَهَذَا الْعَمَلُ
فِيهِ.
1984- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا مَا بِيعَ مِنَ السِّلَعِ الَّتِي لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا الْمُبْتَاعُ شَيْئًا
، إِلاَّ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ نَفَقَتْ ، وَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا ،
فَصَاحِبُهَا يَرْغَبُ فِيهَا ، وَالْغُرَمَاءُ يُرِيدُونَ إِمْسَاكَهَا ، فَإِنَّ
الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ : يُعْطُوا رَبَّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ
الَّذِي بَاعَهَا بِهِ ، وَلاَ يُنَقِّصُوهُ شَيْئًا ، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا
إِلَيْهِ سِلْعَتَهُ ، وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَدْ نَقَصَ ثَمَنُهَا ،
فَالَّذِي بَاعَهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ ، وَلاَ
تِبَاعَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ ، فَذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ
أَنْ يَكُونَ غَرِيمًا مِنَ الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ بِحَقِّهِ ، وَلاَ يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ
فَذَلِكَ لَهُ.
1985- وقَالَ مَالِكٌ : فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً
فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ، ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي ، فَإِنَّ الْجَارِيَةَ أَوِ
الدَّابَّةَ وَوَلَدَهَا لِلْبَائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي
ذَلِكَ فَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلاً ، وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ.
43- بَابُ مَا يَجُوزُ
مِنَ السَّلَفِ.
1986- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي
رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : اسْتَسْلَفَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَكْرًا فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنَ الصَّدَقَةِ
، قَالَ أَبُو رَافِعٍ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَنْ
أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ ، فَقُلْتُ : لَمْ أَجِدْ فِي الإِبِلِ إِلاَّ
جَمَلاً خِيَارًا رَبَاعِيًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً.
1987- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ :
اسْتَسْلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ قَضَاهُ
دَرَاهِمَ خَيْرًا مِنْهَا ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ دَرَاهِمِي الَّتِي أَسْلَفْتُكَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عُمَرَ قَدْ عَلِمْتُ وَلَكِنْ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةٌ.
1988- قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُقْبِضَ مَنْ أُسْلِفَ شَيْئًا
مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الْحَيَوَانِ مِمَّنْ
أَسْلَفَهُ ذَلِكَ ، أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفَهُ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى
شَرْطٍ مِنْهُمَا أَوْ عَادَةٍ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ أَوْ وَأْيٍ أَوْ
عَادَةٍ ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ ، وَلاَ خَيْرَ فِيهِ ، قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى جَمَلاً رَبَاعِيًا
خِيَارًا مَكَانَ بَكْرٍ اسْتَسْلَفَهُ ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
اسْتَسْلَفَ دَرَاهِمَ فَقَضَى خَيْرًا مِنْهَا ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى طِيبِ
نَفْسٍ مِنَ الْمُسْتَسْلِفِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ وَلاَ وَأْيٍ
وَلاَ عَادَةٍ كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ.
44- بَابُ مَا لاَ
يَجُوزُ مِنَ السَّلَفِ.
1989- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي رَجُلٍ
أَسْلَفَ رَجُلاً طَعَامًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ ،
فَكَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَالَ : فَأَيْنَ الْحَمْلُ يَعْنِي
حُمْلاَنَهُ.
1990- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ : إِنِّي أَسْلَفْتُ
رَجُلاً سَلَفًا ، وَاشْتَرَطْتُ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتُهُ ، فَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : فَذَلِكَ الرِّبَا ، قَالَ : فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي
يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : السَّلَفُ عَلَى
ثَلاَثَةِ وُجُوهٍ : سَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ ، فَلَكَ
وَجْهُ اللَّهِ ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ صَاحِبِكَ ، فَلَكَ
وَجْهُ صَاحِبِكَ ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ لِتَأْخُذَ خَبِيثًا بِطَيِّبٍ ، فَذَلِكَ
الرِّبَا ، قَالَ : فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ
: أَرَى أَنْ تَشُقَّ
الصَّحِيفَةَ ، فَإِنْ أَعْطَاكَ مِثْلَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ قَبِلْتَهُ ، وَإِنْ
أَعْطَاكَ دُونَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ فَأَخَذْتَهُ أُجِرْتَ ، وَإِنْ أَعْطَاكَ
أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتَهُ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ ، فَذَلِكَ شُكْرٌ شَكَرَهُ
لَكَ وَلَكَ أَجْرُ مَا أَنْظَرْتَهُ.
1991- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : مَنْ
أَسْلَفَ سَلَفًا فَلاَ يَشْتَرِطْ إِلاَّ قَضَاءَهُ.
1992- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ : مَنْ أَسْلَفَ
سَلَفًا فَلاَ يَشْتَرِطْ أَفْضَلَ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَتْ قَبْضَةً مِنْ عَلَفٍ
فَهُوَ رِبًا.
1993- قَالَ مَالِكٌ الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنِ
اسْتَسْلَفَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ وَتَحْلِيَةٍ مَعْلُومَةٍ
فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ إِلاَّ مَا كَانَ
مِنَ الْوَلاَئِدِ فَإِنَّهُ يُخَافُ فِي ذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ مَا
لاَ يَحِلُّ فَلاَ يَصْلُحُ وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَسْلِفَ
الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ فَيُصِيبُهَا مَا بَدَا لَهُ ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى
صَاحِبِهَا بِعَيْنِهَا فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ وَلاَ يَحِلُّ وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ
الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَلاَ يُرَخِّصُونَ فِيهِ لأَحَدٍ.
45- بَابُ مَا يُنْهَى
عَنْهُ مِنَ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُبَايَعَةِ.
1994- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ.
1995- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ
، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ ،
وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلاَ تَنَاجَشُوا ، وَلاَ يَبِعْ
حَاضِرٌ لِبَادٍ ، وَلاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا
بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ، بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا ، إِنْ
رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا ، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ.
1996- قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم - فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ
بَعْضٍ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ ، إِذَا
رَكَنَ الْبَائِعُ إِلَى السَّائِمِ وَجَعَلَ يَشْتَرِطُ وَزْنَ الذَّهَبِ ،
وَيَتَبَرَّأُ مِنَ الْعُيُوبِ ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّ
الْبَائِعَ قَدْ أَرَادَ مُبَايَعَةَ السَّائِمِ فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1997- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ بِالسَّوْمِ بِالسِّلْعَةِ تُوقَفُ لِلْبَيْعِ ، فَيَسُومُ بِهَا
غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ : وَلَوْ تَرَكَ النَّاسُ السَّوْمَ عِنْدَ أَوَّلِ مَنْ
يَسُومُ بِهَا أُخِذَتْ بِشِبْهِ الْبَاطِلِ مِنَ الثَّمَنِ ، وَدَخَلَ عَلَى
الْبَاعَةِ فِي سِلَعِهِمُ الْمَكْرُوهُ ، وَلَمْ يَزَلِ الأََمْرُ عِنْدَنَا
عَلَى هَذَا.
1998- قَالَ مَالِكٌ ، عَنْ
نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : نَهَى عَنِ النَّجْشِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَالنَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا ، وَلَيْسَ فِي
نَفْسِكَ اشْتِرَاؤُهَا فَيَقْتَدِي بِكَ غَيْرُكَ.
46- بَابُ جَامِعِ الْبُيُوعِ.
1999- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ
يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِذَا
بَايَعْتَ فَقُلْ : لاَ خِلاَبَةَ ، قَالَ : فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا بَايَعَ
يَقُولُ لاَ خِلاَبَةَ.
2000- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، يَقُولُ
: إِذَا جِئْتَ أَرْضًا يُوفُونَ الْمِكْيَالَ ، وَالْمِيزَانَ فَأَطِلِ
الْمُقَامَ بِهَا ، وَإِذَا جِئْتَ أَرْضًا يُنَقِّصُونَ الْمِكْيَالَ
وَالْمِيزَانَ ، فَأَقْلِلِ الْمُقَامَ بِهَا.
2001- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ
بْنَ الْمُنْكَدِرِ ، يَقُولُ : أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِنْ بَاعَ ،
سَمْحًا إِنِ ابْتَاعَ ، سَمْحًا إِنْ قَضَى ، سَمْحًا إِنِ اقْتَضَى.
2002- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَشْتَرِي الإِبِلَ أَوِ الْغَنَمَ ، أَوِ الْبَزَّ أَوِ الرَّقِيقَ
أَوْ شَيْئًا مِنَ الْعُرُوضِ جِزَافًا ، إِنَّهُ لاَ يَكُونُ الْجِزَافُ فِي
شَيْءٍ مِمَّا يُعَدُّ عَدًّا.
2003- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ السِّلْعَةَ يَبِيعُهَا لَهُ ، وَقَدْ قَوَّمَهَا
صَاحِبُهَا قِيمَةً ، فَقَالَ : إِنْ بِعْتَهَا بِهَذَا الثَّمَنِ الَّذِي
أَمَرْتُكَ بِهِ فَلَكَ دِينَارٌ ، أَوْ شَيْءٌ يُسَمِّيهِ لَهُ يَتَرَاضَيَانِ
عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَبِعْهَا فَلَيْسَ لَكَ شَيْءٌ ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ
بِذَلِكَ ، إِذَا سَمَّى ثَمَنًا يَبِيعُهَا بِهِ ، وَسَمَّى أَجْرًا مَعْلُومًا إِذَا
بَاعَ أَخَذَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.
2004- قَالَ مَالِكٌ : وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ
إِنْ قَدَرْتَ عَلَى غُلاَمِي الآبِقِ أَوْ جِئْتَ بِجَمَلِي الشَّارِدِ فَلَكَ كَذَا
وَكَذَا ، فَهَذَا مِنْ بَابِ الْجُعْلِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الإِجَارَةِ ، وَلَوْ
كَانَ مِنْ بَابِ الإِجَارَةِ لَمْ يَصْلُحْ.
2005- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الرَّجُلُ يُعْطَى السِّلْعَةَ ، فَيُقَالُ لَهُ : بِعْهَا وَلَكَ كَذَا وَكَذَا فِي كُلِّ دِينَارٍ لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ
، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ كُلَّمَا نَقَصَ دِينَارٌ مِنْ ثَمَنِ
السِّلْعَةِ نَقَصَ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي سَمَّى لَهُ ، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ
يَدْرِي كَمْ جَعَلَ لَهُ.
2006- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ،
ثُمَّ يُكْرِيهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا تَكَارَاهَا بِهِ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ
بِذَلِكَ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
18- كِتَابُ الْقِرَاضِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْقِرَاضِ.
2007- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ
وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ
فَلَمَّا قَفَلاَ مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الأََشْعَرِيِّ ، وَهُوَ أَمِيرُ
الْبَصْرَةِ ، فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا
عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا بِهِ لَفَعَلْتُ ، ثُمَّ قَالَ : بَلَى هَاهُنَا مَالٌ
مِنْ مَالِ اللَّهِ ، أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأُسْلِفُكُمَاهُ
فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ ، ثُمَّ تَبِيعَانِهِ
بِالْمَدِينَةِ ، فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ،
وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَكُمَا ، فَقَالاَ : وَدِدْنَا ذَلِكَ ، فَفَعَلَ ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ ، فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا
فَأُرْبِحَا ، فَلَمَّا دَفَعَا ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ قَالَ : أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ
، مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا ؟ قَالاَ : لاَ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ :
ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَسْلَفَكُمَا ، أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ
، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَسَكَتَ ، وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ : مَا
يَنْبَغِي لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَذَا لَوْ نَقَصَ هَذَا الْمَالُ
أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : أَدِّيَاهُ ، فَسَكَتَ عَبْدُ
اللَّهِ ، وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ
: يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا ؟ فَقَالَ عُمَرُ : قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا ، فَأَخَذَ عُمَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ
رِبْحِهِ ، وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
نِصْفَ رِبْحِ الْمَالِ.
2008- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ : أَعْطَاهُ مَالاً
قِرَاضًا يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا.
2- بَابُ مَا يَجُوزُ
فِي الْقِرَاضِ.
2009- قَالَ مَالِكٌ :
وَجْهُ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ
صَاحِبِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَنَفَقَةُ
الْعَامِلِ فِي الْمَالِ ، فِي سَفَرِهِ مِنْ طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ ، وَمَا
يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ ، بِقَدْرِ الْمَالِ إِذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ ، إِذَا
كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ ، فَلاَ
نَفَقَةَ لَهُ مِنَ الْمَالِ ، وَلاَ كِسْوَةَ.
2010- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُعِينَ الْمُتَقَارِضَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ
عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ، إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا.
2011- قَالَ مَالِكٌ
: وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ
يَشْتَرِيَ رَبُّ الْمَالِ مِمَّنْ قَارَضَهُ بَعْضَ مَا يَشْتَرِي مِنَ السِّلَعِ
إِذَا كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ.
2012- قَالَ مَالِكٌ : فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ ، وَإِلَى غُلاَمٍ لَهُ
مَالاً قِرَاضًا يَعْمَلاَنِ فِيهِ جَمِيعًا ، إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ
بِهِ ، لأَنَّ الرِّبْحَ مَالٌ لِغُلاَمِهِ ، لاَ يَكُونُ الرِّبْحُ لِلسَّيِّدِ
حَتَّى يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنْ كَسْبِهِ.
3- بَابُ مَا لاَ
يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ.
2013- قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَهُ
قِرَاضًا ، إِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ ، ثُمَّ يُقَارِضُهُ
بَعْدُ أَوْ يُمْسِكُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ
بِمَالِهِ ، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ.
2014- قَالَ مَالِكٌ
: فِي رَجُلٍ دَفَعَ
إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَهَلَكَ بَعْضُهُ ، قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ،
ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْمَالِ بَقِيَّةَ
الْمَالِ بَعْدَ الَّذِي هَلَكَ مِنْهُ ، قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ , قَالَ
مَالِكٌ : لاَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، وَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ رِبْحِهِ ،
ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى شَرْطِهِمَا ، مِنَ الْقِرَاضِ.
2015- قالَ مَالِكٌ : لاَ يَصْلُحُ
الْقِرَاضُ إِلاَّ فِي الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ ، وَلاَ يَكُونُ
فِي شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ ، وَالسِّلَعِ ، وَمِنَ الْبُيُوعِ مَا يَجُوزُ إِذَا
تَفَاوَتَ أَمْرُهُ ، وَتَفَاحَشَ رَدُّهُ ، فَأَمَّا الرِّبَا فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ
فِيهِ إِلاَّ الرَّدُّ أَبَدًا ، وَلاَ يَجُوزُ مِنْهُ قَلِيلٌ ، وَلاَ كَثِيرٌ ،
وَلاَ يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ
، لاَ تَظْلِمُونَ ، وَلاَ تُظْلَمُونَ}.
4- بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ فِي الْقِرَاضِ.
2016- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَشَرَطَ
عَلَيْهِ أَنْ لاَ تَشْتَرِيَ بِمَالِي إِلاَّ سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا أَوْ
يَنْهَاهُ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِاسْمِهَا , قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَطَ
عَلَى مَنْ قَارَضَ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ حَيَوَانًا أَوْ سِلْعَةً بِاسْمِهَا ،
فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، وَمَنِ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ
إِلاَّ سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ
الَّتِي أَمَرَهُ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ غَيْرَهَا كَثِيرَةً مَوْجُودَةً لاَ
تُخْلِفُ فِي شِتَاءٍ وَلاَ صَيْفٍ فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
2017- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا
مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا دُونَ صَاحِبِهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَإِنْ
كَانَ دِرْهَمًا وَاحِدًا ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ ،
وَنِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ
أَوْ أَكْثَرَ ، فَإِذَا سَمَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا ، فَإِنَّ
كُلَّ شَيْءٍ سَمَّى مِنْ ذَلِكَ حَلاَلٌ وَهُوَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ : وَلَكِنْ
إِنِ اشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَمَا فَوْقَهُ
خَالِصًا لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا
نِصْفَيْنِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ.
5- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ فِي الْقِرَاضِ.
2018- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ
شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا . دُونَ الْعَامِلِ ، وَلاَ يَنْبَغِي
لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا . دُونَ
صَاحِبِهِ ، وَلاَ يَكُونُ مَعَ الْقِرَاضِ بَيْعٌ ، وَلاَ كِرَاءٌ ، وَلاَ عَمَلٌ
، وَلاَ سَلَفٌ ، وَلاَ مِرْفَقٌ يَشْتَرِطُهُ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ
صَاحِبِهِ . إِلاَّ أَنْ يُعِينَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ .
عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ . إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلْمُتَقَارِضَيْنِ
أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ زِيَادَةً ، مِنْ ذَهَبٍ وَلاَ
فِضَّةٍ وَلاَ طَعَامٍ ، وَلاَ شَيْءٍ مِنَ الأََشْيَاءِ . يَزْدَادُهُ
أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ . قَالَ : فَإِنْ دَخَلَ الْقِرَاضَ شَيْءٌ مِنْ
ذَلِكَ ، صَارَ إِجَارَةً ، وَلاَ تَصْلُحُ الإِجَارَةُ إِلاَّ بِشَيْءٍ ثَابِتٍ
مَعْلُومٍ ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلَّذِي أَخَذَ الْمَالَ أَنْ يَشْتَرِطَ ، مَعَ
أَخْذِهِ الْمَالَ ، أَنْ يُكَافِئَ ، وَلاَ يُوَلِّيَ مِنْ سِلْعَتِهِ أَحَدًا ،
وَلاَ يَتَوَلَّى مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ ، فَإِذَا وَفَرَ الْمَالُ ،
وَحَصَلَ عَزْلُ رَأْسِ الْمَالِ ، ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا
، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ رِبْحٌ ، أَوْ دَخَلَتْهُ وَضِيعَةٌ . لَمْ
يَلْحَقِ الْعَامِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ . لاَ مِمَّا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَلاَ
مِنَ الْوَضِيعَةِ ، وَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي مَالِهِ ، وَالْقِرَاضُ
جَائِزٌ عَلَى مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ ، وَالْعَامِلُ مِنْ نِصْفِ
الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ.
2019- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ لِلَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ قِرَاضًا
أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ سِنِينَ لاَ يُنْزَعُ مِنْهُ . قَالَ : وَلاَ
يَصْلُحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّكَ لاَ تَرُدُّهُ إِلَيَّ
سِنِينَ ، لأَجَلٍ يُسَمِّيَانِهِ . لأَنَّ الْقِرَاضَ لاَ يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ ،
وَلَكِنْ يَدْفَعُ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ إِلَى الَّذِي يَعْمَلُ لَهُ فِيهِ ،
فَإِنْ بَدَا لأَحَدِهِمَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ ، وَالْمَالُ نَاضٌّ لَمْ
يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا ، تَرَكَهُ ، وَأَخَذَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ ، وَإِنْ
بَدَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْبِضَهُ ، بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً ،
فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ ، حَتَّى يُبَاعَ الْمَتَاعُ ، وَيَصِيرَ عَيْنًا ، فَإِنْ
بَدَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّهُ ، وَهُوَ عَرْضٌ ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ .
حَتَّى يَبِيعَهُ ، فَيَرُدَّهُ عَيْنًا كَمَا أَخَذَهُ.
2020- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَصْلُحُ لِمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ
الزَّكَاةَ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ خَاصَّةً ، لأَنَّ رَبَّ الْمَالِ ،
إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ ، فَقَدِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ ، فَضْلاً مِنَ الرِّبْحِ
ثَابِتًا ، فِيمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنْ حِصَّةِ الزَّكَاةِ . الَّتِي تُصِيبُهُ
مِنْ حِصَّتِهِ ، وَلاَ يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مَنْ قَارَضَهُ ،
أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ إِلاَّ مِنْ فُلاَنٍ . لِرَجُلٍ يُسَمِّيهِ ، فَذَلِكَ غَيْرُ
جَائِزٍ . لأَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ أَجِيرًا بِأَجْرٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ.
2021- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَدْفَعُ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَيَشْتَرِطُ عَلَى الَّذِي
دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ الضَّمَانَ ، قَالَ : لاَ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي مَالِهِ غَيْرَ
مَا وُضِعَ الْقِرَاضُ عَلَيْهِ ، وَمَا مَضَى مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ
، فَإِنْ نَمَا الْمَالُ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ . كَانَ قَدِ ازْدَادَ فِي
حَقِّهِ مِنَ الرِّبْحِ مِنْ أَجْلِ مَوْضِعِ الضَّمَانِ ، وَإِنَّمَا
يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى مَا لَوْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَلَى غَيْرِ ضَمَانٍ
، وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ لَمْ أَرَ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ ضَمَانًا ، لأَنَّ
شَرْطَ الضَّمَانِ فِي الْقِرَاضِ بَاطِلٌ.
2022- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاشْتَرَطَ
عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَبْتَاعَ بِهِ إِلاَّ نَخْلاً أَوْ دَوَابَّ . لأَجْلِ أَنَّهُ
يَطْلُبُ ثَمَرَ النَّخْلِ أَوْ نَسْلَ الدَّوَابِّ ، وَيَحْبِسُ رِقَابَهَا.
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ هَذَا ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ
فِي الْقِرَاضِ . إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ . ثُمَّ يَبِيعَهُ كَمَا يُبَاعُ
غَيْرُهُ مِنَ السِّلَعِ.
2023- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَارِضُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ غُلاَمًا يُعِينُهُ
بِهِ . عَلَى أَنْ يَقُومَ مَعَهُ الْغُلاَمُ فِي الْمَالِ . إِذَا لَمْ يَعْدُ
أَنْ يُعِينَهُ فِي الْمَالِ . لاَ يُعِينُهُ فِي غَيْرِهِ.
6- بَابُ الْقِرَاضِ فِي
الْعُرُوضِ.
2024- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُقَارِضَ أَحَدًا إِلاَّ فِي
الْعَيْنِ لأَنَّهُ لاَ تَنْبَغِي الْمُقَارَضَةُ فِي الْعُرُوضِ ، لأَنَّ
الْمُقَارَضَةَ فِي الْعُرُوضِ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ ، إِمَّا
أَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُ الْعَرْضِ ، خُذْ هَذَا الْعَرْضَ فَبِعْهُ ، فَمَا
خَرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ فَاشْتَرِ بِهِ ، وَبِعْ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ ، فَقَدِ
اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْمَالِ فَضْلاً لِنَفْسِهِ مِنْ بَيْعِ سِلْعَتِهِ ، وَمَا
يَكْفِيهِ مِنْ مَئُونَتِهَا أَوْ يَقُولَ : اشْتَرِ بِهَذِهِ السِّلْعَةِ وَبِعْ
، فَإِذَا فَرَغْتَ فَابْتَعْ لِي مِثْلَ عَرْضِي الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ ، فَإِنْ
فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ
وَلَعَلَّ
صَاحِبَ الْعَرْضِ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى الْعَامِلِ فِي زَمَنٍ هُوَ فِيهِ
نَافِقٌ . كَثِيرُ الثَّمَنِ . ثُمَّ يَرُدَّهُ الْعَامِلُ حِينَ يَرُدُّهُ
وَقَدْ رَخُصَ ، فَيَشْتَرِيَهُ بِثُلُثِ ثَمَنِهِ ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، فَيَكُونُ
الْعَامِلُ قَدْ رَبِحَ نِصْفَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْعَرْضِ ، فِي حِصَّتِهِ
مِنَ الرِّبْحِ ، أَوْ يَأْخُذَ الْعَرْضَ فِي زَمَانٍ ثَمَنُهُ فِيهِ قَلِيلٌ ،
فَيَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ فِي يَدَيْهِ . ثُمَّ يَغْلُو ذَلِكَ
الْعَرْضُ وَيَرْتَفِعُ ثَمَنُهُ حِينَ يَرُدُّهُ ، فَيَشْتَرِيهِ بِكُلِّ مَا فِي
يَدَيْهِ ، فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ وَعِلاَجُهُ بَاطِلاً ، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ
يَصْلُحُ ، فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ . حَتَّى يَمْضِيَ نُظِرَ إِلَى قَدْرِ أَجْرِ
الَّذِي دُفِعَ إِلَيْهِ الْقِرَاضُ ، فِي بَيْعِهِ إِيَّاهُ ، وَعِلاَجِهِ
فَيُعْطَاهُ . ثُمَّ يَكُونُ الْمَالُ قِرَاضًا مِنْ يَوْمَ نَضَّ الْمَالُ ،
وَاجْتَمَعَ عَيْنًا ، وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضٍ مِثْلِهِ.
7- بَابُ الْكِرَاءِ فِي
الْقِرَاضِ.
2025- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَاشْتَرَى
بِهِ مَتَاعًا ، فَحَمَلَهُ إِلَى بَلَدِ التِّجَارَةِ ، فَبَارَ عَلَيْهِ ،
وَخَافَ النُّقْصَانَ إِنْ بَاعَهُ ، فَتَكَارَى عَلَيْهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ ،
فَبَاعَ بِنُقْصَانٍ ، فَاغْتَرَقَ الْكِرَاءُ أَصْلَ الْمَالِ كُلَّهُ. قَالَ
مَالِكٌ : إِنْ كَانَ فِيمَا بَاعَ وَفَاءٌ لِلْكِرَاءِ ، فَسَبِيلُهُ ذَلِكَ ،
وَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْكِرَاءِ شَيْءٌ ، بَعْدَ أَصْلِ الْمَالِ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ
، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ شَيْءٌ يُتْبَعُ بِهِ ، وَذَلِكَ
أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتِّجَارَةِ فِي مَالِهِ ، فَلَيْسَ
لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ ، وَلَوْ كَانَ
ذَلِكَ يُتْبَعُ بِهِ رَبُّ الْمَالِ ، لَكَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ . مِنْ غَيْرِ
الْمَالِ الَّذِي قَارَضَهُ فِيهِ ، فَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ
عَلَى رَبِّ الْمَالِ.
8- بَابُ التَّعَدِّي فِي الْقِرَاضِ.
2026- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَعَمِلَ فِيهِ
فَرَبِحَ ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ رِبْحِ الْمَالِ أَوْ مِنْ جُمْلَتِهِ جَارِيَةً ،
فَوَطِئَهَا ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ . ثُمَّ نَقَصَ الْمَالُ , قَالَ مَالِكٌ : إِنْ
كَانَ لَهُ مَالٌ ، أُخِذَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ مِنْ مَالِهِ ، فَيُجْبَرُ بِهِ
الْمَالُ ، فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ بَعْدَ وَفَاءِ الْمَالِ ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا
عَلَى الْقِرَاضِ الأََوَّلِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَفَاءٌ ، بِيعَتِ الْجَارِيَةُ
حَتَّى يُجْبَرَ الْمَالُ مِنْ ثَمَنِهَا.
2027- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَتَعَدَّى ، فَاشْتَرَى بِهِ
سِلْعَةً ، وَزَادَ فِي ثَمَنِهَا مِنْ عِنْدِهِ. قَالَ مَالِكٌ : صَاحِبُ
الْمَالِ بِالْخِيَارِ . إِنْ بِيعَتِ السِّلْعَةُ بِرِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ ، أَوْ
لَمْ تُبَعْ . إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ ، أَخَذَهَا وَقَضَاهُ مَا
أَسْلَفَهُ فِيهَا ، وَإِنْ أَبَى كَانَ الْمُقَارَضُ شَرِيكًا لَهُ بِحِصَّتِهِ
مِنَ الثَّمَنِ فِي النَّمَاءِ وَالنُّقْصَانِ . بِحِسَابِ مَا زَادَ الْعَامِلُ
فِيهَا مِنْ عِنْدِهِ.
2028- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا . ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ ،
فَعَمِلَ فِيهِ قِرَاضًا بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ : إِنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ .
إِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ ، وَإِنْ رَبِحَ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ
شَرْطُهُ مِنَ الرِّبْحِ . ثُمَّ يَكُونُ لِلَّذِي عَمِلَ شَرْطُهُ ، بِمَا بَقِيَ
مِنَ الْمَالِ.
2029- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ تَعَدَّى فَتَسَلَّفَ مِمَّا بِيَدَيْهِ مِنَ الْقِرَاضِ مَالاً ،
فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ
عَلَى شَرْطِهِمَا فِي الْقِرَاضِ ، وَإِنْ نَقَصَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنُّقْصَانِ.
2030- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَاسْتَسْلَفَ
مِنْهُ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ الْمَالُ مَالاً وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً
لِنَفْسِهِ إِنَّ صَاحِبَ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ شَرِكَهُ فِي
السِّلْعَةِ عَلَى قِرَاضِهَا وَإِنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَخَذَ
مِنْهُ رَأْسَ الْمَالِ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِكُلِّ مَنْ تَعَدَّى.
9- بَابُ مَا يَجُوزُ
مِنَ النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ.
2031- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا إِنَّهُ إِذَا
كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا يَحْمِلُ النَّفَقَةَ ، فَإِذَا شَخَصَ فِيهِ الْعَامِلُ
، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ ، وَيَكْتَسِيَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ قَدْرِ
الْمَالِ ، وَيَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ إِذَا كَانَ كَثِيرًا لاَ يَقْوَى
عَلَيْهِ بَعْضَ مَنْ يَكْفِيهِ بَعْضَ مَئُونَتِهِ ، وَمِنَ الأََعْمَالِ
أَعْمَالٌ لاَ يَعْمَلُهَا الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ
يَعْمَلُهَا . مِنْ ذَلِكَ تَقَاضِي الدَّيْنِ ، وَنَقْلُ الْمَتَاعِ ، وَشَدُّهُ
وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ مَنْ يَكْفِيهِ
ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَسْتَنْفِقَ مِنَ الْمَالِ ، وَلاَ
يَكْتَسِيَ مِنْهُ . مَا كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ إِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ النَّفَقَةُ إِذَا
شَخَصَ فِي الْمَالِ ، وَكَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ النَّفَقَةَ فَإِنْ كَانَ
إِنَّمَا يَتَّجِرُ فِي الْمَالِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُقِيمٌ ، فَلاَ
نَفَقَةَ لَهُ مِنَ الْمَالِ وَلاَ كِسْوَةَ.
2032- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَخَرَجَ بِهِ وَبِمَالِ نَفْسِهِ .
قَالَ : يَجْعَلُ النَّفَقَةَ مِنَ الْقِرَاضِ ، وَمِنْ مَالِهِ عَلَى قَدْرِ
حِصَصِ الْمَالِ.
10- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ.
2033- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ مَعَهُ مَالٌ قِرَاضٌ فَهُوَ يَسْتَنْفِقُ مِنْهُ ،
وَيَكْتَسِي إِنَّهُ لاَ يَهَبُ مِنْهُ شَيْئًا ، وَلاَ يُعْطِي مِنْهُ سَائِلاً ،
وَلاَ غَيْرَهُ ، وَلاَ يُكَافِئُ فِيهِ أَحَدًا ، فَأَمَّا إِنِ اجْتَمَعَ هُوَ
وَقَوْمٌ فَجَاؤُوا بِطَعَامٍ ، وَجَاءَ هُوَ بِطَعَامٍ ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ
ذَلِكَ وَاسِعًا ، إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ
تَعَمَّدَ ذَلِكَ ، أَوْ مَا يُشْبِهُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ ،
فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ ، فَإِنْ حَلَّلَهُ ذَلِكَ
، فَلاَ بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَلِّلَهُ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَهُ
بِمِثْلِ ذَلِكَ . إِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ.
11- بَابُ الدَّيْنِ فِي
الْقِرَاضِ.
2034- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي رَجُلٍ دَفَعَ
إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً . ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بِدَيْنٍ ، فَرَبِحَ فِي الْمَالِ . ثُمَّ
هَلَكَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ . قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ . قَالَ : إِنْ أَرَادَ
وَرَثَتُهُ أَنْ يَقْبِضُوا ذَلِكَ الْمَالَ ، وَهُمْ عَلَى شَرْطِ أَبِيهِمْ مِنَ
الرِّبْحِ ، فَذَلِكَ لَهُمْ . إِذَا كَانُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنْ
كَرِهُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ ، وَخَلَّوْا بَيْنَ صَاحِبِ الْمَالِ وَبَيْنَهُ ،
لَمْ يُكَلَّفُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِمْ ، وَلاَ شَيْءَ
لَهُمْ . إِذَا أَسْلَمُوهُ إِلَى رَبِّ الْمَالِ ، فَإِنِ اقْتَضَوْهُ ، فَلَهُمْ
فِيهِ مِنَ الشَّرْطِ وَالنَّفَقَةِ ، مِثْلُ مَا كَانَ لأَبِيهِمْ فِي ذَلِكَ
هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ عَلَى
ذَلِكَ ، فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ ثِقَةٍ ، فَيَقْتَضِي ذَلِكَ الْمَالَ
، فَإِذَا اقْتَضَى جَمِيعَ الْمَالِ ، وَجَمِيعَ الرِّبْحِ . كَانُوا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ.
2035- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا عَلَى أَنَّهُ
يَعْمَلُ فِيهِ ، فَمَا بَاعَ بِهِ مِنْ دَيْنٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ ، إِنَّ
ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ إِنْ بَاعَ بِدَيْنٍ فَقَدْ ضَمِنَهُ.
12- بَابُ الْبِضَاعَةِ
فِي الْقِرَاضِ.
2036- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاسْتَسْلَفَ
مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ سَلَفًا ، أَوِ اسْتَسْلَفَ مِنْهُ صَاحِبُ الْمَالِ
سَلَفًا ، أَوْ أَبْضَعَ مَعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِضَاعَةً يَبِيعُهَا لَهُ ،
أَوْ بِدَنَانِيرَ يَشْتَرِي لَهُ بِهَا سِلْعَةً. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ صَاحِبُ
الْمَالِ إِنَّمَا أَبْضَعَ مَعَهُ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ
عِنْدَهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَعَلَهُ ، لِإِخَاءٍ بَيْنَهُمَا ، أَوْ
لِيَسَارَةِ مَئُونَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ
يَنْزِعْ مَالَهُ مِنْهُ ، أَوْ كَانَ الْعَامِلُ إِنَّمَا اسْتَسْلَفَ مِنْ
صَاحِبِ الْمَالِ ، أَوْ حَمَلَ لَهُ بِضَاعَتَهُ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ
لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالُهُ فَعَلَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ
عَلَيْهِ لَمْ يَرْدُدْ عَلَيْهِ مَالَهُ ، فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا
جَمِيعًا ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ، وَلَمْ يَكُنْ
شَرْطًا فِي أَصْلِ الْقِرَاضِ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ
دَخَلَ ذَلِكَ شَرْطٌ ، أوْ خِيفَ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْعَامِلُ
لِصَاحِبِ الْمَالِ ، لِيُقِرَّ مَالَهُ فِي يَدَيْهِ ، أَوْ إِنَّمَا صَنَعَ
ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَالِ ، لأَنْ يُمْسِكَ الْعَامِلُ مَالَهُ ، وَلاَ يَرُدَّهُ
عَلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ ، وَهُوَ مِمَّا يَنْهَى
عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ.
13- بَابُ السَّلَفِ فِي الْقِرَاضِ.
2037- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ أَسْلَفَ رَجُلاً مَالاً ، ثُمَّ سَأَلَهُ الَّذِي
تَسَلَّفَ الْمَالَ أَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَهُ قِرَاضًا. قَالَ مَالِكٌ : لاَ أُحِبُّ
ذَلِكَ حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ مِنْهُ ، ثُمَّ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ قِرَاضًا إِنْ
شَاءَ أَوْ يُمْسِكَهُ.
2038- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِ
اجْتَمَعَ عِنْدَهُ ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَهُ عَلَيْهِ سَلَفًا . قَالَ : لاَ
أُحِبُّ ذَلِكَ . حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ مَالَهُ ، ثُمَّ يُسَلِّفَهُ إِيَّاهُ
إِنْ شَاءَ ، أَوْ يُمْسِكَهُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ
نَقَصَ فِيهِ ، فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ . عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ
مَا نَقَصَ مِنْهُ ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلاَ يَجُوزُ وَلاَ يَصْلُحُ.
14- بَابُ الْمُحَاسَبَةِ
فِي الْقِرَاضِ.
2039- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَعَمِلَ فِيهِ
فَرَبِحَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ ، وَصَاحِبُ
الْمَالِ غَائِبٌ . قَالَ : لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا
إِلاَّ بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ ، وَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ ضَامِنٌ
، حَتَّى يُحْسَبَ مَعَ الْمَالِ إِذَا اقْتَسَمَاهُ.
2040- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ يَتَحَاسَبَا ،
وَيَتَفَاصَلاَ وَالْمَالُ غَائِبٌ عَنْهُمَا ، حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالُ
فَيَسْتَوْفِي صَاحِبُ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ
عَلَى شَرْطِهِمَا.
2041- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ أَخَذَ مَالاً قِرَاضًا ، فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً ، وَقَدْ كَانَ
عَلَيْهِ دَيْنٌ ، فَطَلَبَهُ غُرَمَاؤُهُ ، فَأَدْرَكُوهُ بِبَلَدٍ غَائِبٍ عَنْ
صَاحِبِ الْمَالِ ، وَفِي يَدَيْهِ عَرْضٌ مُرَبَّحٌ بَيِّنٌ فَضْلُهُ ،
فَأَرَادُوا أَنْ يُبَاعَ لَهُمُ الْعَرْضُ فَيَأْخُذُوا حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ
، قَالَ : لاَ يُؤْخَذُ مِنْ رِبْحِ الْقِرَاضِ شَيْءٌ حَتَّى يَحْضُرَ صَاحِبُ الْمَالِ
فَيَأْخُذَ مَالَهُ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا.
2042- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَتَجَرَ فِيهِ فَرَبِحَ . ثُمَّ
عَزَلَ رَأْسَ الْمَالِ ، وَقَسَمَ الرِّبْحَ ، فَأَخَذَ حِصَّتَهُ ، وَطَرَحَ
حِصَّةَ صَاحِبِ الْمَالِ فِي الْمَالِ . بِحَضْرَةِ شُهَدَاءَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى
ذَلِكَ . قَالَ : لاَ تَجُوزُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ إِلاَّ بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ
، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ شَيْئًا رَدَّهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ صَاحِبُ الْمَالِ
رَأْسَ مَالِهِ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا.
2043- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَعَمِلَ فِيهِ ، فَجَاءَهُ فَقَالَ لَهُ
: هَذِهِ حِصَّتُكَ مِنَ الرِّبْحِ ، وَقَدْ أَخَذْتُ لِنَفْسِي مِثْلَهُ ،
وَرَأْسُ مَالِكَ وَافِرٌ عِنْدِي. قَالَ مَالِكٌ : لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ حَتَّى
يَحْضُرَ الْمَالُ كُلُّهُ ، فَيُحَاسِبَهُ حَتَّى يَحْصُلَ رَأْسُ الْمَالِ ،
وَيَعْلَمَ أَنَّهُ وَافِرٌ ، وَيَصِلَ إِلَيْهِ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ
بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ يَرُدُّ إِلَيْهِ الْمَالَ إِنْ شَاءَ ، أَوْ يَحْبِسُهُ ،
وَإِنَّمَا يَجِبُ حُضُورُ الْمَالِ ، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ قَدْ
نَقَصَ فِيهِ ، فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ لاَ يُنْزَعَ مِنْهُ وَأَنْ يُقِرَّهُ فِي
يَدِهِ.
15- بَابُ جَامِعِ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاضِ.
2044- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَابْتَاعَ بِهِ
سِلْعَةً ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ : بِعْهَا ، وَقَالَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ : لاَ أَرَى وَجْهَ بَيْعٍ
، فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ ، قَالَ : لاَ يُنْظَرُ إِلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
، وَيُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ
، فَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ بَيْعٍ بِيعَتْ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ
انْتِظَارٍ انْتُظِرَ بِهَا.
2045- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَعَمِلَ فِيهِ ، ثُمَّ سَأَلَهُ
صَاحِبُ الْمَالِ عَنْ مَالِهِ ، فَقَالَ : هُوَ عِنْدِي وَافِرٌ ، فَلَمَّا
آخَذَهُ بِهِ ، قَالَ : قَدْ هَلَكَ عِنْدِي مِنْهُ كَذَا وَكَذَا لِمَالٍ
يُسَمِّيهِ ، وَإِنَّمَا قُلْتُ لَكَ ذَلِكَ لِكَيْ تَتْرُكَهُ عِنْدِي ، قَالَ :
لاَ يَنْتَفِعُ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ أَنَّهُ عِنْدَهُ ، وَيُؤْخَذُ
بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ فِي هَلاَكِ ذَلِكَ الْمَالِ
بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ أُخِذَ
بِإِقْرَارِهِ ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ إِنْكَارُهُ.
قَالَ وَكَذَلِكَ
أَيْضًا لَوْ قَالَ : رَبِحْتُ فِي الْمَالِ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ :
أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَرِبْحَهُ ، فَقَالَ : مَا رَبِحْتُ فِيهِ شَيْئًا
؟ وَمَا قُلْتُ ذَلِكَ إِلاَّ لأَنْ تُقِرَّهُ فِي يَدِي ، فَذَلِكَ لاَ
يَنْفَعُهُ ، وَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ
يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ وَصِدْقُهُ ، فَلاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.
2046- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا
فَرَبِحَ فِيهِ رِبْحًا ، فَقَالَ الْعَامِلُ : قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ لِي الثُّلُثَيْنِ ، وَقَالَ صَاحِبُ
الْمَالِ : قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ لَكَ الثُّلُثَ. قَالَ مَالِكٌ : الْقَوْلُ
قَوْلُ الْعَامِلِ ، وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ، الْيَمِينُ . إِذَا كَانَ مَا قَالَ يُشْبِهُ
قِرَاضَ مِثْلِهِ ، وَكَانَ ذَلِكَ نَحْوًا مِمَّا يَتَقَارَضُ عَلَيْهِ النَّاسُ
، وَإِنْ جَاءَ بِأَمْرٍ يُسْتَنْكَرُ ، لَيْسَ عَلَى مِثْلِهِ يَتَقَارَضُ
النَّاسُ ، لَمْ يُصَدَّقْ وَرُدَّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ.
2047- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ أَعْطَى رَجُلاً مِائَةَ دِينَارٍ قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً .
ثُمَّ ذَهَبَ لِيَدْفَعَ إِلَى رَبِّ السِّلْعَةِ الْمِائَةَ دِينَارٍ ،
فَوَجَدَهَا قَدْ سُرِقَتْ ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ : بِعِ السِّلْعَةَ ، فَإِنْ
كَانَ فِيهَا فَضْلٌ كَانَ لِي ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ كَانَ عَلَيْكَ .
لأَنَّكَ أَنْتَ ضَيَّعْتَ ، وَقَالَ الْمُقَارَضُ : بَلْ عَلَيْكَ وَفَاءُ حَقِّ هَذَا
، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا بِمَالِكَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي. قَالَ مَالِكٌ :
يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ ثَمَنِهَا إِلَى الْبَائِعِ ،
وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْقِرَاضِ : إِنْ شِئْتَ فَأَدِّ الْمِائَةَ
الدِّينَارِ إِلَى الْمُقَارَضِ ، وَالسِّلْعَةُ بَيْنَكُمَا ، وَتَكُونُ قِرَاضًا
عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْمِائَةُ الأَُولَى ، وَإِنْ شِئْتَ فَابْرَأْ مِنَ
السِّلْعَةِ ، فَإِنْ دَفَعَ الْمِائَةَ دِينَارٍ إِلَى الْعَامِلِ كَانَتْ
قِرَاضًا عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاضِ الأََوَّلِ ، وَإِنْ أَبَى كَانَتِ السِّلْعَةُ
لِلْعَامِلِ وَكَانَ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا.
2048- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُتَقَارِضَيْنِ إِذَا تَفَاصَلاَ فَبَقِيَ بِيَدِ الْعَامِلِ مِنَ الْمَتَاعِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ خَلَقُ الْقِرْبَةِ أَوْ خَلَقُ الثَّوْبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ : كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ تَافِهًا ، لاَ خَطْبَ لَهُ ، فَهُوَ لِلْعَامِلِ ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا أَفْتَى بِرَدِّ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يُرَدُّ ، مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ ثَمَنٌ ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ اسْمٌ مِثْلُ الدَّابَّةِ أَوِ الْجَمَلِ أَوِ الشَّاذَكُونَةِ ، أَوْ أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ ثَمَنٌ ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَا . إِلاَّ أَنْ يَتَحَلَّلَ صَاحِبَهُ مِنْ ذَلِكَ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
19- كِتَابُ
الْمُسَاقَاةِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْمُسَاقَاةِ.
2049- حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لِيَهُودِ خَيْبَرَ يَوْمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ : أُقِرُّكُمْ فِيهَا ،
مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
، قَالَ : فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، ثُمَّ يَقُولُ : إِنْ شِئْتُمْ
فَلَكُمْ ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِيَ ، فَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ.
2050- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ فَيَخْرُصُ
بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ يَهُودِ خَيْبَرَ ، قَالَ : فَجَمَعُوا لَهُ حَلْيًا مِنْ
حَلْيِ نِسَائِهِمْ ، فَقَالُوا لَهُ : هَذَا لَكَ ، وَخَفِّفْ عَنَّا ،
وَتَجَاوَزْ فِي الْقَسْمِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ : يَا
مَعْشَرَ الْيَهُودِ ، وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ
إِلَيَّ ، وَمَا ذَاكَ بِحَامِلِي عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ ، فَأَمَّا مَا
عَرَضْتُمْ مِنَ الرَّشْوَةِ ، فَإِنَّهَا سُحْتٌ ، وَإِنَّا لاَ نَأْكُلُهَا ،
فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأََرْضُ.
2051- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا سَاقَى الرَّجُلُ النَّخْلَ ، وَفِيهَا
الْبَيَاضُ ، فَمَا ازْدَرَعَ الرَّجُلُ الدَّاخِلُ فِي الْبَيَاضِ فَهُوَ لَهُ ،
قَالَ : وَإِنِ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الأََرْضِ أَنَّهُ يَزْرَعُ فِي الْبَيَاضِ
لِنَفْسِهِ ، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّ الرَّجُلَ الدَّاخِلَ فِي الْمَالِ ،
يَسْقِي لِرَبِّ الأََرْضِ ، فَذَلِكَ زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا عَلَيْهِ.
2052- قَالَ : وَإِنِ
اشْتَرَطَ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا ، فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، إِذَا كَانَتِ
الْمَئُونَةُ كُلُّهَا عَلَى الدَّاخِلِ فِي الْمَالِ : الْبَذْرُ وَالسَّقْيُ وَالْعِلاَجُ كُلُّهُ ، فَإِنِ اشْتَرَطَ
الدَّاخِلُ فِي الْمَالِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ، أَنَّ الْبَذْرَ عَلَيْكَ ، كَانَ
ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ ، لأَنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ زِيَادَةً
ازْدَادَهَا عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى أَنَّ عَلَى
الدَّاخِلِ فِي الْمَالِ : الْمَئُونَةَ كُلَّهَا ، وَالنَّفَقَةَ ، وَلاَ يَكُونُ
عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْهَا شَيْءٌ ، فَهَذَا وَجْهُ الْمُسَاقَاةِ الْمَعْرُوفُ.
2053- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْعَيْنِ
تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَنْقَطِعُ مَاؤُهَا ، فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ
يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ ، وَيَقُولُ الآخَرُ : لاَ أَجِدُ مَا أَعْمَلُ بِهِ ،
إِنَّهُ يُقَالُ لِلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ اعْمَلْ وَأَنْفِقْ
، وَيَكُونُ لَكَ الْمَاءُ كُلُّهُ ، تَسْقِي بِهِ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُكَ
بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْتَ ، فَإِذَا جَاءَ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْتَ ، أَخَذَ
حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ ، وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الأََوَّلُ الْمَاءَ كُلَّهُ ،
لأَنَّهُ أَنْفَقَ ، وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا بِعَمَلِهِ ، لَمْ يَعْلَقِ الآخَرَ
مِنَ النَّفَقَةِ شَيْءٌ.
2054- قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ كُلُّهَا ،
وَالْمَئُونَةُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّاخِلِ فِي
الْمَالِ شَيْءٌ ، إِلاَّ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِيَدِهِ ، إِنَّمَا هُوَ أَجِيرٌ
بِبَعْضِ الثَّمَرِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ لاَ يَدْرِي كَمْ
إِجَارَتُهُ ؟ إِذَا لَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا يَعْرِفُهُ ، وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ
لاَ يَدْرِي أَيَقِلُّ ذَلِكَ أَمْ يَكْثُرُ ؟.
2055- قَالَ مَالِكٌ :
وَكُلُّ مُقَارِضٍ أَوْ مُسَاقٍ فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنَ الْمَالِ
وَلاَ مِنَ النَّخْلِ شَيْئًا دُونَ صَاحِبِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ
أَجِيرًا بِذَلِكَ ، يَقُولُ : أُسَاقِيكَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ لِي فِي كَذَا
وَكَذَا نَخْلَةً تَسْقِيهَا ، وَتَأْبُرُهَا ، وَ أُقَارِضُكَ فِي كَذَا وَكَذَا
مِنَ الْمَالِ ، عَلَى أَنْ تَعْمَلَ لِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لَيْسَتْ مِمَّا
أُقَارِضُكَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنْبَغِي ، وَلاَ يَصْلُحُ ، وَذَلِكَ
الأََمْرُ عِنْدَنَا.
2056- قَالَ مَالِكٌ :
وَالسُّنَّةُ فِي الْمُسَاقَاةِ الَّتِي يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ
يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُسَاقَى : شَدُّ الْحِظَارِ ، وَخَمُّ الْعَيْنِ وَسَرْوُ
الشَّرَبِ ، وَإِبَّارُ النَّخْلِ ، وَقَطْعُ الْجَرِيدِ ، وَجَذُّ الثَّمَرِ
هَذَا وَأَشْبَاهُهُ . عَلَى أَنَّ لِلْمُسَاقَى شَطْرَ الثَّمَرِ أَوْ أَقَلَّ
مِنْ ذَلِكَ ، أَوْ أَكْثَرَ إِذَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ
غَيْرَ
أَنَّ صَاحِبَ الأََصْلِ لاَ يَشْتَرِطُ ابْتِدَاءَ عَمَلٍ جَدِيدٍ ، يُحْدِثُهُ
الْعَامِلُ فِيهَا . مِنْ بِئْرٍ يَحْتَفِرُهَا ، أَوْ عَيْنٍ يَرْفَعُ رَأْسَهَا ، أَوْ غِرَاسٍ
يَغْرِسُهُ فِيهَا ، يَأْتِي بِأَصْلِ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ ، أَوْ ضَفِيرَةٍ
يَبْنِيهَا ، تَعْظُمُ فِيهَا نَفَقَتُهُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ
يَقُولَ رَبُّ الْحَائِطِ لِرَجُلٍ مِنَ النَّاسِ : ابْنِ لِي هَاهُنَا بَيْتًا ، أَوِ احْفِرْ لِي بِئْرًا ، أَوْ أَجْرِ
لِي عَيْنًا ، أَوِ اعْمَلْ لِي عَمَلاً بِنِصْفِ ثَمَرِ حَائِطِي هَذَا قَبْلَ أَنْ
يَطِيبَ ثَمَرُ الْحَائِطِ ، وَيَحِلَّ بَيْعُهُ ، فَهَذَا بَيْعُ الثَّمَرِ
قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا.
2057- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا إِذَا طَابَ الثَّمَرُ ، وَبَدَا صَلاَحُهُ ، وَحَلَّ بَيْعُهُ ، ثُمَّ
قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ : اعْمَلْ لِي بَعْضَ هَذِهِ الأََعْمَالِ ، لِعَمَلٍ
يُسَمِّيهِ لَهُ بِنِصْفِ ثَمَرِ حَائِطِي هَذَا ، فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ .
إِنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ بِشَيْءٍ مَعْرُوفٍ مَعْلُومٍ . قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ ،
فَأَمَّا الْمُسَاقَاةُ ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَائِطِ ثَمَرٌ ، أَوْ
قَلَّ ثَمَرُهُ أَوْ فَسَدَ ، فَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ ذَلِكَ ، وَأَنَّ الأََجِيرَ
لاَ يُسْتَأْجَرُ إِلاَّ بِشَيْءٍ مُسَمًّى . لاَ تَجُوزُ الإِجَارَةُ إِلاَّ بِذَلِكَ
، وَإِنَّمَا الإِجَارَةُ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ . إِنَّمَا يَشْتَرِي مِنْهُ
عَمَلَهُ ، وَلاَ يَصْلُحُ ذَلِكَ إِذَا دَخَلَهُ الْ غَرَرُ ، لأَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
2058- قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ فِي الْمُسَاقَاةِ عِنْدَنَا ، أَنَّهَا
تَكُونُ فِي أَصْلِ كُلِّ نَخْلٍ ، أَوْ كَرْمٍ أَوْ زَيْتُونٍ أَوْ رُمَّانٍ أَوْ
فِرْسِكٍ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ . جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ .
عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَ الثَّمَرِ مِنْ ذَلِكَ ، أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ
رُبُعَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ.
2059- قَالَ مَالِكٌ :
وَالْمُسَاقَاةُ أَيْضًا تَجُوزُ فِي الزَّرْعِ إِذَا خَرَجَ وَاسْتَقَلَّ ،
فَعَجَزَ صَاحِبُهُ عَنْ سَقْيِهِ وَعَمَلِهِ وَعِلاَجِهِ ، فَالْمُسَاقَاةُ فِي ذَلِكَ
أَيْضًا جَائِزَةٌ.
2060- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
تَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَُصُولِ مِمَّا تَحِلُّ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ
، إِذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ طَابَ وَبَدَا صَلاَحُهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ ،
وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَاقَى مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ، وَإِنَّمَا
مُسَاقَاةُ مَا حَلَّ بَيْعُهُ مِنَ الثِّمَارِ إِجَارَةٌ . لأَنَّهُ إِنَّمَا
سَاقَى صَاحِبَ الأََصْلِ ثَمَرًا قَدْ بَدَا صَلاَحُهُ ، عَلَى أَنْ يَكْفِيَهُ
إِيَّاهُ وَيَجُذَّهُ لَهُ . بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ يُعْطِيهِ إِيَّاهَا ،
وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْمُسَاقَاةِ ، إِنَّمَا الْمُسَاقَاةُ مَا بَيْنَ أَنْ
يَجُذَّ النَّخْلَ إِلَى أَنْ يَطِيبَ الثَّمَرُ وَيَحِلَّ بَيْعُهُ.
2061- قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنْ سَاقَى ثَمَرًا فِي أَصْلٍ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ ، وَيَحِلَّ
بَيْعُهُ ، فَتِلْكَ الْمُسَاقَاةُ بِعَيْنِهَا جَائِزَةٌ.
2062- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تُسَاقَى الأََرْضُ الْ
بَيْضَاءُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَحِلُّ لِصَاحِبِهَا كِرَاؤُهَا بِالدَّنَانِيرِ
وَالدَّرَاهِمِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأََثْمَانِ الْمَعْلُومَةِ.
2063- قَالَ : فَأَمَّا
الرَّجُلُ الَّذِي يُعْطِي أَرْضَهُ الْبَيْضَاءَ بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ
مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا ، فَذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُهُ الْغَرَرُ لأَنَّ الزَّرْعَ
يَقِلُّ مَرَّةً وَيَكْثُرُ مَرَّةً ، وَرُبَّمَا هَلَكَ رَأْسًا ، فَيَكُونُ
صَاحِبُ الأََرْضِ قَدْ تَرَكَ كِرَاءً مَعْلُومًا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ
أَرْضَهُ بِهِ ، وَأَخَذَ أَمْرًا غَرَرًا لاَ يَدْرِي أَيَتِمُّ أَمْ لاَ ؟
فَهَذَا مَكْرُوهٌ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا
لِسَفَرٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ . ثُمَّ قَالَ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الأََجِيرَ : هَلْ
لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ عُشْرَ مَا أَرْبَحُ فِي سَفَرِي هَذَا إِجَارَةً لَكَ ؟
فَهَذَا لاَ يَحِلُّ وَلاَ يَنْبَغِي. قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ
وَلاَ أَرْضَهُ وَلاَ سَفِينَتَهُ إِلاَّ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ لاَ يَزُولُ إِلَى غَيْرِهِ.
2064- قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالأََرْضِ الْبَيْضَاءِ
أَنَّ صَاحِبَ النَّخْلِ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَهَا حَتَّى
يَبْدُوَ صَلاَحُهُ ، وَصَاحِبُ الأََرْضِ يُكْرِيهَا وَهِيَ أَرْضٌ بَيْضَاءُ لاَ
شَيْءَ فِيهَا.
2065- قَالَ مَالِكٌ :
وَالأََمْرُ عِنْدَنَا فِي النَّخْلِ أَيْضًا إِنَّهَا تُسَاقِي السِّنِينَ
الثَّلاَثَ وَالأََرْبَعَ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ قَالَ : وَذَلِكَ
الَّذِي سَمِعْتُ.
2066- وَكُلُّ شَيْءٍ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ
. يَجُوزُ فِيهِ لِمَنْ
سَاقَى مِنَ السِّنِينَ مِثْلُ مَا يَجُوزُ فِي النَّخْلِ.
2067- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الْمُسَاقِي إِنَّهُ : لاَ يَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَاقَاهُ شَيْئًا مِنْ
ذَهَبٍ وَلاَ وَرِقٍ يَزْدَادُهُ ، وَلاَ طَعَامٍ ، وَلاَ شَيْئًا مِنَ
الأََشْيَاءِ . لاَ يَصْلُحُ ذَلِكَ ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْمُسَاقَى
مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ شَيْئًا يَزِيدُهُ إِيَّاهُ ، مِنْ ذَهَبٍ وَلاَ وَرِقٍ وَلاَ
طَعَامٍ وَلاَ شَيْءٍ مِنَ الأََشْيَاءِ ، وَالزِّيَادَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا لاَ
تَصْلُحُ.
2068- قَالَ مَالِكٌ :
وَالْمُقَارِضُ أَيْضًا بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لاَ يَصْلُحُ . إِذَا دَخَلَتِ الزِّيَادَةُ
فِي الْمُسَاقَاةِ أَوِ الْمُقَارَضَةِ صَارَتْ إِجَارَةً ، وَمَا دَخَلَتْهُ
الإِجَارَةُ فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الإِجَارَةُ
بِأَمْرٍ غَرَرٍ . لاَ يَدْرِي أَيَكُونُ أَمْ لاَ يَكُونُ ، أَوْ يَقِلُّ أَوْ
يَكْثُرُ.
2069- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ
يُسَاقِي الرَّجُلَ الأََرْضَ فِيهَا النَّخْلُ وَالْكَرْمُ أَوْ مَا أَشْبَهَ
ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ فَيَكُونُ فِيهَا الأََرْضُ الْبَيْضَاءُ. قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا كَانَ الْبَيَاضُ تَبَعًا لِلأََصْلِ ، وَكَانَ الأََصْلُ أَعْظَمَ ذَلِكَ ،
أَوْ أَكْثَرَهُ ، فَلاَ بَأْسَ بِمُسَاقَاتِهِ ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّخْلُ
الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَيَكُونَ الْبَيَاضُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ
ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَيَاضَ حِينَئِذٍ تَبَعٌ لِلأََصْلِ ، وَإِذَا
كَانَتِ الأََرْضُ الْبَيْضَاءُ فِيهَا نَخْلٌ أَوْ كَرْمٌ أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ
مِنَ الأَُصُولِ فَكَانَ الأََصْلُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ ، وَالْبَيَاضُ
الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ . جَازَ فِي ذَلِكَ ، الْكِرَاءُ وَحَرُمَتْ فِيهِ
الْمُسَاقَاةُ ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أَنْ يُسَاقُوا الأََصْلَ ،
وَفِيهِ الْبَيَاضُ وَتُكْرَى الأََرْضُ وَفِيهَا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنَ
الأََصْلِ
أَوْ
يُبَاعَ الْمُصْحَفُ أَوِ السَّيْفُ وَفِيهِمَا الْحِلْيَةُ مِنَ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ
، أَوِ الْقِلاَدَةُ أَوِ الْخَاتَمُ وَفِيهِمَا الْفُصُوصُ وَالذَّهَبُ
بِالدَّنَانِيرِ ، وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْبُيُوعُ جَائِزَةً يَتَبَايَعُهَا
النَّاسُ وَيَبْتَاعُونَهَا ، وَلَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مَوْصُوفٌ
مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ ، إِذَا هُوَ بَلَغَهُ كَانَ حَرَامًا ، أَوْ قَصُرَ عَنْهُ
كَانَ حَلاَلاً ، وَالأََمْرُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا الَّذِي عَمِلَ بِهِ النَّاسُ
وَأَجَازُوهُ بَيْنَهُمْ ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مِنْ ذَلِكَ الْوَرِقِ
أَوِ الذَّهَبِ تَبَعًا لِمَا هُوَ فِيهِ جَازَ بَيْعُهُ ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ
النَّصْلُ أَوِ الْمُصْحَفُ أَوِ الْفُصُوصُ قِيمَتُهُ الثُّلُثَانِ ، أَوْ
أَكْثَرُ ، وَالْحِلْيَةُ قِيمَتُهَا الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ.
2- بَابُ الشَّرْطِ فِي
الرَّقِيقِ فِي الْمُسَاقَاةِ.
2070- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي عُمَّالِ الرَّقِيقِ فِي
الْمُسَاقَاةِ . يَشْتَرِطُهُمُ الْمُسَاقَى عَلَى صَاحِبِ الأََصْلِ : إِنَّهُ
لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ . لأَنَّهُمْ عُمَّالُ الْمَالِ ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ
الْمَالِ . لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِمْ لِلدَّاخِلِ إِلاَّ أَنَّهُ تَخِفُّ عَنْهُ
بِهِمُ الْمَئُونَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي الْمَالِ اشْتَدَّتْ مَئُونَتُهُ
، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَاقَاةِ فِي الْعَيْنِ وَالنَّضْحِ ،
وَلَنْ تَجِدَ أَحَدًا يُسَاقَى فِي أَرْضَيْنِ سَوَاءٍ فِي الأََصْلِ
وَالْمَنْفَعَةِ . إِحْدَاهُمَا بِعَيْنٍ وَاثِنَةٍ غَزِيرَةٍ ، وَالأَُخْرَى بِنَضْحٍ
عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ، لِخِفَّةِ مُؤْنَةِ الْعَيْنِ ، وَشِدَّةِ مُؤْنَةِ النَّضْحِ
، قَالَ : وَعَلَى ذَلِكَ ، الأََمْرُ عِنْدَنَا.
قَالَ :
وَالْوَاثِنَةُ الثَّابِتُ مَاؤُهَا الَّتِي لاَ تَغُورُ وَلاَ تَنْقَطِعُ.
2071- قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ لِلْمُسَاقَى أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ
الْمَالِ فِي غَيْرِهِ ، وَلاَ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي سَاقَاهُ.
2072- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَجُوزُ لِلَّذِي سَاقَى أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ رَقِيقًا
يَعْمَلُ بِهِمْ فِي الْحَائِطِ . لَيْسُوا فِيهِ حِينَ سَاقَاهُ إِيَّاهُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ
يَنْبَغِي لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الَّذِي دَخَلَ فِي مَالِهِ
بِمُسَاقَاةٍ ، أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَقِيقِ الْمَالِ أَحَدًا يُخْرِجُهُ مِنَ
الْمَالِ ، وَإِنَّمَا مُسَاقَاةُ الْمَالِ عَلَى حَالِهِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ
قَالَ : فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ رَقِيقِ الْمَالِ
أَحَدًا ، فَلْيُخْرِجْهُ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ ، أَوْ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَ
فِيهِ أَحَدًا ، فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ . ثُمَّ لِيُسَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ.
قَالَ : وَمَنْ مَاتَ
مِنَ الرَّقِيقِ أَوْ غَابَ أَوْ مَرِضَ ، فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْلِفَهُ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
20- كِتَابُ كِرَاءِ
الأََرْضِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي
كِرَاءِ الأََرْضِ.
2073- حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَنْظَلَةَ
بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ.
قَالَ حَنْظَلَةُ :
فَسَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، فَقَالَ : أَمَّا
بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ.
2074- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ كِرَاءِ
الأََرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِهِ.
2075- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ سَالِمَ
بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ
بِهَا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ
: فَقُلْتُ لَهُ : أَرَأَيْتَ الْحَدِيثَ الَّذِي يُذْكَرُ عَنْ رَافِعِ بْنِ
خَدِيجٍ ؟ فَقَالَ : أَكْثَرَ رَافِعٌ وَلَوْ كَانَ لِي مَزْرَعَةٌ أَكْرَيْتُهَا.
2076- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَكَارَى أرْضًا ، فَلَمْ
تَزَلْ فِي يَدَيْهِ بِكِرَاءٍ حَتَّى مَاتَ ، قَالَ ابْنُهُ : فَمَا كُنْتُ
أُرَاهَا إِلاَّ لَنَا مِنْ طُولِ مَا مَكَثَتْ فِي يَدَيْهِ ، حَتَّى ذَكَرَهَا
لَنَا عِنْدَ مَوْتِهِ ، فَأَمَرَنَا بِقَضَاءِ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ
كِرَائِهَا ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ.
2077- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ
، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ يُكْرِي أَرْضَهُ
بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ.
2078- وَسُئِلَ مَالِكٌ :
عَنْ رَجُلٍ أَكْرَى مَزْرَعَتَهُ بِمِائَةِ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ مِمَّا
يَخْرُجُ مِنْهَا مِنَ الْحِنْطَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا
فَكَرِهَ ذَلِكَ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
21- كِتَابُ الشُّفْعَةِ.
1- بَابُ مَا تَقَعُ
فِيهِ الشُّفْعَةُ.
2079- حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ عنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعَنْ أَبِي
سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم قَضَى بِالشُّفْعَةِ ، فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ ،
فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ بَيْنَهُمْ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا عِنْدَنَا.
2080- قَالَ مَالِكٌ : إِنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنِ الشُّفْعَةِ هَلْ فِيهَا مِنْ سُنَّةٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمِ الشُّفْعَةُ فِي الدُّورِ وَالأََرَضِينَ ، وَلاَ تَكُونُ إِلاَّ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ.
2081- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
مِثْلُ ذَلِكَ.
2082- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا مَعَ قَوْمٍ فِي أَرْضٍ بِحَيَوَانٍ عَبْدٍ أَوْ
وَلِيدَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُرُوضِ ، فَجَاءَ الشَّرِيكُ
يَأْخُذُ بِشُفْعَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَوَجَدَ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ قَدْ
هَلَكَا ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ قَدْرَ قِيمَتِهِمَا ، فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي
قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوِ الْوَلِيدَةِ مِائَةُ دِينَارٍ ، وَيَقُولُ صَاحِبُ
الشُّفْعَةِ الشَّرِيكُ بَلْ قِيمَتُهُمَا خَمْسُونَ دِينَارًا. قَالَ مَالِكٌ
: يَحْلِفُ
الْمُشْتَرِي أَنَّ قِيمَةَ مَا اشْتَرَى بِهِ مِائَةُ دِينَارٍ ، ثُمَّ إِنْ
شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الشُّفْعَةِ ، أَخَذَ أَوْ يَتْرُكَ إِلاَّ أَنْ
يَأْتِيَ الشَّفِيعُ بِبَيِّنَةٍ ، أَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ أَوِ الْوَلِيدَةِ
دُونَ مَا قَالَ الْمُشْتَرِي.
2083- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
وَهَبَ شِقْصًا فِي دَارٍ ، أَوْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَأَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ
لَهُ بِهَا نَقْدًا أَوْ عَرْضًا ، فَإِنَّ الشُّرَكَاءَ يَأْخُذُونَهَا
بِالشُّفْعَةِ إِنْ شَاؤُوا ، وَيَدْفَعُونَ إِلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةَ
مَثُوبَتِهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ.
2084- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
وَهَبَ هِبَةً فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَلَمْ يُثَبْ مِنْهَا ،
وَلَمْ يَطْلُبْهَا ، فَأَرَادَ شَرِيكُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا ،
فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ . مَا لَمْ يُثَبْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ أُثِيبَ ، فَهُوَ
لِلشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الثَّوَابِ.
2085- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ
، بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ.
قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ مَلِيًّا ، فَلَهُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ
إِلَى ذَلِكَ الأََجَلِ ، وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا أَنْ لاَ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ
إِلَى ذَلِكَ الأََجَلِ ، فَإِذَا جَاءَهُمْ بِحَمِيلٍ مَلِيٍّ ثِقَةٍ مِثْلِ
الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الشِّقْصَ فِي الأََرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ ، فَذَلِكَ لَهُ.
2086- قَالَ مَالِكٌ : لاَ تَقْطَعُ
شُفْعَةَ الْغَائِبِ غَيْبَتُهُ ، وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ
عِنْدَنَا حَدٌّ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الشُّفْعَةُ.
2087- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يُوَرِّثُ الأََرْضَ نَفَرًا مِنْ وَلَدِهِ ، ثُمَّ يُولَدُ لأَحَدِ
النَّفَرِ ثُمَّ يَهْلِكُ الأََبُ ، فَيَبِيعُ أَحَدُ وَلَدِ الْمَيِّتِ حَقَّهُ
فِي تِلْكَ الأََرْضِ ، فَإِنَّ أَخَا الْبَائِعِ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ مِنْ
عُمُومَتِهِ شُرَكَاءِ أَبِيهِ. قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.
2088- قَالَ مَالِكٌ
: الشُّفْعَةُ بَيْنَ
الشُّرَكَاءِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ ، يَأْخُذُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ
بِقَدْرِ نَصِيبِهِ ، إِنْ كَانَ قَلِيلاً فَقَلِيلاً ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا
فَبِقَدْرِهِ ، وَذَلِكَ إِنْ تَشَاحُّوا فِيهَا.
2089- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ مِنْ شُرَكَائِهِ حَقَّهُ ،
فَيَقُولُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ : أَنَا آخُذُ مِنَ الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِي
، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي : إِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا
أَسْلَمْتُهَا إِلَيْكَ ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَدَعَ فَدَعْ ، فَإِنَّ
الْمُشْتَرِيَ إِذَا خَيَّرَهُ فِي هَذَا ، وَأَسْلَمَهُ إِلَيْهِ ، فَلَيْسَ
لِلشَّفِيعِ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا ، أَوْ يُسْلِمَهَا
إِلَيْهِ ، فَإِنْ أَخَذَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ لَهُ
فِيهَا .
2090- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الأََرْضَ فَيَعْمُرُهَا بِالأََصْلِ
يَضَعُهُ فِيهَا ، أَوِ الْبِئْرِ يَحْفِرُهَا ، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ
فِيهَا حَقًّا ، فَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ ، إِنَّهُ لاَ شُفْعَةَ
لَهُ فِيهَا ، إِلاَّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا عَمَرَ ، فَإِنْ أَعْطَاهُ
قِيمَةَ مَا عَمَرَ كَانَ أَحَقَّ بِالشُّفْعَةِ ، وَإِلاَّ فَلاَ حَقَّ لَهُ
فِيهَا.
2091- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ
صَاحِبَ الشُّفْعَةِ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ ، اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِيَ ،
فَأَقَالَهُ . قَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ ، وَالشَّفِيعُ أَحَقُّ بِهَا
بِالثَّمَنِ الَّذِي كَانَ بَاعَهَا بِهِ.
2092- قَالَ مَالِكٌ : مَنِ
اشْتَرَى شِقْصًا فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ ، وَحَيَوَانًا وَعُرُوضًا فِي صَفْقَةٍ
وَاحِدَةٍ ، فَطَلَبَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ أَوِ الأََرْضِ ،
فَقَالَ الْمُشْتَرِي : خُذْ مَا اشْتَرَيْتُ جَمِيعًا ، فَإِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ جَمِيعًا.
قَالَ مَالِكٌ : بَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ أَوِ الأََرْضِ
. بِحِصَّتِهَا مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ يُقَامُ كُلُّ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ
ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ . عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ . ثُمَّ
يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ بِالَّذِي يُصِيبُهَا مِنَ الْقِيمَةِ مِنْ رَأْسِ
الثَّمَنِ ، وَلاَ يَأْخُذُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ شَيْئًا . إِلاَّ أَنْ
يَشَاءَ ذَلِكَ.
2093- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَسَلَّمَ
بَعْضُ مَنْ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِلْبَائِعِ ، وَأَبَى بَعْضُهُمْ إِلاَّ
أَنْ يَأْخُذَ بِشُفْعَتِهِ : إِنَّ مَنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ يَأْخُذُ
بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حَقِّهِ
وَيَتْرُكَ مَا بَقِيَ.
2094- قَالَ مَالِكٌ : فِي نَفَرٍ
شُرَكَاءَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ ، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ ، وَشُرَكَاؤُهُ
غُيَّبٌ كُلُّهُمْ إِلاَّ رَجُلاً ، فَعُرِضَ عَلَى الْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ
بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكَ ، فَقَالَ : أَنَا آخُذُ بِحِصَّتِي وَأَتْرُكُ
حِصَصَ شُرَكَائِي حَتَّى يَقْدَمُوا ، فَإِنْ أَخَذُوا فَذَلِكَ ، وَإِنْ
تَرَكُوا أَخَذْتُ جَمِيعَ الشُّفْعَةِ. قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ لَهُ إِلاَّ أَنْ
يَأْخُذَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يَتْرُكَ ، فَإِنْ جَاءَ شُرَكَاؤُهُ ، أَخَذُوا
مِنْهُ أَوْ تَرَكُوا إِنْ شَاؤُوا ، فَإِذَا عُرِضَ هَذَا عَلَيْهِ فَلَمْ
يَقْبَلْهُ ، فَلاَ أَرَى لَهُ شُفْعَةً.
2- بَابُ مَا لاَ تَقَعُ
فِيهِ الشُّفْعَةُ.
2095- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ،
أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ : إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فِي الأََرْضِ ،
فَلاَ شُفْعَةَ فِيهَا ، وَلاَ شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ وَلاَ فِي فَحْلِ النَّخْلِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَعَلَى هَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.
2096- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ شُفْعَةَ فِي طَرِيقٍ صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا
أَوْ لَمْ يَصْلُحْ.
2097- قَالَ مَالِكٌ :
وَالأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لاَ شُفْعَةَ فِي عَرْصَةِ دَارٍ صَلُحَ الْقَسْمُ
فِيهَا أَوْ لَمْ يَصْلُحْ.
2098- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، عَلَى أَنَّهُ فِيهَا
بِالْخِيَارِ ، فَأَرَادَ شُرَكَاءُ الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا بَاعَ
شَرِيكُهُمْ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمُشْتَرِي ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ
يَكُونُ لَهُمْ . حَتَّى يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي ، وَيَثْبُتَ لَهُ الْبَيْعُ ،
فَإِذَا وَجَبَ لَهُ الْبَيْعُ فَلَهُمُ الشُّفْعَةُ.
2099- وقَالَ مَالِكٌ : فِي
الرَّجُلِ يَشْتَرِي أَرْضًا فَتَمْكُثُ فِي يَدَيْهِ حِينًا . ثُمَّ يَأْتِي
رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا بِمِيرَاثٍ : إِنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ إِنْ ثَبَتَ
حَقُّهُ ، وَإِنَّ مَا أَغَلَّتِ الأََرْضُ مِنْ غَلَّةٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي
الأََوَّلِ . إِلَى يَوْمِ يَثْبُتُ حَقُّ الآخَرِ . لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ضَمِنَهَا لَوْ هَلَكَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ
غِرَاسٍ ، أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ.
قَالَ : فَإِنْ طَالَ
الزَّمَانُ ، أَوْ هَلَكَ الشُّهُودُ ، أَوْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي ،
أَوْ هُمَا حَيَّانِ ، فَنُسِيَ أَصْلُ الْبَيْعِ وَالاِشْتِرَاءِ لِطُولِ
الزَّمَانِ ، فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَنْقَطِعُ ، وَيَأْخُذُ حَقَّهُ الَّذِي ثَبَتَ
لَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فِي حَدَاثَةِ الْعَهْدِ
وَقُرْبِهِ ، وَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَائِعَ غَيَّبَ الثَّمَنَ وَأَخْفَاهُ
لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ حَقَّ صَاحِبِ الشُّفْعَةِ ، قُوِّمَتِ الأََرْضُ عَلَى
قَدْرِ مَا يُرَى أَنَّهُ ثَمَنُهَا ، فَيَصِيرُ ثَمَنُهَا إِلَى ذَلِكَ . ثُمَّ
يُنْظَرُ إِلَى مَا زَادَ فِي الأََرْضِ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ عِمَارَةٍ
، فَيَكُونُ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَنِ ابْتَاعَ الأََرْضَ بِثَمَنٍ
مَعْلُومٍ ثُمَّ بَنَى فِيهَا وَغَرَسَ . ثُمَّ أَخَذَهَا صَاحِبُ الشُّفْعَةِ
بَعْدَ ذَلِكَ.
2100- قَالَ مَالِكٌ : وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ كَمَا
هِيَ فِي مَالِ الْحَيِّ ، فَإِنْ خَشِيَ أَهْلُ الْمَيِّتِ أَنْ يَنْكَسِرَ مَالُ
الْمَيِّتِ ، قَسَمُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ شُفْعَةٌ.
2101- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ شُفْعَةَ عِنْدَنَا فِي عَبْدٍ وَلاَ وَلِيدَةٍ ، وَلاَ بَعِيرٍ وَلاَ
بَقَرَةٍ وَلاَ شَاةٍ ، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَلاَ فِي ثَوْبٍ
وَلاَ فِي بِئْرٍ لَيْسَ لَهَا بَيَاضٌ . إِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِيمَا يَصْلُحُ
أَنَّهُ يَنْقَسِمُ وَتَقَعُ فِيهِ الْحُدُودُ مِنَ الأََرْضِ ، فَأَمَّا مَا لاَ
يَصْلُحُ فِيهِ الْقَسْمُ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ.
2102- قَالَ مَالِكٌ :
وَمَنِ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا شُفْعَةٌ لِنَاسٍ حُضُورٍ ، فَلْيَرْفَعْهُمْ إِلَى
السُّلْطَانِ ، فَإِمَّا أَنْ يَسْتَحِقُّوا ، وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ
السُّلْطَانُ ، فَإِنْ تَرَكَهُمْ فَلَمْ يَرْفَعْ أَمْرَهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ
، وَقَدْ عَلِمُوا بِاشْتِرَائِهِ ، فَتَرَكُوا ذَلِكَ حَتَّى طَالَ زَمَانُهُ
ثُمَّ جَاؤُوا يَطْلُبُونَ شُفْعَتَهُمْ ، فَلاَ أَرَى ذَلِكَ لَهُمْ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
22- كِتَابُ
الأََقْضِيَةِ.
1- بَابُ التَّرْغِيبِ
فِي الْقَضَاءِ بِالْحَقِّ.
2103- حَدَّثَنَا يحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَإِنَّكُمْ
تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ
مِنْ بَعْضٍ ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ ، فَمَنْ
قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ ، فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْهُ شَيْئًا ، فَإِنَّمَا
أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.
2104- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ : اخْتَصَمَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ
وَيَهُودِيٌّ ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ الْحَقَّ لِلْيَهُودِيِّ ، فَقَضَى لَهُ ،
فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ : وَاللَّهِ لَقَدْ قَضَيْتَ بِالْحَقِّ ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ ، ثُمَّ قَالَ : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ فَقَالَ لَهُ
الْيَهُودِيُّ : إِنَّا نَجِدُ أَنَّهُ لَيْسَ قَاضٍ يَقْضِي بِالْحَقِّ ، إِلاَّ
كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ ، وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ ، يُسَدِّدَانِهِ
وَيُوَفِّقَانِهِ لِلْحَقِّ مَا دَامَ مَعَ الْحَقِّ ، فَإِذَا تَرَكَ الْحَقَّ
عَرَجَا وَتَرَكَاهُ.
2- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الشَّهَادَاتِ.
2105- حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الأََنْصَارِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ
الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَلاَ
أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ . الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ
يُسْأَلَهَا ، أَوْ يُخْبِرُ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا.
2106- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، فَقَالَ : لَقَدْ جِئْتُكَ لأَمْرٍ ، مَا لَهُ رَأْسٌ ، وَلاَ ذَنَبٌ ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا هُوَ ؟ قَالَ : شَهَادَاتُ الزُّورِ ظَهَرَتْ بِأَرْضِنَا ، فَقَالَ عُمَرُ : أَوَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ لاَ يُؤْسَرُ رَجُلٌ فِي الإِسْلاَمِ بِغَيْرِ الْعُدُولِ.
2107- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ
تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلاَ ظَنِينٍ.
3- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ.
2108- قَالَ يَحْيَى ، عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ ، أَنَّهُمْ
سُئِلُوا : عَنْ رَجُلٍ جُلِدَ الْحَدَّ أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ ؟ فَقَالُوا :
نَعَمْ ، إِذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ التَّوْبَةُ.
2109- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : مِثْلَ مَا
قَالَ : سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ.
2110- قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ
شُهَدَاءَ ، فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ، وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ
شَهَادَةً أَبَدًا ، وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا
مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ، وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور].
قَالَ مَالِكٌ :
فَالأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الَّذِي يُجْلَدُ
الْحَدَّ ثُمَّ تَابَ ، وَأَصْلَحَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ ، وَهُوَ أَحَبُّ مَا
سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
4- بَابُ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
2111- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
2112- وعَنْ مَالِكٍ ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ
الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ - وَهُوَ
عَامِلٌ عَلَى الْكُوفَةِ ، أَنِ : اقْضِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
2113- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلاَ : هَلْ يُقْضَى بِالْيَمِينِ
مَعَ الشَّاهِدِ ، فَقَالاَ : نَعَمْ.
2114- قَالَ مَالِكٌ :
مَضَتِ السُّنَّةُ
فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ . يَحْلِفُ صَاحِبُ
الْحَقِّ مَعَ شَاهِدِهِ ، وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ ، فَإِنْ نَكَلَ وَأَبَى أَنْ
يَحْلِفَ ، أُحْلِفَ الْمَطْلُوبُ ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ الْحَقُّ
، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ.
2115- قَالَ مَالِكٌ
: وَإِنَّمَا يَكُونُ
ذَلِكَ فِي الأََمْوَالِ خَاصَّةً ، وَلاَ يَقَعُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ
الْحُدُودِ ، وَلاَ فِي نِكَاحٍ وَلاَ فِي طَلاَقٍ ، وَلاَ فِي عَتَاقَةٍ وَلاَ
فِي سَرِقَةٍ ، وَلاَ فِي فِرْيَةٍ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ الْعَتَاقَةَ
مِنَ الأََمْوَالِ ، فَقَدْ أَخْطَأَ . لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ
، لَحَلَفَ الْعَبْدُ مَعَ شَاهِدِهِ ، إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ أَنَّ سَيِّدَهُ
أَعْتَقَهُ ، وَأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ عَلَى مَالٍ مِنَ
الأََمْوَالِ ادَّعَاهُ ، حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ كَمَا
يَحْلِفُ الْحُرُّ.
2116- قَالَ مَالِكٌ :
فَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ عَلَى عَتَاقَتِهِ اسْتُحْلِفَ
سَيِّدُهُ مَا أَعْتَقَهُ وَبَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ.
2117- قَالَ مَالِكٌ :
وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَيْضًا فِي الطَّلاَقِ . إِذَا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ بِشَاهِدٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ، أُحْلِفَ
زَوْجُهَا مَا طَلَّقَهَا ، فَإِذَا حَلَفَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ.
2118- قَالَ مَالِكٌ : فَسُنَّةُ الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقَةِ فِي الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَاحِدَةٌ ، إِنَّمَا يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ ، وَعَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ ، وَإِنَّمَا الْعَتَاقَةُ حَدٌّ مِنَ الْحُدُودِ . لاَ تَجُوزُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ . لأَنَّهُ إِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ ، وَوَقَعَتْ لَهُ الْحُدُودُ ، وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ ، وَإِنْ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ رُجِمَ ، وَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدَ قُتِلَ بِهِ ، وَثَبَتَ لَهُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يُوَارِثُهُ ، فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فَقَالَ : لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ عَبْدَهُ ، وَجَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبُ سَيِّدَ الْعَبْدِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ، فَشَهِدَ لَهُ ، عَلَى حَقِّهِ ذَلِكَ ، رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُثْبِتُ الْحَقَّ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ . حَتَّى تُرَدَّ بِهِ عَتَاقَتُهُ . إِذَا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ مَالٌ غَيْرُ الْعَبْدِ . يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الْعَتَاقَةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى مَا قَالَ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَعْتِقُ عَبْدَهُ . ثُمَّ يَأْتِي طَالِبُ الْحَقِّ عَلَى سَيِّدِهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ ، فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ . ثُمَّ يَسْتَحِقُّ حَقَّهُ ، وَتُرَدُّ بِذَلِكَ عَتَاقَةُ الْعَبْدِ ، أَوْ يَأْتِي الرَّجُلُ قَدْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِ الْعَبْدِ مُخَالَطَةٌ وَمُلاَبَسَةٌ ، فَيَزْعُمُ أَنَّ لَهُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ مَالاً ، فَيُقَالُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ : احْلِفْ مَا عَلَيْكَ مَا ادَّعَى ، فَإِنْ نَكَلَ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ ، حُلِّفَ صَاحِبُ الْحَقِّ ، وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ يَرُدُّ عَتَاقَةَ الْعَبْدِ . إِذَا ثَبَتَ الْمَالُ عَلَى سَيِّدِهِ.
2119- قَالَ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا الرَّجُلُ يَنْكِحُ الأََمَةَ ، فَتَكُونُ
امْرَأَتَهُ ، فَيَأْتِي سَيِّدُ الأََمَةِ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا
فَيَقُولُ : ابْتَعْتَ مِنِّي جَارِيَتِي فُلاَنَةَ ، أَنْتَ وَفُلاَنٌ بِكَذَا
وَكَذَا دِينَارًا ، فَيُنْكِرُ ذَلِكَ زَوْجُ الأََمَةِ ، فَيَأْتِي سَيِّدُ
الأََمَةِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ، فَيَشْهَدُونَ عَلَى مَا قَالَ ، فَيَثْبُتُ
بَيْعُهُ ، وَيَحِقُّ حَقُّهُ ، وَتَحْرُمُ الأََمَةُ عَلَى زَوْجِهَا ، وَيَكُونُ
ذَلِكَ فِرَاقًا بَيْنَهُمَا ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لاَ تَجُوزُ فِي الطَّلاَقِ.
2120- قَالَ مَالِكٌ :
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الرَّجُلُ يَفْتَرِي عَلَى الرَّجُلِ الْحُرِّ ، فَيَقَعُ
عَلَيْهِ الْحَدُّ ، فَيَأْتِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَيَشْهَدُونَ أَنَّ الَّذِي
افْتُرِيَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ ، فَيَضَعُ ذَلِكَ الْحَدَّ عَنِ
الْمُفْتَرِي بَعْدَ أَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لاَ تَجُوزُ
فِي الْفِرْيَةِ.
2121- قَالَ مَالِكٌ :
وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْقَضَاءُ ، وَمَا
مَضَى مِنَ السُّنَّةِ ، أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى اسْتِهْلاَلِ
الصَّبِيِّ ، فَيَجِبُ بِذَلِكَ مِيرَاثُهُ حَتَّى يَرِثَ ، وَيَكُونُ مَالُهُ
لِمَنْ يَرِثُهُ . إِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ ، وَلَيْسَ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ
اللَّتَيْنِ شَهِدَتَا ، رَجُلٌ وَلاَ يَمِينٌ ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي
الأََمْوَالِ الْعِظَامِ . مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالرِّبَاعِ وَالْحَوَائِطِ وَالرَّقِيقِ
وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأََمْوَالِ ، وَلَوْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ عَلَى
دِرْهَمٍ وَاحِدٍ ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ . لَمْ تَقْطَعْ
شَهَادَتُهُمَا شَيْئًا ، وَلَمْ تَجُزْ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا شَاهِدٌ
أَوْ يَمِينٌ.
2122- قَالَ مَالِكٌ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لاَ تَكُونُ الْيَمِينُ
مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا
رَجُلَيْنِ : فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}
يَقُولُ : فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَلاَ شَيْءَ لَهُ ، وَلاَ
يُحَلَّفُ مَعَ شَاهِدِهِ.
قَالَ مَالِكٌ
: فَمِنَ الْحُجَّةِ
عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ ، أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالاً :
أَلَيْسَ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا ذَلِكَ الْحَقُّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ
ذَلِكَ عَنْهُ ، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ حُلِّفَ صَاحِبُ الْحَقِّ إِنَّ
حَقَّهُ لَحَقٌّ ، وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ، فَهَذَا مَا لاَ اخْتِلاَفَ
فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ، وَلاَ بِبَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ ،
فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَخَذَ هَذَا ؟ أَوْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ
وَجَدَهُ ؟ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَذَا فَلْيُقْرِرْ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ،
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَنَّهُ
لَيَكْفِي مِنْ ذَلِكَ مَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ ، وَلَكِنِ الْمَرْءُ قَدْ
يُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَ وَجْهَ الصَّوَابِ وَمَوْقِعَ الْحُجَّةِ ، فَفِي هَذَا
بَيَانُ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ . إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
5- بَابُ الْقَضَاءِ
فِيمَنْ هَلَكَ وَلَهُ دَيْنٌ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَهُ ، فِيهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ.
2123- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ دَيْنٌ ، عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ ،
وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ ، لَهُمْ فِيهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ ، فَيَأْبَى
وَرَثَتُهُ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى حُقُوقِهِمْ مَعَ شَاهِدِهِمْ . قَالَ : فَإِنَّ
الْغُرَمَاءَ يَحْلِفُونَ وَيَأْخُذُونَ حُقُوقَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ لَمْ
يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ الأََيْمَانَ عُرِضَتْ عَلَيْهِمْ
قَبْلُ ، فَتَرَكُوهَا . إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا لَمْ نَعْلَمْ لِصَاحِبِنَا
فَضْلاً ، وَيُعْلَمُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا تَرَكُوا الأََيْمَانَ مِنْ أَجْلِ
ذَلِكَ ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَحْلِفُوا وَيَأْخُذُوا مَا بَقِيَ بَعْدَ دَيْنِهِ.
6- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الدَّعْوَى.
2124- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنِ ، أَنَّهُ
كَانَ يَحْضُرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ ،
فَإِذَا جَاءَهُ الرَّجُلُ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ حَقًّا : نَظَرَ ، فَإِنْ
كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلاَبَسَةٌ أَحْلَفَ الَّذِي ادُّعِيَ
عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ.
2125- قَالَ مَالِكٌ
: وَعَلَى ذَلِكَ
الأََمْرُ عِنْدَنَا ، أَنَّهُ مَنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِدَعْوَى ، نُظِرَ
فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلاَبَسَةٌ أُحْلِفَ الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْهُ ، وَإِنْ أَبَى أَنْ
يَحْلِفَ ، وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي ، فَحَلَفَ طَالِبُ الْحَقِّ ،
أَخَذَ حَقَّهُ.
7- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ.
2126- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
الزُّبَيْرِ كَانَ يَقْضِي بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ
الْجِرَاحِ.
2127- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ
شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ تَجُوزُ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِرَاحِ ، وَلاَ
تَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمْ ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ
مِنَ الْجِرَاحِ وَحْدَهَا ، لاَ تَجُوزُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ . إِذَا كَانَ ذَلِكَ
قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا ، أَوْ يُخَبَّبُوا أَوْ يُعَلَّمُوا ، فَإِنِ افْتَرَقُوا
فَلاَ شَهَادَةَ لَهُمْ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونُوا قَدْ أَشْهَدُوا الْعُدُولَ عَلَى
شَهَادَتِهِمْ . قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا.
8- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْحِنْثِ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
2128- قَالَ يَحْيَى ،
حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ الأََنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ
حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي آثِمًا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
2129- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ السَّلَمِيِّ ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأََنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ
بِيَمِينِهِ ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ، وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ ،
قَالُوا : وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَإِنْ كَانَ
قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ، وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ، وَإِنْ كَانَ
قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
9- بَابُ جَامِعِ مَا
جَاءَ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمِنْبَرِ.
2130- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ
بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ ، يَقُولُ : اخْتَصَمَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ
الأََنْصَارِيُّ وَابْنُ مُطِيعٍ فِي دَارٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا . إِلَى مَرْوَانَ
بْنِ الْحَكَمِ ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ ، فَقَضَى مَرْوَانُ عَلَى
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ
ثَابِتٍ : أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي ، قَالَ فَقَالَ : مَرْوَانُ : لاَ وَاللَّهِ
إِلاَّ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ ، قَالَ : فَجَعَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ
يَحْلِفُ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ ، وَيَأْبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ ،
قَالَ : فَجَعَلَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ.
2131- قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَرَى أَنْ يُحَلَّفَ أَحَدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى أَقَلَّ
مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَذَلِكَ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ.
10- بَابُ مَا لاَ
يَجُوزُ مِنْ غَلَقِ الرَّهْنِ.
2132- قَالَ يَحْيَى ،
حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ.
2133- قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ فِيمَا نُرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ
الرَّهْنَ عِنْدَ الرَّجُلِ بِالشَّيْءِ ، وَفِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَمَّا رُهِنَ
بِهِ ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ : إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ ، إِلَى أَجَلٍ
يُسَمِّيهِ لَهُ ، وَإِلاَّ فَالرَّهْنُ لَكَ بِمَا رُهِنَ فِيهِ قَالَ : فَهَذَا
لاَ يَصْلُحُ وَلاَ يَحِلُّ ، وَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ ، وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ
بِالَّذِي رَهَنَ بِهِ بَعْدَ الأََجَلِ ، فَهُوَ لَهُ ، وَأُرَى هَذَا الشَّرْطَ
مُنْفَسِخًا.
11- بَابُ الْقَضَاءِ فِي رَهْنِ الثَّمَرِ وَالْحَيَوَانِ.
2134- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ ، فِيمَنْ رَهَنَ حَائِطًا لَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى
، فَيَكُونُ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ قَبْلَ ذَلِكَ الأََجَلِ : إِنَّ الثَّمَرَ
لَيْسَ بِرَهْنٍ مَعَ الأََصْلِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ ،
الْمُرْتَهِنُ فِي رَهْنِهِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ارْتَهَنَ جَارِيَةً وَهِيَ
حَامِلٌ ، أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ ارْتِهَانِهِ إِيَّاهَا : إِنَّ وَلَدَهَا مَعَهَا.
2135- قَالَ مَالِكٌ :
وَفُرِقَ بَيْنَ الثَّمَرِ وَبَيْنَ وَلَدِ الْجَارِيَةِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا
لِلْبَائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ.
2136- قَالَ : وَالأََمْرُ
الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ مَنْ بَاعَ وَلِيدَةً ، أَوْ
شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ ، أَنَّ ذَلِكَ الْجَنِينَ
لِلْمُشْتَرِي ، اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ ، فَلَيْسَتِ
النَّخْلُ مِثْلَ الْحَيَوَانِ ، وَلَيْسَ الثَّمَرُ مِثْلَ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ
أُمِّهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أَنْ يَرْهَنَ
الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلِ ، وَلاَ يَرْهَنُ النَّخْلَ ، وَلَيْسَ يَرْهَنُ
أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مِنَ الرَّقِيقِ ، وَلاَ مِنَ
الدَّوَابِّ.
12- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الرَّهْنِ مِنَ الْحَيَوَانِ.
2137- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا
فِي الرَّهْنِ ، أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ يُعْرَفُ هَلاَكُهُ مِنْ أَرْضٍ ،
أَوْ دَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ ، فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ، وَعُلِمَ
هَلاَكُهُ فَهُوَ مِنَ الرَّاهِنِ ، وَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنْقُصُ مِنْ حَقِّ
الْمُرْتَهِنِ شَيْئًا ، وَمَا كَانَ مِنْ رَهْنٍ يَهْلِكُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ
، فَلاَ يُعْلَمُ هَلاَكُهُ إِلاَّ بِقَوْلِهِ ، فَهُوَ مِنَ الْمُرْتَهِنِ ،
وَهُوَ لِقِيمَتِهِ ضَامِنٌ . يُقَالُ لَهُ : صِفْهُ ، فَإِذَا وَصَفَهُ ، أُحْلِفَ
عَلَى صِفَتِهِ ، وَتَسْمِيَةِ مَالِهِ فِيهِ ، ثُمَّ يُقَوِّمُهُ أَهْلُ
الْبَصَرِ بِذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَمَّا سَمَّى فِيهِ
الْمُرْتَهِنُ ، أَخَذَهُ الرَّاهِنُ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّى ،
أُحْلِفَ الرَّاهِنُ عَلَى مَا سَمَّى الْمُرْتَهِنُ ، وَبَطَلَ عَنْهُ الْفَضْلُ
الَّذِي سَمَّى الْمُرْتَهِنُ ، فَوْقَ قِيمَةِ الرَّهْنِ ، وَإِنْ أَبَى
الرَّاهِنُ أَنْ يَحْلِفَ ، أُعْطِيَ الْمُرْتَهِنُ مَا فَضَلَ بَعْدَ قِيمَةِ
الرَّهْنِ ، فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ : لاَ عِلْمَ لِي بِقِيمَةِ الرَّهْنِ .
حُلِّفَ الرَّاهِنُ عَلَى صِفَةِ الرَّهْنِ ، وَكَانَ ذَلِكَ لَهُ ، إِذَا جَاءَ
بِالأََمْرِ الَّذِي لاَ يُسْتَنْكَرُ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَذَلِكَ إِذَا قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ ، وَلَمْ يَضَعْهُ عَلَى يَدَيْ
غَيْرِهِ.
13- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الرَّهْنِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ.
2138- قَالَ يَحْيَى ،
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : وَفِي الرَّجُلَيْنِ يَكُونُ لَهُمَا رَهْنٌ
بَيْنَهُمَا ، فَيَقُومُ أَحَدُهُمَا بِبَيْعِ رَهْنِهِ ، وَقَدْ كَانَ الآخَرُ
أَنْظَرَهُ بحَقِّهِ سَنَةً . قَالَ : إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُقْسَمَ
الرَّهْنُ ، وَلاَ يَنْقُصَ حَقُّ الَّذِي أَنْظَرَهُ بِحَقِّهِ ، بِيعَ لَهُ
نِصْفُ الرَّهْنِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا ، فَأُوفِيَ حَقَّهُ ، وَإِنْ خِيفَ
أَنْ يَنْقُصَ حَقُّهُ . بِيعَ الرَّهْنُ كُلُّهُ ، فَأُعْطِيَ الَّذِي قَامَ بِبَيْعِ
رَهْنِهِ ، حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُ الَّذِي أَنْظَرَهُ
بِحَقِّهِ ، أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ الثَّمَنِ إِلَى الرَّاهِنِ ، وَإِلاَّ حُلِّفَ الْمُرْتَهِنُ
، أَنَّهُ مَا أَنْظَرَهُ إِلاَّ لِيُوقِفَ لِي رَهْنِي عَلَى هَيْئَتِهِ . ثُمَّ
أُعْطِيَ حَقَّهُ عَاجِلاً.
2139- قَالَ
: وسَمِعْتُ مَالِكًا
يَقُولُ ، فِي الْعَبْدِ يَرْهَنُهُ سَيِّدُهُ ، وَلِلْعَبْدِ مَالٌ : إِنَّ مَالَ
الْعَبْدِ لَيْسَ بِرَهْنٍ . إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُرْتَهِنُ.
14- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
جَامِعِ الرُّهُونِ.
2140- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ ، فِيمَنِ ارْتَهَنَ مَتَاعًا فَهَلَكَ الْمَتَاعُ
عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ، وَأَقَرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِتَسْمِيَةِ
الْحَقِّ ، وَاجْتَمَعَا عَلَى التَّسْمِيَةِ ، وَتَدَاعَيَا فِي الرَّهْنِ ،
فَقَالَ الرَّاهِنُ : قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ :
قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، وَالْحَقُّ الَّذِي لِلرَّجُلِ فِيهِ عِشْرُونَ
دِينَارًا. قَالَ مَالِكٌ : يُقَالُ لِلَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ : صِفْهُ ، فَإِذَا وَصَفَهُ ، أُحْلِفَ
عَلَيْهِ . ثُمَّ أَقَامَ تِلْكَ الصِّفَةَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا ، فَإِنْ
كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِمَّا رُهِنَ بِهِ . قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ : ارْدُدْ
إِلَى الرَّاهِنِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا
رُهِنَ بِهِ ، أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ بَقِيَّةَ حَقِّهِ مِنَ الرَّاهِنِ ، وَإِنْ
كَانَتِ الْقِيمَةُ بِقَدْرِ حَقِّهِ ، فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ.
2141- قَالَ يَحْيَى : وسَمِعْتُ مَالِكًا : يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا
فِي الرَّجُلَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي الرَّهْنِ . يَرْهَنُهُ أَحَدُهُمَا
صَاحِبَهُ ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ : أَرْهَنْتُكَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ،
وَيَقُولُ الْمُرْتَهِنُ : ارْتَهَنْتُهُ مِنْكَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا ،
وَالرَّهْنُ ظَاهِرٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ . قَالَ : يُحَلَّفُ الْمُرْتَهِنُ
حَتَّى يُحِيطَ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ . لاَ زِيَادَةَ فِيهِ وَلاَ
نُقْصَانَ عَمَّا حُلِّفَ أَنَّ لَهُ فِيهِ ، أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ ،
وَكَانَ أَوْلَى بِالتَّبْدِئَةِ بِالْيَمِينِ . لِقَبْضِهِ الرَّهْنَ
وَحِيَازَتِهِ إِيَّاهُ ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الرَّهْنِ أَنْ يُعْطِيَهُ
حَقَّهُ الَّذِي حُلِّفَ عَلَيْهِ ، وَيَأْخُذَ رَهْنَهُ.
قَالَ :
وَإِنْ كَانَ
الرَّهْنُ أَقَلَّ مِنَ الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى ، أُحْلِفَ الْمُرْتَهِنُ
عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى ، ثُمَّ يُقَالُ لِلرَّاهِنِ : إِمَّا أَنْ
تُعْطِيَهُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ ، وَتَأْخُذَ رَهْنَكَ ، وَإِمَّا أَنْ
تَحْلِفَ عَلَى الَّذِي قُلْتَ أَنَّكَ رَهَنْتَهُ بِهِ ، وَيَبْطُلُ عَنْكَ مَا
زَادَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ ، فَإِنْ حَلَفَ الرَّاهِنُ بَطَلَ
ذَلِكَ عَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ غُرْمُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ
الْمُرْتَهِنُ.
2142- قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ ، وَتَنَاكَرَا الْحَقَّ ، فَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ
: كَانَتْ لِي فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا ، وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ :
لَمْ يَكُنْ لَكَ فِيهِ إِلاَّ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ
الْحَقُّ : قِيمَةُ الرَّهْنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ
الْحَقُّ : قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا ، قِيلَ لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ :
صِفْهُ ، فَإِذَا وَصَفَهُ أُحْلِفَ عَلَى صِفَتِهِ ، ثُمَّ أَقَامَ تِلْكَ
الصِّفَةَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ
أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى فِيهِ الْمُرْتَهِنُ ، أُحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى ،
ثُمَّ يُعْطَى الرَّاهِنُ مَا فَضَلَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ
قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا يَدَّعِي فِيهِ الْمُرْتَهِنُ ، أُحْلِفَ عَلَى الَّذِي زَعَمَ
أَنَّهُ لَهُ فِيهِ ، ثُمَّ قَاصَّهُ بِمَا بَلَغَ الرَّهْنُ
ثُمَّ أُحْلِفَ
الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ عَلَى الْفَضْلِ الَّذِي بَقِيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ
، بَعْدَ مَبْلَغِ ثَمَنِ الرَّهْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ
صَارَ مُدَّعِيًا عَلَى الرَّاهِنِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ عَنْهُ بَقِيَّةُ مَا
حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ مِمَّا ادَّعَى فَوْقَ قِيمَةِ الرَّهْنِ ، وَإِنْ
نَكَلَ لَزِمَهُ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ قِيمَةِ الرَّهْنِ.
15- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَالتَّعَدِّي بِهَا.
2143- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَسْتَكْرِي
الدَّابَّةَ إِلَى الْمَكَانِ الْمُسَمَّى . ثُمَّ يَتَعَدَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ
وَيَتَقَدَّمُ : إِنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ يُخَيَّرُ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ
يَأْخُذَ كِرَاءَ دَابَّتِهِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي تُعُدِّيَ بِهَا إِلَيْهِ ،
أُعْطِيَ ذَلِكَ ، وَيَقْبِضُ دَابَّتَهُ ، وَلَهُ الْكِرَاءُ الأََوَّلُ ، وَإِنْ
أَحَبَّ رَبُّ الدَّابَّةِ ، فَلَهُ قِيمَةُ دَابَّتِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي تَعَدَّى
مِنْهُ الْمُسْتَكْرِي ، وَلَهُ الْكِرَاءُ الأََوَّلُ . إِنْ كَانَ اسْتَكْرَى
الدَّابَّةَ الْبَدْأَةَ ، فَإِنْ كَانَ اسْتَكْرَاهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا ،
ثُمَّ تَعَدَّى حِينَ بَلَغَ الْبَلَدَ الَّذِي اسْتَكْرَى إِلَيْهِ ، فَإِنَّمَا
لِرَبِّ الدَّابَّةِ نِصْفُ الْكِرَاءِ الأََوَّلِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكِرَاءَ
نِصْفُهُ فِي الْبَدْأَةِ ، وَنِصْفُهُ فِي الرَّجْعَةِ ، فَتَعَدَّى
الْمُتَعَدِّي بِالدَّابَّةِ ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلاَّ نِصْفُ الْكِرَاءِ
الأََوَّلِ ، وَلَوْ أَنَّ الدَّابَّةَ هَلَكَتْ حِينَ بَلَغَ بِهَا الْبَلَدَ
الَّذِي اسْتَكْرَى إِلَيْهِ . لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَكْرِي ضَمَانٌ ، وَلَمْ
يَكُنْ لِلْمُكْرِي ، إِلاَّ نِصْفُ الْكِرَاءِ.
قَالَ : وَعَلَى
ذَلِكَ أَمْرُ أَهْلِ التَّعَدِّي وَالْخِلاَفِ ، لِمَا أَخَذُوا الدَّابَّةَ
عَلَيْهِ.
2144- قَالَ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا مَنْ أَخَذَ مَالاً قِرَاضًا مِنْ
صَاحِبِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ : لاَ تَشْتَرِ بِهِ حَيَوَانًا وَلاَ سِلَعًا
كَذَا وَكَذَا لِسِلَعٍ يُسَمِّيهَا ، وَيَنْهَاهُ عَنْهَا ، وَيَكْرَهُ أَنْ
يَضَعَ مَالَهُ فِيهَا ، فَيَشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ الَّذِي نُهِيَ
عَنْهُ ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ ، وَيَذْهَبَ بِرِبْحِ
صَاحِبِهِ ، فَإِذَا صَنَعَ ذَلِكَ فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ ، إِنْ أَحَبَّ
أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى مَا شَرَطَا بَيْنَهُمَا مِنَ
الرِّبْحِ ، فَعَلَ ، وَإِنْ أَحَبَّ ، فَلَهُ رَأْسُ مَالِهِ ضَامِنًا عَلَى
الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ وَتَعَدَّى.
2145- قَالَ : وَكَذَلِكَ
أَيْضًا ، الرَّجُلُ يُبْضِعُ مَعَهُ الرَّجُلُ بِضَاعَةً ، فَيَأْمُرُهُ صَاحِبُ
الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ سِلْعَةً بِاسْمِهَا ، فَيُخَالِفُ فَيَشْتَرِي بِبِضَاعَتِهِ
غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِهِ ، وَيَتَعَدَّى ذَلِكَ ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْبِضَاعَةِ
عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ . إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ مَا اشْتُرِيَ بِمَالِهِ ،
أَخَذَهُ ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ ضَامِنًا لِرَأْسِ
مَالِهِ ، فَذَلِكَ لَهُ.
16- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمُسْتَكْرَهَةِ مِنَ النِّسَاءِ.
2146- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ : قَضَى فِي امْرَأَةٍ
أُصِيبَتْ مُسْتَكْرَهَةً ، بِصَدَاقِهَا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا.
2147- قَالَ يَحْيَى ،
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَغْتَصِبُ الْمَرْأَةَ
: بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا ، إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَعَلَيْهِ
صَدَاقُ مِثْلِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا
، وَالْعُقُوبَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُغْتَصِبِ ، وَلاَ عُقُوبَةَ عَلَى
الْمُغْتَصَبَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُغْتَصِبُ عَبْدًا ،
فَذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُسَلِّمَهُ.
17- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
اسْتِهْلاَكِ الْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.
2148- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا
مِنَ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ ، أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ
اسْتَهْلَكَهُ ، لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ بِمِثْلِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ ،
وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ ، فِيمَا اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ
الْحَيَوَانِ ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ اسْتَهْلَكَهُ ، الْقِيمَةُ
أَعْدَلُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ.
2149- قَالَ : وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ
الطَّعَامِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ فَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ ،
مِثْلَ طَعَامِهِ بِمَكِيلَتِهِ مِنْ صِنْفِهِ ، وَإِنَّمَا الطَّعَامُ بِمَنْزِلَةِ
الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، إِنَّمَا يَرُدُّ مِنَ الذَّهَبِ الذَّهَبَ ، وَمِنَ
الْفِضَّةِ الْفِضَّةَ ، وَلَيْسَ الْحَيَوَانُ بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ فِي ذَلِكَ
، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ السُّنَّةُ ، وَالْعَمَلُ الْمَعْمُولُ بِهِ.
2150- قَالَ يَحْيَى ،
وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : إِذَا اسْتُوْدِعَ الرَّجُلُ مَالاً فَابْتَاعَ بِهِ
لِنَفْسِهِ وَرَبِحَ فِيهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ ، لأَنَّهُ ضَامِنٌ
لِلْمَالِ . حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ.
18- بَابُ الْقَضَاءِ
فِيمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإِسْلاَمِ.
2151- حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ : مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ.
وَمَعْنَى
قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا نُرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَنْ
غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ ، أَنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ
إِلَى غَيْرِهِ ، مِثْلُ الزَّنَادِقَةِ وَأَشْبَاهِهِمْ ، فَإِنَّ أُولَئِكَ ، إِذَا
ظُهِرَ عَلَيْهِمْ قُتِلُوا ، وَلَمْ يُسْتَتَابُوا ، لأَنَّهُ لاَ تُعْرَفُ
تَوْبَتُهُمْ ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُسِرُّونَ الْكُفْرَ وَيُعْلِنُونَ
الإِسْلاَمَ ، فَلاَ أَرَى أَنْ يُسْتَتَابَ هَؤُلاَءِ ، وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُمْ
قَوْلُهُمْ ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ إِلَى غَيْرِهِ ، وَأَظْهَرَ
ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ ، وَإِلاَّ قُتِلَ ، وَذَلِكَ لَوْ
أَنَّ قَوْمًا كَانُوا عَلَى ذَلِكَ ، رَأَيْتُ أَنْ يُدْعَوْا إِلَى الإِسْلاَمِ
وَيُسْتَتَابُوا ، فَإِنْ تَابُوا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا
قُتِلُوا ، وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ ، فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، مَنْ
خَرَجَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ ، وَلاَ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ
إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَلاَ مَنْ يُغَيِّرُ دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الأََدْيَانِ
كُلِّهَا . إِلاَّ الإِسْلاَمَ فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ إِلَى غَيْرِهِ ،
وَأَظْهَرَ ذَلِكَ ، فَذَلِكَ الَّذِي عُنِيَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
2152- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ
، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ
مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى الأََشْعَرِيِّ ، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ ،
فَأَخْبَرَهُ . ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ : هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مُغَرِّبَةِ
خَبَرٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ ، قَالَ : فَمَا
فَعَلْتُمْ بِهِ ؟ قَالَ : قَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَفَلاَ حَبَسْتُمُوهُ
ثَلاَثًا ، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا ، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ
لَعَلَّهُ يَتُوبُ ، وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ ؟ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ :
اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ ، وَلَمْ آمُرْ ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي.
19- بَابُ الْقَضَاءِ فِيمَنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً.
2153- حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ ، عَنْ أَبِيهِ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلاً أَأُمْهِلُهُ
حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : نَعَمْ.
2154- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ : ابْنُ خَيْبَرِيٍّ
، وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ أَوْ قَتَلَهُمَا مَعًا ، فَأَشْكَلَ
عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْقَضَاءُ فِيهِ ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي
مُوسَى الأََشْعَرِيِّ ، يَسْأَلُ لَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَنْ ذَلِكَ ،
فَسَأَلَ أَبُو مُوسَى عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ لَهُ :
عَلِيٌّ : إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَا هُوَ بِأَرْضِي ، عَزَمْتُ عَلَيْكَ
لَتُخْبِرَنِّي ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : كَتَبَ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ بْنُ
أَبِي سُفْيَانَ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : أَنَا أَبُو حَسَنٍ
، إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ.
20- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
الْمَنْبُوذِ.
2155- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ : عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ رَجُلٌ مِنْ
بَنِي سُلَيْمٍ ، أَنَّهُ وَجَدَ مَنْبُوذًا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
، قَالَ : فَجِئْتُ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ
عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ ؟ فَقَالَ : وَجَدْتُهَا ضَائِعَةً فَأَخَذْتُهَا
، فَقَالَ لَهُ عَرِيفُهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ ، فَقَالَ
لَهُ عُمَرُ : أَكَذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ :
اذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ وَلَكَ ، وَلاَؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ.
2156- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَنْبُوذِ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّ
وَلاَءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ هُمْ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ.
21- بَابُ الْقَضَاءِ
بِإِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِأَبِيهِ.
2157- قَالَ يَحْيَى ، عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ
زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ عُتْبَةُ بْنُ
أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَنَّ ابْنَ
وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي ، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ ، قَالَتْ : فَلَمَّا كَانَ
عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ ، وَقَالَ : ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ
فِيهِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ ، فَقَالَ : أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ
أَبِي ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ ، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم ، فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ . ابْنُ أَخِي . قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ
زَمْعَةَ : أَخِي ، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ ، ثُمَّ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ
الْحَجَرُ ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ : احْتَجِبِي مِنْهُ ، لِمَا
رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَتْ : فَمَا رَآهَا
حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.
2158- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْهَادِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ،
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّ
امْرَأَةً هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا ، فَاعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ حِينَ حَلَّتْ ، فَمَكَثَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ وَنِصْفَ شَهْرٍ ، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا تَامًّا ، فَجَاءَ زَوْجُهَا
إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَدَعَا عُمَرُ نِسْوَةً
مِنْ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ قُدَمَاءَ ، فَسَأَلَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَتِ
امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ : أَنَا أُخْبِرُكَ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ هَلَكَ عَنْهَا
زَوْجُهَا حِينَ حَمَلَتْ مِنْهُ ، فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ الدِّمَاءُ ، فَحَشَّ
وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا ، فَلَمَّا أَصَابَهَا زَوْجُهَا الَّذِي نَكَحَهَا ،
وَأَصَابَ الْوَلَدَ الْمَاءُ تَحَرَّكَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا ، وَكَبِرَ
فَصَدَّقَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، وَقَالَ عُمَرُ :
أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْكُمَا إِلاَّ خَيْرٌ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ
بِالأََوَّلِ.
2159- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلاَدَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي
الإِسْلاَمِ ، فَأَتَى رَجُلاَنِ كِلاَهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ ، فَدَعَا
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَائِفًا فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا ، فَقَالَ الْقَائِفُ :
لَقَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ ، ثُمَّ
دَعَا الْمَرْأَةَ ، فَقَالَ : أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ ؟ فَقَالَتْ : كَانَ هَذَا لأَحَدِ
الرَّجُلَيْنِ يَأْتِينِي ، وَهِيَ فِي إِبِلٍ لأَهْلِهَا ، فَلاَ يُفَارِقُهَا
حَتَّى يَظُنَّ وَتَظُنَّ أَنَّهُ قَدِ اسْتَمَرَّ بِهَا حَبَلٌ ، ثُمَّ انْصَرَفَ
عَنْهَا ، فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاءٌ ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا هَذَا -
تَعْنِي الآخَرَ - فَلاَ أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ؟ قَالَ فَكَبَّرَ
الْقَائِفُ فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلاَمِ : وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ.
2160- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ أَوْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَضَى أَحَدُهُمَا فِي امْرَأَةٍ
غَرَّتْ رَجُلاً بِنَفْسِهَا ، وَذَكَرَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا ،
فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلاَدًا ، فَقَضَى أَنْ يَفْدِيَ وَلَدَهُ بِمِثْلِهِمْ.
قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : وَالْقِيمَةُ أَعْدَلُ فِي هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
22- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
مِيرَاثِ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ.
2161- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، فِي
الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ بَنُونَ ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ : قَدْ أَقَرَّ أَبِي
أَنَّ فُلاَنًا ابْنُهُ : إِنَّ ذَلِكَ النَّسَبَ لاَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ
إِنْسَانٍ وَاحِدٍ ، وَلاَ يَجُوزُ إِقْرَارُ الَّذِي أَقَرَّ إِلاَّ عَلَى
نَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ . يُعْطَى الَّذِي شَهِدَ لَهُ قَدْرَ
مَا يُصِيبُهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَهْلِكَ الرَّجُلُ ، وَيَتْرُكَ ابْنَيْنِ لَهُ ،
وَيَتْرُكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ ، فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
ثَلاَثَمِائَةِ دِينَارٍ ، ثُمَّ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ الْهَالِكَ
أَقَرَّ أَنَّ فُلاَنًا ابْنُهُ ، فَيَكُونُ عَلَى الَّذِي شَهِدَ لِلَّذِي
اسْتُلْحِقَ ، مِائَةُ دِينَارٍ ، وَذَلِكَ نِصْفُ مِيرَاثِ الْمُسْتَلْحَقِ ،
لَوْ لَحِقَ ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ الآخَرُ أَخَذَ الْمِائَةَ الأَُخْرَى ، فَاسْتَكْمَلَ
حَقَّهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ ، وَهُوَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ تُقِرُّ
بِالدَّيْنِ عَلَى أَبِيهَا أَوْ عَلَى زَوْجِهَا ، وَيُنْكِرُ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ
، فَعَلَيْهَا أَنْ تَدْفَعَ إِلَى الَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ بِالدَّيْنِ قَدْرَ
الَّذِي يُصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ . لَوْ ثَبَتَ عَلَى الْوَرَثَةِ
كُلِّهِمْ . إِنْ كَانَتِ امْرَأَةً وَرِثَتِ الثُّمُنَ ، دَفَعَتْ إِلَى
الْغَرِيمِ ثُمُنَ دَيْنِهِ ، وَإِنْ كَانَتِ ابْنَةً وَرِثَتِ النِّصْفَ ،
دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ نِصْفَ دَيْنِهِ . عَلَى حِسَابِ هَذَا يَدْفَعُ
إِلَيْهِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ.
2162- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى مِثْلِ مَا شَهِدَتْ بِهِ
الْمَرْأَةُ أَنَّ لِفُلاَنٍ عَلَى أَبِيهِ دَيْنًا ، أُحْلِفَ صَاحِبُ الدَّيْنِ
مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ ، وَأُعْطِيَ الْغَرِيمُ حَقَّهُ كُلَّهُ ، وَلَيْسَ
هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ . لأَنَّ الرَّجُلَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ ،
وَيَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ ، مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ ، أَنْ يَحْلِفَ ، وَيَأْخُذَ
حَقَّهُ كُلَّهُ ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَخَذَ مِنْ مِيرَاثِ الَّذِي أَقَرَّ
لَهُ ، قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ . لأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقِّهِ ، وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ ، وَجَازَ
عَلَيْهِ إِقْرَارُهُ.
23- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
أُمَّهَاتِ الأََوْلاَدِ.
2163- قَالَ يَحْيَى :
قَالَ مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ
يَطَئُونَ وَلاَئِدَهُمْ ، ثُمَّ يَعْزِلُوهُنَّ . لاَ تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ
يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا ، إِلاَّ أَلْحَقْتُ بِهِ
وَلَدَهَا ، فَاعْزِلُوا بَعْدُ ، أَوِ اتْرُكُوا.
2164- ، وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ
صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلاَئِدَهُمْ . ثُمَّ
يَدَعُوهُنَّ يَخْرُجْنَ لاَ تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ
قَدْ أَلَمَّ بِهَا إِلاَّ قَدْ أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا فَأَرْسِلُوهُنَّ
بَعْدُ أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ.
2165- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي
أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا جَنَتْ جِنَايَةً ضَمِنَ سَيِّدُهَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ
قِيمَتِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ
جِنَايَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا.
24- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
عِمَارَةِ الْمَوَاتِ.
2166- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ ،
وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ.
قَالَ
مَالِكٌ : وَالْعِرْقُ الظَّالِمُ : كُلُّ مَا احْتُفِرَ أَوْ أُخِذَ أَوْ غُرِسَ
بِغَيْرِ حَقٍّ.
2167- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى
ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
25- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
الْمِيَاهِ.
2168- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ : فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِبٍ يُمْسَكُ حَتَّى الْكَعْبَيْنِ ،
ثُمَّ يُرْسِلُ الأََعْلَى عَلَى الأََسْفَلِ.
2169- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ
يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ.
2170- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّهِ
عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ.
26- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمَرْفِقِ.
2171- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ.
2172- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ خَشَبَةً يَغْرِزُهَا
فِي جِدَارِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا
مُعْرِضِينَ ؟ وَاللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ.
2173- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ،
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ خَلِيفَةَ سَاقَ خَلِيجًا لَهُ مِنَ
الْعُرَيْضِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ بِهِ فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ
، فَأَبَى مُحَمَّدٌ ، فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ : لِمَ تَمْنَعُنِي ، وَهُوَ لَكَ
مَنْفَعَةٌ تَشْرَبُ بِهِ أَوَّلاً وَآخِرًا ، وَلاَ يَضُرُّكَ ، فَأَبَى
مُحَمَّدٌ ، فَكَلَّمَ فِيهِ الضَّحَّاكُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَدَعَا عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ
، فَقَالَ مُحَمَّدٌ : لاَ ، فَقَالَ عُمَرُ : لِمَ تَمْنَعُ أَخَاكَ مَا
يَنْفَعُهُ ، وَهُوَ لَكَ نَافِعٌ ، تَسْقِي بِهِ أَوَّلاً وَآخِرًا ، وَهُوَ لاَ
يَضُرُّكَ ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ : لاَ وَاللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ
لَيَمُرَّنَّ بِهِ ، وَلَوْ عَلَى بَطْنِكَ ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ
، فَفَعَلَ الضَّحَّاكُ.
2174- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ :
كَانَ فِي حَائِطِ جَدِّهِ رَبِيعٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، فَأَرَادَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنْ يُحَوِّلَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْحَائِطِ
هِيَ أَقْرَبُ إِلَى أَرْضِهِ ، فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَكَلَّمَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ فَقَضَى لِعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِتَحْوِيلِهِ.
27- بَابُ الْقَضَاءِ فِي قَسْمِ الأََمْوَالِ.
2175- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ
قُسِمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَأَيُّمَا
دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَدْرَكَهَا الإِسْلاَمُ ، وَلَمْ تُقْسَمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ
الإِسْلاَمِ.
2176- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِيمَنْ هَلَكَ ، وَتَرَكَ أَمْوَالاً بِالْعَالِيَةِ
، وَالسَّافِلَةِ : إِنَّ الْبَعْلَ لاَ يُقْسَمُ مَعَ النَّضْحِ . إِلاَّ أَنْ
يَرْضَى أَهْلُهُ بِذَلِكَ ، وَإِنَّ الْبَعْلَ يُقْسَمُ مَعَ الْعَيْنِ إِذَا
كَانَ يُشْبِهُهَا ، وَأَنَّ الأََمْوَالَ إِذَا كَانَتْ بِأَرْضٍ وَاحِدَةٍ ،
الَّذِي بَيْنَهُمَا مُتَقَارِبٌ ، أَنَّهُ يُقَامُ كُلُّ مَالٍ مِنْهَا ثُمَّ يُقْسَمُ
بَيْنَهُمْ ، وَالْمَسَاكِنُ وَالدُّورُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.
28- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الضَّوَارِي وَالْحَرِيسَةِ.
2177- حَدَّثَنِي يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ ،
أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْ
فِيهِ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَنَّ عَلَى أَهْلِ
الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ ، وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي
بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا.
2178- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ
سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَانْتَحَرُوهَا ، فَرُفِعَ ذَلِكَ
إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَمَرَ عُمَرُ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ
يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : أَرَاكَ تُجِيعُهُمْ ، ثُمَّ قَالَ
عُمَرُ : وَاللَّهِ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْكَ ، ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ
: كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ ؟ فَقَالَ الْمُزَنِيُّ : قَدْ كُنْتُ وَاللَّهِ
أَمْنَعُهَا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَعْطِهِ
ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ.
2179- قَالَ يَحْيَى
: سَمِعْتُ مَالِكًا
يَقُولُ : وَلَيْسَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَنَا ، فِي تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ ،
وَلَكِنْ مَضَى أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ ، إِنَّمَا يَغْرَمُ
الرَّجُلُ قِيمَةَ الْبَعِيرِ أَوِ الدَّابَّةِ يَوْمَ يَأْخُذُهَا.
29- بَابُ الْقَضَاءِ فِيمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنَ الْبَهَائِمِ.
2180- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنَ
الْبَهَائِمِ ، إِنَّ عَلَى الَّذِي أَصَابَهَا قَدْرَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا.
2181- قَالَ يَحْيَى :
وسَمِعْتُ مَالِكًا : يَقُولُ فِي الْجَمَلِ يَصُولُ عَلَى الرَّجُلِ ،
فَيَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَعْقِرُهُ ، فَإِنَّهُ : إِنْ
كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ ، وَصَالَ عَلَيْهِ ، فَلاَ غُرْمَ
عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ إِلاَّ مَقَالَتُهُ ، فَهُوَ
ضَامِنٌ لِلْجَمَلِ.
30- بَابُ الْقَضَاءِ
فِيمَا يُعْطَى الْعُمَّالُ.
2182- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى الْغَسَّالِ ثَوْبًا يَصْبُغُهُ
، فَصَبَغَهُ ، فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ : لَمْ آمُرْكَ بِهَذَا الصِّبْغِ ؟ وَقَالَ الْغَسَّالُ : بَلْ أَنْتَ أَمَرْتَنِي
بِذَلِكَ ، فَإِنَّ الْغَسَّالَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ ، وَالْخَيَّاطُ مِثْلُ
ذَلِكَ ، وَالصَّائِغُ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَيَحْلِفُونَ عَلَى ذَلِكَ ، إِلاَّ أَنْ
يَأْتُوا بِأَمْرٍ لاَ يُسْتَعْمَلُونَ فِي مِثْلِهِ ، فَلاَ يَجُوزُ قَوْلُهُمْ
فِي ذَلِكَ ، وَلْيَحْلِفْ صَاحِبُ الثَّوْبِ ، فَإِنْ رَدَّهَا ، وَأَبَى أَنْ
يَحْلِفَ . حُلِّفَ الصَّبَّاغُ.
2183- قَالَ وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِي الصَّبَّاغِ يُدْفَعُ إِلَيْهِ
الثَّوْبُ فَيُخْطِئُ بِهِ ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ حَتَّى يَلْبَسَهُ
الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ : إِنَّهُ لاَ غُرْمَ عَلَى الَّذِي لَبِسَهُ ، وَيَغْرَمُ الْغَسَّالُ لِصَاحِبِ
الثَّوْبِ ، وَذَلِكَ إِذَا لَبِسَ الثَّوْبَ الَّذِي دُفِعَ إِلَيْهِ عَلَى
غَيْرِ مَعْرِفَةٍ ، بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ، فَإِنْ لَبِسَهُ وَهُوَ يَعْرِفُ
أَنَّهُ لَيْسَ ثَوْبَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ.
31- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
الْحَمَالَةِ وَالْحِوَلِ.
2184- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يُحِيلُ الرَّجُلَ
عَلَى الرَّجُلِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ، أَنَّهُ إِنْ أَفْلَسَ الَّذِي أُحِيلَ
عَلَيْهِ ، أَوْ مَاتَ فَلَمْ يَدَعْ وَفَاءً ، فَلَيْسَ لِلْمُحْتَالِ عَلَى
الَّذِي أَحَالَهُ شَيْءٌ ، وَأَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ الأََوَّلِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
2185- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الرَّجُلُ يَتَحَمَّلُ لَهُ الرَّجُلُ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ
. ثُمَّ يَهْلِكُ الْمُتَحَمِّلُ ، أَوْ يُفْلِسُ ، فَإِنَّ الَّذِي تُحُمِّلَ
لَهُ ، يَرْجِعُ عَلَى غَرِيمِهِ الأََوَّلِ.
32- بَابُ الْقَضَاءِ فِيمَنِ ابْتَاعَ ثَوْبًا وَبِهِ عَيْبٌ.
2186- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : إِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ ثَوْبًا وَبِهِ عَيْبٌ مِنْ
حَرْقٍ أَوْ غَيْرِهِ قَدْ عَلِمَهُ الْبَائِعُ ، فَشُهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ،
أَوْ أَقَرَّ بِهِ ، فَأَحْدَثَ فِيهِ الَّذِي ابْتَاعَهُ حَدَثًا مِنْ تَقْطِيعٍ
يُنَقِّصُ ثَمَنَ الثَّوْبِ . ثُمَّ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِالْعَيْبِ ، فَهُوَ رَدٌّ عَلَى
الْبَائِعِ ، وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي ابْتَاعَهُ غُرْمٌ فِي تَقْطِيعِهِ إِيَّاهُ.
2187- قَالَ : وَإِنِ
ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَوْبًا وَبِهِ عَيْبٌ مِنْ حَرْقٍ أَوْ عَوَارٍ ، فَزَعَمَ
الَّذِي بَاعَهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ ، وَقَدْ قَطَعَ الثَّوْبَ
الَّذِي ابْتَاعَهُ ، أَوْ صَبَغَهُ ، فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ ، إِنْ شَاءَ
أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ قَدْرُ مَا نَقَصَ الْحَرْقُ أَوِ الْعَوَارُ مِنْ ثَمَنِ
الثَّوْبِ ، وَيُمْسِكُ الثَّوْبَ ، فَعَلَ ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَغْرَمَ مَا
نَقَصَ التَّقْطِيعُ أَوِ الصِّبْغُ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ ، وَيَرُدُّهُ ، فَعَلَ
، وَهُوَ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ قَدْ صَبَغَ
الثَّوْبَ صِبْغًا يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ ، فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ . إِنْ
شَاءَ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ قَدْرُ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ ، وَإِنْ
شَاءَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا لِلَّذِي بَاعَهُ الثَّوْبَ ، فَعَلَ ، وَيُنْظَرُ
كَمْ ثَمَنُ الثَّوْبِ وَفِيهِ الْحَرْقُ أَوِ الْعَوَارُ ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ
عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، وَثَمَنُ مَا زَادَ فِيهِ الصِّبْغُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ،
كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْبِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ،
فَعَلَى حِسَابِ هَذَا يَكُونُ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِي ثَمَنِ الثَّوْبِ.
33- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ النُّحْلِ.
2188- حَدَّثَنَا يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، أَنَّهُمَا
حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ أَبَاهُ
بَشِيرًا أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إِنِّي
نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَمًا كَانَ لِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ فَقَالَ : لاَ ، قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَارْتَجِعْهُ.
2189- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهَا قَالَتْ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ
نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ ، فَلَمَّا
حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ : وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ
أَحَبُّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ ، وَلاَ أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي
مِنْكِ ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا ، فَلَوْ كُنْتِ
جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ
، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ ، وَأُخْتَاكِ ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ
، قَالَتْ عَائِشَةُ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَتِ ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا
وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ ، إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ ، فَمَنِ الأَُخْرَى ؟ فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ ، أُرَاهَا جَارِيَةً.
2190- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ ، أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نُحْلاً ،
ثُمَّ يُمْسِكُونَهَا فَإِنْ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمْ ، قَالَ : مَا لِي بِيَدِي
لَمْ أُعْطِهِ أَحَدًا ، وَإِنْ مَاتَ هُوَ ، قَالَ : هُوَ لاِبْنِي قَدْ كُنْتُ
أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ . مَنْ نَحَلَ نِحْلَةً ، فَلَمْ يَحُزْهَا الَّذِي
نُحِلَهَا ، حَتَّى يَكُونَ إِنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ ، فَهِيَ بَاطِلٌ.
34- بَابُ مَا لاَ
يَجُوزُ مِنَ الْعَطِيَّةِ.
2191- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ أَعْطَى أَحَدًا
عَطِيَّةً لاَ يُرِيدُ ثَوَابَهَا ، فَأَشْهَدَ عَلَيْهَا ، فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ
لِلَّذِي أُعْطِيَهَا.
2192- إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ
الْمُعْطِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الَّذِي أُعْطِيَهَا قَالَ
: وَإِنْ أَرَادَ
الْمُعْطِي إِمْسَاكَهَا بَعْدَ أَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ .
إِذَا قَامَ عَلَيْهِ بِهَا صَاحِبُهَا ، أَخَذَهَا.
2193- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً . ثُمَّ نَكَلَ الَّذِي
أَعْطَاهَا ، فَجَاءَ الَّذِي أُعْطِيَهَا بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ
أَعْطَاهُ ذَلِكَ . عَرْضًا كَانَ أَوْ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا أَوْ حَيَوَانًا ،
أُحْلِفَ الَّذِي أُعْطِيَ مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ ، فَإِنْ أَبَى الَّذِي
أُعْطِيَ أَنْ يَحْلِفَ ، حُلِّفَ الْمُعْطِي ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ
أَيْضًا ، أَدَّى إِلَى الْمُعْطَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ . إِذَا كَانَ لَهُ
شَاهِدٌ وَاحِدٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُ.
2194- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
أَعْطَى عَطِيَّةً لاَ يُرِيدُ ثَوَابَهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُعْطَى ، فَوَرَثَتُهُ
بِمَنْزِلَتِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْطِي ، قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُعْطَى
عَطِيَّتَهُ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أُعْطِيَ عَطَاءً لَمْ
يَقْبِضْهُ ، فَإِنْ أَرَادَ الْمُعْطِي أَنْ يُمْسِكَهَا ، وَقَدْ أَشْهَدَ
عَلَيْهَا حِينَ أَعْطَاهَا ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ ، إِذَا قَامَ صَاحِبُهَا
أَخَذَهَا.
35- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
الْهِبَةِ.
2195- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيِّ ،
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ ، أَوْ عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ ، فَإِنَّهُ
لاَ يَرْجِعُ فِيهَا ، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَا
الثَّوَابَ ، فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِذَا لَمْ يُرْضَ مِنْهَا.
2196- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ
عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الْهِبَةَ إِذَا تَغَيَّرَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ
لِلثَّوَابِ . بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ ، فَإِنَّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ
صَاحِبَهَا قِيمَتَهَا ، يَوْمَ قَبَضَهَا.
36- بَابُ الاِعْتِصَارِ
فِي الصَّدَقَةِ.
2197- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ،
أَنَّ كُلَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ بِصَدَقَةٍ قَبَضَهَا الاِبْنُ ، أَوْ
كَانَ فِي حَجْرِ أَبِيهِ فَأَشْهَدَ لَهُ عَلَى صَدَقَتِهِ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ
يَعْتَصِرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ . لأَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِنَ
الصَّدَقَةِ.
2198- قَالَ وسَمِعْتُ
مَالِكًا : يَقُولُ الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِيمَنْ نَحَلَ
وَلَدَهُ نُحْلاً ، أَوْ أَعْطَاهُ عَطَاءً لَيْسَ بِصَدَقَةٍ . إِنَّ لَهُ أَنْ
يَعْتَصِرَ ذَلِكَ . مَا لَمْ يَسْتَحْدِثِ الْوَلَدُ دَيْنًا يُدَايِنُهُ النَّاسُ
بِهِ ، وَيَأْمَنُونَهُ عَلَيْهِ . مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْعَطَاءِ الَّذِي أَعْطَاهُ
أَبُوهُ ، فَلَيْسَ لأَبِيهِ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، بَعْدَ أَنْ
تَكُونَ عَلَيْهِ الدُّيُونُ.
2199- قفَالَ مَالِكٌ : أَوْ يُعْطِي الرَّجُلُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ ،
فَتَنْكِحُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ ، وَإِنَّمَا تَنْكِحُهُ لِغِنَاهُ ،
وَلِلْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ ، فَيُرِيدُ أَنْ يَعْتَصِرَ ذَلِكَ
الأََبُ ، أَوْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ قَدْ نَحَلَهَا أَبُوهَا
النُّحْلَ . إِنَّمَا يَتَزَوَّجُهَا وَيَرْفَعُ فِي صِدَاقِهَا لِغِنَاهَا وَمَالِهَا
، وَمَا أَعْطَاهَا أَبُوهَا . ثُمَّ يَقُولُ الأََبُ : أَنَا أَعْتَصِرُ ذَلِكَ ،
فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنِ ابْنِهِ وَلاَ مِنِ ابْنَتِهِ شَيْئًا مِنْ
ذَلِكَ . إِذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ.
37- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
الْعُمْرَى.
2200- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ،
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأََنْصَارِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ ، وَلِعَقِبِهِ ، فَإِنَّهَا لِلَّذِي
يُعْطَاهَا ، لاَ تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا أَبَدًا ، لأَنَّهُ أَعْطَى
عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ.
2201- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ
سَمِعَ مَكْحُولاً الدِّمَشْقِيَّ ، يَسْأَلُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، عَنِ
الْعُمْرَى وَمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا ؟ فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ :
مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلاَّ وَهُمْ عَلَى شُرُوطِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ ،
وَفِيمَا أُعْطُوا.
2202- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : وَعَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا ، أَنَّ الْعُمْرَى تَرْجِعُ
إِلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا إِذَا لَمْ يَقُلْ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ.
2203- ، وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَرِثَ مِنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ دَارَهَا ، قَالَ
: وَكَانَتْ حَفْصَةُ قَدْ أَسْكَنَتْ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، مَا
عَاشَتْ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ بِنْتُ زَيْدٍ ، قَبَضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ الْمَسْكَنَ ، وَرَأَى أَنَّهُ لَهُ.
38- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
اللُّقَطَةِ.
2204- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى
الْمُنْبَعِثِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ ؟
فَقَالَ : اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ
جَاءَ صَاحِبُهَا ، وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا ، قَالَ : فَضَالَّةُ الْغَنَمِ يَا
رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : هِيَ لَكَ ، أَوْ لأَخِيكَ ، أَوْ لِلذِّئْبِ ، قَالَ :
فَضَالَّةُ الإِبِلِ ؟ قَالَ : مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا ،
وَحِذَاؤُهَا ، تَرِدُ الْمَاءَ ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا
رَبُّهَا.
2205- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ مُعَاوِيَةَ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ :
أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلَ قَوْمٍ بِطَرِيقِ الشَّامِ فَوَجَدَ صُرَّةً فِيهَا
ثَمَانُونَ دِينَارًا ، فَذَكَرَهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ : عَرِّفْهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ ، وَاذْكُرْهَا لِكُلِّ مَنْ
يَأْتِي مِنَ الشَّأْمِ سَنَةً ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ فَشَأْنَكَ بِهَا.
2206- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ لُقَطَةً فَجَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ ، فَقَالَ لَهُ : إِنِّي وَجَدْتُ لُقَطَةً فَمَاذَا تَرَى فِيهَا ؟ فَقَالَ لَهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : عَرِّفْهَا ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ؟ قَالَ : زِدْ
، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لاَ آمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَهَا
وَلَوْ شِئْتَ لَمْ تَأْخُذْهَا.
39- بَابُ الْقَضَاءِ فِي اسْتِهْلاَكِ الْعَبْدِ اللُّقَطَةَ.
2207- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَجِدُ
اللُّقَطَةَ فَيَسْتَهْلِكُهَا ، قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الأََجَلَ الَّذِي أُجِّلَ
فِي اللُّقَطَةِ وَذَلِكَ سَنَةٌ ، أَنَّهَا فِي رَقَبَتِهِ ، إِمَّا أَنْ
يُعْطِيَ سَيِّدُهُ ثَمَنَ مَا اسْتَهْلَكَ غُلاَمُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ
إِلَيْهِمْ غُلاَمَهُ ، وَإِنْ أَمْسَكَهَا حَتَّى يَأْتِيَ الأََجَلُ الَّذِي
أُجِّلَ فِي اللُّقَطَةِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهَا ، كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ .
يُتْبَعُ بِهِ ، وَلَمْ تَكُنْ فِي رَقَبَتِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ
فِيهَا شَيْءٌ.
40- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
الضَّوَالِّ.
2208- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ ثَابِتَ
بْنَ الضَّحَّاكِ الأََنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ وَجَدَ بَعِيرًا
بِالْحَرَّةِ فَعَقَلَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَمَرَهُ
عُمَرُ أَنْ يُعَرِّفَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ : إِنَّهُ قَدْ
شَغَلَنِي عَنْ ضَيْعَتِي ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ.
2209- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ : مَنْ أَخَذَ
ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ.
2210- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ :
كَانَتْ ضَوَالُّ الإِبِلِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِبِلاً مُؤَبَّلَةً
تَنَاتَجُ . لاَ يَمَسُّهَا أَحَدٌ . حَتَّى إِذَا كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ بْنِ
عَفَّانَ ، أَمَرَ بِتَعْرِيفِهَا . ثُمَّ تُبَاعُ ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا ،
أُعْطِيَ ثَمَنَهَا.
41- بَابُ صَدَقَةِ
الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ.
2211- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ
عُبَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّهُ قَالَ : خَرَجَ سَعْدُ بْنُ
عُبَادَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ ،
فَحَضَرَتْ أُمَّهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ ، فَقِيلَ لَهَا : أَوْصِي ،
فَقَالَتْ : فِيمَ أُوصِي ؟ إِنَّمَا الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ ، فَتُوُفِّيَتْ
قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ سَعْدٌ ، فَلَمَّا قَدِمَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، ذُكِرَ
ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ
أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ ،
فَقَالَ سَعْدٌ حَائِطُ كَذَا وَكَذَا صَدَقَةٌ عَنْهَا لِحَائِطٍ سَمَّاهُ.
2212- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ،
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا ، وَأُرَاهَا
لَوْ تَكَلَّمَتْ ، تَصَدَّقَتْ ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ.
2213- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأََنْصَارِ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ
الْخَزْرَجِ تَصَدَّقَ عَلَى أَبَوَيْهِ بِصَدَقَةٍ ، فَهَلَكَا فَوَرِثَ
ابْنُهُمَا الْمَالَ ، وَهُوَ نَخْلٌ ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم ، فَقَالَ : قَدْ أُجِرْتَ فِي صَدَقَتِكَ ، وَخُذْهَا بِمِيرَاثِكَ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
23- كِتَابُ الْوَصِيَّةِ.
1- بَابُ الأََمْرِ
بِالْوَصِيَّةِ.
2214- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم قَالَ : مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ ،
يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ.
2215- قَالَ مَالِكٌ
الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُوصِيَ إِذَا أَوْصَى فِي صِحَّتِهِ
، أَوْ مَرَضِهِ بِوَصِيَّةٍ فِيهَا عَتَاقَةُ رَقِيقٍ مِنْ رَقِيقِهِ ، أَوْ
غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُغَيِّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا بَدَا لَهُ وَيَصْنَعُ مِنْ
ذَلِكَ مَا شَاءَ حَتَّى يَمُوتَ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَطْرَحَ تِلْكَ
الْوَصِيَّةَ أَوَيُبْدِلَهَا فَعَلَ إِلاَّ أَنْ يُدَبِّرَ مَمْلُوكًا فَإِنْ
دَبَّرَ فَلاَ سَبِيلَ إِلَى تَغْيِيرِ مَا دَبَّرَ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَي فِيهِ
يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ.
قَالَ
مَالِكٌ : فَلَوْ كَانَ الْمُوصِي لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ ،
وَلاَ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْعَتَاقَةِ . كَانَ كُلُّ مُوصٍ قَدْ حَبَسَ
مَالَهُ الَّذِي أَوْصَى فِيهِ مِنَ الْعَتَاقَةِ وَغَيْرِهَا ، وَقَدْ يُوصِي
الرَّجُلُ فِي صِحَّتِهِ وَعِنْدَ سَفَرِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
فَالأََمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، أَنَّهُ يُغَيِّرُ مِنْ
ذَلِكَ مَا شَاءَ غَيْرَ التَّدْبِيرِ.
2- بَابُ جَوَازِ
وَصِيَّةِ الصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمُصَابِ وَالسَّفِيهِ.
2216- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ
عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَّ ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ : إِنَّ هَاهُنَا غُلاَمًا يَفَاعًا لَمْ يَحْتَلِمْ مِنْ غَسَّانَ ،
وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ ، وَهُوَ ذُو مَالٍ ، وَلَيْسَ لَهُ هَاهُنَا إِلاَّ
ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ . قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : فَلْيُوصِ لَهَا . قَالَ :
فَأَوْصَى لَهَا بِمَالٍ يُقَالَ لَهُ بِئْرُ جُشَمٍ ، قَالَ عَمْرُو بْنُ
سُلَيْمٍ : فَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالُ بِثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَابْنَةُ
عَمِّهِ الَّتِي أَوْصَى لَهَا ، هِيَ أُمُّ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ.
2217- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ غُلاَمًا مِنْ غَسَّانَ ، حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ
، وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقِيلَ
لَهُ : إِنَّ فُلاَنًا يَمُوتُ أَفَيُوصِي ؟ قَالَ : فَلْيُوصِ.
قَالَ يحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَكَانَ الْغُلاَمُ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ أَوِ
اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً ، قَالَ : فَأَوْصَى بِبِئْرِ جُشَمٍ فَبَاعَهَا أَهْلُهَا بِثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
2218- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ
الضَّعِيفَ فِي عَقْلِهِ ، وَالسَّفِيهَ ، وَالْمُصَابَ الَّذِي يُفِيقُ
أَحْيَانًا . تَجُوزُ وَصَايَاهُمْ . إِذَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْ عُقُولِهِمْ ، مَا
يَعْرِفُونَ مَا يُوصُونَ بِهِ ، فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ عَقْلِهِ مَا يَعْرِفُ
بِذَلِكَ مَا يُوصِي بِهِ ، وَكَانَ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ ، فَلاَ وَصِيَّةَ
لَهُ.
3- بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الثُّلُثِ لاَ تَتَعَدَّى.
2219- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ
أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي
عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ . مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى ، وَأَنَا ذُو مَالٍ ، وَلاَ
يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ ، فَقُلْتُ : فَالشَّطْرُ ؟ قَالَ : لاَ
، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : الثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ
، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ
عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي
بِهَا وَجْهَ اللَّهِ ، إِلاَّ أُجِرْتَ . حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي
امْرَأَتِكَ قَالَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأُخَلَّفُ بَعْدَ
أَصْحَابِي ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّكَ لَنْ
تُخَلَّفَ ، فَتَعْمَلَ عَمَلاً صَالِحًا ، إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً
وَرِفْعَةً ، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ
وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ، وَلاَ
تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ . لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ . يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ .
2220- قَالَ يَحْيَى
: سَمِعْتُ مَالِكًا
يَقُولُ : فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ ، وَيَقُولُ غُلاَمِي
يَخْدُمُ فُلاَنًا مَا عَاشَ . ثُمَّ هُوَ حُرٌّ ، فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ ،
فَيُوجَدُ الْعَبْدُ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ . قَالَ : فَإِنَّ خِدْمَةَ
الْعَبْدِ تُقَوَّمُ ، ثُمَّ يَتَحَاصَّانِ . يُحَاصُّ الَّذِي أُوصِيَ لَهُ
بِالثُّلُثِ بِثُلُثِهِ ، وَيُحَاصُّ الَّذِي أُوصِيَ لَهُ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ .
بِمَا قُوِّمَ لَهُ مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ ، فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ ، أَوْ مِنْ إِجَارَتِهِ ، إِنْ كَانَتْ لَهُ إِجَارَةٌ ،
بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، فَإِذَا مَاتَ الَّذِي جُعِلَتْ لَهُ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مَا
عَاشَ ، عَتَقَ الْعَبْدُ.
2221- قَالَ : وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ ، فِي الَّذِي يُوصِي فِي
ثُلُثِهِ فَيَقُولُ لِفُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا يُسَمِّي
مَالاً مِنْ مَالِهِ فَيَقُولُ وَرَثَتُهُ قَدْ زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ : فَإِنَّ
الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ وَيَأْخُذُوا
جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ أَنْ يَقْسِمُوا لأَهْلِ الْوَصَايَا ثُلُثَ
مَالِ الْمَيِّتِ فَيُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ ثُلُثَهُ فَتَكُونُ حُقُوقُهُمْ فِيهِ
إِنْ أَرَادُوا بَالِغًا مَا بَلَغَ.
4- بَابُ أَمْرِ
الْحَامِلِ وَالْمَرِيضِ وَالَّذِي يَحْضُرُ الْقِتَالَ فِي أَمْوَالِهِمْ.
2222- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي وَصِيَّةِ الْحَامِلِ
وَفِي قَضَايَاهَا فِي مَالِهَا وَمَا يَجُوزُ لَهَا ، أَنَّ الْحَامِلَ
كَالْمَرِيضِ ، فَإِذَا كَانَ الْمَرَضُ الْخَفِيفُ ، غَيْرُ الْمَخُوفِ عَلَى
صَاحِبِهِ ، فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَصْنَعُ فِي مَالِهِ مَا يَشَاءُ ، وَإِذَا كَانَ
الْمَرَضُ الْمَخُوفُ عَلَيْهِ ، لَمْ يَجُزْ لِصَاحِبِهِ شَيْءٌ إِلاَّ فِي
ثُلُثِهِ قَالَ : وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْحَامِلُ أَوَّلُ . حَمْلِهَا بِشْرٌ
وَسُرُورٌ ، وَلَيْسَ بِمَرَضٍ وَلاَ خَوْفٍ . لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ
إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} وَقَالَ : {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ
فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ
مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
قَالَ
فَالْمَرْأَةُ الْحَامِلُ إِذَا أَثْقَلَتْ لَمْ يَجُزْ لَهَا قَضَاءٌ إِلاَّ فِي
ثُلُثِهَا فَأَوَّلُ الإِتْمَامِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ . قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
فِي كِتَابِهِ : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ
كَامِلَيْنِ} وَقَالَ : {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف]
فَإِذَا مَضَتْ لِلْحَامِلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمَ حَمَلَتْ لَمْ يَجُزْ
لَهَا قَضَاءٌ فِي مَالِهَا إِلاَّ فِي الثُّلُثِ.
2223- قَالَ : وَسَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَحْضُرُ الْقِتَالَ : إِنَّهُ إِذَا زَحَفَ فِي
الصَّفِّ لِلْقِتَالِ ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَالِهِ شَيْئًا .
إِلاَّ فِي الثُّلُثِ ، وَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَامِلِ وَالْمَرِيضِ
الْمَخُوفِ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِتِلْكَ الْحَالِ.
5- بَابُ الْوَصِيَّةِ
لِلْوَارِثِ وَالْحِيَازَةِ.
2224- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِي هَذِهِ الآيَةِ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ . قَوْلُ
اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ
لِلْوَالِدَيْنِ وَالأََقْرَبِينَ} نَسَخَهَا مَا نَزَلَ مِنْ قِسْمَةِ
الْفَرَائِضِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
2225- قَالَ : و سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ
عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا ، أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ وَصِيَّةٌ
لِوَارِثٍ . إِلاَّ أَنْ يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُ إِنْ أَجَازَ
لَهُ بَعْضُهُمْ ، وَأَبَى بَعْضٌ . جَازَ لَهُ حَقُّ مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ ،
وَمَنْ أَبَى ، أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ.
2226- قَالَ : و سَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي يُوصِي فَيَسْتَأْذِنُ وَرَثَتَهُ فِي
وَصِيَّتِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ : لَيْسَ لَهُ مِنْ مَالِهِ إِلاَّ ثُلُثُهُ ،
فَيَأْذَنُونَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ .
إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِي ذَلِكَ ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَهُمْ ،
صَنَعَ كُلُّ وَارِثٍ ذَلِكَ فَإِذَا هَلَكَ الْمُوصِي ، أَخَذُوا ذَلِكَ
لأَنْفُسِهِمْ وَمَنَعُوهُ الْوَصِيَّةَ فِي ثُلُثِهِ ، وَمَا أُذِنَ لَهُ بِهِ
فِي مَالِهِ.
2227- قَالَ : فَأَمَّا
أَنْ يَسْتَأْذِنَ وَرَثَتَهُ فِي وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا لِوَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ
، فَيَأْذَنُونَ لَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَلْزَمُهُمْ ، وَلِوَرَثَتِهِ أَنْ
يَرُدُّوا ذَلِكَ إِنْ شَاؤُوا ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ صَحِيحًا
كَانَ أَحَقَّ بِجَمِيعِ مَالِهِ . يَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ إِنْ شَاءَ أَنْ
يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِهِ ، خَرَجَ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ ، أَوْ يُعْطِيهِ مَنْ شَاءَ
وَإِنَّمَا يَكُونُ اسْتِئْذَانُهُ وَرَثَتَهُ جَائِزًا عَلَى الْوَرَثَةِ
. إِذَا أَذِنُوا لَهُ
حِينَ يُحْجَبُ عَنْهُ مَالُهُ ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ شَيْءٌ إِلاَّ فِي ثُلُثِهِ ،
وَحِينَ هُمْ أَحَقُّ بِثُلُثَيْ مَالِهِ مِنْهُ ، فَذَلِكَ حِينَ يَجُوزُ
عَلَيْهِمْ أَمْرُهُمْ وَمَا أَذِنُوا لَهُ بِهِ ، فَإِنْ سَأَلَ بَعْضُ
وَرَثَتِهِ أَنْ يَهَبَ لَهُ مِيرَاثَهُ حِينَ تَحْضُرُهُ الْوَفَاةُ فَيَفْعَلُ .
ثُمَّ لاَ يَقْضِي فِيهِ الْهَالِكُ شَيْئًا ، فَإِنَّهُ رَدٌّ عَلَى مَنْ
وَهَبَهُ إِلاَّ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْمَيِّتُ : فُلاَنٌ ، لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ
ضَعِيفٌ ، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَهَبَ لَهُ مِيرَاثَكَ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ
فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إِذَا سَمَّاهُ الْمَيِّتُ لَهُ.
قَالَ :
وَإِنْ وَهَبَ لَهُ مِيرَاثَهُ . ثُمَّ أَنْفَذَ الْهَالِكُ بَعْضَهُ وَبَقِيَ بَعْضٌ
فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الَّذِي وَهَبَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاةِ
الَّذِي أُعْطِيَهُ.
2228- قَالَ : وَسَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ : فِيمَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْطَى
بَعْضَ وَرَثَتِهِ شَيْئًا لَمْ يَقْبِضْهُ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا
ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْوَرَثَةِ مِيرَاثًا عَلَى كِتَابِ
اللَّهِ لأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي
ثُلُثِهِ وَلاَ يُحَاصُّ أَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
6- بَابُ مَا جَاءَ فِي
الْمُؤَنَّثِ مِنَ الرِّجَالِ وَمَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ.
2229- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ عِنْدَ أُمِّ
سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي أُمَيَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ : يَا عَبْدَ
اللَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَأَنَا أَدُلُّكَ عَلَى
ابْنَةِ غَيْلاَنَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ
عَلَيْكُمْ.
2230- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ قَالَ
: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ
بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ
مِنَ الأََنْصَارِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ ، ثُمَّ إِنَّهُ
فَارَقَهَا ، فَجَاءَ عُمَرُ قُبَاءً فَوَجَدَ ابْنَهُ عَاصِمًا يَلْعَبُ
بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى
الدَّابَّةِ ، فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلاَمِ ، فَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ .
حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَقَالَ عُمَرُ : ابْنِي ، وَقَالَتِ
الْمَرْأَةُ : ابْنِي ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ .
قَالَ : فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلاَمَ.
قَالَ : وَسَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ : وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ.
7- بَابُ الْعَيْبِ فِي
السِّلْعَةِ وَضَمَانِهَا.
2231- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ
الثِّيَابِ أَوِ الْعُرُوضِ : فَيُوجَدُ ذَلِكَ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ فَيُرَدُّ وَيُؤْمَرُ
الَّذِي قَبَضَ السِّلْعَةَ أَنْ يَرُدَّ إِلَى صَاحِبِهِ سِلْعَتَهُ. قَالَ مَالِكٌ
: فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إِلاَّ قِيمَتُهَا يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ
وَلَيْسَ يَوْمَ يَرُدُّ ذَلِكَ إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ضَمِنَهَا مِنْ
يَوْمَ قَبَضَهَا ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ نُقْصَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ . كَانَ
عَلَيْهِ ، فَبِذَلِكَ كَانَ نِمَاؤُهَا وَزِيَادَتُهَا لَهُ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ
يَقْبِضُ السِّلْعَةَ فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ نَافِقَةٌ مَرْغُوبٌ فِيهَا ثُمَّ
يَرُدُّهَا فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ سَاقِطَةٌ لاَ يُرِيدُهَا أَحَدٌ فَيَقْبِضُ
الرَّجُلُ السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ فَيَبِيعُهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ،
وَيُمْسِكُهَا وَثَمَنُهَا ذَلِكَ . ثُمَّ يَرُدُّهَا وَإِنَّمَا ثَمَنُهَا
دِينَارٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ مَالِ الرَّجُلِ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ
أَوْ يَقْبِضُهَا مِنْهُ الرَّجُلُ فَيَبِيعُهَا بِدِينَارٍ ، أَوْ يُمْسِكُهَا ،
وَإِنَّمَا ثَمَنُهَا دِينَارٌ . ثُمَّ يَرُدُّهَا وَقِيمَتُهَا يَوْمَ يَرُدُّهَا
عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا أَنْ يَغْرَمَ
لِصَاحِبِهَا مِنْ مَالِهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ . إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا
قَبَضَ يَوْمَ قَبْضِهِ.
قَالَ :
وَمِمَّا يُبَيِّنُ
ذَلِكَ أَنَّ السَّارِقَ إِذَا سَرَقَ السِّلْعَةَ فَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى
ثَمَنِهَا يَوْمَ يَسْرِقُهَا ، فَإِنْ كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ كَانَ ذَلِكَ
عَلَيْهِ وَإِنِ اسْتَأْخَرَ قَطْعُهُ إِمَّا فِي سِجْنٍ يُحْبَسُ فِيهِ حَتَّى
يُنْظَرَ فِي شَأْنِهِ وَإِمَّا أَنْ يَهْرُبَ السَّارِقُ ثُمَّ يُؤْخَذَ بَعْدَ
ذَلِكَ فَلَيْسَ اسْتِئْخَارُ قَطْعِهِ بِالَّذِي يَضَعُ عَنْهُ حَدًّا قَدْ
وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمَ سَرَقَ وَإِنْ رَخُصَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ
، وَلاَ بِالَّذِي يُوجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا لَمْ يَكُنْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمَ
أَخَذَهَا إِنْ غَلَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ.
8- بَابُ جَامِعِ
الْقَضَاءِ وَكَرَاهِيَتِهِ.
2232- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ
الْفَارِسِيِّ ، أَنْ هَلُمَّ إِلَى الأََرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ
سَلْمَانُ : إِنَّ الأََرْضَ لاَ تُقَدِّسُ أَحَدًا ، وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ
الإِنْسَانَ عَمَلُهُ ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ جُعِلْتَ طَبِيبًا تُدَاوِي
فَإِنْ كُنْتَ تُبْرِئُ فَنَعِمَّا لَكَ ، وَإِنْ كُنْتَ مُتَطَبِّبًا فَاحْذَرْ
أَنْ تَقْتُلَ إِنْسَانًا فَتَدْخُلَ النَّارَ فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا
قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ أَدْبَرَا عَنْهُ نَظَرَ إِلَيْهِمَا ، وَقَالَ
: ارْجِعَا إِلَيَّ
أَعِيدَا عَلَيَّ قِصَّتَكُمَا مُتَطَبِّبٌ وَاللَّه.
2233- قَالَ : وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : مَنِ اسْتَعَانَ عَبْدًا
بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فِي شَيْءٍ لَهُ بَالٌ ، وَلِمِثْلِهِ إِجَارَةٌ فَهُوَ
ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ الْعَبْدَ . إِنْ أُصِيبَ الْعَبْدُ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ
سَلِمَ الْعَبْدُ ، فَطَلَبَ سَيِّدُهُ إِجَارَتَهُ لِمَا عَمِلَ ، فَذَلِكَ
لِسَيِّدِهِ ، وَهُوَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
2234- قَالَ
: وسَمِعْتُ مَالِكًا ،
يَقُولُ فِي الْعَبْدِ : يَكُونُ بَعْضُهُ حُرًّا وَبَعْضُهُ مُسْتَرَقًّا ،
إِنَّهُ يُوقَفُ مَالُهُ بِيَدِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا ،
وَلَكِنَّهُ يَأْكُلُ فِيهِ وَيَكْتَسِي بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا هَلَكَ ،
فَمَالُهُ لِلَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ.
2235- قَالَ : وَسَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْوَالِدَ يُحَاسِبُ وَلَدَهُ بِمَا
أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ يَكُونُ لِلْوَلَدِ مَالٌ . نَاضًّا كَانَ أَوْ عَرْضًا
إِنْ أَرَادَ الْوَالِدُ ذَلِكَ .
2236- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
دَلاَفٍ الْمُزَنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ
يَسْبِقُ الْحَاجَّ فَيَشْتَرِي الرَّوَاحِلَ ، فَيُغْلِي بِهَا . ثُمَّ يُسْرِعُ
السَّيْرَ فَيَسْبِقُ الْحَاجَّ ، فَأَفْلَسَ فَرُفِعَ أَمْرُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، فَإِنَّ الأَُسَيْفِعَ
، أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ . بِأَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ أَلاَ وَإِنَّهُ قَدْ دَانَ
مُعْرِضًا ، فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا
بِالْغَدَاةِ . نَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَهُمْ ، وَإِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ فَإِنَّ
أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ.
9- بَابُ مَا جَاءَ
فِيمَا أَفْسَدَ الْعَبِيدُ أَوْ جَرَحُوا.
2237- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي جِنَايَةِ الْعَبِيدِ ،
أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَ الْعَبْدُ مِنْ جُرْحٍ جَرَحَ بِهِ إِنْسَانًا ، أَوْ
شَيْءٍ اخْتَلَسَهُ ، أَوْ حَرِيسَةٍ احْتَرَسَهَا ، أَوْ تَمْرٍ مُعَلَّقٍ
جَذَّهُ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ سَرِقَةٍ سَرَقَهَا لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ فِيهَا ،
إِنَّ ذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ . لاَ يَعْدُو ذَلِكَ الرَّقَبَةَ . قَلَّ
ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ فَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ مَا أَخَذَ
غُلاَمُهُ ، أَوْ أَفْسَدَ أَوْ عَقْلَ مَا جَرَحَ ، أَعْطَاهُ ، وَأَمْسَكَ غُلاَمَهُ
وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسْلِمَهُ أَسْلَمَهُ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُ
ذَلِكَ فَسَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ.
10- بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ النُّحْلِ.
2238- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ
عَفَّانَ ، قَالَ : مَنْ نَحَلَ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَحُوزَ
نُحْلَهُ فَأَعْلَنَ ذَلِكَ لَهُ ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا ، فَهِيَ جَائِزَةٌ ،
وَإِنْ وَلِيَهَا أَبُوهُ.
2239- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ نَحَلَ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا
ثُمَّ هَلَكَ وَهُوَ يَلِيهِ ، إِنَّهُ لاَ شَيْءَ لِلْابْنِ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ
أَنْ يَكُونَ الأََبُ عَزَلَهَا بِعَيْنِهَا ، أَوْ دَفَعَهَا إِلَى رَجُلٍ
وَضَعَهَا لاِبْنِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ
لِلْابْنِ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
24- كِتَابُ الْعِتْقِ
وَالْوَلاَءِ.
1- بَابُ مَنْ أَعْتَقَ
شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ.
2240- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ
يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ ، فَأَعْطَى
شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ
مِنْهُ مَا عَتَقَ.
2241- قَالَ مَالِكٌ :
وَالأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يُعْتِقُ سَيِّدُهُ
مِنْهُ شِقْصًا . ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ نِصْفَهُ ، أَوْ سَهْمًا مِنَ
الأََسْهُمِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، أَنَّهُ لاَ يَعْتِقُ مِنْهُ إِلاَّ مَا أَعْتَقَ
سَيِّدُهُ وَسَمَّى مِنْ ذَلِكَ الشِّقْصِ ، وَذَلِكَ أَنَّ عَتَاقَةَ ذَلِكَ
الشِّقْصِ ، إِنَّمَا وَجَبَتْ وَكَانَتْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ ، وَأَنَّ
سَيِّدَهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ مَا عَاشَ
فَلَمَّا
وَقَعَ الْعِتْقُ لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُوصِي ، لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي
إِلاَّ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ ، وَلَمْ يَعْتِقْ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ
. لأَنَّ مَالَهُ قَدْ
صَارَ لِغَيْرِهِ ، فَكَيْفَ يَعْتِقُ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ عَلَى قَوْمٍ
آخَرِينَ . لَيْسُوا هُمُ ابْتَدَؤُوا الْعَتَاقَةَ ، وَلاَ أَثْبَتُوهَا ، وَلاَ
لَهُمُ الْوَلاَءُ وَلاَ يَثْبُتُ لَهُمْ وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ
هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ ، وَأُثْبِتَ لَهُ الْوَلاَءُ ، فَلاَ يُحْمَلُ ذَلِكَ فِي
مَالِ غَيْرِهِ إِلاَّ أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يَعْتِقَ مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي مَالِهِ
، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَزِمٌ لِشُرَكَائِهِ وَوَرَثَتِهِ ، وَلَيْسَ لِشُرَكَائِهِ
أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ . لأَنَّهُ
لَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ.
2242- قَالَ مَالِكٌ :
وَلَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ ثُلُثَ عَبْدِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَبَتَّ عِتْقَهُ عَتَقَ
عَلَيْهِ كُلُّهُ فِي ثُلُثِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ
يُعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ . لأَنَّ الَّذِي يُعْتِقُ ثُلُثَ
عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، لَوْ عَاشَ رَجَعَ فِيهِ ، وَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ ،
وَأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي يَبِتُّ سَيِّدُهُ عِتْقَ ثُلُثِهِ فِي مَرَضِهِ ،
يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ إِنْ عَاشَ ، وَإِنْ مَاتَ عَتَقَ عَلَيْهِ فِي
ثُلُثِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَمْرَ الْمَيِّتِ جَائِزٌ فِي ثُلُثِهِ . كَمَا أَنَّ أَمْرَ
الصَّحِيحِ جَائِزٌ فِي مَالِهِ كُلِّهِ.
2- بَابُ الشَّرْطِ فِي الْعِتْقِ.
2243- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ
أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فَبَتَّ عِتْقَهُ ، حَتَّى تَجُوزَ شَهَادَتُهُ وَتَتِمَّ
حُرِّيَّتُهُ وَيَثْبُتَ مِيرَاثُهُ ، فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ
عَلَيْهِ مِثْلَ مَا يَشْتَرِطُ عَلَى عَبْدِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ خِدْمَةٍ ، وَلاَ
يَحْمِلَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الرِّقِّ . لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ
، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ. قَالَ مَالِكٌ
: فَهُوَ ، إِذَا كَانَ لَهُ الْعَبْدُ خَالِصًا أَحَقُّ بِاسْتِكْمَالِ
عَتَاقَتِهِ ، وَلاَ يَخْلِطُهَا بِشَيْءٍ مِنَ الرِّقِّ.
3- بَابُ مَنْ أَعْتَقَ
رَقِيقًا لاَ يَمْلِكُ مَالاً غَيْرَهُمْ.
2244- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي
الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، أَنَّ رَجُلاً فِي
زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ سِتَّةً
عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ
فَأَعْتَقَ ثُلُثَ تِلْكَ الْعَبِيدِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مَالٌ غَيْرُهُمْ.
2245- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
، أَنَّ رَجُلاً فِي إِمَارَةِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ
كُلَّهُمْ جَمِيعًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ ، فَأَمَرَ أَبَانُ بْنُ
عُثْمَانَ ، بِتِلْكَ الرَّقِيقِ فَقُسِمَتْ أَثْلاَثًا . ثُمَّ أَسْهَمَ عَلَى أَيِّهِمْ يَخْرُجُ سَهْمُ الْمَيِّتِ
فَيَعْتِقُونَ ، فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَى أَحَدِ الأََثْلاَثِ فَعَتَقَ الثُّلُثُ
الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ السَّهْمُ.
4- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
مَالِ الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ.
2246- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُعْتِقَ تَبِعَهُ مَالُهُ.
2247- قَالَ مَالِكٌ :
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُعْتِقَ تَبِعَهُ مَالُهُ ،
أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا كُوتِبَ تَبِعَهُ مَالُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ
الْمُكَاتِبُ ، وَذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ هُوَ عَقْدُ الْوَلاَءِ .
إِذَا تَمَّ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَالُ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ مَا
كَانَ لَهُمَا مِنْ وَلَدٍ إِنَّمَا أَوْلاَدُهُمَا بِمَنْزِلَةِ رِقَابِهِمَا
لَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ أَمْوَالِهِمَا لأَنَّ السُّنَّةَ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ
فِيهَا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ
وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا كُوتِبَ تَبِعَهُ مَالُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ
.
قَالَ
مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ
إِذَا أَفْلَسَا أُخِذَتْ أَمْوَالُهُمَا وَأُمَّهَاتُ أَوْلاَدِهِمَا ، وَلَمْ
تُؤْخَذْ أَوْلاَدُهُمَا لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَمْوَالٍ لَهُمَا.
قَالَ مَالِكٌ :
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا بِيعَ وَاشْتَرَطَ
الَّذِي ابْتَاعَهُ مَالَهُ . لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُهُ فِي مَالِهِ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَرَحَ أُخِذَ هُوَ
وَمَالُهُ وَلَمْ يُؤْخَذْ وَلَدُهُ.
5- بَابُ عِتْقِ
أُمَّهَاتِ الأََوْلاَدِ وَجَامِعِ الْقَضَاءِ فِي الْعَتَاقَةِ.
2248- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
، قَالَ : أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا ، فَإِنَّهُ لاَ
يَبِيعُهَا وَلاَ يَهَبُهَا وَلاَ يُوَرِّثُهَا ، وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا ،
فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ.
2249- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
أَتَتْهُ وَلِيدَةٌ قَدْ ضَرَبَهَا سَيِّدُهَا بِنَارٍ أَوْ أَصَابَهَا بِهَا
فَأَعْتَقَهَا.
2250- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ عَتَاقَةُ رَجُلٍ
وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ ، وَأَنَّهُ لاَ تَجُوزُ عَتَاقَةُ
الْغُلاَمِ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ مَبْلَغَ الْمُحْتَلِمِ وَأَنَّهُ لاَ
تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي مَالِهِ ، وَإِنْ بَلَغَ الْحُلُمَ
حَتَّى يَلِيَ مَالَهُ.
6- بَابُ مَا يَجُوزُ
مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ.
2251- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْحَكَمِ ، أَنَّهُ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي
، فَجِئْتُهَا ، وَقَدْ فُقِدَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا
فَقَالَتْ : أَكَلَهَا الذِّئْبُ ، فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا ، وَكُنْتُ مِنْ بَنِي
آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأُعْتِقُهَا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَيْنَ اللَّهُ ؟ فَقَالَتْ : فِي السَّمَاءِ ،
فَقَالَ : مَنْ أَنَا ؟ فَقَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَعْتِقْهَا.
2252- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأََنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً ، فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَتَشْهَدِينَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَعْتِقْهَا.
2253- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، أَنَّهُ
قَالَ : سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ .
هَلْ يُعْتِقُ فِيهَا ابْنَ زِنًا ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : نَعَمْ . ذَلِكَ يُجْزِئُ
عَنْهُ.
2254- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الأََنْصَارِيِّ ، وَكَانَ مِنْ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ
تَكُونُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ . هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ وَلَدَ زِنًا ؟
قَالَ : نَعَمْ . ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ.
7- بَابُ مَا لاَ
يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ.
2255- حَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الرَّقَبَةِ
الْوَاجِبَةِ هَلْ تُشْتَرَى بِشَرْطٍ ؟ فَقَالَ : لاَ.
2256- قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الرِّقَابِ
الْوَاجِبَةِ ، أَنَّهُ لاَ يَشْتَرِيهَا الَّذِي يُعْتِقُهَا فِيمَا وَجَبَ
عَلَيْهِ بِشَرْطٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا . لأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ
فَلَيْسَتْ بِرَقَبَةٍ تَامَّةٍ . لأَنَّهُ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا لِلَّذِي
يَشْتَرِطُ مِنْ عِتْقِهَا.
2257- قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّقَبَةَ فِي التَّطَوُّعِ وَيَشْتَرِطَ أَنْ
يُعْتِقَهَا.
2258- قَالَ مَالِكٌ :
إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ ، أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ
أَنْ يُعْتَقَ فِيهَا نَصْرَانِيٌّ وَلاَ يَهُودِيٌّ ، وَلاَ يُعْتَقُ فِيهَا
مُكَاتَبٌ ، وَلاَ مُدَبَّرٌ وَلاَ أُمُّ وَلَدٍ ، وَلاَ مُعْتَقٌ إِلَى سِنِينَ ،
وَلاَ أَعْمَى ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ
وَالْمَجُوسِيُّ تَطَوُّعًا . لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : {فَإِمَّا
مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد] فَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ.
2259- قَالَ مَالِكٌ :
فَأَمَّا الرِّقَابُ الْوَاجِبَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ ،
فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَقُ فِيهَا إِلاَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ.
2260- قَالَ مَالِكٌ :
وَكَذَلِكَ فِي إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ فِي الْكَفَّارَاتِ لاَ يَنْبَغِي أَنْ
يُطْعَمَ فِيهَا إِلاَّ الْمُسْلِمُونَ ، وَلاَ يُطْعَمُ فِيهَا أَحَدٌ عَلَى
غَيْرِ دِينِ الإِسْلاَمِ.
8- بَابُ عِتْقِ الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ.
2261- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الأََنْصَارِيِّ ، أَنَّ أُمَّهُ
أَرَادَتْ أَنْ تُوصِيَ ، ثُمَّ أَخَّرَتْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُصْبِحَ ،
فَهَلَكَتْ ، وَقَدْ كَانَتْ هَمَّتْ بِأَنْ تُعْتِقَ ، فَقَالَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ : فَقُلْتُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ : أَيَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ
عَنْهَا ، فَقَالَ الْقَاسِمُ : إِنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : إِنَّ
أُمِّي هَلَكَتْ فَهَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ.
2262- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ : تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي نَوْمٍ نَامَهُ فَأَعْتَقَتْ
عَنْهُ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رِقَابًا كَثِيرَةً.
قَالَ مَالِكٌ :
وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
9- بَابُ فَضْلِ عِتْقِ الرِّقَابِ وَعِتْقِ الزَّانِيَةِ وَابْنِ
الزِّنَا.
2263- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ
الرِّقَابِ أَيُّهَا أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
أَغْلاَهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا.
2264- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ أَعْتَقَ وَلَدَ زِنًا
وَأُمَّهُ.
10- بَابُ مَصِيرِ الْوَلاَءِ لِمَنْ أَعْتَقَ.
2265- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ : جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ : إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ
أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ
: إِنْ أَحَبَّ
أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَنْكِ . عَدَدْتُهَا وَيَكُونَ لِي وَلاَؤُكِ
فَعَلْتُ ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا ، فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ
فَأَبَوْا عَلَيْهَا ، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم جَالِسٌ ، فَقَالَتْ لِعَائِشَةَ إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِمْ
ذَلِكَ فَأَبَوْا عَلَيَّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ ، فَسَمِعَ
ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَهَا ، فَأَخْبَرَتْهُ
عَائِشَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي
لَهُمُ الْوَلاَءَ ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ
. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ .
ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ
فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ
بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ . قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ ، وَشَرْطُ
اللَّهِ أَوْثَقُ ، وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
2266- ،
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ
عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً
تُعْتِقُهَا ، فَقَالَ أَهْلُهَا : نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا ، فَذَكَرَتْ
ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : لاَ يَمْنَعَنَّكِ ذَلِكَ
فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
2267- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ
بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ
عَائِشَةُ : إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً
وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأَهْلِهَا ،
فَقَالُوا : لاَ . إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَنَا وَلاَؤُكِ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
: فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ، ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : اشْتَرِيهَا
وَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
2268- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى
عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ.
2269- قَالَ مَالِكٌ فِي
الْعَبْدِ يَبْتَاعُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّهُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ :
إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ، وَلَوْ أَنَّ
رَجُلاً أَذِنَ لِمَوْلاَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ ، مَا جَازَ ذَلِكَ .
لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَنَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ
فَإِذَا جَازَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ لَهُ ، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ
أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ ، فَتِلْكَ الْهِبَةُ.
11- بَابُ جَرِّ الْعَبْدِ الْوَلاَءَ إِذَا أُعْتِقَ.
2270- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ
الْعَوَّامِ ، اشْتَرَى عَبْدًا ، فَأَعْتَقَهُ ، وَلِذَلِكَ الْعَبْدِ بَنُونَ
مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، فَلَمَّا أَعْتَقَهُ الزُّبَيْرُ قَالَ : هُمْ
مَوَالِيَّ ، وَقَالَ : مَوَالِي أُمِّهِمْ . بَلْ هُمْ مَوَالِينَا ،
فَاخْتَصَمُوا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَقَضَى عُثْمَانُ ، لِلزُّبَيْرِ
بِوَلاَئِهِمْ.
2271- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ عَبْدٍ لَهُ
وَلَدٌ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، لِمَنْ وَلاَؤُهُمْ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنْ
مَاتَ أَبُوهُمْ وَهُوَ عَبْدٌ لَمْ يُعْتَقْ فَوَلاَؤُهُمْ لِمَوَالِي أُمِّهِمْ.
2272- قَالَ مَالِكٌ
: وَمَثَلُ ذَلِكَ
وَلَدُ الْمُلاَعَنَةِ مِنَ الْمَوَالِي يُنْسَبُ إِلَى مَوَالِي أُمِّهِ ،
فَيَكُونُونَ هُمْ مَوَالِيَهُ ، إِنْ مَاتَ وَرِثُوهُ ، وَإِنْ جَرَّ جَرِيرَةً ،
عَقَلُوا عَنْهُ ، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ أَبُوهُ أُلْحِقَ بِهِ وَصَارَ وَلاَؤُهُ
إِلَى مَوَالِي أَبِيهِ ، وَكَانَ مِيرَاثُهُ لَهُمْ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ ، وَيُجْلَدُ
أَبُوهُ الْحَدَّ.
2273- قَالَ مَالِكٌ :
وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُلاَعِنَةُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا اعْتَرَفَ زَوْجُهَا
الَّذِي لاَعَنَهَا بِوَلَدِهَا ، صَارَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ ، إِلاَّ
أَنَّ بَقِيَّةَ مِيرَاثِهِ ، بَعْدَ مِيرَاثِ أُمِّهِ وَإِخْوَتِهِ لِأُمِّهِ ،
لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يُلْحَقْ بِأَبِيهِ وَإِنَّمَا وَرَّثَ وَلَدُ
الْمُلاَعَنَةِ الْمُوَالاَةَ مَوَالِيَ أُمِّهِ قَبْلَ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ
أَبُوهُ ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ وَلاَ عَصَبَةٌ ، فَلَمَّا ثَبَتَ
نَسَبُهُ صَارَ إِلَى عَصَبَتِهِ.
2274- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي
وَلَدِ الْعَبْدِ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، وَأَبُو الْعَبْدِ حُرٌّ ، أَنَّ الْجَدَّ
أَبَا الْعَبْدِ يَجُرُّ وَلاَءَ وَلَدِ ابْنِهِ الأََحْرَارِ مِنِ امْرَأَةٍ
حُرَّةٍ ، يَرِثُهُمْ مَا دَامَ أَبُوهُمْ عَبْدًا ، فَإِنْ عَتَقَ أَبُوهُمْ
رَجَعَ الْوَلاَءُ إِلَى مَوَالِيهِ ، وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ
الْمِيرَاثُ وَالْوَلاَءُ لِلْجَدِّ ، وَإِنِ الْعَبْدُ كَانَ لَهُ ابْنَانِ
حُرَّانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَأَبُوهُ عَبْدٌ ، جَرَّ الْجَدُّ أَبُو الأََبِ ،
الْوَلاَءَ وَالْمِيرَاثَ.
2275- قَالَ مَالِكٌ فِي
الأََمَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ حَامِلٌ وَزَوْجُهَا مَمْلُوكٌ ثُمَّ يَعْتِقُ
زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَوْ بَعْدَمَا تَضَعُ : إِنَّ وَلاَءَ
مَا كَانَ فِي بَطْنِهَا لِلَّذِي أَعْتَقَ أُمَّهُ ، لأَنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ
قَدْ كَانَ أَصَابَهُ الرِّقُّ قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ أُمُّهُ ، وَلَيْسَ هُوَ
بِمَنْزِلَةِ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ لأَنَّ الَّذِي
تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ إِذَا أُعْتِقَ أَبُوهُ جَرَّ
وَلاَءَهُ.
2276- قَالَ مَالِكٌ فِي
الْعَبْدِ يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا لَهُ فَيَأْذَنَ لَهُ
سَيِّدُهُ : إِنَّ وَلاَءَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ، لاَ
يَرْجِعُ وَلاَؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَإِنْ عَتَقَ.
12- بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاَءِ.
2277- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ،
عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ
بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْعَاصِيَ بْنَ هِشَامٍ
هَلَكَ ، وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلاَثَةً . اثْنَانِ لِأُمٍّ ، وَرَجُلٌ
لِعَلَّةٍ ، فَهَلَكَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ لِأُمٍّ ، وَتَرَكَ مَالاً وَمَوَالِيَ فَوَرِثَهُ
أَخُوهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ . مَالَهُ وَوَلاَءَهُ مَوَالِيهِ ، ثُمَّ هَلَكَ
الَّذِي وَرِثَ الْمَالَ وَوَلاَءَ الْمَوَالِي ، وَتَرَكَ ابْنَهُ وَأَخَاهُ
لأَبِيهِ ، فَقَالَ ابْنُهُ : قَدْ أَحْرَزْتُ مَا كَانَ أَبِي أَحْرَزَ مِنَ
الْمَالِ وَوَلاَءِ الْمَوَالِي ، وَقَالَ أَخُوهُ : لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا أَحْرَزْتَ الْمَالَ وَأَمَّا وَلاَءُ الْمَوَالِي
، فَلاَ ، أَرَأَيْتَ لَوْ هَلَكَ أَخِي الْيَوْمَ أَلَسْتُ أَرِثُهُ أَنَا ؟
فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَضَى لأَخِيهِ بِوَلاَءِ
الْمَوَالِي.
2278- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَبُوهُ
أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، فَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ
نَفَرٌ مِنْ جُهَيْنَةَ وَنَفَرٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ
وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ
الْخَزْرَجِ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ كُلَيْبٍ ، فَمَاتَتِ الْمَرْأَةُ
وَتَرَكَتْ مَالاً وَمَوَالِيَ فَوَرِثَهَا ابْنُهَا وَزَوْجُهَا . ثُمَّ مَاتَ
ابْنُهَا ، فَقَالَ وَرَثَتُهُ : لَنَا وَلاَءُ الْمَوَالِي . قَدْ كَانَ ابْنُهَا
أَحْرَزَهُ ، فَقَالَ الْجُهَنِيُّونَ : لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا هُمْ مَوَالِي صَاحِبَتِنَا
، فَإِذَا مَاتَ وَلَدُهَا فَلَنَا وَلاَؤُهُمْ ، وَنَحْنُ نَرِثُهُمْ ، فَقَضَى
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ لِلْجُهَنِيِّينَ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي.
2279- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ
الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : فِي رَجُلٍ هَلَكَ وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلاَثَةً ،
وَتَرَكَ مَوَالِيَ أَعْتَقَهُمْ هُوَ عَتَاقَةً . ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَيْنِ مِنْ
بَنِيهِ هَلَكَا ، وَتَرَكَا أَوْلاَدًا ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ :
يَرِثُ الْمَوَالِيَ الْبَاقِي مِنَ الثَّلاَثَةِ ، فَإِذَا هَلَكَ هُوَ ،
فَوَلَدُهُ وَوَلَدُ إِخْوَتِهِ فِي وَلاَءِ الْمَوَالِي ، شَرَعٌ ، سَوَاءٌ.
13- بَابُ مِيرَاثِ
السَّائِبَةِ وَوَلاَءِ مَنْ أَعْتَقَ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ.
2280- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ ، عَنِ السَّائِبَةِ ؟ قَالَ : يُوَالِي مَنْ
شَاءَ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُوَالِي أَحَدًا فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ
وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ.
2281- قَالَ مَالِكٌ إِنَّ
أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي السَّائِبَةِ : أَنَّهُ لاَ يُوَالِي أَحَدًا ، وَأَنَّ
مِيرَاثَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلَهُ عَلَيْهِمْ.
2282- قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ عَبْدُ
أَحَدِهِمَا ، فَيُعْتِقُهُ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ : إِنَّ وَلاَءَ
الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ أَوِ
النَّصْرَانِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ . لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ الْوَلاَءُ أَبَدًا .
قَالَ : وَلَكِنْ إِذَا أَعْتَقَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا
عَلَى دِينِهِمَا . ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ
الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ . ثُمَّ أَسْلَمَ الَّذِي
أَعْتَقَهُ . رَجَعَ إِلَيْهِ الْوَلاَءُ . لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ لَهُ
الْوَلاَءُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَإِنْ كَانَ لِلْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ وَلَدٌ مُسْلِمٌ ، وَرِثَ
مَوَالِيَ أَبِيهِ الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ ، إِذَا أَسْلَمَ
الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ . قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ ، وَإِنْ كَانَ
الْمُعْتَقُ حِينَ أُعْتِقَ مُسْلِمًا . لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ النَّصْرَانِيِّ
أَوِ الْيَهُودِيِّ الْمُسْلِمَيْنِ مِنْ وَلاَءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ
. لأَنَّهُ لَيْسَ
لِلْيَهُودِيِّ وَلاَ لِلنَّصْرَانِيِّ وَلاَءٌ ، فَوَلاَءُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ
لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
25- كِتَابُ الْمُكَاتَبِ.
1- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
الْمُكَاتَبِ.
2283- وَحَدَّثَنِي عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، كَانَ يَقُولُ
الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ.
2284- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ
، كَانَا يَقُولاَنِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ.
2285- قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ
رَأْيِي.
2286- قَالَ مَالِكٌ
: فَإِنْ هَلَكَ
الْمُكَاتَبُ ، وَتَرَكَ مَالاً أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ
، وَلَهُ وَلَدٌ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ وَرِثُوا مَا
بَقِيَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ كِتَابَتِهِ.
2287- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ، أَنَّ
مُكَاتَبًا ، كَانَ لاِبْنِ الْمُتَوَكِّلِ هَلَكَ بِمَكَّةَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ
بَقِيَّةً مِنْ كِتَابَتِهِ ، وَدُيُونًا لِلنَّاسِ ، وَتَرَكَ ابْنَتَهُ ،
فَأَشْكَلَ عَلَى عَامِلِ مَكَّةَ الْقَضَاءُ فِيهِ ، فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ
الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ
الْمَلِكِ أَنِ ابْدَأْ بِدُيُونِ النَّاسِ ثُمَّ اقْضِ مَا بَقِيَ مِنْ
كِتَابَتِهِ . ثُمَّ اقْسِمْ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَيْنَ ابْنَتِهِ وَمَوْلاَهُ.
2288- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يُكَاتِبَهُ
إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الأََئِمَّةِ أَكْرَهَ
رَجُلاً عَلَى أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ ، وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ
إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
يَقُولُ : {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور] يَتْلُو هَاتَيْنِ
الآيَتَيْنِ {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأََرْضِ وَابْتَغُوا
مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}. قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَمْرٌ أَذِنَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ لِلنَّاسِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ.
2289- قَالَ مَالِكٌ :
وسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى : {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور] إِنَّ
ذَلِكَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ غُلاَمَهُ ثُمَّ يَضَعُ عَنْهُ مِنْ آخِرِ
كِتَابَتِهِ شَيْئًا مُسَمًّى.
قَالَ مَالِكٌ :
فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَأَدْرَكْتُ عَمَلَ النَّاسِ
عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا .
2290- قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ،
كَاتَبَ غُلاَمًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ
. ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ
مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
2291- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْ مُكَاتَبَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ تَبِعَهُ
مَالُهُ ، وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُمْ فِي كِتَابَتِهِ.
2292- قَالَ يَحْيَى :
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ
جَارِيَةٌ بِهَا حَبَلٌ مِنْهُ : لَمْ يَعْلَمْ بِهِ هُوَ وَلاَ سَيِّدُهُ يَوْمَ كِتَابَتِهِ
، فَإِنَّهُ لاَ يَتْبَعُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ . لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي
كِتَابَتِهِ ، وَهُوَ لِسَيِّدِهِ ، فَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَإِنَّهَا
لِلْمُكَاتَبِ لأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ.
2293- قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ وَرِثَ مُكَاتَبًا مِنِ امْرَأَتِهِ هُوَ وَابْنُهَا : إِنَّ الْمُكَاتَبَ
إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ كِتَابَتَهُ . اقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ عَلَى
كِتَابِ اللَّهِ وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ ثُمَّ مَاتَ ، فَمِيرَاثُهُ لاِبْنِ
الْمَرْأَةِ ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ.
2294- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ
يُكَاتِبُ عَبْدَهُ قَالَ : يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَرَادَ
الْمُحَابَاةَ لِعَبْدِهِ ، وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُ ، فَلاَ
يَجُوزُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ
وَطَلَبِ الْمَالِ ، وَابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَالْعَوْنِ عَلَى كِتَابَتِهِ
فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.
2295- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَطِئَ مُكَاتَبَةً لَهُ : إِنَّهَا إِنْ حَمَلَتْ
فَهِيَ بِالْخِيَارِ . إِنْ شَاءَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ ، وَإِنْ شَاءَتْ
قَرَّتْ عَلَى كِتَابَتِهَا فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا.
2296- قَالَ مَالِكٌ
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ
الرَّجُلَيْنِ : إِنَّ أَحَدَهُمَا لاَ يُكَاتِبُ نَصِيبَهُ مِنْهُ ، أَذِنَ لَهُ
بِذَلِكَ صَاحِبُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ . إِلاَّ أَنْ يُكَاتِبَاهُ جَمِيعًا
. لأَنَّ ذَلِكَ
يَعْقِدُ لَهُ عِتْقًا ، وَيَصِيرُ إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ .
إِلَى أَنْ يَعْتِقَ نِصْفُهُ ، وَلاَ يَكُونُ عَلَى الَّذِي كَاتَبَ بَعْضَهُ ،
أَنْ يَسْتَتِمَّ عِتْقَهُ فَذَلِكَ خِلاَفُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ
الْعَدْلِ.
2297- قَالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمُكَاتَبُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ
رَدَّ إِلَيْهِ الَّذِي كَاتَبَهُ . مَا قَبَضَ مِنَ الْمُكَاتَبِ ، فَاقْتَسَمَهُ
هُوَ وَشَرِيكُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا ، وَبَطَلَتْ كِتَابَتُهُ ، وَكَانَ
عَبْدًا لَهُمَا عَلَى حَالِهِ الأَُولَى.
2298- قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَنْظَرَهُ
أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَبَى الآخَرُ أَنْ يُنْظِرَهُ :
فَاقْتَضَى الَّذِي أَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ بَعْضَ حَقِّهِ . ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ.
قَالَ مَالِكٌ : يَتَحَاصَّانِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُمَا عَلَيْهِ . يَأْخُذُ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، فَإِنْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ فَضْلاً
عَنْ كِتَابَتِهِ ، أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَقِيَ مِنَ الْكِتَابَةِ
، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَقَدِ
اقْتَضَى الَّذِي لَمْ يُنْظِرْهُ أَكْثَرَ مِمَّا اقْتَضَى صَاحِبُهُ ، كَانَ
الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَضْلَ مَا اقْتَضَى
. لأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ، وَإِنْ وَضَعَ
عَنْهُ أَحَدُهُمَا الَّذِي لَهُ ثُمَّ اقْتَضَى صَاحِبُهُ بَعْضَ الَّذِي لَهُ
عَلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلاَ يَرُدُّ الَّذِي اقْتَضَى عَلَى
صَاحِبِهِ شَيْئًا لأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ
بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ لِلرَّجُلَيْنِ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ،
فَيُنْظِرُهُ أَحَدُهُمَا وَيَشِحُّ الآخَرُ فَيَقْتَضِي بَعْضَ حَقِّهِ . ثُمَّ يُفْلِسُ
الْغَرِيمُ فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي اقْتَضَى ، أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ.
2- بَابُ الْحَمَالَةِ
فِي الْكِتَابَةِ.
2299- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبِيدَ إِذَا كُوتِبُوا
جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ ،
وَإِنَّهُ لاَ يُوضَعُ عَنْهُمْ لِمَوْتِ أَحَدِهِمْ شَيْءٌ ، وَإِنْ قَالَ
أَحَدُهُمْ : قَدْ عَجَزْتُ ، وَأَلْقَى بِيَدَيْهِ ، فَإِنَّ لأَصْحَابِهِ أَنْ
يَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا يُطِيقُ مِنَ الْعَمَلِ ، وَيَتَعَاوَنُونَ بِذَلِكَ فِي
كِتَابَتِهِمْ حَتَّى يَعْتِقَ بِعِتْقِهِمْ إِنْ عَتَقُوا ، وَيَرِقَّ
بِرِقِّهِمْ إِنْ رَقُّوا.
2300- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ
الْعَبْدَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ . لَمْ يَنْبَغِ لِسَيِّدِهِ أَنْ
يَتَحَمَّلَ لَهُ بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ أَحَدٌ . إِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ عَجَزَ
، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ تَحَمَّلَ
رَجُلٌ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ . ثُمَّ اتَّبَعَ
ذَلِكَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قِبَلَ الَّذِي تَحَمَّلَ لَهُ أَخَذَ مَالَهُ
بَاطِلاً . لاَ هُوَ ابْتَاعَ الْمُكَاتَبَ فَيَكُونَ مَا أُخِذَ مِنْهُ مِنْ
ثَمَنِ شَيْءٍ هُوَ لَهُ ، وَلاَ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ فَيَكُونَ فِي ثَمَنِ
حُرْمَةٍ ثَبَتَتْ لَهُ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ ، وَكَانَ
عَبْدًا مَمْلُوكًا لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ
. يُتَحَمَّلُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِهَا . إِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ . إِنْ
أَدَّاهُ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ
يُحَاصَّ الْغُرَمَاءَ سَيِّدُهُ بِكِتَابَتِهِ ، وَكَانَ الْغُرَمَاءُ أَوْلَى
بِذَلِكَ مِنْ سَيِّدِهِ ، وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ
لِلنَّاسِ . رُدَّ عَبْدًا مَمْلُوكًا لِسَيِّدِهِ ، وَكَانَتْ دُيُونُ النَّاسِ
فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ . لاَ يَدْخُلُونَ مَعَ سَيِّدِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ
ثَمَنِ رَقَبَتِهِ.
2301- قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا كَاتَبَ الْقَوْمُ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً ، وَلاَ رَحِمَ بَيْنَهُمْ
يَتَوَارَثُونَ بِهَا ، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ ، وَلاَ
يَعْتِقُ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ حَتَّى يُؤَدُّوا الْكِتَابَةَ كُلَّهَا ،
فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَتَرَكَ مَالاً هُوَ أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِمْ
، أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ ، وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ
، وَلَمْ يَكُنْ لِمَنْ كَاتَبَ مَعَهُ مِنْ فَضْلِ الْمَالِ شَيْءٌ ،
وَيَتْبَعُهُمُ السَّيِّدُ بِحِصَصِهِمِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ مِنَ
الْكِتَابَةِ الَّتِي قُضِيَتْ مِنْ مَالِ الْهَالِكِ لأَنَّ الْهَالِكَ إِنَّمَا
كَانَ تَحَمَّلَ عَنْهُمْ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا مَا عَتَقُوا بِهِ مِنْ
مَالِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ الْهَالِكِ وَلَدٌ حُرٌّ لَمْ يُولَدْ فِي الْكِتَابَةِ
، وَلَمْ يُكَاتَبْ عَلَيْهِ لَمْ يَرِثْهُ لأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يُعْتَقْ
حَتَّى مَاتَ.
3- بَابُ الْقِطَاعَةِ فِي الْكِتَابَةِ.
2302- حَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
كَانَتْ تُقَاطِعُ مُكَاتَبِيهَا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ.
2303- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ
، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَحَدِهِمَا أَنْ يُ قَاطِعَهُ عَلَى حِصَّتِهِ . إِلاَّ
بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ بَيْنَهُمَا ، فَلاَ
يَجُوزُ لأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ إِلاَّ بِإِذْنِ
شَرِيكِهِ ، وَلَوْ قَاطَعَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ ثُمَّ حَازَ ذَلِكَ .
ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ مَالٌ ، أَوْ عَجَزَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ
قَاطَعَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا قَاطَعَهُ
عَلَيْهِ وَيَرْجِعَ حَقَّهُ فِي رَقَبَتِهِ ، وَلَكِنْ مَنْ قَاطَعَ مُكَاتَبًا
بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَإِنْ أَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَهُ أَنْ
يَرُدَّ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ مِنَ الْ قِطَاعَةِ وَيَكُونُ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ
رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ
مَالاً اسْتَوْفَى الَّذِي بَقِيَتْ لَهُ الْكِتَابَةُ حَقَّهُ الَّذِي بَقِيَ
لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ
الْمُكَاتَبِ بَيْنَ الَّذِي قَاطَعَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَلَى قَدْرِ
حِصَصِهِمَا فِي الْمُكَاتَبِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَاطَعَهُ وَتَمَاسَكَ
صَاحِبُهُ بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قِيلَ لِلَّذِي قَاطَعَهُ
إِنْ شِئْتَ أَنْ تَرُدَّ عَلَى صَاحِبِكَ نِصْفَ الَّذِي أَخَذْتَ وَيَكُونُ
الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا شَطْرَيْنِ وَإِنْ أَبَيْتَ فَجَمِيعُ الْعَبْدِ لِلَّذِي
تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ خَالِصًا.
2304- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ :
فَيُقَاطِعُهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ . ثُمَّ يَقْتَضِي الَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ مِثْلَ مَا قَاطَعَ
عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ.
قَالَ مَالِكٌ :
فَهُوَ بَيْنَهُمَا لأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَإِنِ
اقْتَضَى أَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ الَّذِي قَاطَعَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ
فَأَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفَ مَا تَفَضَّلَهُ
بِهِ ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَبَى
فَجَمِيعُ الْعَبْدِ لِلَّذِي لَمْ يُقَاطِعْهُ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ
وَتَرَكَ مَالاً ، فَأَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ
نِصْفَ مَا تَفَضَّلَهُ بِهِ ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا ، فَذَلِكَ لَهُ
، وَإِنْ كَانَ الَّذِي تَمَسَّكَ بِالْكِتَابَةِ قَدْ أَخَذَ مِثْلَ مَا قَاطَعَ
عَلَيْهِ شَرِيكُهُ ، أَوْ أَفْضَلَ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مِلْكِهِمَا
لأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ حَقَّهُ.
2305- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ
يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ : فَيُقَاطِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى نِصْفِ حَقِّهِ
بِإِذْنِ صَاحِبِهِ . ثُمَّ يَقْبِضُ الَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ أَقَلَّ مِمَّا
قَاطَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ثُمَّ يَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ
أَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَ الْعَبْدَ أَنْ يُرَدَّ عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفَ مَا
تَفَضَّلَهُ بِهِ . كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا شَطْرَيْنِ وَإِنْ أَبَى أَنْ يَرُدَّ فَلِلَّذِي
تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ حِصَّةُ صَاحِبِهِ الَّذِي كَانَ قَاطَعَ عَلَيْهِ
الْمُكَاتَبَ.
قَالَ
مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا شَطْرَيْنِ ،
فَيُكَاتِبَانِهِ جَمِيعًا . ثُمَّ يُقَاطِعُ أَحَدُهُمَا الْمُكَاتَبَ عَلَى نِصْفِ حَقِّهِ
بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ، وَذَلِكَ الرُّبُعُ مِنْ جَمِيعِ الْعَبْدِ . ثُمَّ يَعْجِزُ
الْمُكَاتَبُ فَيُقَالُ لِلَّذِي قَاطَعَهُ : إِنْ شِئْتَ فَارْدُدْ عَلَى صَاحِبِكَ
نِصْفَ مَا فَضَلْتَهُ بِهِ ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا شَطْرَيْنِ وَإِنْ
أَبَى كَانَ لِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالْكِتَابَةِ رُبُعُ صَاحِبِهِ الَّذِي قَاطَعَ
الْمُكَاتَبَ عَلَيْهِ خَالِصًا ، وَكَانَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ ، فَذَلِكَ
ثَلاَثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ ، وَكَانَ لِلَّذِي قَاطَعَ رُبُعُ الْعَبْدِ .
لأَنَّهُ أَبَى أَنْ يَرُدَّ ثَمَنَ رُبُعِهِ الَّذِي قَاطَعَ عَلَيْهِ.
2306- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ
: يُقَاطِعُهُ سَيِّدُهُ فَيَعْتِقُ ، وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ
قَطَاعَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ . ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ
لِلنَّاسِ. قَالَ مَالِكٌ : فَإِنَّ سَيِّدَهُ لاَ يُحَاصُّ غُرَمَاءَهُ بِالَّذِي
عَلَيْهِ مِنْ قَطَاعَتِهِ وَلِغُرَمَائِهِ أَنْ يُبَدَّؤُوا عَلَيْهِ.
2307- قَالَ مَالِكٌ
: لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ
أَنْ يُقَاطِعَ سَيِّدَهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ ، فَيَعْتِقُ
وَيَصِيرُ لاَ شَيْءَ لَهُ . لأَنَّ أَهْلَ الدَّيْنِ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ
سَيِّدِهِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَائِزٍ لَهُ.
2308- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يُكَاتِبُ
عَبْدَهُ . ثُمَّ يُقَاطِعُهُ بِالذَّهَبِ فَيَضَعُ عَنْهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَ
الْكِتَابَةِ . عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ
بِذَلِكَ بَأْسٌ ، وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَنْ كَرِهَهُ . لأَنَّهُ أَنْزَلَهُ
بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ يَكُونُ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ إِلَى أَجَلٍ ،
فَيَضَعُ عَنْهُ وَيَنْقُدُهُ ، وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الدَّيْنِ إِنَّمَا كَانَتْ
قَطَاعَةُ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مَالاً ، فِي أَنْ يَتَعَجَّلَ
الْعِتْقَ فَيَجِبُ لَهُ الْمِيرَاثُ ، وَالشَّهَادَةُ ، وَالْحُدُودُ ،
وَتَثْبُتُ لَهُ حُرْمَةُ الْعَتَاقَةِ ، وَلَمْ يَشْتَرِ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ ،
وَلاَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ قَالَ
لِغُلاَمِهِ : ائْتِنِي بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَوَضَعَ عَنْهُ
مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنْ جِئْتَنِي بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، فَأَنْتَ حُرٌّ
فَلَيْسَ هَذَا دَيْنًا ثَابِتًا ، وَلَوْ كَانَ دَيْنًا ثَابِتًا لَحَاصَّ بِهِ
السَّيِّدُ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ إِذَا مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَدَخَلَ مَعَهُمْ
فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ.
4- بَابُ جِرَاحِ
الْمُكَاتَبِ.
2309- قَالَ مَالِكٌ :
أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يَجْرَحُ الرَّجُلَ جَرْحًا يَقَعُ فِيهِ
الْعَقْلُ عَلَيْهِ : أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ قَوِيَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ
ذَلِكَ الْجَرْحِ مَعَ كِتَابَتِهِ ، أَدَّاهُ ، وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ ،
فَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ ، وَذَلِكَ
أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ ،
فَإِنْ هُوَ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ ،
فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ فَعَلَ وَأَمْسَكَ غُلاَمَهُ
وَصَارَ عَبْدًا مَمْلُوكًا ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَبْدَ إِلَى
الْمَجْرُوحِ أَسْلَمَهُ ، وَلَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ
يُسَلِّمَ عَبْدَهُ.
2310- قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا : فَيَجْرَحُ
أَحَدُهُمْ جَرْحًا فِيهِ عَقْلٌ. قَالَ مَالِكٌ : مَنْ جَرَحَ مِنْهُمْ جَرْحًا
فِيهِ عَقْلٌ . قِيلَ لَهُ وَلِلَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَدُّوا جَمِيعًا
عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ ، فَإِنْ أَدَّوْا ثَبَتُوا عَلَى كِتَابَتِهِمْ ، وَإِنْ
لَمْ يُؤَدُّوا فَقَدْ عَجَزُوا ، وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُمْ فَإِنْ شَاءَ أَدَّى
عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ وَرَجَعُوا عَبِيدًا لَهُ جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ ،
أَسْلَمَ الْجَارِحَ وَحْدَهُ وَرَجَعَ الآخَرُونَ عَبِيدًا لَهُ جَمِيعًا
بِعَجْزِهِمْ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ الَّذِي جَرَحَ صَاحِبُهُمْ.
2311- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا
أُصِيبَ بِجَرْحٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ عَقْلٌ ، أَوْ أُصِيبَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ
الْمُكَاتَبِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ ، فَإِنَّ عَقْلَهُمْ عَقْلُ
الْعَبِيدِ فِي قِيمَتِهِمْ ، وَأَنَّ مَا أُخِذَ لَهُمْ مِنْ عَقْلِهِمْ يُدْفَعُ
إِلَى سَيِّدِهِمِ الَّذِي لَهُ الْكِتَابَةُ ، وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ
فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ ، فَيُوضَعُ عَنْهُ مَا أَخَذَ سَيِّدُهُ مِنْ دِيَةِ
جَرْحِهِ.
قَالَ مَالِكٌ
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّهُ كَأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ ،
وَكَانَ دِيَةُ جَرْحِهِ الَّذِي أَخَذَهَا سَيِّدُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِذَا أَدَّى
الْمُكَاتَبُ إِلَى سَيِّدِهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُرٌّ ، وَإِنْ كَانَ
الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَانَ الَّذِي أَخَذَ
مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَدْ عَتَقَ ، وَإِنْ كَانَ عَقْلُ
جَرْحِهِ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَخَذَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ
مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ ، وَعَتَقَ وَكَانَ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ
لِلْمُكَاتَبِ وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ
دِيَةِ جَرْحِهِ ، فَيَأْكُلَهُ ، وَيَسْتَهْلِكَهُ ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ
أَعْوَرَ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ أَوْ مَعْضُوبَ الْجَسَدِ ، وَإِنَّمَا كَاتَبَهُ
سَيِّدُهُ عَلَى مَالِهِ وَكَسْبِهِ ، وَلَمْ يُكَاتِبْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ
ثَمَنَ وَلَدِهِ ، وَلاَ مَا أُصِيبَ مِنْ عَقْلِ جَسَدِهِ فَيَأْكُلَهُ
وَيَسْتَهْلِكَهُ وَلَكِنْ عَقْلُ جِرَاحَاتِ الْمُكَاتَبِ وَوَلَدِهِ الَّذِينَ
وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِ
وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ.
5- بَابُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ.
2312- قَالَ مَالِكٌ إِنَّ
أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مُكَاتَبَ الرَّجُلِ : أَنَّهُ لاَ
يَبِيعُهُ إِذَا كَانَ كَاتَبَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ إِلاَّ بِعَرْضٍ
مِنَ الْعُرُوضِ يُعَجِّلُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ . لأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَهُ كَانَ
دَيْنًا بِدَيْنٍ وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ.
2313- قَالَ : وَإِنْ كَاتَبَ
الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ بِعَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ مِنَ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ
أَوِ الْغَنَمِ أَوِ الرَّقِيقِ ، فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ
يَشْتَرِيَهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ مُخَالِفٍ لِلْعُرُوضِ الَّتِي
كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَيْهَا يُعَجِّلُ ذَلِكَ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ.
2314- قَالَ مَالِكٌ
أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ : أَنَّهُ إِذَا بِيعَ كَانَ أَحَقَّ
بِاشْتِرَاءِ كِتَابَتِهِ مِمَّنِ اشْتَرَاهَا إِذَا قَوِيَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى سَيِّدِهِ
الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ نَقْدًا ، وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاءَهُ نَفْسَهُ
عَتَاقَةٌ وَالْعَتَاقَةُ تُبَدَّأُ عَلَى مَا كَانَ مَعَهَا مِنَ الْوَصَايَا
وَإِنْ بَاعَ بَعْضُ مَنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَبَاعَ نِصْفَ
الْمُكَاتَبِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ سَهْمًا مِنْ أَسْهُمِ
الْمُكَاتَبِ فَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ فِيمَا بِيعَ مِنْهُ شُفْعَةٌ ، وَذَلِكَ
أَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْقَطَاعَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاطِعَ بَعْضَ
مَنْ كَاتَبَهُ إِلاَّ بِإِذْنِ شُرَكَائِهِ ، وَأَنَّ مَا بِيعَ مِنْهُ لَيْسَتْ
لَهُ بِهِ حُرْمَةٌ تَامَّةٌ ، وَأَنَّ مَالَهُ مَحْجُورٌ عَنْهُ ، وَأَنَّ اشْتِرَاءَهُ
بَعْضَهُ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ الْعَجْزُ لِمَا يَذْهَبُ مِنْ مَالِهِ ،
وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ كَامِلاً . إِلاَّ
أَنْ يَأْذَنَ لَهُ مَنْ بَقِيَ لَهُ فِيهِ كِتَابَةٌ فَإِنْ أَذِنُوا لَهُ كَانَ
أَحَقَّ بِمَا بِيعَ مِنْهُ.
2315- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَحِلُّ بَيْعُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ وَذَلِكَ أَنَّهُ غَرَرٌ إِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَطَلَ مَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ لَمْ يَأْخُذِ الَّذِي اشْتَرَى نَجْمَهُ بِحِصَّتِهِ مَعَ غُرَمَائِهِ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَشْتَرِي نَجْمًا مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ فَسَيِّدُ الْمُكَاتَبِ لاَ يُحَاصُّ بِكِتَابَةِ غُلاَمِهِ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ ، وَكَذَلِكَ الْخَرَاجُ أَيْضًا يَجْتَمِعُ لَهُ عَلَى غُلاَمِهِ ، فَلاَ يُحَاصُّ بِمَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الْخَرَاجِ غُرَمَاءَ غُلاَمِهِ.
2316- قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ بِعَيْنٍ أَوْ
عَرْضٍ مُخَالِفٍ لِمَا كُوتِبَ بِهِ مِنَ الْعَيْنِ أَوِ الْعَرْضِ أَوْ غَيْرِ
مُخَالِفٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَخَّرٍ.
2317- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ
يَهْلِكُ وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدٍ وَأَوْلاَدًا لَهُ صِغَارًا مِنْهَا أَوْ مِنْ
غَيْرِهَا ، فَلاَ يَقْوَوْنَ عَلَى السَّعْيِ وَيُخَافُ عَلَيْهِمُ الْعَجْزُ
عَنْ كِتَابَتِهِمْ . قَالَ : تُبَاعُ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ . إِذَا كَانَ فِي
ثَمَنِهَا مَا يُؤَدَّى بِهِ عَنْهُمْ جَمِيعُ كِتَابَتِهِمْ أُمَّهُمْ . كَانَتْ
أَوْ غَيْرَ أُمِّهِمْ يُؤَدَّى عَنْهُمْ وَيَعْتِقُونَ لأَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ لاَ
يَمْنَعُ بَيْعَهَا إِذَا خَافَ الْعَجْزَ عَنْ كِتَابَتِهِ ، فَهَؤُلاَءِ إِذَا خِيفَ
عَلَيْهِمُ الْعَجْزُ بِيعَتْ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ فَيُؤَدَّى عَنْهُمْ
ثَمَنُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ وَلَمْ تَقْوَ
هِيَ وَلاَ هُمْ عَلَى السَّعْيِ رَجَعُوا جَمِيعًا رَقِيقًا لِسَيِّدِهِمْ.
2318- قَالَ مَالِكٌ
الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الَّذِي يَبْتَاعُ كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ ثُمَّ يَهْلِكُ
الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ : أَنَّهُ يَرِثُهُ الَّذِي
اشْتَرَى كِتَابَتَهُ ، وَإِنْ عَجَزَ فَلَهُ رَقَبَتُهُ ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ
كِتَابَتَهُ إِلَى الَّذِي اشْتَرَاهَا وَعَتَقَ فَوَلاَؤُهُ لِلَّذِي عَقَدَ
كِتَابَتَهُ لَيْسَ لِلَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ مِنْ وَلاَئِهِ شَيْءٌ.
6- بَابُ سَعْيِ
الْمُكَاتَبِ.
2319- حَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ،
سُئِلاَ عَنْ رَجُلٍ كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى بَنِيهِ ثُمَّ مَاتَ . هَلْ
يَسْعَى بَنُو الْمُكَاتَبِ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ أَمْ هُمْ عَبِيدٌ ؟ فَقَالاَ
: بَلْ يَسْعَوْنَ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ وَلاَ يُوضَعُ عَنْهُمْ لِمَوْتِ
أَبِيهِمْ شَيْءٌ.
2320- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لاَ يُطِيقُونَ السَّعْيَ .
لَمْ يُنْتَظَرْ بِهِمْ أَنْ يَكْبَرُوا ، وَكَانُوا رَقِيقًا لِسَيِّدِ أَبِيهِمْ
إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمُكَاتَبُ تَرَكَ مَا يُؤَدَّى بِهِ عَنْهُمْ نُجُومُهُمْ
. إِلَى أَنْ يَتَكَلَّفُوا السَّعْيَ ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا تَرَكَ مَا يُؤَدَّى
عَنْهُمْ ، أُدِّيَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ، وَتُرِكُوا عَلَى حَالِهِمْ . حَتَّى
يَبْلُغُوا السَّعْيَ ، فَإِنْ أَدَّوْا عَتَقُوا وَإِنْ عَجَزُوا رَقُّوا.
2321- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ
يَمُوتُ وَيَتْرُكُ مَالاً لَيْسَ فِيهِ وَفَاءُ الْكِتَابَةِ ، وَيَتْرُكُ
وَلَدًا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَأُمَّ وَلَدٍ ، فَأَرَادَتْ أُمُّ وَلَدِهِ أَنْ
تَسْعَى عَلَيْهِمْ : إِنَّهُ يُدْفَعُ إِلَيْهَا الْمَالُ إِذَا كَانَتْ
مَأْمُونَةً عَلَى ذَلِكَ قَوِيَّةً عَلَى السَّعْيِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ
قَوِيَّةً عَلَى السَّعْيِ ، وَلاَ مَأْمُونَةً عَلَى الْمَالِ لَمْ تُعْطَ
شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَرَجَعَتْ هِيَ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ رَقِيقًا لِسَيِّدِ
الْمُكَاتَبِ.
2322- قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا كَاتَبَ الْقَوْمُ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً ، وَلاَ رَحِمَ بَيْنَهُمْ
فَعَجَزَ بَعْضُهُمْ وَسَعَى بَعْضُهُمْ حَتَّى عَتَقُوا جَمِيعًا ، فَإِنَّ
الَّذِينَ سَعَوْا يَرْجِعُونَ عَلَى الَّذِينَ عَجَزُوا بِحِصَّةِ مَا أَدَّوْا
عَنْهُمْ لأَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ.
7- بَابُ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ إِذَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ قَبْلَ
مَحِلِّهِ.
2323- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ،
أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَغَيْرَهُ يَذْكُرُونَ
أَنَّ مُكَاتَبًا كَانَ لِلْفُرَافِصَةِ بْنِ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيِّ وَأَنَّهُ
عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ،
فَأَبَى الْفُرَافِصَةُ فَأَتَى الْمُكَاتَبُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ
الْمَدِينَةِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَدَعَا مَرْوَانُ الْفُرَافِصَةَ فَقَالَ لَهُ
ذَلِكَ ، فَأَبَى فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِذَلِكَ الْمَالِ أَنْ يُقْبَضَ مِنَ
الْمُكَاتَبِ فَيُوضَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، وَقَالَ لِلْمُكَاتَبِ اذْهَبْ
فَقَدْ عُتِقْتَ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْفُرَافِصَةُ قَبَضَ الْمَالَ.
2324- قَالَ مَالِكٌ :
فَالأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ
نُجُومِهِ قَبْلَ مَحِلِّهَا . جَازَ ذَلِكَ لَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ
أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَضَعُ عَنِ الْمُكَاتَبِ بِذَلِكَ
كُلَّ شَرْطٍ أَوْ خِدْمَةٍ أَوْ سَفَرٍ . لأَنَّهُ لاَ تَتِمُّ عَتَاقَةُ رَجُلٍ
وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ رِقٍّ ، وَلاَ تَتِمُّ حُرْمَتُهُ وَلاَ تَجُوزُ
شَهَادَتُهُ وَلاَ يَجِبُ مِيرَاثُهُ وَلاَ أَشْبَاهُ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ ، وَلاَ
يَنْبَغِي لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً بَعْدَ عَتَاقَتِهِ.
2325- قَالَ مَالِكٌ فِي
مُكَاتَبٍ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ نُجُومَهُ كُلَّهَا
إِلَى سَيِّدِهِ : لأَنْ يَرِثَهُ وَرَثَةٌ لَهُ أَحْرَارٌ ، وَلَيْسَ مَعَهُ فِي
كِتَابَتِهِ وَلَدٌ لَهُ. قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ لأَنَّهُ تَتِمُّ
بِذَلِكَ حُرْمَتُهُ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَيَجُوزُ اعْتِرَافُهُ بِمَا عَلَيْهِ
مِنْ دُيُونِ النَّاسِ ، وَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْبَى
ذَلِكَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ فَرَّ مِنِّي بِمَالِهِ.
8- بَابُ مِيرَاثِ الْمُكَاتَبِ إِذَا عَتَقَ.
2326- حَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ مُكَاتَبٍ كَانَ
بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ، فَمَاتَ الْمُكَاتَبُ
وَتَرَكَ مَالاً كَثِيرًا ، فَقَالَ : يُؤَدَّى إِلَى الَّذِي تَمَاسَكَ بِكِتَابَتِهِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ
، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بِالسَّوِيَّةِ.
2327- قَالَ مَالِكٌ
: إِذَا كَاتَبَ
الْمُكَاتَبُ فَعَتَقَ ، فَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَنْ كَاتَبَهُ
مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ تُوُفِّيَ الْمُكَاتَبُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ.
2328- قَالَ : وَهَذَا
أَيْضًا فِي كُلِّ مَنْ أُعْتِقَ ، فَإِنَّمَا مِيرَاثُهُ لأَقْرَبِ النَّاسِ
مِمَّنْ أَعْتَقَهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُعْتَقُ
بَعْدَ أَنْ يَعْتِقَ وَيَصِيرَ مَوْرُوثًا بِالْوَلاَءِ.
2329- قَالَ مَالِكٌ :
الإِخْوَةُ فِي الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ إِذَا كُوتِبُوا جَمِيعًا
كِتَابَةً وَاحِدَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَدٌ كَاتَبَ
عَلَيْهِمْ أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ هَلَكَ
أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ مَالاً أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ
كِتَابَتِهِمْ وَعَتَقُوا ، وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ
دُونَ إِخْوَتِهِ.
9- بَابُ الشَّرْطِ فِي الْمُكَاتَبِ.
2330- حَدَّثَنِي مَالِكٌ
فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِي
كِتَابَتِهِ سَفَرًا أَوْ خِدْمَةً أَوْ ضَحِيَّةً : إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
سَمَّى بِاسْمِهِ ثُمَّ قَوِيَ الْمُكَاتَبُ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِهِ كُلِّهَا
قَبْلَ مَحِلِّهَا . قَالَ : إِذَا أَدَّى نُجُومَهُ كُلَّهَا وَعَلَيْهِ هَذَا الشَّرْطُ عَتَقَ فَتَمَّتْ
حُرْمَتُهُ وَنُظِرَ إِلَى مَا شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَةٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ
مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . مِمَّا يُعَالِجُهُ هُوَ بِنَفْسِهِ ، فَذَلِكَ مَوْضُوعٌ
عَنْهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ فِيهِ شَيْءٌ وَمَا كَانَ مِنْ ضَحِيَّةٍ أَوْ كِسْوَةٍ
أَوْ شَيْءٍ يُؤَدِّيهِ ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ
وَالدَّرَاهِمِ يُقَوَّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُهُ مَعَ نُجُومِهِ وَلاَ
يَعْتِقُ حَتَّى يَدْفَعَ ذَلِكَ مَعَ نُجُومِهِ.
2331- قَالَ مَالِكٌ
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ
بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ خِدْمَةِ عَشْرِ سِنِينَ ،
فَإِذَا هَلَكَ سَيِّدُهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ قَبْلَ عَشْرِ سِنِينَ ، فَإِنَّ مَا
بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَتِهِ لِوَرَثَتِهِ وَكَانَ وَلاَؤُهُ لِلَّذِي عَقَدَ
عِتْقَهُ وَلِوَلَدِهِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الْعَصَبَةِ.
2332- قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّكَ لاَ تُسَافِرُ وَلاَ تَنْكِحُ
وَلاَ تَخْرُجُ مِنْ أَرْضِي إِلاَّ بِإِذْنِي : فَإِنْ فَعَلْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ
بِغَيْرِ إِذْنِي فَمَحْوُ كِتَابَتِكَ بِيَدِي. قَالَ مَالِكٌ
: لَيْسَ مَحْوُ
كِتَابَتِهِ بِيَدِهِ إِنْ فَعَلَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ،
وَلْيَرْفَعْ سَيِّدُهُ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ
يَنْكِحَ وَلاَ يُسَافِرَ وَلاَ يَخْرُجَ مِنْ أَرْضِ سَيِّدِهِ . إِلاَّ
بِإِذْنِهِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ
وَذَلِكَ
أَنَّ الرَّجُلَ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَهُ أَلْفُ دِينَارٍ
أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيَنْطَلِقُ فَيَنْكِحُ الْمَرْأَةَ فَيُصْدِقُهَا
الصَّدَاقَ الَّذِي يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَيَكُونُ فِيهِ عَجْزُهُ فَيَرْجِعُ إِلَى
سَيِّدِهِ عَبْدًا لاَ مَالَ لَهُ ، أَوْ يُسَافِرُ فَتَحِلُّ نُجُومُهُ وَهُوَ
غَائِبٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَلاَ عَلَى ذَلِكَ كَاتَبَهُ ، وَذَلِكَ بِيَدِ
سَيِّدِهِ إِنْ شَاءَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ.
10- بَابُ وَلاَءِ
الْمُكَاتَبِ إِذَا أَعْتَقَ.
2333- قَالَ مَالِكٌ :
إِنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ إِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ .
إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ لَهُ ثُمَّ عَتَقَ
الْمُكَاتَبُ كَانَ وَلاَؤُهُ لِلْمُكَاتَبِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ
أَنْ يُعْتَقَ كَانَ وَلاَءُ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ مَاتَ
الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ الْمُكَاتَبُ وَرِثَهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ.
2334- قَالَ مَالِكٌ :
وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا فَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ
الآخَرُ قَبْلَ سَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ فَإِنَّ وَلاَءَهُ لِسَيِّدِ
الْمُكَاتَبِ مَا لَمْ يَعْتِقِ الْمُكَاتَبُ الأََوَّلُ الَّذِي كَاتَبَهُ ،
فَإِنْ عَتَقَ الَّذِي كَاتَبَهُ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلاَءُ مُكَاتَبِهِ الَّذِي
كَانَ عَتَقَ قَبْلَهُ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ الأََوَّلُ قَبْلَ أَنْ
يُؤَدِّيَ أَوْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ لَمْ يَرِثُوا
وَلاَءَ مُكَاتَبِ أَبِيهِمْ لأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لأَبِيهِمُ الْوَلاَءُ ،
وَلاَ يَكُونُ لَهُ الْوَلاَءُ حَتَّى يَعْتِقَ.
2335- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ
فَيَتْرُكُ أَحَدُهُمَا لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَيَشِحُّ الآخَرُ
ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْرُكُ مَالاً. قَالَ مَالِكٌ : يَقْضِي الَّذِي
لَمْ يَتْرُكْ لَهُ شَيْئًا مَا بَقِيَ لَهُ عَلَيْهِ . ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الْمَالَ
كَهَيْئَتِهِ لَوْ مَاتَ عَبْدًا لأَنَّ الَّذِي صَنَعَ لَيْسَ بِعَتَاقَةٍ ،
وَإِنَّمَا تَرَكَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ مُكَاتَبًا
وَتَرَكَ بَنِينَ رِجَالاً وَنِسَاءً . ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُ الْبَنِينَ
نَصِيبَهُ مِنَ الْمُكَاتَبِ إِنَّ ذَلِكَ لاَ يُثْبِتُ لَهُ مِنَ الْوَلاَءِ
شَيْئًا وَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً لَثَبَتَ الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ
مِنْ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُمْ إِذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ
ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مَا
بَقِيَ مِنَ الْمُكَاتَبِ وَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً قُوِّمَ عَلَيْهِ حَتَّى
يَعْتِقَ فِي مَالِهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ
أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ ، فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ.
قَالَ : وَمِمَّا
يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لاَ
اخْتِلاَفَ فِيهَا ، أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مُكَاتَبٍ لَمْ
يُعْتَقْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَلَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ . كَانَ الْوَلاَءُ لَهُ دُونَ
شُرَكَائِهِ.
قَالَ : وَمِمَّا
يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْوَلاَءَ
لِمَنْ عَقَدَ الْكِتَابَةَ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ وَرِثَ سَيِّدَ
الْمُكَاتَبِ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ وَلاَءِ الْمُكَاتَبِ ، وَإِنْ أَعْتَقْنَ
نَصِيبَهُنَّ شَيْءٌ إِنَّمَا وَلاَؤُهُ لِوَلَدِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الذُّكُورِ
أَوْ عَصَبَتِهِ مِنَ الرِّجَالِ.
11- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ.
2336- قَالَ مَالِكٌ :
إِذَا كَانَ الْقَوْمُ جَمِيعًا فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ . لَمْ يُعْتِقْ سَيِّدُهُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ دُونَ مُؤَامَرَةِ أَصْحَابِهِ
الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَرِضًا مِنْهُمْ ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا
فَلَيْسَ مُؤَامَرَتُهُمْ بِشَيْءٍ ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ : وَذَلِكَ
أَنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا كَانَ يَسْعَى عَلَى جَمِيعِ الْقَوْمِ وَيُؤَدِّي
عَنْهُمْ كِتَابَتَهُمْ لِتَتِمَّ بِهِ عَتَاقَتُهُمْ فَيَعْمِدُ السَّيِّدُ إِلَى
الَّذِي يُؤَدِّي عَنْهُمْ ، وَبِهِ نَجَاتُهُمْ مِنَ الرِّقِّ ، فَيُعْتِقُهُ ، فَيَكُونُ
ذَلِكَ عَجْزًا لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْفَضْلَ
وَالزِّيَادَةَ لِنَفْسِهِ فَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ وَهَذَا أَشَدُّ الضَّرَرِ.
2337- قَالَ مَالِكٌ فِي
الْعَبِيدِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا : إِنَّ لِسَيِّدِهِمْ أَنْ يُعْتِقَ مِنْهُمُ
الْكَبِيرَ الْفَانِيَ وَالصَّغِيرَ الَّذِي لاَ يُؤَدِّي وَاحِدٌ مِنْهُمَا
شَيْئًا وَلَيْسَ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَوْنٌ وَلاَ قُوَّةٌ فِي
كِتَابَتِهِمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.
12- بَابُ مَا جَاءَ فِي
عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَأُمِّ وَلَدِهِ.
2338- قَالَ مَالِكٌ فِي
الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ . ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْرُكُ أُمَّ
وَلَدِهِ ، وَقَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ بَقِيَّةٌ وَيَتْرُكُ
وَفَاءً بِمَا عَلَيْهِ : إِنَّ أُمَّ وَلَدِهِ أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ حِينَ لَمْ
يُعْتَقِ الْمُكَاتَبُ حَتَّى مَاتَ ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَيُعْتَقُونَ
بِأَدَاءِ مَا بَقِيَ فَتُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ بِعِتْقِهِمْ.
2339- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتِقُ عَبْدًا لَهُ أَوْ
يَتَصَدَّقُ بِبَعْضِ مَالِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ سَيِّدُهُ حَتَّى عَتَقَ الْمُكَاتَبُ.
قَالَ مَالِكٌ : يَنْفُذُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَرْجِعَ
فِيهِ فَإِنْ عَلِمَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ الْمُكَاتَبُ
فَرَدَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُجِزْهُ فَإِنَّهُ إِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَذَلِكَ فِي
يَدِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَلاَ أَنْ يُخْرِجَ
تِلْكَ الصَّدَقَةَ إِلاَّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ طَائِعًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ.
13- بَابُ الْوَصِيَّةِ
فِي الْمُكَاتَبِ.
2340- قَالَ مَالِكٌ إِنَّ
أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ :
أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُقَامُ عَلَى هَيْئَتِهِ تِلْكَ الَّتِي لَوْ بِيعَ كَانَ
ذَلِكَ الثَّمَنَ الَّذِي يَبْلُغُ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا
بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ وُضِعَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، وَلَمْ
يُنْظَرْ إِلَى عَدَدِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ
لَوْ قُتِلَ لَمْ يَغْرَمْ قَاتِلُهُ إِلاَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَتْلِهِ وَلَوْ جُرِحَ
لَمْ يَغْرَمْ جَارِحُهُ إِلاَّ دِيَةَ جَرْحِهِ يَوْمَ جَرَحَهُ ، وَلاَ يُنْظَرُ
فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّنَانِيرِ
وَالدَّرَاهِمِ . لأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ
وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ
لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ إِلاَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ
، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ لَهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ
كِتَابَتِهِ فَصَارَتْ وَصِيَّةً أَوْصَى بِهَا.
قَالَ
مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفَ
دِرْهَمٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ كِتَابَتِهِ إِلاَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، فَأَوْصَى
سَيِّدُهُ لَهُ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ . حُسِبَتْ لَهُ
فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ فَصَارَ حُرًّا بِهَا.
2341- قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ : إِنَّهُ يُقَوَّمُ عَبْدًا ، فَإِنْ كَانَ
فِي ثُلُثِهِ سَعَةٌ لِثَمَنِ الْعَبْدِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِينَارٍ ،
فَيُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ عَلَى مِائَتَيْ دِينَارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ
ثُلُثُ مَالِ سَيِّدِهِ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ ، وَإِنَّمَا
هِيَ وَصِيَّةٌ أَوْصَى لَهُ بِهَا فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ
أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا ، وَلَيْسَ فِي الثُّلُثِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ
الْمُكَاتَبِ ، بُدِئَ بِالْمُكَاتَبِ . لأَنَّ الْكِتَابَةَ عَتَاقَةٌ ، وَالْعَتَاقَةُ تُبَدَّأُ عَلَى الْوَصَايَا
، ثُمَّ تُجْعَلُ تِلْكَ الْوَصَايَا فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ يَتْبَعُونَهُ
بِهَا وَيُخَيَّرُ وَرَثَةُ الْمُوصِي ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ
الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ كَامِلَةً وَتَكُونُ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لَهُمْ ،
فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ أَبَوْا وَأَسْلَمُوا الْمُكَاتَبَ وَمَا عَلَيْهِ إِلَى
أَهْلِ الْوَصَايَا ، فَذَلِكَ لَهُمْ لأَنَّ الثُّلُثَ صَارَ فِي الْمُكَاتَبِ
وَلأَنَّ كُلَّ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا أَحَدٌ فَقَالَ : الْوَرَثَةُ الَّذِي
أَوْصَى بِهِ صَاحِبُنَا أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَقَدْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ
. قَالَ : فَإِنَّ
وَرَثَتَهُ يُخَيَّرُونَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ قَدْ أَوْصَى صَاحِبُكُمْ بِمَا قَدْ
عَلِمْتُمْ ، فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تُنَفِّذُوا ذَلِكَ لأَهْلِهِ عَلَى مَا
أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ وَإِلاَّ فَأَسْلِمُوا إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا ثُلُثَ
مَالِ الْمَيِّتِ كُلِّهِ.
قَالَ فَإِنْ
أَسْلَمَ الْوَرَثَةُ الْمُكَاتَبَ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا . كَانَ لأَهْلِ الْوَصَايَا مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ
أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ أَخَذُوا ذَلِكَ فِي وَصَايَاهُمْ
عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَ عَبْدًا لأَهْلِ
الْوَصَايَا لاَ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ لأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ حِينَ
خُيِّرُوا ، وَلأَنَّ أَهْلَ الْوَصَايَا حِينَ أُسْلِمَ إِلَيْهِمْ ضَمِنُوهُ
فَلَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ وَإِنْ مَاتَ
الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ وَتَرَكَ مَالاً هُوَ أَكْثَرُ
مِمَّا عَلَيْهِ ، فَمَالُهُ لأَهْلِ الْوَصَايَا ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ
مَا عَلَيْهِ عَتَقَ وَرَجَعَ وَلاَؤُهُ إِلَى عَصَبَةِ الَّذِي عَقَدَ
كِتَابَتَهُ.
2342- قَالَ مَالِكٌ : فِي
الْمُكَاتَبِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ عَشَرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ فَيَضَعُ
عَنْهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ مَالِكٌ : يُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ
فَيُنْظَرُ كَمْ قِيمَتُهُ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالَّذِي
وُضِعَ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ ، وَذَلِكَ فِي الْقِيمَةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ،
وَهُوَ عُشْرُ الْقِيمَةِ فَيُوضَعُ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ
إِلَى عُشْرِ الْقِيمَةِ نَقْدًا ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَهَيْئَتِهِ لَوْ وُضِعَ عَنْهُ
جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ مَالِ
الْمَيِّتِ إِلاَّ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي
وُضِعَ عَنْهُ نِصْفُ الْكِتَابَةِ حُسِبَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ نِصْفُ
الْقِيمَةِ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا
الْحِسَابِ.
2343- قَالَ مَالِكٌ
: إِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ
عَنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ
وَلَمْ يُسَمِّ أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا ، وُضِعَ
عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ عُشْرُهُ.
2344- قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ
الْمَوْتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا ، وَكَانَ
أَصْلُ الْكِتَابَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ قُوِّمَ الْمُكَاتَبُ
قِيمَةَ النَّقْدِ ثُمَّ قُسِمَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ فَجُعِلَ لِتِلْكَ الأََلْفِ
الَّتِي مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابَةِ حِصَّتُهَا مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ بِقَدْرِ
قُرْبِهَا مِنَ الأََجَلِ وَفَضْلِهَا . ثُمَّ الأََلْفُ الَّتِي تَلِي الأََلْفَ
الأَُولَى بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضًا . ثُمَّ الأََلْفُ الَّتِي تَلِيهَا
بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضًا حَتَّى يُؤْتَى عَلَى آخِرِهَا تَفْضُلُ كُلُّ أَلْفٍ
بِقَدْرِ مَوْضِعِهَا فِي تَعْجِيلِ الأََجَلِ وَتَأْخِيرِهِ ؛ لأَنَّ مَا اسْتَأْخَرَ
مِنْ ذَلِكَ كَانَ أَقَلَّ فِي الْقِيمَةِ ثُمَّ يُوضَعُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ
قَدْرُ مَا أَصَابَ تِلْكَ الأََلْفَ مِنَ الْقِيمَةِ عَلَى تَفَاضُلِ ذَلِكَ إِنْ
قَلَّ أَوْ كَثُرَ ، فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ.
2345- قَالَ مَالِكٌ : فِي
رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبُعِ مُكَاتَبٍ أَوْ أَعْتَقَ رُبُعَهُ ، فَهَلَكَ
الرَّجُلُ ثُمَّ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً كَثِيرًا أَكْثَرَ مِمَّا
بَقِيَ عَلَيْهِ. قَالَ مَالِكٌ : يُعْطَى وَرَثَةُ السَّيِّدِ وَالَّذِي أَوْصَى لَهُ
بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ مَا بَقِيَ لَهُمْ عَلَى الْمُكَاتَبِ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ
مَا فَضَلَ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ ثُلُثُ مَا فَضَلَ
بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ الثُّلُثَانِ ، وَذَلِكَ
أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ
فَإِنَّمَا يُورَثُ بِالرِّقِّ.
2346- قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ
قَالَ : إِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ مَا
حَمَلَ الثُّلُثُ وَيُوضَعُ عَنْهُ مِنَ الْكِتَابَةِ قَدْرُ ذَلِكَ . إِنْ كَانَ عَلَى
الْمُكَاتَبِ خَمْسَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ
نَقْدًا ، وَيَكُونُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ . عَتَقَ نِصْفُهُ
وَيُوضَعُ عَنْهُ شَطْرُ الْكِتَابَةِ.
2347- قَالَ مَالِكٌ
: فِي رَجُلٍ قَالَ :
فِي وَصِيَّتِهِ غُلاَمِي فُلاَنٌ حُرٌّ وَكَاتِبُوا فُلاَنًا تُبَدَّأُ
الْعَتَاقَةُ عَلَى الْكِتَابَةِ.
بسم الله
الرحمن الرحيم
26- كِتَابُ الْمُدَبَّرِ.
1- بَابُ الْقَضَاءِ فِي
الْمُدَبَّرِ.
2348- حَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ قَالَ الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ دَبَّرَ جَارِيَةً لَهُ ، فَوَلَدَتْ
أَوْلاَدًا بَعْدَ تَدْبِيرِهِ إِيَّاهَا . ثُمَّ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ قَبْلَ الَّذِي دَبَّرَهَا : إِنَّ
وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا . قَدْ ثَبَتَ لَهُمْ مِنَ الشَّرْطِ مِثْلُ الَّذِي ثَبَتَ
لَهَا ، وَلاَ يَضُرُّهُمْ هَلاَكُ أُمِّهِمْ ، فَإِذَا مَاتَ الَّذِي كَانَ
دَبَّرَهَا فَقَدْ عَتَقُوا ، إِنْ وَسِعَهُمُ الثُّلُثُ.
2349- وقَالَ مَالِكٌ :
كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا . إِنْ كَانَتْ حُرَّةً
فَوَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا ، فَوَلَدُهَا أَحْرَارٌ ، وَإِنْ كَانَتْ
مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُعْتَقَةً إِلَى سِنِينَ ، أَوْ مُخْدَمَةً
أَوْ بَعْضَهَا حُرًّا أَوْ مَرْهُونَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَوَلَدُ كُلِّ
وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى مِثَالِ حَالِ أُمِّهِ . يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهَا
وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهَا.
2350- قَالَ مَالِكٌ فِي
مُدَبَّرَةٍ دُبِّرَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهَا بِحَمْلِهَا :
إِنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ
أَعْتَقَ جَارِيَةً لَهُ وَهِيَ حَامِلٌ ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَمْلِهَا. قَالَ
مَالِكٌ : فَالسُّنَّةُ فِيهَا أَنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَيَعْتِقُ
بِعِتْقِهَا.
2351- قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ ، فَالْوَلِيدَةُ
وَمَا فِي بَطْنِهَا لِمَنِ ابْتَاعَهَا . اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ أَوْ
لَمْ يَشْتَرِطْهُ.
قَالَ مَالِكٌ :
وَلاَ يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا فِي بَطْنِهَا . لأَنَّ ذَلِكَ
غَرَرٌ . يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا ، وَلاَ يَدْرِي أَيَصِلُ ذَلِكَ إِلَيْهِ أَمْ
لاَ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَ جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ
، وَذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لَهُ ، لأَنَّهُ غَرَرٌ.
2352- قَالَ مَالِكٌ فِي
مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا جَارِيَةً ، فَوَطِئَهَا ،
فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ . قَالَ : وَلَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ
جَارِيَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ . يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهِ ، وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهِ.
قَالَ مَالِكٌ : فَإِذَا أُعْتِقَ هُوَ ، فَإِنَّمَا أُمُّ وَلَدِهِ مَالٌ مِنْ
مَالِهِ . يُسَلَّمُ إِلَيْهِ إِذَا أُعْتِقَ.
2- بَابُ جَامِعِ مَا
جَاءَ فِي التَّدْبِيرِ.
2353- قَالَ مَالِكٌ فِي
مُدَبَّرٍ قَالَ لِسَيِّدِهِ : عَجِّلْ لِي الْعِتْقَ ، وَأُعْطِيكَ خَمْسِينَ
مِنْهَا مُنَجَّمَةً عَلَيَّ ، فَقَالَ سَيِّدُهُ : نَعَمْ ، أَنْتَ حُرٌّ ، وَعَلَيْكَ خَمْسُونَ دِينَارًا . تُؤَدِّي إِلَيَّ
كُلَّ عَامٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ، فَرَضِيَ بِذَلِكَ الْعَبْدُ
. ثُمَّ هَلَكَ
السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.
قَالَ
مَالِكٌ : يَثْبُتُ لَهُ الْعِتْقُ ، وَصَارَتِ الْخَمْسُونَ دِينَارًا دَيْنًا
عَلَيْهِ ، وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ ، وَثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ ، وَمِيرَاثُهُ
وَحُدُودُهُ ، وَلاَ يَضَعُ عَنْهُ مَوْتُ سَيِّدِهِ . شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ
الدَّيْنِ.
2354- قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ ، فَمَاتَ السَّيِّدُ ، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ
غَائِبٌ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ مَا يَخْرُجُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ
. قَالَ : يُوقَفُ الْمُدَبَّرُ بِمَالِهِ ، وَيُجْمَعُ خَرَاجُهُ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ مِنَ الْمَالِ الْغَائِبِ ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا تَرَكَ سَيِّدُهُ ،
مِمَّا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ ، عَتَقَ بِمَالِهِ ، وَبِمَا جُمِعَ مِنْ خَرَاجِهِ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا تَرَكَ سَيِّدُهُ مَا يَحْمِلُهُ ، عَتَقَ مِنْهُ
قَدْرُ الثُّلُثِ ، وَتُرِكَ مَالُهُ فِي يَدَيْهِ.
3- بَابُ الْوَصِيَّةِ
فِي التَّدْبِيرِ.
2355- قَالَ مَالِكٌ
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلَّ عَتَاقَةٍ أَعْتَقَهَا
رَجُلٌ ، فِي وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ : أَنَّهُ
يَرُدُّهَا مَتَى شَاءَ ، وَيُغَيِّرُهَا مَتَى شَاءَ ، مَا لَمْ يَكُنْ
تَدْبِيرًا ، فَإِذَا دَبَّرَ ، فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إِلَى رَدِّ مَا دَبَّرَ.
2356- قَالَ مَالِكٌ :
وَكُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ أَمَةٌ ، أَوْصَى بِعِتْقِهَا وَلَمْ تُدَبَّرْ ،
فَإِنَّ وَلَدَهَا لاَ يَعْتِقُونَ مَعَهَا إِذَا عَتَقَتْ ، وَذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَهَا
يُغَيِّرُ وَصِيَّتَهُ إِنْ شَاءَ ، وَيَرُدُّهَا مَتَى شَاءَ ، وَلَمْ يَثْبُتْ
لَهَا عَتَاقَةٌ ، وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَالَ لِجَارِيَتِهِ :
إِنْ بَقِيَتْ عِنْدِي فُلاَنَةُ حَتَّى أَمُوتَ ، فَهِيَ حُرَّةٌ. قَالَ مَالِكٌ
: فَإِنْ أَدْرَكَتْ ذَلِكَ ، كَانَ لَهَا ذَلِكَ ، وَإِنْ شَاءَ ، قَبْلَ ذَلِكَ
، بَاعَهَا وَوَلَدَهَا لأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ وَلَدَهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا
جَعَلَ لَهَا.
2357- قَالَ : وَالْوَصِيَّةُ فِي الْعَتَاقَةِ مُخَالِفَةٌ لِلتَّدْبِيرِ ،
فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ مَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ . قَالَ : وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ
بِمَنْزِلَةِ التَّدْبِيرِ . كَانَ كُلُّ مُوصٍ لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ
وَصِيَّتِهِ ، وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْعَتَاقَةِ ، وَكَانَ قَدْ حَبَسَ
عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ.
2358- قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَبَّرَ رَقِيقًا لَهُ جَمِيعًا ، فِي صِحَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ
غَيْرُهُمْ : إِنْ كَانَ دَبَّرَ بَعْضَهُمْ قَبْلَ بَعْضٍ بُدِئَ بِالأََوَّلِ
فَالأََوَّلِ ، حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ ، وَإِنْ كَانَ دَبَّرَهُمْ جَمِيعًا
فِي مَرَضِهِ ، فَقَالَ : فُلاَنٌ حُرٌّ ، وَفُلاَنٌ حُرٌّ ، وَفُلاَنٌ حُرٌّ ، فِي
كَلاَمٍ وَاحِدٍ . إِنْ حَدَثَ بِي فِي مَرَضِي هَذَا حَدَثُ مَوْتٍ ، أَوْ
دَبَّرَهُمْ جَمِيعًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ، تَحَاصَّوْا فِي الثُّلُثِ ،
وَلَمْ يُبَدَّأْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ صَاحِبِهِ ، وَإِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ ،
وَإِنَّمَا لَهُمُ الثُّلُثُ . يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ . ثُمَّ يَعْتِقُ
مِنْهُمُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ . قَالَ : وَلاَ يُبَدَّأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ
إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَرَضِهِ.
2359- قَالَ مَالِكٌ فِي
رَجُلٍ دَبَّرَ غُلاَمًا لَهُ ، فَهَلَكَ السَّيِّدُ وَلاَ مَالَ لَهُ إِلاَّ
الْعَبْدُ الْمُدَبَّرُ ، وَلِلْعَبْدِ مَالٌ قَالَ : يُعْتَقُ ثُلُثُ
الْمُدَبَّرِ ، وَيُوقَفُ مَالُهُ بِيَدَيْهِ.
2360- قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ فَمَاتَ السَّيِّدُ
وَلَمْ يَتْرُكْ مَالاً غَيْرَهُ. قَالَ مَالِكٌ : يُعْتَقُ مِنْهُ ثُلُثُهُ ، وَيُوضَعُ عَنْهُ ثُلُثُ كِتَابَتِهِ
، وَيَكُونُ عَلَيْهِ ثُلُثَاهَا.
2361- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ
أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَبَتَّ عِتْقَ نِصْفِهِ ، أَوْ
بَتَّ عِتْقَهُ كُلَّهُ ، وَقَدْ كَانَ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ آخَرَ قَبْلَ ذَلِكَ
. قَالَ : يُبَدَّأُ بِالْمُدَبَّرِ قَبْلَ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ،
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرُدَّ مَا دَبَّرَ ، وَلاَ أَنْ
يَتَعَقَّبَهُ بِأَمْرٍ يَرُدُّهُ بِهِ ، فَإِذَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ فَلْيَكُنْ
مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ فِي الَّذِي أَعْتَقَ شَطْرَهُ . حَتَّى يَسْتَتِمَّ
عِتْقُهُ كُلُّهُ ، فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ
فَضْلَ الثُّلُثِ ، عَتَقَ مِنْهُ مَا بَلَغَ فَضْلَ الثُّلُثِ ، بَعْدَ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ
الأََوَّلِ.
4- بَابُ مَسِّ
الرَّجُلِ وَلِيدَتَهُ إِذَا دَبَّرَهَا.
2362- حَدَّثَنِي مَالِكٌ
عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، دَبَّرَ جَارِيَتَيْنِ لَهُ
فَكَانَ يَطَؤُهُمَا وَهُمَا مُدَبَّرَتَانِ.
2363- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، كَانَ يَقُولُ :
إِذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَيْسَ لَهُ
أَنْ يَبِيعَهَا وَلاَ يَهَبَهَا وَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا.
5- بَابُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ.
2364- قَالَ مَالِكٌ :
الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْمُدَبَّرِ ، أَنَّ صَاحِبَهُ
لاَ يَبِيعُهُ ، وَلاَ يُحَوِّلُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ ،
وَأَنَّهُ إِنْ رَهِقَ سَيِّدَهُ دَيْنٌ ، فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ لاَ يَقْدِرُونَ
عَلَى بَيْعِهِ ، مَا عَاشَ سَيِّدُهُ ، فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَلاَ دَيْنَ
عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ثُلُثِهِ . لأَنَّهُ اسْتَثْنَى عَلَيْهِ عَمَلَهُ مَا عَاشَ
، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدُمَهُ حَيَاتَهُ . ثُمَّ يُعْتِقَهُ عَلَى وَرَثَتِهِ ،
إِذَا مَاتَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ ، وَلاَ
مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، عَتَقَ ثُلُثُهُ ، وَكَانَ ثُلُثَاهُ لِوَرَثَتِهِ ، فَإِنْ
مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِالْمُدَبَّرِ ، بِيعَ
فِي دَيْنِهِ . لأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْتِقُ فِي الثُّلُثِ . قَالَ : فَإِنْ كَانَ
الدَّيْنُ لاَ يُحِيطُ إِلاَّ بِنِصْفِ الْعَبْدِ . بِيعَ نِصْفُهُ لِلدَّيْنِ .
ثُمَّ عَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ.
2365- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ ، وَلاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إِلاَّ
أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُدَبَّرُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا
لَهُ ، أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَ الْمُدَبَّرِ مَالاً ، وَيُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ
الَّذِي دَبَّرَهُ ، فَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا. قَالَ مَالِكٌ : وَوَلاَؤُهُ
لِسَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ.
2366- قَالَ مَالِكٌ : لاَ
يَجُوزُ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ . لأَنَّهُ غَرَرٌ إِذْ لاَ يُدْرَى كَمْ
يَعِيشُ سَيِّدُهُ فَذَلِكَ غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ.
2367- وقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ،
فَيُدَبِّرُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ : إِنَّهُمَا يَتَقَاوَمَانِهِ ، فَإِنِ
اشْتَرَاهُ الَّذِي دَبَّرَهُ كَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ
انْتَقَضَ تَدْبِيرُهُ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ
أَنْ يُعْطِيَهُ شَرِيكَهُ الَّذِي دَبَّرَهُ بِقِيمَتِهِ ، فَإِنْ أَعْطَاهُ
إِيَّاهُ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ ، وَكَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ.
2368- وقَالَ مَالِكٌ
: فِي رَجُلٍ
نَصْرَانِيٍّ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ. قَالَ
مَالِكٌ : يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ ، وَيُخَارَجُ عَلَى سَيِّدِهِ
النَّصْرَانِيِّ ، وَلاَ يُبَاعُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ ، فَإِنْ
هَلَكَ النَّصْرَانِيُّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ، قُضِيَ دَيْنُهُ مِنْ ثَمَنِ
الْمُدَبَّرِ . إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي مَالِهِ مَا يَحْمِلُ الدَّيْنَ ،
فَيَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ.
6- بَابُ جِرَاحِ
الْمُدَبَّرِ.
2369- حَدَّثَنِي مَالِكٌ
أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَضَى فِي الْمُدَبَّرِ
إِذَا جَرَحَ أَنَّ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُسَلِّمَ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ إِلَى
الْمَجْرُوحِ ، فَيَخْتَدِمُهُ الْمَجْرُوحُ وَيُقَاصُّهُ بِجِرَاحِهِ مِنْ دِيَةِ
جَرْحِهِ ، فَإِنْ أَدَّى قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ سَيِّدُهُ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ.
2370- قَالَ مَالِكٌ
: وَالأََمْرُ
عِنْدَنَا فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ . ثُمَّ هَلَكَ سَيِّدُهُ وَلَيْسَ لَهُ
مَالٌ غَيْرُهُ ، أَنَّهُ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ . ثُمَّ يُقْسَمُ عَقْلُ الْجَرْحِ أَثْلاَثًا ، فَيَكُونُ ثُلُثُ
الْعَقْلِ عَلَى الثُّلُثِ الَّذِي عَتَقَ مِنْهُ ، وَيَكُونُ ثُلُثَاهُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ
اللَّذَيْنِ بِأَيْدِي الْوَرَثَةِ إِنْ شَاؤُوا أَسْلَمُوا الَّذِي لَهُمْ مِنْهُ
إِلَى صَاحِبِ الْجَرْحِ وَإِنْ شَاؤُوا أَعْطَوْهُ ثُلُثَيِ الْعَقْلِ ،
وَأَمْسَكُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الْعَبْدِ
وَذَلِكَ
أَنَّ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ إِنَّمَا كَانَتْ جِنَايَتُهُ مِنَ الْعَبْدِ ،
وَلَمْ تَكُنْ دَيْنًا عَلَى السَّيِّدِ ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الَّذِي أَحْدَثَ
الْعَبْدُ بِالَّذِي يُبْطِلُ مَا صَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ عِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ
، فَإِنْ كَانَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ ، مَعَ جِنَايَةِ
الْعَبْدِ ، بِيعَ مِنَ الْمُدَبَّرِ بِقَدْرِ عَقْلِ الْجَرْحِ ، وَقَدْرِ
الدَّيْنِ . ثُمَّ يُبَدَّأُ بِالْعَقْلِ الَّذِي كَانَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ ،
فَيُقْضَى مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ . ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ سَيِّدِهِ . ثُمَّ
يُنْظَرُ إِلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْعَبْدِ ، فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ ، وَيَبْقَى
ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ هِيَ أَوْلَى مِنْ
دَيْنِ سَيِّدِهِ.
وَذَلِكَ أَنَّ
الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ وَتَرَكَ عَبْدًا مُدَبَّرًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ
وَمِائَةُ دِينَارٍ ، وَكَانَ الْعَبْدُ قَدْ شَجَّ رَجُلاً حُرًّا مُوضِحَةً عَقْلُهَا
خَمْسُونَ دِينَارًا ، وَكَانَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ مِنَ الدَّيْنِ خَمْسُونَ
دِينَارًا. قَالَ مَالِكٌ : فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِالْخَمْسِينَ دِينَارًا الَّتِي
فِي عَقْلِ الشَّجَّةِ فَتُقْضَى مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ . ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ
سَيِّدِهِ . ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ ، فَيَعْتِقُ
ثُلُثُهُ ، وَيَبْقَى ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ ، فَالْعَقْلُ أَوْجَبُ فِي
رَقَبَتِهِ مِنْ دَيْنِ سَيِّدِهِ ، وَدَيْنُ سَيِّدِهِ أَوْجَبُ مِنَ
التَّدْبِيرِ ، الَّذِي إِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ ،
فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ شَيْءٌ مِنَ التَّدْبِيرِ ، وَعَلَى سَيِّدِ
الْمُدَبَّرِ دَيْنٌ لَمْ يُقْضَ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ
اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ
دَيْنٍ}.
قالَ مَالِكٌ :
فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ مَا يَعْتِقُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ
عَتَقَ ، وَكَانَ عَقْلُ جِنَايَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ . يُتَّبَعُ بِهِ بَعْدَ
عِتْقِهِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْلُ الدِّيَةَ كَامِلَةً وَذَلِكَ إِذَا
لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ.
2371- وقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ رَجُلاً فَأَسْلَمَهُ
سَيِّدُهُ إِلَى الْمَجْرُوحِ . ثُمَّ هَلَكَ سَيِّدُهُ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ
وَلَمْ يَتْرُكْ مَالاً غَيْرَهُ ، فَقَالَ الْوَرَثَةُ : نَحْنُ نُسَلِّمُهُ
إِلَى صَاحِبِ الْجُرْحِ ، وَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ : أَنَا أَزِيدُ عَلَى
ذَلِكَ : إِنَّهُ إِذَا زَادَ الْغَرِيمُ شَيْئًا فَهُوَ أَوْلَى بِهِ وَيُحَطُّ
عَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَدْرُ مَا زَادَ الْغَرِيمُ عَلَى دِيَةِ
الْجَرْحِ ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا لَمْ يَأْخُذِ الْعَبْدَ.
2372- وقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَبَّرِ
إِذَا جَرَحَ وَلَهُ مَالٌ فَأَبَى سَيِّدُهُ أَنْ يَفْتَدِيَهُ : فَإِنَّ
الْمَجْرُوحَ يَأْخُذُ مَالَ الْمُدَبَّرِ فِي دِيَةِ جُرْحِهِ ، فَإِنْ كَانَ
فِيهِ وَفَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَجْرُوحُ دِيَةَ جُرْحِهِ وَرَدَّ الْمُدَبَّرَ
إِلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ ، اقْتَضَاهُ مِنْ دِيَةِ
جُرْحِهِ ، وَاسْتَعْمَلَ الْمُدَبَّرَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ.
========
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق